رفض إصلاحات صندوق النقد.. ورقة رابحة لتونس

53
رفض إصلاحات صندوق النقد.. ورقة رابحة لتونس
رفض إصلاحات صندوق النقد.. ورقة رابحة لتونس

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. كشف أمين بوزيان، رئيس مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية، أن تونس تمكّنت من تجاوز مأزق “إصلاحات” صندوق النقد الدولي، والتي وصفها بـ”غير المجدية”. واعتبر بوزيان، في حديثه مع “أفريقيا برس”، أن “العلاج” يجب أن يكون داخليا وتحديدا جبائيا، لافتا إلى إن نظام الدعم الحالي، رغم العديد من الجوانب السلبية، يبقى ذو أهمية في تحقيق التوازن الاجتماعي.

وكان مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية (مستقل) أصدر مؤخرا دراسة خلصت إلى أن تونس “نجحت ولو جزئيا في تجنب وصفة صندوق النقد الدولي الموجعة في علاقة برفع الدعم ووقف التعيينات والتقليص من كتلة الأجور”.

وأكد بوزيان، في هذا السياق، أن “تونس رفضت إملاءات وشروط صندوق النقد الدولي الذي يؤكد على رفع الدعم نهائيا بحلول سنة 2026″، موضحا أن البلاد أخذت مسافة من هذا التوجه وأظهرت مدى اختلاف موقفها مع طلب الصندوق.

وقال أمين بوزيان إن “الدراسة التي أطلقت في السنة الماضية وسعت إلى تقييم برنامج صندوق النقد الدولي: رفع الدعم كليا وتعويضه بنظام التحويلات المباشرة، توصّلت إلى أن تونس نجحت نسبيا في أخذ مسافة من صندوق النقد الدولي ورفض شروطه”.

وكانت تونس دخلت، منذ 2022، في سجال مع مؤسسة الإقراض الدولية التي سعت إلى فرض إصلاحات بدا واضحا أن النظام يعرف مدى “خطورتها” عليه وعلى السلم الاجتماعي بشكل عام، فالمساس بمنظومة الدعم بشكل عام يعتبر خطا أحمر بالنسبة للكثير من المواطنين، وإن كانت هذه المنظومة في حد ذاتها تشهد العديد من السلبيات منها استفادة غير المستحقين بها.

وقال بوزيان، في تصريحاته لـ”أفريقيا برس”، إن من بين أهداف الدراسة التي أعدّها المركز تقييم جدوى المحافظة على منظومة دعم أسعار المحروقات والمواد الأساسية والكهرباء، أو التوجه نحو البديل الذي تدعو إليه المؤسسات المالية العالمية وهو رفع الدعم كليا وتعويضه بنظام التحويلات المالية.

ولفت إلى أن “الدراسة أظهرت أن تونس حافظت على دعمها لمنظومة الدعم في مستويات مرتفعة من معدل 4 مليارات دينار سنة 2019 إلى 12 مليار دينار (3.78 مليار دولار) سنة 2022”.

وأوضح أن “تونس نجحت جزئيا في إجابتها على الوصفة التقشفية لصندوق النقد الدولي الذي يطلب التحكم في التوازنات المالية والتقليص من الإنفاق العمومي وتجميد الأجور والتعيينات في الوظيفة العمومية والقطاع العام ورفع الأسعار عن المواد المدعمة إلى جانب التحكم في كتلة الأجور”.

ووفق تصريحات بوزيان “توفقت تونس خلال السنوات الأخيرة في التحكم في عجز الميزانية والنزول به من 7.4 في المئة في 2023 إلى 6.3 في المئة السنة الماضية”، وتوقع بلوغه 5.5 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي في السنة الحالية على الرغم من أن برنامج صندوق النقد كان يتوقع بلوغ هذه المستويات في أفق سنة 2026.

ورأى أن المضي قدما في سياسة “الإصلاح” بمعزل عما يفرضه صندوق النقد الدولي يمر عبر “الجباية الموجهة”. ويفسر ذلك بقوله إن الجهود الإصلاحية في المجال الضريبي من شأنها أن تعزز قدرة البلاد على مواصلة سياستها الاجتماعية بإقرار إجراءات أكثر جرأة وقوة.

وقال إن “الضريبة على الدخل في تونس غير عادلة وتثقل كاهل الطبقات الضعيفة والمتوسطة مقابل مساهمة ضعيفة للشركات”، ولو صار الأمر موجها أكثر، من “الترفيع فيها دون إثقال كاهل الطبقات الضعيفة وتفعيل مثلا الضريبة على الثروات الكبرى التي تم إقرارها في قانون المالية لسنة 2023″ فإن ذلك سيوفر مجالا لتمويل الموارد المالية الضرورية وإنعاش الاقتصاد.

اعتبر مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية، أن “التعويل على الذات يظل أمرا محمودا غير أنه يبقى أمرا منقوصا لاسيما على المستوى الجبائي بالرغم من النهج الإصلاحي في الغرض”، داعيا إلى “بذل جهود إضافية لتعزيز العدالة الجبائية من شأنها أن تعزز قدرتها على التعويل على مواردها الذاتية”.

ومن الحلول الأخرى التي يطرحها بوزيان: اتخاذ تونس إجراءات أخرى على غرار الزيادة في الأجر الأدنى المضمون في القطاع العام وفي القطاع الزراعي والمتقاعدين علاوة على تطور النفقات وتطور الميزانية.

في ذات السياق، دعا تقرير صدر، مؤخرا عن المرصد التونسي للاقتصاد، إلى “إصلاح جبائي يضمن المساهمة العادلة لكل الفاعلين الاقتصاديين في الموارد الجبائية، ويٌعزز الموارد الذاتية للدولة من أجل مزيد الاستثمار في الخدمات الاجتماعية والحد من الحاجة إلى التداين”.

نجحت تونس في عدم تطبيق الوصفة التقشفية التي لها مخاطر كبيرة أظهرتها دراسة مركز علي بن غذاهم، وتمكنت في ظرف وجيز من بلوغ أهداف التحكم في كتلة الأجور من 16.1 في المئة إلى مستوى 13 في المئة منتظرة لسنة 2025 مع العودة إلى التعيينات من 8 آلاف في 2023 و13500 في عام 2024 و21 ألف مناظرة في سنة 2025.

لكن، الحفاظ على ذات النسق الإيجابي يحتاج، وفق تقرير المرصد التونسي للاقتصاد، إلى مراجعة سياسة القروض الموجهة لتمويل عجز ميزانيات الدولة، والتي زادت بنسبة 450 بالمئة منذ 2011.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here