أفريقيا برس – تونس. كشف رياض الشعيبي القيادي في حركة النهضة التونسية والمستشار السياسي لراشد الغنوشي في حواره مع “أفريقيا برس” أن” الحركة قد تؤجل مؤتمرها المقرر في أكتوبر المقبل وذلك أعقاب إيقاف رئيسها بالنيابة منذر الونيسي مؤخرا، إلى أن تتوفر الظروف المناسبة لانعقاده”.
وشرح الشعيبي رهانات المؤتمر القادم في حال انعقاده حيث تراهن الحركة على”تحقيق انتقال ديمقراطي دون إحداث هزات داخلية أي بالاستعانة بجيل جديد من الشباب لقيادة الحركة وتقديم صورة جديدة، لكن دون القطيعة مع رموزها وقياداتها التاريخية. ”
وشدد الشعيبي على أن “الحركة ترفض حشرها في السرية حيث ستدافع على عملها وتنظيم مؤتمرها بشكل علني كما ستدافع على حقها في الوجود السياسي في ظل سياسة التهميش والإقصاء التي تنتهجها السلطة ضد خصومها من المعارضة، لافتا أنه لا نية للحركة لمواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع السلطة وأن هدف الحركة هو استعادة الديمقراطية”.
ورياض الشعيبي هو شخصية سياسية تونسية، متحصل على الدكتوراه في الفلسفة السياسية المعاصرة، وقد تقلد مواقع حزبية وسياسية قيادية في حركة النهضة كما عينه رئيسها راشد الغنوشي مستشارا سياسيا، ثم ممثلا للحركة في جبهة الخلاص الوطني المعارضة.
حوار آمنة جبران
هل سيقع تأجيل مؤتمر حركة النهضة المقرر شهر أكتوبر المقبل أم حافظتم على نفس الموعد بعد إيقاف رئيسها المؤقت منذر الونيسي؟
تنظيم مؤتمر حركة النهضة خاضع لعديد من الاعتبارات منها القانونية والتنظيمية والسياسية، وفي ظل أزمة السلطة فإن حركة النهضة وعديد القوى السياسية في البلاد تواجه صعوبات، وبالنسبة للنهضة فهي تواجه صعوبة في تنظيم المؤتمر بالنظر إلى غلق المقرات وبالنظر إلى الاعتقالات للصفوف القيادية بالحركة، وهناك توجه داخل الحركة حاليا لتأجيل هذا المؤتمر حتى تتوفر الظروف المناسبة لانعقاده.
هل سيشكل المؤتمر في حال انعقاده فرصة لتغييرات جذرية صلب الحركة خاصة فيما يخص التداول على زعامة الحركة؟
حركة النهضة حركة كبيرة وعريقة لذلك لا نتوقع أن التغيرات التي تحصل داخلها تحصل بالطفرة إنما تحصل بالمراكمة لذلك أي تغيير داخل الحركة لا بد أن يعبر على إجماع داخلها وعلى توافقات واسعة.
التغييرات المتوقعة في حركة النهضة هي المراكمة على التجربة التاريخية التي أنجزتها الحركة طيلة مسيرتها والتحول التدريجي في اتجاه ما اعتبرته حركة النهضة “الإسلام الديمقراطي” وصياغة هذا المفهوم وتنزليه داخل الحزب، ثم أيضا التجديد في مستوى القيادة أيضا بإدراج وجوه شبابية جديدة تساهم في دفع عمل الحركة وتساهم في صياغة صورة جديدة لها، لكن هذا كله يكون بالمزاوجة والمراكمة بين القديم والجديد وليس في إطار قطيعة مع تاريخ الحركة وهويتها وقياداتها الرمزية والتاريخية.
ماهي محاور نقاش المؤتمر وماذا تختلف عن محاور المؤتمر السابق الذي شهد إعلان الحركة ابتعادها عن العمل الدعوي؟
قبل الانقلاب كانت رهانات المؤتمر مختلفة عما عليه الآن خاصة بعد اعتقال رئيس الحركة وإغلاق مقراتها، ربما كان هناك طموح كبير قبل ذلك في إحداث الحركة تغييرات كبيرة داخلها ترسم من خلالها أفق للمستقبل تستطيع من خلاله القيام بدورها الوطني في البلاد، لكن في الحقيقة بعد الانقلاب وبعد اعتقال رئيس الحركة وإغلاق المقرات تغيرت رهانات المؤتمر و أصبح مؤتمر حركة النهضة يركز على ثلاث رهانات رئيسية:
– الرهان الأول: هو المحافظة على وحدة الحركة ووضعها القانوني وتأمين خيارها السياسي.
– الرهان الثاني: تحقيق الانتقال القيادي دون أن يحدث هزات داخل الحركة وأيضا بما يفتح المجال لوجوه جديدة لقيادة الحركة ولتصدر المشهد السياسي والقيادة التنظيمية للحركة.
– الرهان الثالث هو: تثبيت الخيار السياسي للحركة في مقاومة الانقلاب.
تقريبا هذه هي الرهانات الثلاث المطروحة على مؤتمر الحركة القادم، كما قلت صار تغيير بعد الانقلاب وبعد اعتقال رئيس الحركة وإغلاق المقرات، وبالتالي أولويات المؤتمر تغيرت.
كيف ستعالج الحركة التيارات السياسية داخلها وماهي الآليات التي ستعتمدها حتى لا تشهد الحركة استمرار خروج قياداتها؟
لم تخلو حركة النهضة منذ نشأتها من وجود تيارات سياسية وفكرية داخلها، كانت حركة النهضة تعبر باستمرار على تيار واسع ثقافي واجتماعي وسياسي في داخله اختلاف في وجهات النظر بين حساسيات مختلفة، بالتالي ليس هناك جديد الآن بالحديث عن تيارات أو حساسيات داخل الحركة فهو موجود باستمرار منذ نشأتها، وكانت حركة النهضة تدير هذا الخلاف الداخلي والتنوع الداخلي ورؤاها الفكرية والسياسية بنوع من الديمقراطية الداخلية تفتح فيه المجال لحوار معمق بين كل الحساسيات وبين كل الأفكار ثم تحسم ذلك من خلال مؤسساتها الديمقراطية المنتخبة، هذه هي الآلية التي كانت الحركة تعتمدها طيلة مسيرتها ومستمرة فيها حتى الآن وأتوقع أيضا في نفس المستقبل أن تعتمد على نفس الآلية..
هل المؤتمر سيكون علني وهل هناك دعوات لضيوف من الخارج ؟
أولا هناك كثير من القضايا التي حسمت داخل حركة النهضة على امتداد العشر سنوات الأخيرة، واحدة من هذه القضايا هي مسألة العلنية حيث أن حركة النهضة حزب قانوني لا يشتغل إلا في إطار العلنية ويرفض رفضا قاطعا حشره في السرية أو تنظيم أي عمل سواء تنظيم مؤتمر أو أي نشاط آخر في شكل سري، بالتالي نحن سندافع على علنيتنا مثلما سندافع على حقنا في الوجود السياسي وعلى حريتنا وحرية التعبير وحرية التنظم وغيرها من الحريات في البلاد، بالتالي هذا الأمر مرفوض وغير وارد بالمطلق بل نرفض أن ننظم مؤتمرا سريا، وعندما ننظم مؤتمرا علنيا طبعا سندعو كل أصدقاءنا في العالم كما تعودنا على ذلك باستمرار.
وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تصادم مع السلطة ويكون المؤتمر القشة التي تقصم ظهر البعير في علاقة النهضة مع السلطة بعد إغلاق مكاتبها؟
نحن موقفنا واضح من السلطة، نحن نعتبر أن هذه السلطة انقلبت على الشرعية الدستورية وعلى المسار الديمقراطي وهذا موقفنا الذي أعلناه منذ سنتين وجعلنا شعار مؤتمرنا القادم وهو أن يكون هذا المؤتمر للدفاع على حرية التنظم وعلى حرية التعبير وتكريس التعددية السياسية في البلاد، بالتالي نحن نمارس حقنا ولسنا في وارد الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطة، نحن ضمن جبهة الخلاص الوطني وضمن تشكيلة واسعة من الكيانات السياسية والشخصيات المستقلة بالبلاد ندافع على الديمقراطية ونطالب باستعادة المسار الديمقراطي كما نص عليه دستور 2014، وبالتالي ليست هناك نية داخل حركة النهضة للدخول في مواجهة مباشرة وشاملة مع السلطة.
كيف ستتعامل الحركة مع هذا الفراغ في رئاستها، وماهي ملامح خطتكم لتسيير الحركة بعد هذه التطورات؟
حركة النهضة تزخر بالقيادات التنظيمية والسياسية، اعتقال الدكتور منذر الونيسي نائب رئيس الحركة والمكلف بإدارة الحركة خلال المرحلة السابقة لن يستطيع أن يوقف عمل الحركة ولا عمل مؤسساتها، وبالتالي نحن وفق آلياتنا القانونية الداخلية سيقع أيضا سد هذا الشغور وسيقع انتخاب وتعيين مسؤول جديد عن الحركة يديرها ضمن المكتب التنفيذي وبرقابة وسلطة مجلس الشورى، بالتالي ليس هناك إشكال في هذا الموضوع.
حركة النهضة أمام تحدي تجاوز تداعيات اعتقال زعيمها ورئيسها بالنيابة وقرار غلق مقارها هل ستنجح الحركة برأيك في تخفيف آثار هذه المتغيرات؟
حركة النهضة لم تفتك حقها في الوجود من خلال قرار سياسي أو قرار قانوني من هذه السلطة ولا من أي سلطة أخرى، حركة النهضة هي تيار اجتماعي وجد منذ حوالي 50 سنة ورغم كل المحاولات لإقصائه وتهميشه وقمعه إلا أن هذا التيار الاجتماعي الواسع استطاع أن يفتك مكانة رئيسية في المشهد السياسي التونسي على امتداد السنوات الأخيرة.
اليوم سياسات التضييق ومحاولات الإقصاء والتهميش ستفشل مثلما فشلت السياسات السابقة وستستمر حركة النهضة في القيام بدورها الوطني الذي تتمثله لنفسها، وبالتالي ليس هناك خوف لدينا من استمرارية حركة النهضة ومن قدرة الحركة على تجاوز هذه المحنة وعلى تجاوز هذه الظروف السياسية الصعبة.
وفيما يخص تأثير هذه الأوضاع على علاقتنا بجمهورنا، فان هذه العلاقة مستمرة نحن نتواصل مع كل أنصار حركة النهضة وكوادرها في الجهات والمحليات، هذا التواصل مستمر حيث ننظم حركاتنا وتحركاتنا الاحتجاجية كما بدأنا منذ سنتين، إغلاق المقرات واعتقال القيادات لم يمنعنا من الاستمرار في هذه التحركات وستستمر أيضا خلال هذه السنة السياسية الجديدة بنفس النسق وبنفس الزخم حتى نحقق أهدافنا التي نشترك فيها تقريبا مع كل الأحزاب السياسية في البلاد وهي استعادة المسار السياسي.
كيف تقيم أداء جبهة الخلاص المعارضة، ولماذا لم تحظى بثقة الشارع ولم تتمكن باستقطابه؟
جبهة الخلاص الوطني نجحت بعد سنة أو سنتين تقريبا من تشكيلها في أن تصدر المشهد السياسي الوطني وهي الآن العنوان السياسي الأبرز لمقاومة الانقلاب بل أكاد أقول أنها العنوان السياسي الوحيد الذي له قدرة على الخروج للشارع وتحريكه والاحتجاج في الشارع وبالتالي هذا تقدم كبير أنجزته الجبهة خلال هذه الفترة القصيرة.
بالنسبة لالتفاف الشارع حول هذه الجبهة، لا ننسى أننا نعيش وضع استبداد وديكتاتورية، هناك سياسات ممنهجة للتخويف ولإثارة الفزع والرعب لدى عموم المواطنين، نحن نتفهم طبعا هذا الخوف الذي نراه لدى الناس ولكن معيار نجاح الجبهة من عدمه ربما لا نستطيع أن نراه في أوضاع الاستبداد اليوم لكن بمجرد سقوطه والعودة إلى المسار الديمقراطي فإننا سنلحظ بوضوح كيف سيلتف الشارع الاجتماعي حول هذه الجبهة وحول قيادات ورموز هذه الجبهة باعتبارهم الذين يقودون الآن حركة مقاومة الانقلاب والدعوة إلى العودة إلى المسار الديمقراطي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس