سالم الأبيض لـ” أفريقيا برس”: حركة الشعب ستعيش غربة سياسية في البرلمان الجديد

119
سالم الأبيض لـ
سالم الأبيض لـ" أفريقيا برس": حركة الشعب ستعيش غربة سياسية في البرلمان الجديد

أفريقيا برس – تونس. توقع القيادي بحركة الشعب سالم الأبيض في حواره مع أفريقيا برس أن “تعيش حركة الشعب غربة سياسية في البرلمان الجديد لتعذرها القيام بدور سياسي حقيقي ينسجم مع مشروعها التاريخي، حيث سيكون برلمانا شكليا ليس بوسعه شق عصا الطاعة في وجه الرئاسة”، حسب تعبيره.

ورأى الأبيض أن” البرلمان الجديد لا يعتبر ورشة حقيقية للديمقراطية التونسية بل هو شبيه لبرلمان 1989 حيث كل مكوناته تستمد مشروعيتها من منظومة الحكم” ، لافتا إلى أن” النظام القاعدي لن يكون حلا لمشاكل تونس لأنه نظام لا تاريخي ويعود بالبلد إلى مؤسسات ما قبل الدولة”.

حوار آمنة جبران

وصفت مؤخرا البرلمان الجديد بديكور للسلطة، ألن يخفف التخلص من الفراغ التشريعي من حدة الأزمة السياسية برأيك؟

قلت أن البرلمان تحول من سلطة إلى ديكور للسلطة لأن البرلمان الجديد، إذا ما أردنا القياس التاريخي، يشبه إلى حدّ ما برلمان سنة 1989 الذي انبثق عن أول انتخابات نظمها الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وما تلاه من برلمانات صورية ميّزت تلك المرحلة. وجه التشابه يبرز من خلال أحادية ونمطية أعضاء البرلمان، بمعنى أن الذين دخلوا برلمان بن علي سنة 1989 وما بعده يستمدون شرعيتهم من انتمائهم إلى منظومة 7 نوفمبر 1987، وكذلك الأمر بالنسبة للذين دخلوا إلى برلمان الجديد، فهم يستمدّون شرعيتهم من انتمائهم إلى منظومة 25 جويلية، ما يعني أن لا أحد يستطيع مناهضة فكرة 7 نوفمبر في برلمان بن علي، ولا أحد يمكنه إعلان رفضه لفكرة 25 جويلية وما ترتّب عنها من سياسات وقوانين ومؤسسات في البرلمان الجديد.

وعلى عكس البرلمانات والمؤسسات التشريعية التي نشأت منذ ثورة يناير 2011، انطلاقا من المجلس التأسيسي مرورا ببرلمان 2014 ووصولا إلى برلمان سنة 2019، هناك من انتمى إلى هذه المؤسسات التشريعية وهو لا ينسب نفسه إلى منظومة الثورة التونسية، ولنا أمثلة واضحة مثل الحزب الدستوري الحر الذي لا يعترف بالثورة التونسية، ومن يعتبرها مؤامرة ويصفها بالربيع العبري (شق من الجبهة الشعبية)، بالتالي من الناحية الرمزية والسياسية هناك تشابه وإعادة إنتاج للتجربة البرلمانية النوفمبرية في التجربة الجديدة المنسوبة ل25 جويلية من حيث الانتماء والدفاع المطلق على هذه المنظومة، واعتبارها تأسيسا جديدا وعدم الاعتراف بكلّ ما سبق.

أي دور سيلعبه البرلمان الجديد وسط مؤشرات بتشابه مع البرلمان السابق في الحسابات السياسية؟

لقد كانت الخلافات والصراعات في برلمانات 2014 و2019 حادة جدا تعكس حدّة الصراع السياسي التونسي المعاصر، وفي نفس الوقت هي مثال للتمثيلية السياسية المتنوعة من يسار وقوميين وإسلاميين ودستوريين وحقوقيين ونقابيين وليبراليين، الصندوق وحده من ضمن لهم تلك التمثيلية، بينما لم يتمكن من الدخول إلى البرلمان الجديد إلا من كان منتسبا إلى منظومة 25 جويلية ومواليا لها.

والأهم من كلّ ما سبق، هو أن كل مكونات المجلس الجديد متشابهة في دفاعها على منظومة 25 جويلية ولا تستطيع شقّ عصا الطاعة، حساباتها ليست مبنية على اختلافات أيديولوجية أو انتماءات سياسية أو مشاريع جذرية في كيفية إنقاذ البلاد وتسييرها، بقدر ما ستكون خلافات ثانوية وشخصية في بعض الأحيان على مواقع في البرلمان الجديد وعلى رئاسة لجانه أو التمثيلية في بعض المؤسسات.

لذلك لا يمكن أن نعتبر البرلمان الجديد ورشة حقيقية للديمقراطية التونسية التي تتربى فيها الطبقة السياسية وتفرز فيها قيادات الدولة والمجتمع كما هو شأن مختلف الديمقراطيات في العالم، لقيادة المسيرة السياسية للبلاد في المراحل المقبلة، أعتقد أن هذا النوع من البرلمان فيه قبر للطاقات السياسية الحقيقية لأن كل البرلمانات في العالم يتمثل فيها أحسن ما أنجبت الطبقة السياسية من رموزها وممثليها وقياداتها، بينما نلاحظ أن هذا البرلمان فيه نسبة كبيرة من الأشخاص غير معروفين على المستوى السياسي والشعبي، ناهيك أن تكون لهم أفكارا يمكن تحويلها إلى مشاريع قوانين أو إلى سياسات وطنية.

حسب تقديرك أي تموقع لحركة الشعب في البرلمان الجديد؟ هل تريد الحركة أن تكون قوة رئيسية بديلة وهل ستنجح في ذلك؟

حركة الشعب هو الحزب الوحيد الموجود في البرلمان بعنوانه الحزبي، ولديها تمثيلية نسبية متأتية من طبيعتها كحزب. وعندما نبحث عن حركة الشعب في المدن والقرى والأرياف نجد لها مقرات وممثلين وأنشطة سياسية وبعض الرموز الذين يظهرون في الإعلام، على عكس بقية مكونات البرلمان، فلا وجود لهم على أرض الواقع، هم بمثابة الظواهر الانتخابية الوقتية وحتّى الطفيلية، لا تتوفّر فيها مقومات العمل الحزبي أو السياسي، وقد فاز بعضهم في انتخابات ضعيفة المشاركة الشعبية بنسبة في حدود 10 بالمائة، ما يمنعهم من تمثيل الشعب والحديث باسمه، فهذا البرلمان ولد حاملا في أحشائه أزمة مشروعية. بالنسبة لحركة الشعبة أعتقد أنها ستعيش نوع من الغربة السياسية في البرلمان الجديد لتعذّر القيام بدور سياسي حقيقي ينسجم مع مشروعها التاريخي، ولأن مكانها الطبيعي مع الأحزاب السياسية، فهي الحزب السياسي الوحيد المعلوم الهوية في هذا البرلمان، ويعود تنظمها الحزبي إلى أكثر من عشر سنوات، فهي تلتزم قوانين الأحزاب السياسية وشاركت في كل المحطات الانتخابية، ما يعني أنها تشبه الأحزاب السياسية ولا تشبه بقية مكونات البرلمان الجديد من تنسيقيات وبناءات قاعدية وأفراد كان العرش والقبيلة منبع صعودهم النيابي، بالتالي ستجد نفسها في حالة غربة سياسية وستتحمّل وزر سياسات وقوانين لا شعبية، ما قد يؤثر سلبا على مستقبل الحركة ومصداقيتها ومدى قدرتها على الاستمرارية بالزخم الذي عرفته في السنوات الأخيرة، وهي مدعوة اليوم إلى تقييم تجربتها وممارسة نقدها الذاتي، فالنقد هو مصدر التطور، ونشر عمل تأليفي شامل ينتج خطابا سياسيا ورؤية إستراتيجية بدلا من “خطاب التصريحات الإعلامية والبيانات” المعتمد منذ زمن طويل فقد اثبت هذا الخطاب ضعفه ألاستشرافي وعدم قدرته على قراءة الواقع بطريقة موضوعية بنّاءة وعقمه التعبوي.

ناهيك أن هذا البرلمان من الناحية التشريعية والسياسية ليس لديه وظائف حقيقية فهو لا يعطي الثقة للحكومات ولا يسحب منها الثقة، والحكومة غير مسئولة أمام البرلمان إنما هي مسئولة أمام الرئيس وحده، وبالنسبة للتشريع فإن مشاريع القوانين يقترحها الرئيس شخصيا وليس الحكومة، والمبادرات التشريعية للنواب لن تُعتمد بسبب عدم قدرة أصحابها على تأمين شروطها المالية، لذلك أعتقد أن الحركة ستعيش حالة من المعاناة السياسية في المرحلة القادمة لتواجدها في مؤسسة غير سياسية هي أقرب للبرلمان الصوري للتصديق على كل ما يقدمه الرئيس أكثر منها صناعة العملية السياسية والقرار السياسي مثلما كان الأمر في برلماني 2019 و2014.

أي مستقبل برأيك للتيار القومي في تونس، هل تحالفه مع السلطة في مقابل تيار الثورة يعزز موقعه؟

التيار القومي التقدمي في تونس هو تيار عريق عدوّه الرئيسي الاستعمار والصهيونية وكل من يرتبط بهما، وهو ميال للدفاع عن السيادة الوطنية ومختلف القضايا الوطنية بصفة عامة، ربما وجد في خطاب الرئيس سعيد بعض الإغواء، إلا أن هذا التيار القومي سيستيقظ لاحقا على أن المدخل الحقيقي لبناء السيادة الوطنية والدفاع عن الشعب هو تمكين الشعب نفسه من الدفاع عن قضاياها بالوسائل والأساليب الديمقراطية دون سواها، فقد أثبت التاريخ عقم حكم الفرد والاستفراد بالسلطة والفشل الذريع الذي انتهت إليه التجارب المقارنة، وسيكتشف كذلك أن من ذهبوا للاقتراع في الانتخابات الأخيرة لا يمثلون الشعب وهم أقلية، والأولى الانحياز إلى الأغلبية الساحقة بدلا من الاصطفاف مع الأقلية.

قضايا السيادة الوطنية هي قضايا معقدة جدا ومعالجتها لا تكون بالشعارات، وهنا على رئيس الجمهورية أن يصارح التونسيين، فقوله نحن دولة ليست تحت الوصاية والانتداب والاستعمار حتى يتدخل الأجانب في قراراتنا، هو قول مظلل، لأننا واقعيا تحت الوصاية المالية الدولية ونعيش نوع من الاستعمار المالي، بسبب حجم ديوننا، وعلى الرئيس أن يطلب من الحكومة السجلات المالية للدولة التونسية وسيكتشف فعلا أننا تحت الوصاية المالية الدولية، نحن لسنا تحت الاستعمار المباشر لأن هذا الصنف من الاستعمار في ظل التكنولوجيات العسكرية الحديثة لا يحتاج إرسال دباباته للاحتلال، لكن هناك وسائل جديدة للاحتلال ونزع الوصاية، ومن يريد نزع الوصاية، على بلاده عليه تحقيق استقلالها المالي مدخلا للاستقلال الحقيقي أما من كان منزوع السيادة المالية فلا تفيده في شيء الشعارات الرنانة الطنانة.

ذكرت في تصريح سابق أن هناك مشكل أساسي في البناء الهيكلي لما بعد 25 جويلية، كيف ذلك؟

مشروع 25 جويلية يقوم على ثلاث أو أربعة أفكار رئيسية: الفكرة الأولى إعادة إنتاج النظام الرئاسي لكنه استحال نظاما رئاسويا بامتياز تجتمع فيه كل السلطات بصفة مطلقة بيد الرئيس وحده ولا يشاركه فيها أي كان، أما بقية المؤسسات فهي متممة ومزيّنة للمشهد الرئاسي، وهذا النظام يبيّن أن الرئيس فكّر في نفسه والسلطات التي تمكّنه من الحكم، لكنّه لم يفكر في مستقبل بلاده ومن سيأتي من بعده ويتولّى الحكم بتلك الصلاحية الإمبراطورية والأذى الذي سيلحق شعبه بفعل إرساء قواعد الدولة التسلطية.

النقطتان الثانية والثالثة في المشروع هي فكرة الشركات الأهلية والصلح الجزائي: هي إعادة إنتاج لا تاريخية لفكرة التعاضد التي سقطت سنة 1969 وحوكم منظّرها وتمّت التضحية به ككبش فداء وأقصد هنا الوزير القوي أحمد بن صالح. اليوم يقع إنتاج نفس الفكرة مع بعض الفوارق، والرئيس في هذه الحالة يغري الشركات الأهلية بأموال الصلح الجزائي التي ستجنيها الدولة ومقدارها حسب الرئيس الأرقام التي تعود إلى سنة 2011، 13500 مليون دينار. لكن الرئيس لم يأخذ في الحسبان التغيّرات التي حصلت ما بين 2011 و2023 وأن نسبة كبيرة من هذه الأموال وهي عقارات وأراضي قد صادرتها الدولة منذ 2011، ومنها ما وقع بيعه وذهب للخواص، ومنها ما أفلس أو تمّ إفلاسه، ومنها ما لم يعد صالحا للاشتغال، ففكرة الشركات الأهلية هي فكرة مبنية على استخدام أموال الصلح الجزائي التي لن تأتي، وهنا يتم إعادة إنتاج تجربة فاشلة. بعض المراهنين على هذه الشركات يعتقدون أنهم على مرمى حجر من غنيمة القيم العقارية للدولة (الأراضي الدولية والمنشآت العمومية وحتى الأراضي الاشتراكية) وهذا لن يتحقق لهم بسهولة وربما لن يتحقق لهم أبدا.

أما الفكرة الرابعة، وهي فكرة البناء القاعدي وإعلاء شأن الأفراد على حساب الأجسام الوسيطة المدنية والسياسية، وتمكينهم من الولوج إلى المؤسسات التشريعية والقيادية للدولة، وهي فكرة طوباوية لا تأخذ بعين الاعتبار التطور التنظيمي والمؤسسي للمجتمعات، وستنتهي بدورها إلى الفشل بعد ممارسة الهدر الذي قد يصل درجة الفساد.

هل يمكن أن يكون النظام القاعدي حلا لمشاكل تونس بعد أن وصل هذا النظام إلى مراحله الأخيرة بقرب تشكيل مجالس الأقاليم والجهات، وتغيير وضع البلديات، وتحجيم دور المنظمات والجمعيات؟

لن يكون حلا لمشاكل تونس لأنه نظام لا تاريخي بمعنى أنه يعود بتونس إلى مؤسسات ما قبل الدولة إلى القبيلة والعرش واللحمة والفخذ، ولا يمكن أن تنجح تونس بهذا النظام سواء من خلال الانتخابات البرلمانية على الأفراد أو من خلال مجلس الأقاليم والجهات. في الحقيقة فإن الدول تستنجد بخيرة قياداتها السياسية والعلمية وكفاءاتها المعرفية والمهنية للقيادة وتولي أمر الدولة ونحن نستنجد بأشخاص على أساس الانتماء إلى المعتمدية والعمادة (القبيلة والعرش)، هذا لا يمكن إن ينقذ البلاد والأشخاص بهذه الطريقة لا يمكن أن يصنعوا لا فكرا ولا سياسة ولا تاريخا.

إلى أين ستتجه العلاقة بين الرئاسة واتحاد الشغل: هل ستتواصل القطيعة أم ستكون هناك بوادر للتهدئة بين الطرفين؟

لابدّ من تذكير الرئيس بأنه في انتخابات 2019 التشريعية زار الاتحاد وطلب منه الدعم والإعانة، وكذلك الأمر في الإضراب العام الذي نفذه الاتحاد سنة 2018 ضد يوسف الشاهد، فقد كان الرئيس حاضرا ويدعم الاتحاد ضد قانون المالية المجحف الذي تقدمت به حكومة الشاهد في ذلك الوقت، فالاتحاد كان دائما سندا لكل من يقدم نفسه صاحب رؤية وطنية لإنقاذ تونس.

اليوم نجد أن هناك نوعا من الصراع بين اتحاد الشغل والرئاسة والحقيقة أنه ليس صراعا بين سعيد والطبوبي، وإنما هو صراع بين الاتحاد بما هو منظّمة وطنية عريقة والدولة في شكلها اللاتشاركي وجوهرها التسلطي، عندما تقوم الدولة بصياغة قانون مالية مجحف له تأثير سلبي ودور تفقيري لقواعد اتحاد الشغل وغيرهم من عامة الناس، سيجد الاتحاد نفسه بالضرورة ضده، وفي موقع الرافض لهذا القانون المجحف وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية، والدولة ستجد نفسها في صدام مع اتحاد الشغل لأنه يمثّل العقبة الرئيسية أمام سياستها اللاشعبية.

تاريخيا الاتحاد هو أكبر سنا من الدولة الوطنية، فقد تأسس قبلها بعشر سنوات، أي سنة 1946، وقدم الشهداء وشارك في الحركة الوطنية وتحرير البلاد من الاستعمار ويعد شريكا رئيسيا في العملية السياسية والوطنية وقيادة البلاد على مدى 77 سنة، وهو من أنقذ البلاد من الانهيار والاحتراب الأهلي سنة 2013 وكان جزاء ذلك اعترافا بدوره في حفظ السلم الأهلي وحصوله على جائزة نوبل، ما يجعل من الاتحاد صاحب مسؤولية، ولا يمكن تجاهل دوره، وعلى الرئيس وحكومته أن يفهما ذلك، وأن يبحث عن حل مع الاتحاد يحول دون الصدام لتجنب سيناريو 1978.

وأعتقد أن الزج بالنقابيين في السجون ومحاكمتهم على خلفية أعمالهم النقابية يمثّل مقدمات صراع لن يستفيد منه أحدا، لا الدولة ولا الرئيس ولا الاتحاد، وبالتالي وجب البحث عن حلول مقنعة عن طريق التفاوض، فهو الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل السياسية وحسم النزاعات الخطيرة على قاعدة العيش المشترك.

ماهو تقييمك لمسار المعارضة وهل بإمكانها استعادة ثقة الشارع في ظل تمسك الرئيس بنهج فردي وسياسة الإقصاء الذي يؤثر على شعبيته سلبا؟

في الواقع الشارع إلى حد الآن لا يمكن قياسه، وليس لدينا إلا طريقة قياس واحدة هي الانتخابات التشريعية التي لم يشارك فيها إلا 10 بالمائة من التونسيين، وعندما قاطع الانتخابات التشريعية 90 بالمائة في الدورة الأولى أُعتُبر ذلك موقفا عفويا، لكن لا يمكن أن تكون هذه المقاطعة عفوية وتتكرر في الدور الثاني، وبالتالي هناك وعي بالمقاطعة السياسية.

أرى أن الطبقة السياسية أُنهكت في العشر السنوات الأخيرة ولا أحد قادر على تعبئة الشارع حتى الرئيس نفسه لا يستطيع ذلك، وقد رأينا ذلك مؤخرا في الذكرى 67 للاستقلال.

المعارضة نفسها لا يمكنها تعبئة إلا بضعة آلاف من الأشخاص على أقصى حدّ، الإنهاك السياسي الذي تم هو ما جعل الشارع التونسي يراقب وينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع. وعلى الرغم من التشريعات الجديدة منذ 25 جويلية 2021 وما صاحبها من مؤسسات وضعت على المقاس، فان العملية السياسية لم يستقر حالها بعد، وهي منفتحة على جميع الاحتمالات مستقبلا، ويجب أن يكون هناك وعي بهذه المسألة، خاصة في ظل خطورة الوضع الاقتصادي والمالي وما يشاع عن عجز الدولة التونسية على تسديد ديونها، فلا استقرار على المستوى السياسي في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here