حوار آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أكد النائب التونسي سامي الرايس في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الأولويات في هذه المرحلة هي اقتصادية بالأساس حيث تحتاج البلد إلى رؤية اقتصادية لطمأنة الشارع والمستثمر على حد سواء”، لافتا إلى “ضرورة تحقيق نهضة في كل القطاعات لتحسين الأوضاع خاصة قطاع الطاقة من خلال استرجاع سوق الفسفاط والعودة إلى معدلات إنتاجه السابقة”.
ورأى أن “جهود الرئيس قيس سعيد في معركته ضد الفساد مقبولة غير أنه يجب تقاسم الأدوار والمسؤولية مع الوزارات والمسؤولين وعدم الاكتفاء بتحركاته”، مشيرا إلى “ضرورة مراجعة بعض القوانين المعطلة حتى تسترجع المؤسسات الإدارية بريقها وتساهم في تسهيل إدارة هذا الملف” وفق تقديره.
وسامي الرايس هو نائب بالبرلمان التونسي عن دائرة “دار شعبنان الفهري-بني خيار” وعضو بالكتلة الوطنية المستقلة.
مع نجاح الرئيس قيس سعيد في الفوز بولاية ثانية، ما هي الأولويات التي يستوجب العمل عليها في هذه المرحلة لتحسين أوضاع التونسيين؟
حسب تقديري فإن الأولويات التي يستوجب العمل عليها في هذه المرحلة هي الأولويات اقتصادية، نحن نحتاج إلى رؤية اقتصادية لطمأنة الشعب التونسي، وفي نفس الوقت طمأنة المستثمر، وبعد أن استكملنا تركيز جميع مؤسسات الدولة وآخرها مجلس الأقاليم والجهات فإننا مطالبون بتحديد وضبط رؤية اقتصادية خاصة في ظل ما تشتكيه المالية العمومية من صعوبات كبيرة، وقد أسميت ميزانية 2025 بميزانية الإكراهات حيث تقدر إجمالا بـ78 ألف مليار وقد خصص قرابة 45 مليار منها للمداخيل الجبائية.
أعتقد أنه يجب تخفيف الضغط الجبائي على المواطنين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة التي أغلق عدد كبير منها بسبب الضغط الجبائي وكثرة الأداءات، وهو ما نتج عنه توجه عدد كبير من المستثمرين إلى دول أخرى مثل المغرب والأردن، لذلك نحن نحتاج إلى رؤية اقتصادية واجتماعية، وللإشارة فقد وقع دعم الجانب الإجتماعي في الميزانية الجديدة مثل الدعم المخصص للنساء العاملات في القطاع الفلاحي، لكن يبقى هذا يبقى الدعم منقوصا، فنحن نحتاج إلى نهضة في كل المجالات اقتصادية وصحية وتعليمية وإلى تطوير وإصلاح عديد القطاعات الحيوية مثل قطاع الطاقة للحد من العجز التجاري باعتبار أن كلفة الطاقة عالية بسبب استيرادنا للمحروقات، على غرار تكلفة دعم المواد الغذائية، لذلك علينا توجيه الدعم إلى مستحقيه لتحقيق عدالة اجتماعية كالتي ينادي بها رئيس الجمهورية.
تناقشون كنواب في هذه الأيام قانون الموازنة للعام الجديد، برأيك هل هو قادر على تحسين الوضع المالي خاصة أنه يعتمد على الاقتراض الداخلي؟
سياسة الدولة حاليا قائمة على التعويل على الذات، لذلك نلاحظ تراجعا للتمويل الخارجي في قانون الميزانية الجديد فقد قدر في السابق في حدود 20 مليار في حين لا يتجاوز اليوم 3000 مليار، أصبحنا نعول أكثر على الاقتراض الداخلي، وهذه هي سياسة التعويل على الذات. وبرأيي هناك مجالات إستراتيجية يجب العمل عليها لتحفيز الاستثمار وإنعاش الاقتصاد مثل قطاع الفسفاط، علينا العودة إلى حجم الإنتاج السابق قبل أن يتراجع بعد الثورة.
حاليا نحن في الاتجاه الصحيح، وقد قام البرلمان بالمصادقة على مشروع تجديد السكك الحديدية وأسطول العربات الخاصة بنقل الفسفاط لتسهيل العملية التي واجهت صعوبات في السنوات الأخيرة وحتى تكون عملية النقل مسترسلة وبكثافة وحتى نتمكن من استرجاع كمية الإنتاج السابقة وهو ما نسعى إلى تحقيقه هو ضخ الأموال لدعم هذا القطاع واسترجاع سوق الفسفاط، إضافة إلى دعم قطاع الفلاحي لأهمية الكبرى في دعم اقتصادنا الوطني، كما يجب الإشارة كذلك إلى أهمية التحويلات المالية التي يقوم بها عمالنا بالخارج حيث هذه التحويلات مهمة للدولة وساهمت بشكل كبير في تخفيف الأزمة وتمويل الميزانية.
كنائب تونسي هل تؤيد تعديل المرسوم 54 بسبب تهديده للحريات حسب ما تقول المعارضة؟
هناك مقترح لتعديل المرسوم 54 لكنه لم يمرر بعد على لجنة التشريع العام، أنا لا أرى في هذا المرسوم أي ضرر على الإعلام أو على المواطن التونسي، صحيح نحن نؤيد حرية التعبير لكن هناك ضوابط وحدود، يجب أن يكون النقد دون تعدي على حرمات الآخرين، هناك من أساء فهم الحرية خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، نحن نؤيد الإعلام الحر لكن لا يجب كذلك التعدي كذلك على حرمات الآخرين.
ما هي تقييمكم لجهود الرئاسة التونسية في معركة الفساد خاصة بعد فتحه مؤخرا ملف الفساد بالقطاع الزراعي، هل يراهن عليه في هذه المرحلة خاصة أنه مفتاح رئيسي من مفاتيح التنمية بالبلد؟
برأيي المجهود الذي يقوم به رئيس الجمهورية في هذا المجال مقبول جدا، لكن لماذا يتوزع هذا المجهود مع بقية الوزارات والمسؤولين المحليين والجهويين، يعني لماذا تثار هذه الملفات فقط من رئاسة الجمهورية؟ ليس بوسع الرئيس إثارة كل الملفات، لذلك على المسؤولين السير على نفس خطوات الرئيس ولا ننتظر أو نكتفي فقط بتحركاته، على سبيل المثال، ملف “هنشير الشعال” نحن من قمنا بإثارته في البرلمان وتحديدا لجنة الفلاحة، ما أردت قوله هو يجب تقاسم المسؤولية والأدوار في إدارة هذا الملف بين رئيس الجمهورية والوزراء من خلال إتباع نفس التمشي في المراقبة والمتابعة.
هل يمكن أن تؤدي تسوية هذا الملف إلى تحقيق نتائج هامة وأن يدر على البلاد عائدات هامة يمكن استغلالها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية؟
طبعا ممكن ذلك، موضوع “هنشير الشعال” مثلا بعد إثارته من طرف رئيس الجمهورية وقع إحالته على النيابة العمومية وصارت تتبعات والحكومة تفكر حاليا في كيفية إعادة الاستثمار فيه لاسترداد حجم إنتاجه السابق وحاليا يشهد حركة نشطة.
صحيح الإجراءات طويلة فيما يخص معالجة ملفات الفساد وذلك لأنها تستوجب تحملا المسؤوليات لإرجاع الأمور إلى نصابها، ونتعقد أنه يجب مراجعة بعض القوانين المعطلة حتى تسترجع المؤسسات الإدارية بريقها وتساهم في تسهيل إدارة هذا الملف وبالتالي التسريع في تحقيق النتائج مثل الأمر المنظم للصفقات العمومية وهو من النصوص القانونية التي يجب مراجعتها في أقرب وقت لأننا في وضع استثنائي بسبب الوضعية المالية الصعبة، ونحتاج إلى إجراءات استثنائية مثل السماح للمسؤولين بالمبادرة وعدم تكبيلهم ورفع القيود عنهم للأخذ بزمام الأمور والتسريع في إصلاح الأوضاع.
كيف يمكن دعم الدور الاجتماعي للدولة في ظل نقص الموارد المالية والأزمة الاقتصادية؟
الدور الاجتماعي للدولة لا يجب أن ينحصر في جانبه المادي فقط، بل علينا التشجيع على إحداث مواطن شغل وهو ما نعمل عليه حاليا في قانون الميزانية الجديد من خلال دعم تمويل المؤسسات الصغرى، وخلق خطوط تمويل ميسرة لفائدة حاملي الشهادات أو العائلات المعوزة للحصول على قروض بشروط سهلة، وهو من شأنه أن يساهم في توفير فرص عمل وخلق ثروة للدولة، وبالتالي تعزيز دورها الاجتماعي أكثر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس