آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. شكلت العلاقة بين الغرفتين التشريعيتين في تونس، مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للأقاليم والجهات، محور اهتمام وأنظار المراقبين والمتابعين لاختبار مدى النجاح في التزام كل غرفة بمهامها وصلاحياتها تجنبا للتداخل والصدام، والعمل المشترك على تلبية احتياجات المواطن.
وأكد أسامة سحنون مساعد رئيس المجلس الوطني للأقاليم والجهات في حواره مع “أفريقيا برس” أن “مجلس الأقاليم ليس في صراع مع البرلمان وأن مهامها محددة ومحسومة وفق الدستور”، لافتا إلى “ضرورة اتساق عمل الحكومة مع سياسة التغيير التي ينتهجها الرئيس قيس سعيد والتفاعل معها بشكل أكبر”.
وأعتبر أن “الحوار الوطني الذي راج الحديث عنه مؤخرا لا يجب أن يشمل الأطراف التي شاركت في “العشرية السوداء”، وفق تعبيره، كما يجب أن “ينبني وفق شعارات 25 جويلية”، مؤكدا “المواصلة على تحقيق أهدف هذا المسار من خلال التكامل والتعاون بين السلطة التنفيذية والتشريعية”.
وأسامة سحنون هو مساعد رئيس المجلس الوطني للأقاليم والجهات، وعضو المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.
تقول الرئاسة التونسية أن مهمة الدولة الأولى هي تحقيق الاندماج، وما مجلس الأقاليم والجهات إلا طريقة لذلك حتى لا يتم تهميش الشعب في المجال الاقتصادي والتنمية، برأيكم كيف يمكن النهوض بالتنمية في تونس والوصول إلى هذه الأهداف رغم الصعوبات الاقتصادية؟
تقوم فلسفة الدستور الحالي على فلسفة ثنائية الغرفتين، أي مجلس نيابي يقوم على غرفتين وهما: مجلس نواب الشعب، والمجلس الوطني للأقاليم والجهات، والدور الأساسي والمحوري لمجلس الأقاليم حسب نص الدستور وتحديدا الفصل 85، هو أن يختص المجلس في النظر في مخططات التنمية وبقية المجالات.
وعند الحديث عن مخططات التنمية ومدي أهميتها، نرى أن المخطط التنموي الجديد يجب أن يقطع مع كل المخططات السابقة، كما يجب أن يرتكز على العدالة بين الجهات، وعلى تحقيق الشعارات المركزية للثورة وهي الشغل والكرامة الوطنية والحرية، وفيما يخص ملف الشغل فنرى أنه علينا مزيد من تدعيم الدولة في خلق مواطن شغل للعاطلين، وفي تحقيق الهيمنة على المفاصل الاقتصادية الكبرى، نحن مازالت نؤمن بقدرتنا على بناء دولة منتجة ومصنعة، وبالنسبة للكرامة الوطنية فهي تتمثل في قدرتنا على توفير الصحة والتعليم المجاني والعصري والمتطور ونقل محترم يلبي حاجيات الشعب، في حين لا يجب أن تعزل الحرية عن سياقها في السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني، ولا يمكن الحديث عن استقلالية القرار الوطني، إلا بتجاوز الصعوبات الاقتصادية وتحقيق النهوض الاقتصادي.
ما هو تقييمكم لمشروع القانون المعروض حاليا على طاولة البرلمان بخصوص صلاحيات مجلس الأقاليم والجهات، هل سيكون في مستوى آمالكم كنواب عن مجلس الأقاليم أم سيقع تقويض صلاحياته؟
بالنسبة للمجلس الوطني للأقاليم والجهات فإن صلاحياته قد حسمت في نص الدستور، وأيضا وفق المرسوم عدد 1 سنة 2024 الصادر في 13 سبتمبر الماضي، وقد حسم هذا المرسوم العلاقة بين الغرفتين، وينظم هذا مشروع القانون المعروض حاليا على البرلمان عمل الجماعات المحلية، لأن الفصل 133 من الدستور ينص على أنه تتمتع بصفة الجماعة المحلية كل من مجلس الأقاليم ومجلس الجهات والمجالس البلدية.
ومن الخصوصيات الأساسية للجماعات المحلية هي الاستقلالية المالية والعمل من خلال مبدأ التشاركية ومبدأ التدبير، وفي رأيي هو قانون يلبي الحاجيات، لكن في المقابل قانون بهذه الأهمية لا يجب أن يختصر على 12 عشر فصلا فقط، كما يتطلب مزيد التدقيق في فصوله وفي المهام المحددة وخاصة النزاع بين هذه المجالس، خاصة بين المجالس المحلية والبلدية لأن المجال الترابي بين المجالس البلدية والمحلية تقريبا متشابهة.
ذكرت في تصريح أنكم كنواب عن مجلس الأقاليم بأنكم “لستم في صراع مع البرلمان”، في حين يحمّل خبراء مسؤولية التداخل في المهام إلى القانون الخاص بالمجالس المحلية باعتباره غامضا وغير محدد لمهامها، هل تؤيد ذلك؟
طبعا لسنا في صراع مع الغرفة الأولى، لأن نص الدستور حسم كل إمكانية صراع أو خلاف بيننا، وهو مشروع يخص بقية الجماعات المحلية، لكن فيما يخص المجلس الوطني للأقاليم والجهات ومجلس نواب الشعب فقد حسم دستور اختصاصهما باعتبارهما غرفتين تشريعيتين، كما حسم أيضا طرق فض النزاع فيما بينها، ونحن نعمل ضمن هدف واحد هو خدمة الشعب التونسي وتلبية متطلباته، ونحن نعي جيدا دقة هذه المرحلة وخطورتها، وعازمون على الانتصار لشعارات 25 جويلية، وتحقيق أهداف هذا المسار من خلال التعاون والتكامل مع الوظيفة التنفيذية، ونحن في غنى عن أي تصادم معها.
هل تعتقد استجابة السلطة لدعوات الحوار والمصالحة الوطنية مع كل الفرقاء السياسيين لأجل إيجاد حلول مشتركة للبلاد دون استثناء أي طرف؟
سأجيب عن هذا السؤال ليس كصفتي نائب بمجلس الأقاليم بل كعضو مكتب سياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، نحن نرفض أي حوار مع أطراف تورطت في الدم، ومع من كانوا جزءا من “العشرية السوداء”، وخلافا لهذا نحن منفتحون على كل حوار، ويجب أن يكون الحوار مع شخصيات وطنية صادقة ومؤمنة بالشعارات التي أنبنى عليها مسار 25 جويلية.
كيف تقيمون سياسة الرئيس قيس سعيد بعد الانتخابات وتأثيرها على الوضع الداخلي؟
سياسة رئيس الجمهورية بعد الانتخابات تتسم بمتابعة يومية وحينية لكل الملفات وللمشاريع المعطلة من خلال زيارات ميدانية وتنقلات، وهنا نلحظ قيامه بمجهود كبير، لكن فيما يخص بقية مكونات السلطة التنفيذية من وزراء وولاة فعليهم التفاعل أكثر وبذل مجهود أكبر، وحسب اعتقادي يجب أن تكون الحكومة مؤمنة بسياسة التغيير وساعية نحو سياسية التغيير التي ينتهجها الرئيس، لا نريد حكومة تكنوقراط وخبرات فقط، نريد حكومة متشبعة بسياسة التغيير، وسياسة تونس الجديدة بعد 25 جويلية.
كنائب مكلف بالعلاقات مع الوظيفة القضائية والهيئات الدستورية، لماذا تأخر تركيز المحكمة الدستورية إلى الآن رغم خطورة غيابها على المشهد السياسي في تونس؟
الدستور ينص على ضرورة تركيز المحكمة الدستورية وضبط تركيبتها، وفي هذا ننتظر القانون الذي سيصدر لتركيز المحكمة، وهي هيئة دستورية مهمة ومهمة جدا خاصة أنها جهاز مخول بفض النزاعات الدستورية، والجهاز الوحيد المخول لتأويل الدستور وقراءته، ونأمل أن تكون لدينا محكمة دستورية في أقرب الآجال.
ما رأيكم في انتقادات المعارضة للقضاء التونسي بأنه مسيس وراضخ للسلطة التنفيذية، وهل تتوقع الاستجابة للدعوات المطالبة بمحاكمات علنية للموقوفين السياسيين فيما يعرف بقضية التآمر؟
فيما يخص الدعوات لعلنية الجلسات فقد نظم ذلك القانون، نحن لا نتدخل في عمل السادة القضاة، هم من يحددوا سير جلستهم، ولهم القرار في أن تكون الجلسة علنية أو مغلقة، وفيما يخص المحاكمات المتلفزة فقد اختبرنا هذه التجربة بعد 2011 وكانت أشبه بفلكلور، ولا أرى أن هناك داعيا لتكون هذه المحاكمات علنية خاصة أنها قضايا تخص أمن الدولة، وفيما يخص الانتقادات التي تطال القضاء، فيجب التذكير أنه لدينا دستور ينص ويسعى ويؤسس للفصل بين الوظائف التشريعية والقضائية، مع ذلك لمزيد تدعيم استقلالية القضاء يجب التسريع في تركيز المجلس الأعلى للقضاء.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس