أفريقيا برس – تونس. اعتبر سرحان ناصري رئيس حزب التحالف من أجل تونس في حواره مع “أفريقيا برس” أن عدم تشريك الأحزاب المؤيدة لـ 25 جويلية أبرز نقائص هذا المسار، حيث حان الوقت لتشركيها والإصغاء لرؤاها للخروج من الأزمات التي ترزح تحت وطأتها البلاد.
ورأى ناصري أن سياسة الدولة مازلت غير ناجعة في مواجهة أزمة الهجرة التي زادت وتيرتها مع ارتفاع عدد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء بالبلد، وفي تقديره فإن استفحال هذه الظاهرة تستوجب على السلطات تشديد مراقبة الحدود التونسية والتفاوض مع الدول الأفريقية لبحث سبل إعادة جاليتهم في كنف الاحترام التام لحقوق الإنسان.
وسرحان ناصري هو رئيس حزب التحالف من أجل تونس وهو أحد الأحزاب المشاركة بالبرلمان الحالي، وقد سبق له أن شغل منصب مستشار وزير الشباب والرياضة سنة 2015.
حوار آمنة جبران
كيف تقيم تصريحات المعارضة لمسار 25 جويلية حول أزمة المهاجرين الأفارقة في تونس؟
أي قرار يتخذه رئيس الجمهورية تعتبره المعارضة سواء من أحزاب سياسية أو حتى من منظمات حقوقية قرارا خاطئا، وقد استغل هؤلاء ملف الأفارقة على أساس أنه ضرب لحقوق الإنسان وضرب للمهاجرين الذين يطالبون بالمكوث في تونس أو الاستيطان فيها، بالنسبة لهم أي نقطة يتخذها رئيس الجمهورية تعتبر خطأ، لذلك هم يؤججون الرأي العام المحلي وحتى الدولي ضد قرارات رئيس الجمهورية أو سياسة الدولة تجاه المهاجرين غير الشرعيين.
المهاجرين غير الشرعيين وجودهم في تونس غير قانوني، ولا يعني ذلك أن هناك موجة لضرب حقوق الإنسان بالبلد أو عدم احترام الذات البشرية وأنه في الفترة ما قبل 25 جويلية وحتى ما قبل حكم قيس سعيد كان المهاجرون ينعمون بالعيش في تونس، نحن نعلم أن جزء كبير من المهاجرين يريدون أن تكون تونس نقطة عبور للمرور للاتحاد الأوروبي عن طريق الأراضي التونسية، لكن هناك نسبة كبيرة أيضا يريدون المكوث فيها من خلال ولاداتهم الكثيرة وهي برأينا مرحلة للاستيطان وأخذ تونس كمنطقة للعيش في الفترة القادمة، لذلك هذه المنظمات تريد أن تضرب باب الحقوق والحريات في تونس من خلال مهاجمتها لرئيس الجمهورية ولسياسة الدولة في مجابهة هذه الكارثة بوجود مواطنين غير شرعيين موجودين على التراب التونسي.
هل تعتقد أن إدارة الرئاسة والحكومة لملف الهجرة ناجعة؟ وماهو الحل في تقديرك لتجاوز الأزمة التي استفحلت مؤخرا؟
لا نرى أن سياسة الرئاسة والحكومة في ملف الهجرة ناجعة إلى حد الآن، باعتبار أن الأفارقة غير الشرعيين وغير النظاميين مازالوا موجودين في تونس وفي ولاية صفاقس على سبيل المثال مازالوا موجودين في الأحياء، وعلى رغم التضييقات التي قام بها مواطنون منذ أيام لإخراجهم من المدينة ومطالبتهم بترحيلهم من قبل السلطات، لكن مع ذلك كانت لهم عودة في الفضاءات العامة بكثرة.
بالنسبة للدولة تتحمل مسؤولية كبيرة في ذلك من خلال السماح لهم بالدخول عن طريق الحدود البرية والبحرية لتونس في الفترة الماضية، كان على الدولة عدم السماح لمن ليس له وثائق أو وجود قانوني من المرور من الحدود والدخول إلى صفاقس أو بقية المدن والاستقرار فيها، هنا المسؤولية تتحملها السلطة التونسية، كان عليها التعامل معهم بكل حذر وكل صرامة منذ البداية، اليوم وجب على الدولة إيجاد الحلول القانونية والتي تحترم أيضا حقوق الإنسان وحقوق الذات البشرية في تعاملها مع الأفارقة غير الشرعيين الموجدين في البلد.
وفي تقديري الحلول تكمن أولا: في حماية الحدود وحراسة الحدود التونسية وليس الحدود الأوروبية أي الحدود مع الجزائر والحدود الليبية وعلى طول الشواطئ التونسية الساحلية، والتأكيد على عدم إدخالهم إلى تونس والتعامل مع دول الأفريقية حتى يقع ترحيل جالياتهم ومواطنيهم بكل احترام وبطريقة صحية.
ماهو تقييمك لأداء البرلمان التشريعي والرقابي إلى حد الآن وخاصة كتلة لينتصر الشعب التي يشارك فيها حزبكم حزب التحالف من أجل تونس بعدد هام من النواب؟
بالنسبة لنا لم نرى بالبرلمان أي انجازات أو تشريعات وقع سنها إلى حد الآن، وهذا يعود إلى عدم انتخاب مجلس الجهات والأقاليم، نعلم جيدا أن البرلمان لا يمكن تسلم وظيفته كاملة إلا بوجود هذا المجلس، نرى أيضا بعض النواب الذين لم يتعلموا الدروس من البرلمانات السابقة وانحدروا إلى المقايضات والمال الفاسد حتى يقع تشكيل بعض الكتل.
وبالنسبة لنا قد انصهر في البداية مجموعة من النواب من حزبنا حزب التحالف في كتلة لينتصر الشعب لكن للأسف وقعت التفرقة بينهم وانقسموا بين العديد من الكتل، رأينا برلمان جديد بقوانين جديدة لكن بقيت نفس ممارسات البرلمانات السابقة، وهنا دعوة إلى رئيس البرلمان أن يطبق القانون بكل صرامة، كذلك دعوة إلى النواب بما فيهم النواب المنتمين إلى حزبنا أن يتحملوا كلهم مسؤولياتهم أمام الانتظارات الكبيرة للشعب التونسي.
هل برأيك البرلمان اليوم متوافق وفي حالة انسجام بين أعضاء كتله، وهل سينجح في تغيير الصورة السلبية التي كانت سائدة عنه قبل 25 جويلية؟
إلى حد الآن لم يرينا البرلمان أي شيء ايجابي خاصة فيما هو علاقة بسن التشريعات وهي الوظيفة الأساسية للدولة، لازلنا ننتظر أن يتحمل البرلمان مسؤوليته، الشيء الوحيد الذي تغير هو مشاهد العنف اللفظي والجسدي التي كانت بالبرلمان السابق المستباح، لكن هذا لا يعني أن البرلمان اليوم قد انطلق في القيام بواجباته وتحمل مسؤولياته.
وبخصوص محدودية صلاحياته نحن لا نراها محدودية للصلاحيات نحن نراها إصلاحا للمجال الذي يعمل به البرلمان ولصلاحياته، البرلمان مهمته معروفة وهي التشريع والرقابة وهي مكفولة بالدستور الجديد، الصلاحيات التي سحبت من البرلمان والتي أثارت حفيظة عديد من السياسيين والنواب هي الخاصة بسحب أو إعطاء الثقة للحكومة، كلنا نعلم أن البرلمانات السابقة هي من تعطي الثقة للحكومة أو تسحبها وهناك كانت المتاجرة بالحقائب الوزارية والمتاجرة بالاستقرار الحكومي وهذا ليس عمل البرلمان، نحن اليوم في نظام رئاسي فيه سلطة تنفيذية منضوية تحت رئاسة الجمهورية والبرلمان دوره الطبيعي هو التشريع والرقابة، بالنسبة للتشريع هذا ما يقوم به اليوم، وبالنسبة للأصوات التي تقول أن البرلمان ليست له سلطة رقابية ، نرى في المقابل كيف بدأ الوزراء في حكومة نجلاء بودن بالذهاب إلى البرلمان في جلسات مسائلة وطرح أسئلة عليهم، لذلك فالدور الرقابي والتشريعي للبرلمان مكفول.
لماذا وصفت مبادرات الإنقاذ في تونس بكونها ولدت ميتة ومنقوصة في حين تعمل المنظمات والأحزاب على توحيد رؤاها وتقديم حلول للخروج من الأزمة؟
بالنسبة للأحزاب التي قدمت مبادرات هي الأحزاب المكونة لجبهة الخلاص المعارضة وهي ضد مسار 25 جويلية ومن حقهم أن يتحالفوا ومن حقهم أن يقدموا مبادرات، لكن هذه المبادرات خلقت ميتة لأنها ضد رغبة الشعب التونسي في القطع مع الإخوان والعشرية السابقة، كانت مبادرتهم كلها تنحصر في عودة البرلمان السابق وعودة حركة النهضة إلى الحكم هذه هي المبادرات التي قدمتها جبهة الخلاص.
بالنسبة لمبادرة المنظمات الوطنية كنا مرحبين بها، لكن حين نرى اتحاد الشغل وعمادة المحامين والمكونات المجتمعية التي قدمت مبادرة سياسية أقصت منها في المقابل الأحزاب لا يمكن بذلك الحديث عن مبادرة سياسية.. لقد هاجموا رئيس الجمهورية حين أقصى الأحزاب في فترة معينة، لكن هؤلاء في حد ذاتهم قد أقصوا الأحزاب من هذه المبادرة لذلك نعتبرها مبادرة قد خلقت ميتة.
هل مازال للأحزاب السياسية دور في المشهد التونسي؟
نعم بالتأكيد، فالأحزاب تبقى أجسام وسيطة وهي من تقدم برامج ورؤى سياسية، الأزمة الاقتصادية التي نعيشها بعد 25 جويلية سببها غياب الأحزاب عن الجهاز التمثيلي حيث تعد البرامج وتزيح كل ماهو بيروقراطي وتقني وإداري.. الحكومات تؤسسها سياسات عامة للبلاد في المجالات وهذا ما يغيب عن الحكومة الحالية، والأحزاب تبقى دائما قائمة وحقها مكفول في الدستور الجديد في ممارسة العمل السياسي، لكن لا ننكر أنه لا يوجد هناك تنسيق بين الأحزاب والرئاسة وذلك برغبة من الرئيس فهو من يريد ذلك، لكن هذا لا يعني أن الأحزاب ستندثر وستغيب بل ستظل تعمل وستبقى موجودة، بقي أن الواقع والنمط السياسي بالبلاد قد تغير كما أن أغلبية الشعب التونسي لم يعد يرغب في التعامل معها على خلفية نتائج العشرية السابقة من فساد واستغلال نفوذ ومن مصالح حزبية ضيقة، لكن لا يعني مع ذلك أنها ستغيب والدليل على ذلك أنه مازلت هناك أحزاب نشطة وتعمل بالساحة السياسية.
مع مرور سنتان على مسار 25 جويلية هل مازال هذا المسار يشكل رهانا حقيقيا لبناء تونس الجديدة وماهي نقائصه في تقديرك؟
أكيد المسار الذي انطلق في 25 جويلية 2021 لم يكتمل بعد بسبب مخلفات العشرية الأخيرة، فالفساد كان كبيرا كما ذكرت وهو ما يحتاج مزيدا من الوقت، لكن من النقائص هو عدم تشريك القوى السياسية المساندة لهذا المسار وجب اليوم تشريكها، كما أنه انقضت سنتان على تشكيل حكومة بودن وهي حكومة تصريف إداري واليوم صار ملحا جدا إجراء تعديل وزاري وتشريك الشخصيات السياسية التي تتمتع برؤية واضحة والبرامج والاستراتيجيات وأن تكون موجودة في الحكومة القادمة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس