سياسيون وإعلاميون: الحدث السوري يفرض على تونس القيام بمراجعات

47
سياسيون وإعلاميون: الحدث السوري يفرض على تونس القيام بمراجعات
سياسيون وإعلاميون: الحدث السوري يفرض على تونس القيام بمراجعات

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أجمع سياسيون وأكاديميون وإعلاميون خلال ندوة سياسية نظمتها حركة الشعب، في مقرها بالعاصمة تونس، على أن التحولات في سوريا تفرض على السلطة السياسية القيام بمراجعات والتفكير بشكل جماعي لتحقيق مناعة وطنية حقيقية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

وأكد هؤلاء إلى الحاجة لتأسيس جبهة داخلية قوية وتعزيز الوحدة الوطنية للتوقي من المخاطر المحتملة جراء التحولات بالمنطقة، خاصة في ظل التوقعات بعودة المقاتلين التونسيين التابعين لداعش إلى البلد، بعد مغادرتهم السجون السورية أعقاب سقوط النظام.

وأشار النائب محمد علي أنه على “النظام أن يعي وأن يكون على قناعة بأنه لا يمكنه التصدي لمثل هذه التحديات بمفرده”. ودعا القوى السياسية إلى “ضرورة التفكير في تصورات، والعمل على تشكيل جبهة سياسية داخلية تستشعر خطورة ما يقع في المنطقة، والبحث عن حلول مشتركة”.

ورأى أن هناك “خنق كبير للمسألة السياسية والحقوقية في تونس، وأن الوقت قد حان للخروج من مناخ التضييق”، معلقا” قد تستغل أذرع الفتنة هذا المناخ لتقويض الاستقرار ببلدنا، وهو ما علينا أن نحذر منه”. وأبدى أسفه لـ”ضعف الدبلوماسية التونسية مقارنة بدبلوماسية الدول المجاورة، حيث لا تبدو الدبلوماسية التونسية واضحة في التعاطي مع الملفات الخارجية”. وأردف “لا يمكننا القيام بخطوات حمائية دون دبلوماسية قوية”.

وبين إعلاميون أن مراجعة السلطة لتعاطيها مع المسألة الحقوقية والقانونية بات ملحا، وأن عودة الحراك السياسي والحزبي والديمقراطي، يقي من الصراعات الداخلية وبالتالي تحقيق القوة والتماسك التي تحتاجها الدولة في ظل ما يشهده العالم من ترتيبات جديدة. وحسب وصف الإعلامي محمد اليوسفي فقد “وقع قتل السياسي في تونس الذي بات صوته ضعيفا، لكننا لا نريد أن نصل إلى مرحلة موت السياسة”، وفق تعبيره.

وشرح بالقول “قتل السياسة يعني التأثير على دور كل الأجسام الوسيطة من أحزاب ومنظمات ومجتمع مدني، وبالتالي التأثير على النقاش العام وعلى المسار الديمقراطي ككل”. وفيما اعتبر أن “أجسام الدولة في حال صدمة مما يحدث في سوريا والمنطقة، لكن مع ذلك لم تفتح الدولة الباب أمام النقاش العام، حيث أن الخطاب الرسمي في واد، والواقع السياسي المحلي والدولي في واد آخر”، وفق تقديره. ولفت إلى أن “الحدث السوري يدعو إلى مراجعات موضوعية ونقدية، خاصة أن وصول الجولاني إلى الحكم لا يبشر بمشروع ديمقراطي، مستحضرا “تجارب حكم الإسلام السياسي ونهاياتها المريرة”.

وبينما تحبس تونس أنفاسها بسبب فرضية توجه ليبيا إلى التطبيع خاصة أن هناك صفقة تطبيع تدبر في هذا الاتجاه وفق ما كشفته تقارير إعلامية مؤخرا، وعلى الرغم من المخاوف الأمنية من إمكانية عودة المقاتلين إلى البلاد خاصة أن التطورات في المنطقة تدفعهم إلى ذلك، لكن مع ذلك تتجاهل السلطة الحديث عن هذه المسائل وطرحها أمام الطيف السياسي على طاولة حوار مشتركة، وفق ما ذكره اليوسفي.

وحسب اليوسفي فإن “تونس تحتاج إلى العودة إلى تفكير جماعي وقبول الرأي الآخر حتى نؤسس لمناعة وطنية حقيقية”. كما أن “العودة إلى المسألة الديمقراطية ضرورية لبناء مجتمع متماسك ودولة قوية”. ورأى أن “دور الإعلام مهم جدا في تفكيك التحديات المطروحة في المنطقة، حيث هناك حاجة إلى فهم واستيعاب ما يحدث، إضافة إلى الحاجة إلى إعلام مقاوم وصحافة مقاومة في مواجهة المشاريع المستبدة”. وأردف “من المهم كذلك الخروج من الفكر الشعبوي ونظرية المؤامرة والتفكير بأكثر عقلانية وواقعية”.

وتتزايد فرص التطبيع مع الكيان الصهيوني بعد سقوط النظام السوري الذي يعد من أهم داعمي المقاومة في المشرق العربي، وذلك بعد نجاح الجماعات المسلحة في الوصول إلى الحكم. وسيمنح هذا التغيير في الملف السوري إسرائيل فرصا لمزيد من التوسع، كما سيسمح للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب ممارسة الضغط على حلفائها بالمنطقة لفرض شرق أوسط جديد ترغم فيه دول المنطقة على التطبيع مقابل السلام.

وتوقع الأكاديمي والمحلل السياسي طارق الكحلاوي أن “تكون هناك ضغوط شديدة على كل دول المغرب العربي وعلى تونس في ملف التطبيع، خاصة من قبل الدول الخليجية”. وتابع “ستمارس السعودية التي تقدم دعما ماليا سنويا إلى تونس ضغطا في هذا الاتجاه، إضافة إلى تحركات الدولة العميقة الفرنسية في تونس والجزائر، كما لا ننسى دعم الحكومة الإيطالية لترامب”.

وأبرز أنه “مع تراجع الكيانات التي تواجه وتتصدى للكيان الصهيوني في ظل الخسائر التي حلت بالمقاومة مؤخرا في سوريا ولبنان، فإن سيناريو التطبيع بات يهدد الدول العربية”. وأشار إلى أن “الطرف الإيراني ليس له نفس التصور في تناول مفهوم المقاومة وهو ما كشفته المستجدات الأخيرة، وبالتالي يجب إعادة النظر في الدور الإيراني في هذا الصدد”.

وبرأيه “ستعمل تونس على تخفيف موجة التطبيع التي ترفضه وتدينه بشدة، لكن سنكون أمام أربعة سنوات صعبة في ظل حكم ترامب ودعمه لإسرائيل، وممارسته الضغط على حلفائه من الدول العربية في هذا الاتجاه”. واعتبر الكحلاوي أن “الوحدة الوطنية التي يتحدث عنها الرئيس قيس سعيد غير كافية في مواجهة التحديات، وهي هشة في ظل غياب التوافقات بين الأطراف السياسية وحتى داخل الأطراف المساندة والمؤيدة لتوجهاته”. وشدد على ضرورة “إيجاد أرضية سياسية للتلاقي في مواجهة مخطط التطبيع، وتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ المنطقة”.

وبالنسبة للأكاديمي عابد الزارعي فإن “المنطقة العربية ككل إزاء سايس بيكو جديدة بهدف تحقيق مشروع الدولة اليهودية”. وفي معرض رده عن سؤال “ماذا يعد للمغرب العربي ويرتب له بعد التحولات الجارية في سوريا”، أجاب بالقول “القضية مرتبطة بأطروحة التقسيم وسعي الغرب إلى عودة العرب إلى الخرائط القديمة في الجزيرة العربية وفي المشرق وفي المغرب العربي، فالعودة إلى الخرائط القديمة هدف الكيان الصهيوني لتحقيق التوسع، والتقسيم هو وسيلته للوصول إلى هذه الغاية”. وخلص بالقول “رغم كل هذه التحديات، فإن الحلقة الفلسطينية قادرة على جمع فتات وشتات الأمة، وهي بلا شك نقطة ضعف المشروع الصهيوني”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here