حوار آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبر القيادي في حزب البعث صهيب المزريقي في حواره مع”أفريقيا برس” أن”حكومات ما بعد 25 جويلية لا ترتقي إلى مستوى تطلعات الشارع وللأهداف الكبيرة التي آمن بها التونسيون”، لافتا إلى “ضرورة أن يكون هناك تماه واتحاد بين السياسات التي يضعها رئيس الجمهورية وبين السلطة التنفيذية لأجل تحقيق البرامج وتطبيق الإصلاح والأهداف المنشودة”.
وأشار إلى أن “حزب البعث دعا مؤخرا الرئيس قيس سعيد إلى الانفتاح على القوى الوطنية لصياغة مشروع وطني متكامل وتأسيس مرحلة جديدة قوامها البناء والتغيير الجذري إلا أن مسألة قبول الدعوة من عدمها تبقى بيد الرئيس”، وفق تعبيره.
وصهيب المزريقي هو قيادي بحركة البعث التونسية، وعضو هيئة الحوار الوطني لصياغة الدستور.
كيف سيرتب الرئيس قيس سعيد مشروع العهدة الثانية في ظل ما تعيش البلاد من مشاكل ونقائص عديدة في كل القطاعات حسب تقديرك؟
ترتيب العهدة الثانية لابد أن يكون وفق منطق التفكيك وإعادة البناء لأن ما حصل لأكثر من عشر سنوات بعد الثورة من فساد وتخريب المؤسسات العمومية بهدف التفويت فيها وتفجير الدولة عبر تجزئتها دستوريا وتضارب الصلاحيات بين السلط ما جعل البلاد تدخل في نفق المحاصصات الحزبية التي تقدم على حساب الدولة والشعب هو ما أدى بالضرورة إلى التأزم الإقتصادي وتراجع مستوى النمو وارتهان الدولة التونسية لقوى أجنبية، أكثر من ذلك ذهبت الطبقة للحاكمة في تونس إلى تتريك الدولة وإخضاعها للاقتصاد العثماني، وجعلها إيالة عثمانية استهلاكية للسلع التركية، فالأولى في هذه المرحلة هو تفكيك الخراب المتراكم وضرب رؤوس العابثين بالدولة ومقدراتها ثم إعادة البناء وفق تمشي مدني تشاوري برؤية وطنية تضمن الحقوق والحريات وكرامة المواطن واستمرارا لأهداف الثورة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية وإرساء دولة العدالة الاجتماعية، وإن كانت موارد الدولة ضعيفة إلا أن تأميم الثروة ومضاعفة الإنتاج وتنظيمه بعيدا عن مسالك الفساد وتوزيع الأرباح بطريقة عادلة هو الكفيل في تركيز دولة اجتماعية.
هل تعتقد أن هناك عدم تماهي بين السياسات التي يريد رئيس الجمهورية ضبطها لتحسين الأوضاع وبين السياسات التي تفرضها الحكومة؟
هو الأصل أن تكون الحكومة منفذة لسياسات رئيس الجمهورية كوظيفة تنفيذية بعد عرض الأخير لبرنامجه الاقتصادي والاجتماعي أمام البرلمان وفق ما نص عليه الفصل 100 من الدستور وعليه لابد أن يكون هناك تماه في تنفيذ البرنامج الذي ضبطه رئيس الجمهورية، ولكن قد يحصل اختلاف بين خطابات رئيس الجمهورية وعمل الفريق الحكومي وذلك عند تحويل الخطاب إلى منجز وتفكيكه إلى واقع مثلا في الضغط على المالية العمومية عند التوجه لتنفيذ الدور الاجتماعي للدولة، مع ذلك لا ترتقي الحكومات المتعاقبة بعد 25 جويلية إلى حد هذه اللحظة لمستوى تطلعات الشعب وللأهداف الكبيرة التي آمن بها الشعب.
حزب البعث دعا الرئيس مؤخرا للانفتاح على كل القوى السياسية، هل ستستجيب السلطة لهذه الدعوات؟
نعم كنا قد دعونا رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذا الشهر إلى ضرورة الإنفتاح على القوى الوطنية لصياغة مشروع وطني متكامل تصيغه كل القوى الحية والتي لم تتورط في العشرية السوداء لا من قريب ولا من بعيد في أن تكون سببا في ما وصلت إليه تونس من أزمة إقتصادية مركبة بهدف تجاوزها والتأسيس لمرحلة جديدة قوامها البناء والتغيير الجذري، لأن حزب البعث في أدبياته لا يؤمن بالإصلاح الفلوكفوري ولا التجميل بمساحيق الأسواق الليبرالية التي تزول بمجرد سطوع الشمس عليها بل بالتغيير الراديكالي بهدف إرساء طبيعة نظام جماهيري يكون فيه الظاهر تعبير عن الباطن، وأما مسألة قبول الدعوة من عدمها يتحملها رئيس الجمهورية لأن حزب البعث ليس هو من يحكم ولا هو من يضع الخيارات، حزب البعث هو حزب عرض تصوراته ورؤيته وهذا المطلوب من المؤسسة الحزبية والقبول والرفض ليس الحزب هو المسؤول في ذلك.
ما هو تقييمكم لجهود الرئاسة التونسي في معركة الفساد خاصة بعد فتحه مؤخرا ملف الفساد بالقطاع الزراعي، هل سيراهن عليه في هذه المرحلة خاصة أنه مفتاح رئيسي من مفاتيح التنمية بالبلد؟
أولا نحن نثمن مقاومة الفساد حينما تكون حملة مدروسة ومشفوعة بوسائل حلول للمؤسسات مع محاكمات عادلة وفق ما ينص عليه القانون وحملة مقاومة الفساد التي تشهدها تونس اليوم هي مطلوبة في ذاتها بل ولابد من تعميمها على كل المجالات دون هوادة مع الفساد والفاسدين مهما كانت أسماءهم وانتماءاتهم لأن مصلحة الدولة وأمنها القومي فوق كل اعتبار و”هنشير الشعال” و”ضيعات النفيضة” وغيرهم هم من الأمن القومي الفلاحي الذي وجب المحافظة عليه خاصة بعد سنوات جائحة كورونا وتراجع إنتاج الحبوب والخضر ومحدودية الإنتاج وارتفاع أسعارها، والفلاحة هي ركيزة أساسية في السيادة الغذائية وتقييم مكافحة الفساد يكون بالخواتيم والنتائج أما الوسائل فهي أداة للمكافحة نثمنها ونرجو أن تكون ذات فاعلية وجدوى في سبيل إرجاع أموال الشعب المنهوبة.
ما هي رسالة الرئيس سعيد من خلال زيارته المفاجئة للمدن أو إلى الزياتين الزراعية، هل أراد أن يطمئن الناس أن المعركة ضد الفساد جدية ولا ترتبط بحملة رئاسية أو بولاية رئاسية؟
رسالة رئيس الجمهورية عبر الزيارات الفجائية تتمحور بالأساس بوعي قيس سعيد بحجم الفساد المستشري، وأنه لا يحل إلا بالمقاومة والقانون والسير القضائي وأن تونس هي دولة قانون ومؤسسات لا دولة عائلات وشخوص نافذة، وأيضا أعتقد أنها جاءت لتبرهن أنها ليست مجرد شعارات انتخابية ووعود حملات انتخابية تنتهي مع يوم الاقتراع خاصة ونحن قد شهدنا شعار مكافحة الفساد والذي رفع سابقا بأياد فاسدة ووجوه مدافعة عن الفساد على غرار رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، زد على ذلك أن استرداد أملاك الدولة ممكن أن يكون حلا جزئيا في تعبئة موارد الدولة، بمنعى أن تحركات الرئيس هدفها ضمان حياة كريمة ولائقة في دولة قوية وعادلة.
ما رأيك في مقترحات القوانين بالبرلمان التي أثارت الجدل مؤخرا مثل الهجرة مقابل المال الخاص بالكفاءات؟
الأصل أن يتم النقاش في كيفية احتضان أبناءنا من الكفاءات العلمية وتحصينها وخلق مجالات للإبداع في تونس وأن نحافظ على ثروتنا البشرية والعقلية المعرفية، أما التكلم عن فرض رسوم مالية من أجل الهجرة في ظنهم أنها ستحد من هجرة الأدمغة فهذا ضرب من العبث لأن المشغل أو الشركة والمصحة التي تنتدب أبناءنا لن تثنيها تلك الضريبة بل حتى أبناءنا أيضا، زد على ذلك هو ضرب لحق كوني وهو حرية التنقل المنصوص عليه دستوريا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس