صهيب المزريقي لـ”أفريقيا برس”: حكومة بودن لم تكن في مستوى لحظة 25 جويلية

60
صهيب المزريقي لـ
صهيب المزريقي لـ"أفريقيا برس": حكومة بودن لم تكن في مستوى لحظة 25 جويلية

أفريقيا برس – تونس. اعتبر صهيب المزريقي القيادي بحركة البعث في حواره مع”أفريقيا برس” أن حكومة نجلاء بودن لم تكن في مستوى لحظة 25 جويلية وذلك بعد عامان من انطلاق هذا المسار، وبرأيه إن حقق هذا المسار مكاسب على مستوى سياسي من خلال تخلص من حرب الصلاحيات بالبرلمان السابق، إلا انه يتطلب تصحيحا على مستوى اقتصادي واجتماعي واستكمالا لمؤسسات الدولة.

وأشار المزريقي أن أوضاع البلد المتردية على صعيد اقتصادي تتطلب تشكل حكومة حرب اقتصادية، كما أن البرلمان أمام لحظة فارقة وهي مسؤولية بناء المستقبل وتأسيس جمهورية جديدة تستجيب لتطلعات الشارع، حسب وصفه.

وصهيب المزريقي هو قيادي بحركة البعث التونسية، وعضو هيئة الحوار الوطني لصياغة الدستور، وله مقالات في الفلسفة و الفكر والسياسة، وقد شارك في تأثيث كتاب صدر من القاهرة في سنة 2019 مع ثلاثة كتاب مصريين تحت عنوان “العقل العربي على سرير بروكرست”.

حوار آمنة جبران

ماهو موقف حركة البعث من اتفاق الشراكة المبرم بين تونس وأوروبا بخصوص أزمة الهجرة مؤخرا، وهل سيحافظ هذا الاتفاق على المقاربة الإنسانية حسب تقديركم؟

أولا حركة البعث كانت قد رأت في أن مسألة الهجرة غير الشرعية هي عملية ممنهجة تهدف للاتجار بالبشر وصارت واضحة للعيان وأصبحت تستهدف بلادنا بشكل متزايد وأن معالجتها لا تتم بالطرق الأمنية فحسب، كما أن ما تطرحه بعض الدول هو محاولة لاستغلال ظروف بلادنا المالية والاقتصادية الصعبة من أجل فرض اتفاقات تجعل من تونس مجرد حارس لحدودها الجنوبية، وكانت حركة البعث قد دعمت التصور الذي قدمته تونس في إطار مقاربة شاملة وعبر مؤتمر دولي تشارك فيه كل الدول المصدرة للمهاجرين والدول التي تمثل مقصد المهاجرين ودول العبور قصد معالجة و إرساء حلول ممكنة ومقبولة وتساهم في تطبيق مخرجاته كل الدول.

وبالنسبة لقراءتنا لمذكرة التفاهم فهي أولا ومن الناحية القانونية ليست اتفاقا ملزما لأنه كما هو معروف الاتفاقيات تمر حتما عبر المؤسسة التشريعية ليتم مناقشتها والاتفاق عليها، والمذكرة لا تتجاوز أن تكون شكل من أشكال حسن النية والاتفاق على المبادئ العامة وأيضا المذكرة كرست السيادة الوطنية كون تونس لن تكون حارسا للساحل الأوروبي ولن تكون لا محطة توطين ولا محطة عبور وهو موقف سيادي قد نصت عليه المذكرة علاوة على المبادلات التجارية و دعم الإقتصاد التونسي و إتاحة فرص إصلاح البنية التحتية للمؤسسات على غرار 48 مدرسة وتمويل المشاريع الصغرى وتسهيل التأشيرات والهجرة للطلبة والعمال، ولدينا مؤاخذات مثلا على نقطة إرجاع المهاجرين التونسيين بطريقة غير نظامية مع أنها اتفاق صادق عليه زين العابدين بن علي بين 1997 وسنة 2003 وتم تأكيدها في سنة 2013 ومن هذا المنطلق ندعو البرلمان في إطار مصادقته على الاتفاقية أن يتم مراجعة هذه النقطة وتعديلها نحو تحسين وضعهم.

في ظل استفحال الأزمة الاقتصادية هل تعتقد انه حان الوقت لتغيير حكومة بودن وتشكيل حكومة سياسية؟

للأسف نشهد اليوم أزمة اقتصادية واجتماعية موروثة ومركبة ومعقدة أيضا بحيث هناك تداخل كبير من ناحية الأزمة و تمظهراتها المتعددة على الواقع المعيش من فقدان للمواد الأساسية وارتفاع أسعارها الجنوني وعودة طوابير الخبز وفقدان الأدوية في المستشفيات بالإضافة إلى استفحال لوبيات الفساد والاحتكار و التهريب وتغول العصابات المتاجرة بآلام وقوت الشعب في مقابل ذلك رأينا حكومة لم تكن في مستوى اللحظة التاريخية ولا في مستوى تطلعات الشعب من مسار 25 جويلية، وبالتالي نحن أمام حكومة خاسرة لحربها وهو ما يستوجب الآن على قيس سعيد تقييم أداء الحكومة تقييما علميا مع مراجعة التعيينات الحاصلة على مستوى جهوي ومحلّي واعتماد معايير جديدة ترتكز على الكفاءة والوطنية والصدق والابتعاد عن التعيين في المناصب بالولاء لأن عملية المراقبة للسلع والمنتجات لا تتم ألا بأجهزة الدولة المحلية والجهوية التي تراقب مسالك التوزيع وتتحمل مسؤوليتها في مراقبة الأسعار وتوفر كل متطلبات الحياة اليومية للشعب التونسي وطبعاً هذا يتم و بالضرورة عبر حكومة سياسية يكون لها تصور سياسي و اقتصادي واجتماعي لأن التكنوقراط يمكن أن ينجحوا في عملية خلق التنفيذ للتصور أما الإستراتيجيات فهي من مهام السياسي وبالتالي أعتقد أن ضخ دماء جديدة في الحكومة أو تغييرها تغيير جذري آن أوانه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه اليوم و تعديل مسار 25 جويلية.

كيف تقيم أداء البرلمان التونسي وأنتم مشاركون فيه بعدد هام من النواب، وهل فقدانه لأحزاب قوية ومعارضة مؤثرة جعل دوره محدودا؟

نعم البرلمان اليوم يزخر بكفاءات أكاديمية متقدمة وجله من أبناء الوظيفة العمومية والقطاع العام وبالتالي نتكلم عن خبرات في مؤسساتهم أضف إلى أنهم مطالبون اليوم بإرجاع ثقة الشعب التونسي في العمل البرلماني وهذا البرلمان هو كسالفه من ناحية الدور التشريعي غير الرقابي ومساءلة الحكومة أو بعض أعضاءها كما نص على ذلك دستور 25 جويلية 2022 و ما صرح به رئيس الجمهورية أثناء لقاءه برئيس البرلمان إبراهيم بودربالة واللذين يقارنون برلمان 2019 و ما سبقه ببرلمان 2023 أظن أنهم لم يعلموا بعد، أن طبيعة النظام في تونس قد تغيرت و تغيرت صلاحيات البرلمان وفق القانون الدستوري وهو ما يجعله اليوم أمام مسؤولية تاريخية جسيمة في ظرف عصيب تمر به مع سائر بلدان العالم وانعكاسات الحرب الروسية- الأوكرانية على الأوضاع العالمية.

والبرلمان الجديد أمام لحظة فارقة وهي مرحلة التأسيس للمستقبل وبناء جمهورية جديدة وبالتالي أعتقد وبعد المصادقة على النظام الداخلي وتركيبة اللجان أصبح البرلمان اليوم مطالبا بالنظر في مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان سواء مبادرات بعض الكتل البرلمانية أو مقترحات الحكومة و مؤسسة رئاسة الجمهورية وهو الأصل في الوظيفة التشريعية و مصادقتها على مشاريع القوانين خاصة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به تونس وهو ما يفرض أيضا صراعا مع الزمن لتأسيس حركة إصلاحية مبنية بالأساس على التقاط اللحظة والتسريع في نسق عمل البرلمان و التوجه لتشريعات وطنية في إطار رؤية علمية وأيضا تناغما مع ما قاله رئيس الجمهورية أننا اليوم في خضم حركة وطنية وهو ما يستوجب حسن التقاط اللحظة من قبل مسؤولين وطنيين وتحويلها لقوانين ورؤى خادمة لتشريعات إصلاحية على غرار العدول على استقلالية البنك المركزي و مراجعة الاتفاقيات التونسية التركية التي أضرت بالإقتصاد التونسي.

كما أن البرلمان الحالي مطالب بأن يكون في مستوى تطلعات الشعب وإلا ماذا سيستفيد الشعب من برلمان يكبل المصلحة الشعبية ويكون حائلا دون النظر في التشريعات والمقترحات وأيضا مطالب بالتوجه لإرجاع الثقة الشعبية قي الوظيفة التشريعية وذلك يمر حتما عبر ملامسة الشعب لمدى انضباط المجلس والتزامه بقضاياه وعلى رأسها الاقتصادية والاجتماعية والدفع بعجلة التنمية نحو التقدم و المرحلة اليوم تتطلب تنازلات كل الأطراف لصالح المصلحة الوطنية العليا والبرلمان اليوم يزخر بنواب متحزبين و معلنين لإنتماءتهم السياسية، وبالتالي هناك أحزاب داخل البرلمان وهناك أيضا معارضة داخل البرلمان وتم تشكيل كتل برلمانية فيها من يتعارض في بعض المبادئ و التفاصيل مع رئيس الجمهورية.

هل ستستجيب برأيك الرئاسة التونسية لدعوات الإفراج عن الموقوفين السياسيين لتخفيف حدة الانتقادات فيما يخص إدارتها لملف الحريات؟

أعتقد أن مسألة الإفراج عن الموقوفين على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة تتجاوز شخص رئيس الجمهورية لأنها مسألة قضائية والقضاء هو المخول الوحيد في البت في المسألة وفق مسار قضائي كامل ينطلق من التحقيق إلى النطق بالحكم و الذي نرجوه اليوم هو أن يكون هناك مسار محاكمة عادل يراعي الشروط الإنسانية وضمان الحقوق الإنسانية و توفير مناخ قضائي عادل، وعلى القضاء أيضا أن يتحمل مسؤوليته التاريخية في التعاطي مع ملف حارق جدا مثل التآمر على أمن الدولة و ووجب أيضا التسريع في الأبحاث و مد الشارع التونسي بالحقيقة التي ينتظرها.

ذكرت في أحد التصريحات أنه على رئيس الجمهورية أن يؤسس لحكومة حرب اقتصادية، ماذا تقصدون بذلك وماهي مقترحاتكم كحزب مشارك بالبرلمان للخروج من هذه الأزمة؟

نعم كنت قد دعوت رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تصحيح مسار 25 جويلية إقتصاديا و اجتماعيا مع الحفاظ على المؤسسات العمومية واعتبارها “خطّا أحمرا” مع العمل على تصحيح مسار 25 جويلية وذلك عبر التركيز على الجانبين الاجتماعي والاقتصادي خاصة وأن لحظة 25 جويلية قامت على هذا الأساس و من هذا المنطلق أعتقد أن حكومة بودن لم تكن في مستوى اللحظة، وبالتالي اليوم لا بد من حكومة حرب اقتصادية تكون غير متسامحة مع المحتكرين و المهربين ولوبيات التجويع وأيضا مدعومة بتصور إستراتيجي ومشروع وطني متكامل يكون مشفوع بالأساس لمشروع مكافحة الفساد ولا يجب أن يقتصر فقط على البعد التشريعي بل يتعدى إلى وضع أساليب ووسائل تنفيذ وتكون أيضا مراقبة لكي نجتنب كل أشكال المحاباة والارتشاء و تصوراتنا عديدة في مجالات مختلفة منها الفلاحة والصناعة والخدمات والطاقة والمناجم وكذلك آليات تحسين مناخ الاستثمار. بالإضافة إلى الإصلاحات الجبائية ومقترحات أخرى تخص الشأن الاجتماعي وتتعلق أساسا بمقاومة الجريمة والانحراف والتكافل الاجتماعي والصحة والرعاية الصحية والتربية والتعليم. وتتمحور كذلك حول ملف التشغيل وآلياته وخاصة خريجي الكليات والمعاهد العليا وملف الأساتذة والمعلمين والنواب.

بمناسبة مرور سنتان على انطلاق مسار 25 جويلية، ماهو تقييمكم لهذا المسار وهل برأيك هذا المسار بحاجة إلى التصحيح حتى يكون بديلا ناجعا للبلاد؟

أعتقد أن كل مسار وكل تجربة سياسية تخضع للنقد والمساءلة التاريخية وإذا كان مسار 25 جويلية قد نجح في بعض المسائل السياسية منها القطع مع برلمان المهزلة ودستور صراع الصلاحيات والتصادم بين الرئاسات الثلاث والقطع مع مشروع تفجير الدولة التونسية من الداخل عبر إستراتيجية كونية كانت استهدفت تونس كما هو الحال مع سوريا، فإن مسار بناء المؤسسات لم يستكمل بعد وكنا قد طالبنا رئيس الجمهورية بضرورة استكمال تركيز المؤسسات الدستورية على غرار المحكمة الدستورية لأنها ضرورة قبل التوجه للانتخابات لأنها قد تبطل المحكمة الدستورية مثلا القانون المنظم أو الداعي للانتخابات وبالتالي نجد أنفسنا قد خسرنا الوقت وتكاليف الانتخابات هذا علاوة على الظرف الاقتصادي المتأزم الذي يستوجب حلا جذريا في التعاطي معه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here