آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار عضو مجلس نواب الشعب في تونس طاهر بن منصور في حواره مع “أفريقيا برس” أن “زيارة الرئيس قيس سعيد إلى كل من الصين وإيران مؤخرا بمثابة مرحلة جديدة تعيشها السياسية الخارجية التونسية ووجب استثمار هذا الحراك الدبلوماسي الجديد إقتصاديا عبر دفع الإستثمار الوطني والخارجي وخلق مشاريع حقيقية”.
ورأى بن منصور أن “المشهد السياسي يتّسم بعدم الاستقرار الحكومي وارتباك في الأداء البرلماني بسبب محاولات عزل البرلمان عن وظيفته التنفيذية”، مبينا أن “تونس قادرة على الخروج من أزمتها بحكومة سياسية تمتلك رؤية سياسية وتنموية شاملة وليست حكومة إدارة الشأن اليومي”، حسب تقديره.
والطاهر بن منصور هو عضو مجلس نواب الشعب عن دائرة قبلي/سوق الأحد، وأيضا هو عضو لجنة الفلاحة بمجلس النواب وعضو مجلس وطني لحركة الشعب.
ما هو تقييمكم للمشهد السياسي والحقوقي في تونس إثر موجة من الاعتقالات والإيقافات المثيرة للجدل في الآونة الأخيرة؟
مازال المشهد السياسي يتّسم بعدم الإستقرار الحكومي سواء كان في مجاله الهيكلي أو في مجال التوجهات والخيارات السياسية والإقتصادية، وهو ما انعكس مباشرة على الوضع العام المتردي بطبعه نتيجة مرحلة ما قبل 7/25 التي هيمن عليها الفساد والولاءات الحزبية والتوجهات الليبرالية والتي مثلت حاضنة لكثير من رجال الأعمال الفاسدين والمرتبطين بدوائر مالية وسياسية خارجية، لذلك تبقى الإيقافات الأخيرة في حاجة لمزيد الشفافية والتوضيح حتى يتبين المذنب من البريء و ينال المخطئ جزاءه وينصف من لم تثبت إدانته، وهي مهمة القضاء الذي يجب أن يسرع في إتمام إجراءات التقاضي ويضمن حقوق المتقاضين ويفوّت الفرصة على كل من يريد خلط الأوراق من جديد.
هل ستنجح تونس في تنقية المناخ السياسي والمرور بانتخابات رئاسية شفافة، وماهو موقف حركة الشعب الرسمي من الانتخابات؟ هل ستختار مرشحا من داخل الحزب أم ستتجه لدعم الرئيس قيس سعيد؟
تنقية المناخ السياسي لا تكون بتوفير مناخ إنتخابي (تقني) فقط ولكن تكون عبر توفير مناخ إجتماعي قوامه الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم والإستقرار والإطمئنان. وتبقى حركة الشعب معنية بهذه المحطة (ترشيحا وانتخابا). وهي تبحث عن القاسم المشترك مع غيرها من القوى السياسية بمن فيهم السيد رئيس الجمهورية على قاعدة جملة من الشعارات والمبادئ المشتركة ذات البعد الوطني والإجتماعي والسيادي… ولكنها في نهاية المطاف – و إذا تعذر ذلك- سترشح من يمثلها في هذه المحطة.
وتبقى مؤسساتها ممثلة في مجلسها الوطني – والذي هو في حالة إنعقاد – هي المخولة لإتخاذ القرار النهائي على ضوء ما سيحدث من مستجدات.
ذكرت في تصريحات مؤخرا أن هناك حالة من عدم رضا عن البرلمان، هل صلاحياته المحدودة قلصت من دوره وثقله السياسي؟
إنسجاما مع مبادئ دستور 2022 كان من المفروض أن يلعب مجلس النواب دورا يتّسم بسياسة القرب من المواطن باعتباره منتخبا عن دوائر ضيقة مستجيبا لشعارات مركزية “الشعب يريد” وفي ظل دعوة لإنهاء عصر الوسائط (الأحزاب والنقابات). فكان من المتوقع أن ينفتح مجلس النواب مباشرة على المواطنين، ولكن ما لاحظناه هو الطوق المضروب على المجلس ومحاولة عزله عن الوظيفة التنفيذية وهو ما من شأنه أن يزيد من هيمنة البروقراطية والمتنفذين داخل الإدارة وإفلاتهم من المراقبة والمحاسبة.
هذا إضافة إلى حالة الارتباك في إدارة الشأن البرلماني والذي ظهر جليا في قانون تجريم التطبيع. إذ مازالت جلسة يوم 2 نوفمبر 2023 معلقة إلى اليوم (في خرق فاضح للنظام الداخلي ولتقاليد تسيير الجلسات..) إضافة إلى تعطل الكثير من المؤسسات الداخلية مثل لجان العلاقات الخارجية والصداقات البرلمانية، مما جعل هذا الأمر خاضعا لمبدأ الإكراميات والامتيازات لنواب دون غيرهم في غياب واضح لمبدأ الشفافية والموضوعية.
ما هي خطة حزبكم للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها تونس؟
رغم أن حركة الشعب ليست شريكا في الحكم – رغم دعمها لمسار 7/25- فإن لها مقاربتها للخروج من الأزمة وقد سبق وقدمت للسيد رئيس الجمهورية مقترحا مكتوبا في هذا الشأن، وهي ترى أن الحل لا يجب أن يكون فرديا بل هو حل تشاركي يتم عبر حوار بين كل المتفقين على الحد الأدنى المشترك وفق ضوابط السيادة الوطنية والإعتماد على الذات وتوظيف كل المقدرات البشرية والمادية ضمن خطة تنموية شاملة تنوع الشراكات الخارجية على مبدأ الندية واستقلال القرار الوطني، ونحن نعتقد أن تونس قادرة على الخروج من أزمتها بحكومة سياسية تمتلك رؤية سياسية وتنموية شاملة وليست حكومة “إدارة الشأن اليومي”.
هل تعتبر أن حملة الرئيس قيس سعيد ضد الفساد نقطة ايجابية تعزز رصيده الشعبي مقابل فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق اختراق في هذا الملف؟
لا بد من الاعتراف بأن الرئيس قد تمكن من إثارة ملفات كان من المحرم مجرد الاقتراب منها سابقا… وكان في تونس مراكز نفوذ لم يجرؤ أي كان على مساءلتها لأنهم -بكل بساطة مورطون معها من بعيد أو قريب- ونعتقد أن إثارة ملفات الفساد الذي استشرى في تونس يحسب لصالح الرئيس، ولا بد أن ينال كل فاسد عقابه وفق القانون وأن يطلق سراح كل من برّأه القضاء من ذلك.
ما تقييمكم لمعالجة الحكومة التونسية لأزمة الهجرة التي تصاعدت مؤخرا وسط مخاوف من تحول البلد إلى حارس حدود بالوكالة؟
أولا تعتبر أزمة المهاجرين مسألة قديمة غير مستجدة وهي مسألة عابرة للقارات وليست خاصة بتونس ساهمت فيها جملة من التحولات الجيوسياسية والتراكمات التاريخية، وكان بإمكان تونس أن تتخذ سياسة وقائية إستباقية تجنبا لتعقد الأزمة وكان بإمكانها أن تستفيد من الأزمة في علاقة بدول الشمال بتحقيق جملة من المكاسب، ويبقى الحل هو أن يتحمل المتسبب الرئيسي في هذه الأزمات -الغرب- مسؤوليته كاملة وأن لا ندفع نحن ضريبة سياساته الإستعمارية.
ما قراءتكم لسياسة تونس الخارجية؟ هل نجحت في تجاوز الخلافات مع الولايات المتحدة الأميركية؟ وهل التوجه شرقا مع زيارة الرئيس التونسي إلى إيران والصين مؤخرا يمثل خيار ناجعا لإنقاذ الاقتصاد التونسي؟
تقوم العلاقات الدولية على مبدأ المصلحة المشتركة واحترام السيادة الوطنية، وعليه ترفض تونس التبعية لأي طرف خارجي، والعلاقات الدولية تتسم بالتنوع والتجدد لذلك ما قام به رئيس الجمهورية خلال زيارته لإيران والصين بإمكانه أن يمثل إثراء للعلاقات الخارجية ومرحلة جديدة في السياسة الخارجية التونسية بشرط أن يخرج من مربع النوايا الحسنة والشعارات ليتجسد ضمن رؤية سياسية تستفيد منها تونس إقتصاديا عبر دفع الإستثمار الوطني والخارجي وخلق مشاريع حقيقية تراكم الثروة وتخلق الإضافة الحقيقية وتمثل حلا إستراتيجيا مستداما يقطع مع مشاريع النيابات والوساطات والعائلات المتنفذة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس