ظافر الصغيري لـ”أفريقيا برس”: البطء الحكومي يعطل انجاز ثورة تشريعية في تونس

63
ظافر الصغيري: البطء الحكومي يعطل انجاز ثورة تشريعية في تونس
ظافر الصغيري: البطء الحكومي يعطل انجاز ثورة تشريعية في تونس

حوار آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر النائب ظافر الصغيري في حواره مع “أفريقيا برس” أن “البطء الحكومي يعطل انجاز ثورة تشريعية في تونس، حيث أن الحكومة باعتبارها المسؤولة عن إنتاج المشاريع لا تتفاعل بسرعة مع الأولويات التشريعية التي من شأنها المساهمة في تحسين حياة المواطن، لذلك عليها الإسراع في ذلك، مقترحا تكوين مجموعة عمل بين مجلس النواب والحكومة توكل إليها مهمة مناقشة مشاريع القوانين في آجال محددة تجنبا للمماطلة والتداخل في المهام”.

ورأى أن “قانون الموازنة الجديد لا يلبي انتظارات الشارع، كما لا يختلف عن سابقيه في طريقة معالجته للملفات الحارقة”، لافتا إلى أنه “لا توجد في القانون ترجمة لطموح الرئيس قيس سعيد في تركيز دولة اجتماعية على أرض الواقع حيث لا نلاحظ تماهيا بين سياسات الرئيس وبين السلطة التنفيذية التي لم تخصص إلا مبالغ ضعيفة لدعم الدور الاجتماعي للدولة”.

وظافر الصغيري هو نائب بالبرلمان التونسي عن دائرة “التحرير- باردو”، وهو نائب مستقل لا ينتمي لأي كتلة.

مع نجاح الرئيس قيس سعيد في الفوز بولاية ثانية، ما هي الأولويات التي يستوجب العمل عليها في هذه المرحلة، وهل يمكن تحقيق ثورة تشريعية كما تحدث عنها الرئيس؟

بالنسبة لنا كمجلس نواب الشعب، فإن أهم الأولويات التي يجب العمل عليها في هذه المرحلة هو تغيير التشريعات البالية التي يحتاجها التونسيون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والمجلس منكب على القيام بهذه التعديلات، وقد أشرت خلال مداخلتي مع رئيس الحكومة إلى أن الواجب التشريعي وما يستوجبه من إنتاج المشاريع والقوانين هو على كاهل الحكومة بالأساس،ولا يتحمل مسؤوليته البرلمان فقط، باعتبار أن الحكومة هي الموكل إليها إرسال مشاريع القوانين فيما يقوم البرلمان بمراجعتها وتعديل ما يجب تعديله ثم المصادقة عليها.

وللتذكير فإنه ليس من مهمات البرلمان اقتراح تعديل قوانين هامة مثل مراجعة قانون مجلة المياه أو مجلة الصرف هي مهمة على عاتق الحكومة وذلك لما يتوفر لديها من إحصائيات ودراسات وهي التي بإمكانها إنتاج مثل هذه المشاريع، ودورنا نحن هو مناقشة مشاريع القوانين وتعديلها والاتفاق على شكل القانون الخاص ثم المصادقة عليه، هذا من واجبنا اليوم كمجلس نواب.

إنتاج القوانين هي من مهام الحكومة، ونعتقد أن الأولويات حاليا هي تشريعية وعلينا الذهاب إلى تطبيق مصطلح “الثورة التشريعية”، لكننا نلاحظ تقصيرا وبطئاً حكومياً في إرسال مشاريع قوانين التي من شأنها تغيير حياة التونسيين إلى الأفضل، الحكومة تعمل ببطئ كبير وقد تلقينا وعود كبيرة خلال الجلسة الأولى لنقاش قانون الميزانية حيث أكد رئيس الحكومة أن الحكومة منكبة على ذلك وسترسل مقترحات قوانين في الفترة القادمة، وكنت قد اقترحت خلال مداخلتي لتفادي مثل هذا الإشكال هو تشكيل مجموعة عمل بين مجلس النواب والحكومة لتحديد الأولويات التشريعية وتحديد مواعيد إرسالها للعمل عليها وتجنبا للتداخل في المهام والذي عشناه العام الماضي، إذ بعد قيامنا بمناقشة مشروع قانون تأتينا إشارة من الحكومة وتطالبنا بالتوقف عنه، والانتظار لإرسال مشروع قانون قامت بإعداده في ذات السياق وتجاهل ما اشتغلنا عليه، لذلك نرى أن الحكومة بطيئة في التفاعل مع مشاريع القوانين وهو ما يعطل إنجاز ثورة تشريعية في تونس، وبناء عليه عليها العمل بوتيرة أسرع.

تناقشون كنواب هذه الأيام قانون الموازنة للعام الجديد، برأيك هل هو قادر على تحسين الوضع المالي للبلد أم لا؟

قانون الميزانية يوضح السياسة العامة للدولة حيث سيحدد القانون الخاص بسنة 2025 التوجهات الكبرى للدولة، وفيما يخص محتوى القانون، أعتقد أنه لا يلبي إنتظارات الشارع التونسي، ولا يختلف عن سابقيه في هيكلته وطريقة معالجته للمواضيع الحارقة، لا نجد فيه مقترحا قادرا على تغيير حياة التونسيين، هو قانون محاسباتي بالأساس ولا يتضمن تغييرات عميقة حتى الميزانيات الخاصة بالوزارات تتمحور بالخصوص حول أجور الموظفين وهي ضعيفة جدا، والأضعف منها الميزانيات الخاصة بالاستثمار، وفي الواقع قدمنا كنواب شعب العديد من التعديلات في فصوله والأهم من ذلك لدينا العديد من الفصول الإضافية التي ستحسن من جودة القانون وهو ما يصب في مصلحة البلد والمواطنين عموما.

كنائب تونسي هل تؤيد تعديل صلاحيات البنك المركزي وفق مقترح مشروع قانون بالبرلمان؟

نعم هناك مقترحات تشريعية لتعديل قانون البنك المركزي، وبالنسبة لي أعتقد أن استقلالية البنك المركزي هامة جدا، لكن في النهاية نرى أن هذه الاستقلالية يجب أن تكون ضمن ضوابط، شخصيا لا أؤيد أن يكون البنك المركزي تابع تماما للدولة لأن ذلك يشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد الوطني، لكن في نفس الوقت فإن البنك المركزي يعد جزءا من الدولة وعليه إتباع سياساتها ويمكننا الاستفادة من تجارب مقارنة من الخلال الحدود والضوابط التي يمكن وضعها في عملية تمويل البنك للدولة.

ما هو تقييمكم لجهود الرئاسة التونسية في معركة الفساد خاصة بعد فتحه مؤخرا ملف الفساد بالقطاع الزراعي، هل يراهن عليه في هذه المرحلة خاصة أنه مفتاح رئيسي من مفاتيح التنمية بالبلد؟

هام جدا ما يحدث اليوم من تطورات فيما يخص معركة الفساد، ومن الجيد أن يكون رأس الدولة على رأس هذه المعركة، وهي ظاهرة مستشرية منذ ستين عاما في تونس حيث أن الفساد قديم وله جذور متأصلة في الإدارة وعديد الجوانب الأخرى مثل أملاك الدولة والأراضي الزراعية وعديد الملفات الأخرى، دور الرقابة لدى الدولة لم يكن دائما في الموعد وما يقوم به رئيس الجمهورية هو ايجابي جدا لكن لا نرى في المقابل فاعلية كبيرة لهذه الجهود وحتى يكون لهذه المعركة تأثير أكبر يجب أن نحدد آليات واضحة لمكافحة الفساد والقيام بمحاسبة وبرقمنة الإدارة، وكنت قد دعوت مؤخرا إلى حوكمة إلكترونية للتصدي إلى البيروقراطية التي تعطل مشاريع الدولة وهي مدخل كبير للفساد حتى نتمكن من الحد منه.

هل يمكن أن تؤدي تسوية هذا الملف إلى تحقيق نتائج هامة وأن يدر على البلاد عائدات هامة يمكن استغلالها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية؟

نتائج محاربة الفساد لا يمكن أن تكون حينية بل يمكن أن نلتمس أثرها في المدى المتوسط أو البعيد، ومن المؤكد أن مقاومة هذه الظاهرة تستوجب وقت، ونحن على وعي بذلك والأهم أننا انطلقنا في هذه المعركة ومن الجيد أننا قادرين على الإصلاح وهدفنا أن لا يعود الفساد للانتشار كما السابق.

كيف يمكن دعم الدور الاجتماعي للدولة في ظل نقص الموارد المالية والأزمة الاقتصادية؟

في الواقع هي معادلة صعبة حيث أن معالجة الدور الاجتماعي للدولة في قانون الميزانية الجديد كانت معالجة سطحية دون تعمق، لا يكفي أن نضع مبالغ معينة لمساعدة ضعاف الحال أو المؤسسات الصغرى فهذا غير كاف، في تقديري، الأهم هو أن تمضي الدولة في استثمارات وأن تشجع الباعثين الشبان من خلال تخفيف الضرائب وبمحاربة البيروقراطية، كما يجب أن يذهب الدعم المباشر إلى أصحابه مثل الفلاحين وهم دائما الحلقة الأضعف، وإذا ما أردنا دعم هذه الطبقات الضعيفة يجب التوجه إليهم مباشرة دون وسائط فهي التي تؤدي إلى إهدار الأموال وبالتالي إضاعة مجهود الدولة.

أرى أن قانون الميزانية الجديد في ظاهره اجتماعي، لكن لا نرى ترجمة واضحة لطموح رئيس الجمهورية في تركيز دولة اجتماعية على أرض الواقع وخاصة في ميزانيات الوزارات وأبر مثال على ذلك الشركات الأهلية وحتى نحكم على نجاعتها يجب أن نمنحها فرصة لكن لم نخصص لها إلا مبالغ ضعيفة وهنا ما نراه فرقا بين خطاب الرئيس الذي يمثل السياسات العامة للدولة وبين السلطة التنفيذية وهي الحكومة، لا نرى ترجمة لكلام الرئيس، وهنا نطرح تساؤلا عن مدى تماهي الحكومة مع سياسات رئيس الجمهورية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here