آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. لطالما شكل تردي البنية التحتية تحديا أمام الحكومات المتعاقبة في تونس، حيث تعد من المشاريع التي تراهن عليها لتحسين الخدمات بهدف إرضاء الشارع وتلبية أهم تطلعاته، وفي حواره مع “أفريقيا برس”، اعتبر النائب عادل البوسالمي أن “الجهود المبذولة لإصلاح وتطوير البنية التحتية إيجابية رغم قلة الموارد المالية”، وأن “تحقيق تقدم في هذا المجال يتطلب مزيدا من الصبر والاستمرار في الدعم الحكومي”.
ودعا إلى “ضرورة التسريع في مكافحة الفساد في مجال التغطية الاجتماعية، ومعالجة النقائص في ملف المساكن الاجتماعية، خاصة أن رأس السلطة التنفيذية قد دعا إلى بناء وحدة وطنية صماء في مواجهة مثل هذه الظواهر التي تقف وراء تدهور الاقتصاد”.
وعادل البوسالمي هو نائب بمجلس نواب الشعب في تونس عن دائرة “باب بحر-سيدي بشير”، وعضو كتلة لينتصر الشعب.
كيف تقرأ الرسائل السياسية التي وجهها الرئيس قيس سعيد إلى التونسيين في نهاية العام، هل ستكون السنة الجديدة سنة مهمة لقياس مدى قدرة السلطة على تنفيذ وعودها؟
قد اختتم الرئيس قيس سعيد السنة الإدارية برسائل طمأنة للشعب التونسي، وركز فيها على التزام الدولة والحكومة بتنفيذ إصلاحات لدعم التنمية والاستثمار وتجاوز الأزمة الاقتصادية. كما دعا إلى الانفتاح على القوى الوطنية المخلصة لتحقيق وحدة وطنية صماء. هذه الرسائل تعكس رغبة واضحة في تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع، والعمل المشترك لتحقيق تطلعات الشعب التونسي في مستقبل أفضل.
منذ جويلية/ يوليو 2021 إلى الآن، تمت إعادة تشكيل النظام السياسي حسب ما أراده الرئيس سعيد، وجرت انتخابات متعددة وتم إنشاء هياكل ومؤسسات لدعم النظام الجديد، هل تعتقد أنه قد حان الوقت اليوم للبدء في الإصلاح الاقتصادي، واختبار أفكار السلطة ومن أهمها ما تطرحه بضرورة القطيعة مع صندوق النقد الدولي؟
شهدت فترة العشر سنوات التي أعقبت الثورة تجاوزات وإخلالات كبيرة في أداء الإدارة التونسية، إضافة إلى غياب الاعتماد على الكفاءات الوطنية هذا الأمر أدى إلى تعمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتفاقم الفساد في المنظومة الإدارية، وفيما يتعلق بالهياكل والمؤسسات التي أُنشئت لدعم النظام الجديد، وأثمرت تنظيم انتخابات شملت المجالس المحلية والجهوية والإقليمية والوطنية إلى جانب مجلس نواب الشعب، أصبح من الضروري أن تعمل بصفة تشاركية قصد إيجاد حلول لدعم التنمية والاستثمار وتجسيدها على أرض الواقع لدعم الاقتصاد التونسي.
أما فيما يتعلق بالقطيعة مع صندوق النقد الدولي، فقد جاءت نتيجة الإملاءات والشروط المجحفة التي فُرضت على تونس، والتي ترتقي للمساس بالسيادة الوطنية، وهذا يتنافى مع تطلعات الشعب التونسي نحو استقلالية القرار الاقتصادي و السياسي.
هل ترى أن الحكومة التونسية خطط واضحة لحل مشكلة الدعم من دون زيادة الأعباء على الدولة التي تكافح لتحصيل القروض من الداخل والخارج بهدف تأمين سير خططها؟
الحكومة التونسية تتبع تمشيًا لرفع الدعم تدريجيًا وبطريقة غير مباشرة، في محاولة لتقليل العبء المالي عليها دون التأثير المباشر على فئات معينة، إلا أن هذه الخطوة قد تواجه تحديات كبيرة حيث من المحتمل أن تؤدي إلى احتجاجات من الشعب التونسي، الذي قد يشعر بتأثيرات سلبية على مستوى المعيشة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، الأمر يتطلب توازنًا دقيقًا بين تحقيق الإصلاحات الاقتصادية وحماية الفئات الأكثر هشاشة من تداعيات هذه السياسات، و فيما يتعلق بالقروض الداخلية والخارجية يجب أن توجه لدفع الاستثمار والتنمية.
مع انطلاق الدورة الجديدة للبرلمان التونسي، ما هي مشاريع القوانين التي ترى من الأهمية التسريع في النظر إليها؟
من ضمن مشاريع القوانين المستعجلة التي أراها مهمة:
1/ إعادة النظر في مشروع قانون الشيكات (فصل 411) لما سببه من ركود اقتصادي، ولمواكبة التغيرات الاقتصادية وحماية حقوق الأطراف المعنية.
2/ يعتبر مشروع قانون مكافحة المخدرات من القوانين الحيوية التي تحتاج إلى تسريع النظر فيها لمكافحة انتشار المخدرات وتحقيق الأمن الاجتماعي.
3/ يجب أن يحظى مشروع قانون الأراضي الفلاحية بالاهتمام، وخاصة فيما يتعلق بتقديم تسهيلات للفلاحين وإيجاد حلول للفلاحين المكترين للأراضي الدولية، مثل إعفائهم من الخطايا المنجرة عن عدم تسديد معاليم الكراء خلال سنوات جائحة كورونا وكذلك إعادة جدولة ديونهم الأصلية. هذه الخطوات قد تساعد في دعم القطاع الفلاحي وتخفيف الأعباء عن الفلاحين في ظروفهم الصعبة.
ما هي مقترحاتكم لمعالجة مشاكل البنية التحتية في تونس، إضافة إلى ظاهرة البنايات الآيلة للسقوط في العاصمة، كيف يمكن معالجة مثل هذه المشاكل على مدى قريب؟
فيما يتعلق بالبنية التحتية في تونس فهي تواجه تحديات كبيرة لكن وزارة التجهيز والإسكان قامت في السنوات الأخيرة بعمل جبار لتحسين الوضع على مستوى كامل التراب التونسي.
ورغم قلة الموارد المالية فإن الجهود المبذولة في إصلاح وتطوير البنية التحتية تظهر نتائج إيجابية، وهذا يتطلب القليل من الصبر والاستمرار في الدعم الحكومي لضمان استدامة وتحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال.
وفي ما يخص البنايات الآيلة للسقوط فقد سبق أن صادقنا بمجلس نواب الشعب على القانون الخاص بهذه الظاهرة بتاريخ 21 جوان 2024.
دعوت مؤخرا إلى ضرورة مكافحة الفساد في مجال التغطية الاجتماعية ومعالجة النقائص فيما يخص ملف المساكن الاجتماعية، هل سيقع التفاعل بشكل سريع مع هذه الدعوات، خاصة أن الرئاسة التونسية تراهن على مكافحة الفساد وتضعه على رأس أولوياتها؟
من الضروري التفاعل بشكل سريع مع الدعوات التي أطلقتها بشأن مكافحة الفساد في مجال التغطية الاجتماعية ومعالجة النقائص في ملف المساكن الاجتماعية، خاصة أن رأس السلطة التنفيذية قد دعا إلى بناء وحدة وطنية صماء، هذه الوحدة تتطلب التنسيق والتعاون بين جميع الفاعلين السياسيين والمؤسسات الحكومية.
ما هو تعليقكم عن أزمة اتحاد الشغل، لماذا لم يعد ذلك الاتحاد القديم ذو التأثير القوي في المشهد، هل بسبب ما يشهده من صراعات وخلافات داخلية أم لأن السلطة ساهمت في تحجيم دوره في مرحلة ما بعد 25 جويلية؟
لا يختلف اثنان على عراقة اتحاد الشغل والدور الاجتماعي البارز الذي كان يؤديه لكنه في السنوات الأخيرة شهد تحولًا نحو سياسات معارضة، ودعمه لبعض الوجوه السياسية مما أثر على بريقه الاجتماعي الذي كان يعرفه الشعب التونسي، إضافة إلى ذلك، فإن الخلافات الداخلية في الاتحاد قد أثرت على مستوى التعبئة الشعبية في العديد من المناسبات.
ونأمل أن يعود اتحاد الشغل إلى خطه الاجتماعي التقليدي مركزًا على مساندة حقوق العمال وتعزيز العدالة الاجتماعية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس