عبدالحميد الجلاصي: سعيد جهاز بث، مُعطلة فيه وظيفة التلقي والموقف الدولي يمد في أنفاس الانقلاب

402
عبدالحميد الجلاصي: سعيد جهاز بث معطلة فيه وظيفة التلقي والموقف الدولي يمد في أنفاس الانقلاب
عبدالحميد الجلاصي: سعيد جهاز بث معطلة فيه وظيفة التلقي والموقف الدولي يمد في أنفاس الانقلاب

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تبدي شخصيات سياسية وازنة في تونس تشاؤما حيال مرحلة ما بعد 25 جويلية والتي قادت إلى حل البرلمان وإزاحة الأحزاب من الحكم، في ظل توجسها من تفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطة وانتهاجه سياسية الإقصاء وتكميم أفواه معارضيه.

وفي حواره مع “أفريقيا برس” لم يستبعد عبدالحميد الجلاصي رئيس منتدى آفاق جديدة والقيادي السابق بحركة النهضة سيناريو الموت البطيء للديمقراطية للبلد في حال نجح سعيد في فرض مشروعه، مستبعدا تنظيم حوار وطني، ومقترحا خارطة طريق لإنقاذ البلاد من أزمتها، وداعيا إلى مقاومة ما يصفه ب”الانقلاب”.

كنتم من أول من وصف إجراءات 25 جويلية بالانقلاب على الديمقراطية، كيف تقيمون المشهد السياسي والحقوقي اليوم في تونس منذ هذا التاريخ؟
المشهد قبل 25 جويلية كان رديئا ولم يكن يملك قابلية الاستمرار، ولكن كان يمكن للعقل أن يقرأه وإن تطلب الأمر بذل جهد كبير. أما المشهد بعد الانقلاب فهو كارثي.

العنصر الوحيد المنسجم مع ذاته هو الانقلابي، شخص من خارج منطق السياسة مهما توسعنا في مدلوله، لا يحاور أحدا من مخالفيه ولا حتى ممن يدعون به وصلا، يمتلك الحقيقة المطلقة، يخرب كل شيء لم يكن شريكا فيه ولم يكن شريكا في شيء، ويدفع البلاد إلى حالة يكون فيها هو كل السلطة في مقابل ما يسميه شعبا وماهو إلا صورة متوهمة مغايرة لهؤلاء الناس الذين يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق، ويحسب لهذا المنقلب بهذه المواصفات أنه نفذ كل ما خطط له قبل 25 جويلية وبعده، وما ذلك لقوة فيه وإنما لضعف في من يفترض فيهم أن يحموا المكاسب، وأن يعطوا للسياسة معنى، وللشعارات مضمونا، وللديمقراطية محتوى.
لقد كثرت الحسابات وتباينت، وتراكمت أخطاء التقدير، وظهرت هشاشة الالتزام الديمقراطي عند كثير من الأكاديميين والشخصيات السياسية والأحزاب والمنظمات و الجمعيات بما وفر للانقلاب الفرصة ليتمدد ويبسط يده على كل شيء.
وهكذا وصلنا إلى توازن عجز بين معسكر الانقلابي ومن يصطفون خلفه طمعا في موقع أو دور، وهو لا يعبأ بهم وهو معسكر له قدرة على الهدم دون أي حظوظ للبناء، ومعسكر المعارضة من عارض من البداية ومن اضطر للمعارضة عند يأسه من المنقلب ولا يزال معسكرا مشتتا ومعزولا عن الشارع، وقد حقق مكاسب مهمة لما تصدى لسعيد وحمى مربع الحريات و لكنه غير قادر على بناء خطة لإسقاط الانقلاب و إدارة البلاد بعده.

قلتكم في آخر تصريحاتهم أن اتحاد الشغل كان حاكما أيضا في 25 جويلية؟ كيف ذلك؟
هناك سردية تروجها الأوساط النقابية وبعض التيارات والتنظيمات والشخصيات السياسية التي تتستر بالاتحاد كمظلة سياسية تبرز النقاط المضيئة للمنظمة وهي كثيرة و تغفل غيرها وهي كثيرة أيضا.

لقد كان الاتحاد جزءا أساسيا في صراعات السلطة منذ خمسينات القرن الماضي ولم يكن دائما في الموقف المناسب للإصلاح والديمقراطية. لقد كان الاتحاد ولا يزال جزءا من السيستام (النظام الحاكم) لا بمعنى السطح السياسي الخاضع للتداول حسب مزاج الناخبين و إنما بمعنى المصالح العميقة المستقرة.

سياسيا حصلت دوما صراعات بين البيروقراطية المتنفذة والمرتبطة بمصالح السلطة وامتيازاتها و بين الهياكل الدنيا والجسم النقابي. بعد الثورة اختطفت قيادة المنظمة من التنظيمات القومية و تنظيمات أقصى اليسار المعادية للديمقراطية، وقد استثمرت هشاشة المشهد الحزبي وصراعاته لتكون فاعلا مباشرا في الحكم طيلة العشرية دون الخضوع لامتحان الانتخابات، فكان شريكا في كل الحكومات دون استثناء وحصلت على نصيبها مما تسميه كعكة السلطة في التعيينات في مواقع القرار وشاركت في كل الحوارات حول برامج الحكم، واستغلت ضعف الحكومات لابتزازها وعرقلة الإصلاحات المطلوبة لأن المؤسسات و القطاعات المقصودة بالإصلاح كانت بمثابة إقطاعات نقابية أو كانت مجال نفوذ توظف في المعارك السياسية الكبرى في البلاد.

اتحاد الشغل هو ثابت المشهد السياسي خلال العشرية بجانب حركة النهضة، وهو يروج نفس الكذبة التي يروجها قيس سعيد وهي التفصي من المسؤولية عن أوضاع ما قبل 25 جويلية وهذا سقوط سياسي و أخلاقي.

هل سينجح في تقديرك الحوار الوطني بإشراف الرئيس قيس سعيد في إنقاذ البلاد؟ وهل ستنجح ضغوط الاتحاد في تشريك الأحزاب في الحوار المرتقب؟
سعيد فقد بالنسبة لي كل شرعية منذ 25 جويلية أو على الأقل منذ 22 سبتمبر تاريخ إصدار المنشور 117 الذي خول فيه لنفسه الاستحواذ على الدولة.
من جهة لن يشرف سعيد على أي حوار، إذ أن الحوار في القواميس الدارجة بين الناس تعني التبادل والتنسيب والحقيقة السياسية التي يتم التوصل إليها بالتأليف بين الآراء المتنوعة. هذا الحوار بهذا المعنى “القديم ” لا وجود له في قاموس سعيد. سعيد جهاز بث معطلة فيه وظيفة التلقي لأن الحقيقة عنده كاملة ومن تجرهم نوائب الدهر للجلوس أمامه لا يحضرون عنده بذواتهم و إنما هم مجرد معبر لتوجيه رسائل و لإطلاق صواريخ من منصاتها.
أما اتحاد الشغل فالواضح انه اختار التعاطي مع الأمر الواقع خضوعا للخط السياسي المهيمن المساند للانقلاب وخوفا من إثارة ملفات فساد تدين مسؤولين نقابيين في مواقع متعددة وطمعا في موقع تفاوضي ملائم مع الحكومة بخصوص الملفات النقابية الصرف. لا أرجح حصول حوار، ولا أتوقع أن يتجاوز ترتيب العلاقة بين أطراف توازن العجز إن حصل.

لماذا لا تقبل النخبة الاعتراف بإجراءات 25 جويلية وحل البرلمان خاصة أنها خطوة حظيت بدعم وترحيب شعبي، والشعب هو أعلى من الدستور والرئيس سعيد يستند في مراسيمه إلى المشروعية الشعبية؟
لا بد من تدقيق الصورة ومن الاتفاق بعض المفاهيم. فما حصل يوم الأحد 25 جويلية نهارا من مهاجمة مقرات النهضة لم يكن حراكا شعبيا عفويا واسعا و إنما كان عملا مدبرا في بعض الجهات لتبرير الانقلاب القادم. مظاهر الفرحة الليلية لم تكن واسعة كذلك وكانت في العمق ترحيبا بتجاوز المأزق الذي وصلت إليه البلاد ، دون كثير اهتمام لا بالشكل و لا بالمضمون.

أما المشروعية الشعبية فليست لفظا مرسلا يمكن أن يستند إليه من شاء و كيف يشاء وإنما يدل على إرادة يتم التعبير عنها بصورة واضحة ومنضبطة، وكان الأمر يكون كذلك لو دعا سعيد ليلتها إلى انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها نظرا لان المنظومة التي أفرزتها انتخابات 2019 عجزت عن التعايش و إدارة شؤون البلد. والشعب الذي هو أعلى من الدستور ومن كل شيء هو الشعب المعبر على احتجاجه في الشوارع أو المعبر عن إرادته في صناديق الاقتراع.
سعيد يتجنب امتحان الشرعية قبل أن يصوغ منفردا قواعد اللعبة ويعيد بماء الجهة الساهرة على العملية ويحدد الأطراف المشاركة فيها. ولذلك فان الدفاع عن البرلمان ليس بالضرورة دفاعا على أدائه ومناخاته وصراعاته و إنما هو دفاع عن التفويض الشعبي الذي اسند بطريقة واضحة وشفافة والذي لا يمكن أن يزيحه إلا ما تم التنصيص عليه في نص الدستور.
من الزاوية القانونية والسياسية لا تقل شرعية البرلمان عن شرعية سعيد و لا يمكن أن تستقوي شرعية على أخرى إلا ضمن الإطار الذي ضبطه الدستور.

المواجهة المستمرة بين الرئاسة والمعارضة، هل ستجر البلد إلى مزيد من التأزم السياسي والاقتصادي؟ أي سيناريو تونس مقبلة عليه حسب تقديرك؟
نحن في قلب أزمة مركبة تهدد البلاد بالإفلاس، وتهدد الدولة بالانهيار، و تهدد بالاحتراب المدني . هذه الآن حقائق ماثلة أمامنا وليست مجرد تخمينات أو توقعات.
توقع السيناريوهات المقبلة ليست أماني أو رغبات وإنما هي عملية عقلانية تأخذ بعين الاعتبار أهم الفاعلين و رهاناتهم ونوعية سلوكهم السياسي، وسعيد هو أهم الفاعلين، والعقل حينما يحلل و يستشرف يجب أن يكون طبيبا يحمل المشرط وينظر للوقائع كما هي و يتجنب قاموس التشاؤم والتفاؤل.

نرجح أن الأوضاع ستكون بين ثلاثة احتمالات :
* جنوح الرئيس إلى الحوار الإدماجي، وحظوظه ضعيفة جدا، وحتى إن حصل فانه لن يفضي إلا إلى هدنة حرب بين الفرقاء المتصارعين و لن يفتح أفقا حقيقيا للبلاد.
* سيناريو الموت البطيء بمواصلة الانقلابي منهج التفرد و المغالبة و الهروب إلى الأمام وهو الراجح إن لم يجد أمامه جدار صد هو الحراك الاجتماعي. ويمكن أن تشجع القوى الخارجية هذا الخيار وتمد سعيد بجرعات تجنبه الانهيار إذا استمر انضباط الشارع الاجتماعي.
* سيناريو الحب غير التقليدي، إذا رفض سعيد الحوار وهو مرجح، وإذا هدد الشارع الاجتماعي الأوضاع بالانهيار وهو محتمل.

هل تدفع النخبة والأحزاب ثمن فشلها، وهل سحب سعيد البساط من تحت أقدامها سبب امتعاضها أم هناك فعلا توجس حقيقي من تآكل المناخ الديمقراطي بالبلد؟
نبهت العديد من الأصوات قبل 25 جويلية إلى أن الانتقال الديمقراطي كما فهمت و بالطريقة التي مورست بها قد فقدت قدرتها التعبوية، وبالتالي لا بد من إعادة تعريف لها بإدماج المكون الاقتصادي و الاجتماعي والتنموي صلبها أو تغيير المنظومة القائمة Paradigme، كما نبهت أن المشهد الحزبي يوشك أن يكون قد استنفذ أغراضه حكما ومعارضة وبالتالي لا بد من مراجعات ومن تقديم عروض سياسية مغايرة، لكن لا شيء من ذلك حصل.
قيس سعيد استثمر في تعفين الأوضاع حتى قاد الأوضاع إلى ما حصل في 25 جويلية، ولكن اتضح وسيتضح أكثر أن سعيد نفسه هو تعبير عن أزمة عنوان المرحلة وعن أزمة النخبة السياسية المدنية وكشف لجزء من أمراضها.

اقترحتم خارطة طريق في مارس الماضي للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، ماهي أبرز نقاطها وأهدافها؟
أي خارطة طريق يجب أن تنطلق من تحليل سليم لتطرح المهام الصحيحة و الممكنة. وأهم من ننطلق منه هو فهم خصوصية تفكير سعيد وطريقة ردود فعله بما يجعل منه مزاجا خاصا أكثر مما هو طرح فكري أو عرض سياسي يطرح العناوين ويضبط الرؤية ويحدد البرنامج و يقترح السياسات و يتولى أمر الإجراءات. كما ننطلق من مسامة ثانية وهي أن الانقلابات تواجه بوضوح منذ البداية ولا تغازل أو يفسح لها المجال لتصنع أمرا واقعا جديدا.

وفِي ضوء ذلك تكون عناوين خارطة الطريق خطوات ثلاث :
* الخطوة الأولى: تحشيد القوى وإحداث الفراغ حول الانقلاب لينجح التشاركية (وهذه الفرصة ضيعتها كثرة الحسابات).
* الخطوة الثانية: ضبط خطة لإسقاط الانقلاب باستعمال كل وسائل التعبئة السلمية المدنية (الميدانية والإعلامية والحقوقية والقانونية …)، وخاصة ردم الفجوة مع الجمهور النافر من السياسة و الأحزاب بتقديم نقد ذاتي وبكشف زيف المراهنة على الانقلاب. وهذا الخطوة ستأخذ زمنا.
* الخطو الثالثة: إعداد رؤية لإدارة الأوضاع ما بعد الانقلاب.

بالرغم من علاقاتكم الجيدة بغالب مكونات المشهد الحزبي لماذا لا نراكم في أي مبادرة جماعية ؟
تحرري في المرحلة الراهنة من الانتماء الحزبي أتاح لي الفرصة لاتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب و أيضا لاستعمال اللغة واللهجة المناسبين أي تجاوز لغة تدوير الزوايا التي يدفع لها النشاط الحزبي والبحث عن أصدقاء لو بأسلوب الاستجداء.
لقد اخترت منذ اللحظة الأولى موقعي ومعسكري، فأنا ضد الانقلاب الذي أدعو لإسقاطه. ولكن تحليلي قادني إلى مجموعة خلاصات و منها أن الانقلاب ليس فقط سعيد وإنما يصطف معه كل من راهن عليه أو تساهل في الدوس على الدستور أو أعطى موقفا مرمرما. ولم أكن لطيفا مع هذه القوى الشريكة في الانقلاب. استتبع ذلك تشجيع كل الجهود لمقاومة الانقلاب.

اخترت عن وعي عدم الانخراط في أي تشكيل لعدة أسباب:
* تعدد العناوين ووجود حالة من التنافس بينها، وانضمامي لإحداها يحد من إمكانية تحركي تجاه البقية، كما يعيدني إلى مربع اللغة “المهذبة”.
* تحفظي على السقف النفسي للتحركات الذي كثيرا ما يذكر بالسقف الحقوقي في عهد بن علي.
* تحفظي على مسلك تكثير السواد بمغازلة عدد من الأحزاب والجمعيات والمنظمات التي اختارت موضوعيا أن تكون شريكا في الانقلاب.
* تحفظي على قراءة حقيقة الموقف الدولي الذي يبيعنا الأوهام ويمد في أنفاس الانقلاب، ويحرض في نفس الوقت معارضته لاستدامة حالة الوهن و ضمان موقع مؤثر في المستقبل أيا كانت المشاهد المُحتملة.
ولكني اخترت عدم النقد العلني للتوقي من استفادة الانقلاب، وهو الخصم الرئيسي من هذه التباينات بين الأصدقاء.

هل ستشارك في استفتاء 25 جويلية وماذا ستفعلون إذا أيد الناخبون تغيير الدستور؟
بالطبع لا…. سعيد بالنسبة لي فقد صفة الرئيس منذ 22 سبتمبر، هو رئيس أمر واقع لا شرعية لكل ما يصدر عنه أو يدعو إليه، إضافة إلى أن الاستفتاء لن يكون إلا صورة مكبرة لما سماه “الاستشارة” بمعنى أن مخرجاته واضحة وهي الأفكار التي يروج لها سعيد .
لا باس من أن نذكر أن الانقلاب وإجراءاته لا تعامل معها إلا بمنهج المقاومة، ويجب أن يكون لنا من طول النفس. من الذكاء ما به نبني حالة مقاومة مهما تطلبت من زمن.

لا شك أن الرئيس قيس سعيد اليوم يستند في حماية مراسيمه إلى التأييد الشعبي وحماية القوى الأمنية والعسكرية. البعض في المعارضة يرى أن القوى السياسية تدفع اليوم فاتورة ترددها في القيام بالإصلاحات اللازمة في القطاعين الأمني والعسكري وكذلك عدم إرساء المحكمة الدستورية؟
هذه من مظاهر الأزمة نعم ، ولكن ليس كلها. ونعتبر أن السبب الرئيسي هو عدم إدماج الانتقال الديمقراطي للمكون الاجتماعي وعدم ارتقاء الممارسة الحزبية للإيفاء بالتعهدات الانتخابية وعدم بذل ما يكفي من الجهود لإبراز المنجزات والربط بين السياسي و التنموي و الاعتذار عن مواطن الخلل و التقصير .
لقد بذلت جهود متفاوتة لإصلاح سائر المنظومات (أمن، دفاع ، قضاء ، إعلام …) وهو الذي يفسر التمنع في هذه القطاعات عن الاستجابة لسعيد و حرصه المتواصل لتوريطها في مشروعه.
المقاومة صلب المرفق القضائي معقولة ولا تظهر للسطح بقية المقاومات. والامتحان الأكبر لمؤسستي القوة حينما يحاول سعيد توريطها في مواجهة الشارع السياسي و الشارع الاجتماعي.

هل فتح المنتدى السياسي الجديد الذي تترأسه الباب أمام قيادات النهضة الغاضبة من سياسات الحركة وزعيمها؟ هل يمهد ذلك لتشكيلكم حزب جديد يجمع قيادات سابقة من الحركة؟
لم ينطلق المنتدى بعد في النشاط بسبب غياب جهة تتخذ القرار في القصبة ، وهي حالة الإدارة المشلولة في البلاد، وسنرى كيف نعالج هذا الموضوع.
والمنتدى ليس ملجأ لعدد من “الغاضبين”، وليس حكرا على من مروا بتجربة حركة النهضة . هو فضاء قررنا بعثه قبل 25 جويلية لتشجيع التفكير في وحول الممارسة السياسية والبحث في أدواتها ومنها الأحزاب السياسية والتقييم الهادئ و العميق في حصيلة عشرية الثورة. وهي مقاصد أكد الحاحيتها كلها انحراف البلاد بعد 25جويلية.

هل يكون المنتدى تمهيدا للإعلان عن حزب جديد؟
لسنا مستعجلين. نحن منخرطون في المسار النضالي المناهض للانقلاب و لكننا غير معنيين بترتيبات قد تحصل قريبا ولن تفعل سوى تكرار التعاطي السطحي والفوقي مع ما يطلبه المواطنون حقيقة. نحن نؤمن بالديناميكيات المفتوحة التي تكون مهيأة لأكثر من خيار.

هل شكلت إجراءات 25 جويلية بمثابة إعلان لنهاية ما تبقى حزب النهضة بعد ما عاناه من انشقاقات واستقالات في السنوات الأخيرة؟ وكيف تقرأ مستقبل النخبة السياسية بعد 25 جويلية؟ هل ستنجح في استعادة مكانتها في الشارع مع وجود هوة تزداد بين الطرفين، أم حصيلة فشل عقد من الزمن بات من صعب ترميمه؟
لقد لعب 25 جويلية دور الكشاف لنهاية ثقافة سياسية متعالية عن الناس ومنكفئة على المشاغل الثقافية والسياسية للنخبة وخاصة صراعات السلطة، وقد وجه الجمهور الناخب رسائل عديدة في السنوات السابقة طورا بمقاطعة العملية الانتخابية وطورا بالبحث عن بدائل للعروض المقدمة.
نعتبر أن النهضة قد فوتت على نفسها فرصة تجديد رسالتها وأوعيتها للخروج من الزمان القديم ولذلك وجدت نفسها بعد 25 جويلية في مواجهة جزء من شعبها عكس المراحل السابقة حين اعتادت النهضة التواجه مع أجهزة الدولة ومع النخب.
سيستمر تنظيم النهضة وقد تكون له أدوار في تأطير جزء من القاعدة المحافظة في مواجهة شعبويتي سعيد والدستوري الحر. ولكن اكبر الأخطاء أن تنشغل النخبة بترصد أخطاء النهضة عن النظر في مرآتها الخاصة و القيام بمراجعاتها.
في السياق الراهن ستعاني فكرة الوسائط نفسها ضغوطات من تأثير النخبوية الفوضوية ولكن على المدى الطويل لا بديل عن الأحزاب السياسية وعن صراعات البرامج، ولكنها أحزاب منفتحة متجاوزة لفكرة “الفرقة الناجية” وهي مقولة تخترق كل المنظومات رغم اختلاف مرجعياتها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here