عسكري سابق مؤيد لترامب سفيرا لأمريكا في تونس

54
عسكري سابق يؤيد ترامب يتولى الدبلوماسية في تونس
عسكري سابق يؤيد ترامب يتولى الدبلوماسية في تونس

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. في خطوة سياسية تعكس توجهات الإدارة الأمريكية، أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه اختار بيل بزي، عمدة ديربورن هايتس، سفيرا للولايات المتحدة في تونس خلفا لجو هود… كان لهذا الخبر أن يمرّ مرور الكرام، لكن التوقيت والأحداث المحيطة به وخلفية السفير الجديد واهتمام الصحافة الأميركية بهذا التعيين، يجعله يخرج عن كونه تغيير روتيني في ظل الحكومة الأميركية الجديدة، ليثير تساؤلات عميقة حول مستقبل العلاقات بين البلدين، وأي دور سيلعبه، هذا السفير، الذي وصفته الصحافة الأميركية بـ”غير التقليدي”، في دعم مشاريع ترامب وتأثيرات ذلك في الملف الفلسطيني والتواجد الأميركي في أفريقيا كما السياسة الداخلية التونسية في عهد قيس سعيّد.

قال ترامب، في تغريدة عبر منصة سوشل تروث أن “بزي خدم في قوات مشاة البحرية الأمريكية لمدة 21 عاما، وعمل مع سفراء ودبلوماسيين وقادة عالميين. كما شغل مناصب في شركات كبرى مثل بوينغ مديرا للجودة، وفورد موتور كمهندس تطوير المنتجات، قبل أن يتقاعد لتولي منصب رئيس البلدية”. وأشار إلى أن بزي لعب دورا بارزا خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024 في دعم حملته الانتخابية، معربا عن تطلعه لرؤية إسهاماته في خدمة البلاد في منصبه الجديد. وختم ترامب تغريدته بالتهنئة لبزي قائلا: “أتطلع لرؤية الإنجازات العظيمة التي سيحققها لأمتنا. تهانينا بيل!”.

لا تبدو الجملة الأخيرة من تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجرّد تعبير مجازي، بل تبطن بين سطورها الكثير مما يمكن أن يقال عن الإستراتيجية الأميركية في تونس وأفريقيا عموما، وتعيين مسلم ومن جنوب لبنان وعسكري سابق يتمتع بعلاقات واسعة مع اللوبي السياسي المؤثر على رأس الدبلوماسية الأميركية في تونس، يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى لاعتماد نهج جديد تجاه تونس وسط ما تعيشه البلاد والمنطقة والعالم من متغيرّات.

وسبق اختيار بزي، اختيار ترامب لرئيس بلدية هامترامك، عامر غالب، سفيرا للولايات المتحدة لدى الكويت وميشال عيسى لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى لبنان. وقد أعلن كلاهما دعمهما لترامب كما أيد بزي موقفه من سياسة الشرق الأوسط والهجرة.

وكتب السفير الأميركي الحالي في تونس جوي هود “أتقدم بأحرّ التهاني إلى السفير المُعيّن، العمدة بيل بزي، على ترشيحه سفيرا للولايات المتحدة في تونس”. وأضاف: “تونس بلد غنيٌ بتاريخه وتقاليده العريقة وكرم ضيافته، وأنا على يقين بأنّ قيادة العمدة بزي وخبرته ستسهمان في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا”.

وعقب على هذا الخبر، القيادي في حركة البعث صهيب المزريقي قائلا لـ”أفريقيا برس”: “المعروف على الولايات الأمريكية أنها دولة إمبريالية وتوسعية وتسعى للسيطرة على العالم ومقدراته وثرواته لبناء ما أسماه ترامب مؤخرا الأمة الأمريكية ذات الدولار. وتونس لها موقع استراتيجي وشهدت مؤخرا صراع قطبي بهدف إلحاق تونس بسياسة المحاور من أجل التحكم في أفريقيا كون تونس بوابة أفريقيا للعالم وتبلور ذلك في القمم المتعددة”.

وأضاف المزريقي أن “انتهاج منهج التعويل على الذات ورفض التعامل مع صندوق النقد الدولي والاملاءات المجحفة والتي تمس بالسيادة الوطنية انتهاج استقلال القرار الوطني لتونس ورفض التدخلات الأجنبية.. من الأسباب التي تجعل من تونس محط أنظار العالم واخضاعها لمنطق التطويع العالمي وفي هذا الإطار يتنزل تصريح السفير الأمريكي الجديد الذي لم يأت عبثا وإنما هو ترجمة للسياسة الأمريكية الإستراتيجية”.

وفي رسالة نشرها على حسابه على فيسبوك، كتب بيل بزي: “أتشرف وأقدر تعيين الرئيس دونالد ترامب لشغل منصب السفير الأميركي في تونس”، مضيفا أنه سيأخذ علمه الأمريكي الخشبي الذي صنعه له أحد الناخبين عندما يصبح سفيرا جديدا للولايات المتحدة في تونس، التي قال عنها إنها “من بين الدول المتميزة التي زرتها على مر السنين، أشعر بتقارب كبير مع تونس وأعضاء برلمانها المحترمين، بالإضافة إلى الأشخاص الذين التقيتهم خلال جولاتي في دور الأيتام، ومؤسسات دعم المرأة، والمدارس، والعديد من الشركات التي تُبرز الحضور المتنامي للبلاد في المنطقة”.

وأضاف بزي: “مع زياراتي الخارجية، وزيارات وفد البرلمان إلى الولايات المتحدة، والعلاقات التي بنيناها على مر السنين، أنا متحمس للعودة وتمثيل بلادنا بشرف في تونس كسفير لها لدى الولايات المتحدة”.

وكتب السياسي والحقوقي التونسي عبدالوهاب الهاني، في تغريدة عل صفحته الرسمية على فايسبوك: “بالعودة لطبيعة “التعيين السياسي” لأحد المقربين من الرئيس ترامب ومن مستشاره الخاص بولوس للشؤون العربية سفيرا لتونس، وإدخال تونس في صنف “التعيينات السياسية” المخصصة عادة للبعثات الدبلوماسية الكبيرة والحساسة، يفهم أن أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة في تونس سياسية بامتياز”.

وينتظر أن تتم مراجعة في الترشيحات والموافقة عليها بأغلبية الأصوات في مجلس الشيوخ الأمريكي. ورغم الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين بسبب سياسات ترامب، فإن المؤكد أن لا خلاف حول التوجهات الأميركية عامة في ظل المتغيرات الدولية، وتجاه أفريقيا بشكل خاص حيث الحرب الباردة مشتعلة مع روسيا والصين، التي سيطرت اقتصاديا على جزء كبير من القارة السمراء، ونجحت في رسم خارطة الحزام والطريق وتعتبر أفريقيا مهمة بالنسبة لها على مستوى طريق الحرير البحري الذي يمر عبر المحيط الهندي إلى أفريقيا.

لكن، هناك نقطة قد تكون وراء هذا التعيين أيضا وتتعلق أساسا بالقضية الفلسطينية والحرب في غزة. ففي خضم الاهتمام بالاسم الذي اقترحه ترامب ليخلف جو هود، المعروف بهدوئه وتوجهاته الفكرية، سفيرا للولايات المتحدة في تونس، نشرت وكالة اسوشيايتد برس الأميركية تقريرا حول إمكانية تحقيق مقترح ترامب بشأن “تهجير الفلسطينيين”.

وقال الوكالة كانت فكرة الترحيل الجماعي للفلسطينيين تُعتبر في السابق ضربا من الخيال لدى التيار القومي المتطرف في الكيان الإسرائيلي. ولكن منذ أن طرح ترامب الفكرة في اجتماع بالبيت الأبيض، أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصفها بأنها “رؤية جريئة”.

وطرحت تونس كأحد أبرز البلدان التي يمكن أن تستقبل الفلسطينيين. وفي عدة مناسبات أكدت تونس رفضها القاطع لدعوات تهجير سكّان قطاع غزة وللمحاولات الصهيونية اليائسة لتصفية القضية الفلسطينية. وأعربت الدول العربية عن معارضتها الشديدة، وعرضت خطة إعادة إعمار بديلة تُبقي الفلسطينيين في أراضيهم. وقالت جماعات حقوق الإنسان إن إجبار الفلسطينيين أو الضغط عليهم على المغادرة قد يُشكل جريمة حرب محتملة. مع ذلك، يؤكد البيت الأبيض أن ترامب “متمسك برؤيته”، وفق الوكالة الأميركية.

يسعى ترامب، لتكرار صيغة اتفاق إبراهيم، وهي سلسلة من الاتفاقيات الدبلوماسية ذات المنفعة المتبادلة بين إسرائيل وأربع دول عربية، لتحقيق مخططه بخصوص سكان غزة. ووفق صهيب المزريقي: “مواقف تونس من القضية المركزية للأمة العربية وهي فلسطين، تجعلها محل اهتمام. وكانت تونس قدّمت مواقف تاريخية وتقدمية انتصارا للحق الفلسطيني”.

وهنا، يربط المتابعون بين اختياراته للسفراء الذين سيترأسون الدبلوماسية الأميركية وبين تحقيق هذه الرؤية، فبيل بزي مثلا يعرف التونسيين بشكل جيّد، سواء خلال عمله كعمدة، أو قبل ذلك حيث خدم مع سلاح مشاة البحرية في تونس والمغرب، وله خبرة في مجال التفاوض وهو مؤيّد كبير لترامب وسياسته وكان له دور كبير في تأمين فوزه في انتخابات 2024، في مدينة ديربورن وولاية مشيغين المتأرجحة. كما صوّت له في عامي 2016 و2020″.. ورغم انتقادات ترامب للفلسطينيين وتعليقاته التي شجعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على “إتمام المهمة”، يؤكد بزي أن الرئيس السابق “رجل سلام”، وفق صحيفة بوليتكو الأميركية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here