علي زغدود: أدعو للاستجابة لمطالب الجهات المحرومة في تونس

23
علي زغدود: أدعو للاستجابة لمطالب الجهات المحرومة في تونس
علي زغدود: أدعو للاستجابة لمطالب الجهات المحرومة في تونس

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. دعا النائب في البرلمان التونسي علي زغدود، في حواره مع “أفريقيا برس”، إلى ضرورة الاستجابة لمطالب الجهات المحرومة والمهمشة في تونس، وخاصة سكان منطقة المزونة، التي تعيش ـ حسب تعبيره ـ “حالة من التوتر والاحتقان إثر حادثة سقوط جدار مدرسة”. واعتبر أن “سقوط الجدار كان بمثابة نهاية لصبرٍ طال أكثر من اللازم”، مضيفًا أن “الألم بلغ مداه، وقد آن أوانه لينتهي”.

ورأى زغدود أن تونس قادرة على الخروج من أزماتها بأسرع وقت، شرط توفّر “رؤية وطنية شاملة وجهاز تنفيذي كفء”. كما أشار إلى “أهمية استكمال البناء السياسي، من خلال تركيز المحكمة الدستورية في آجال قريبة”، معتبرًا أن ذلك ضروري لحماية الدولة ومؤسساتها.

وفي تعليقه على أزمة معبر رأس الجدير الحدودي، أكد أن المعبر تحوّل من شريان حياة إلى مصدر إذلال ومعاناة، بسبب ما وصفه بـ”الابتزاز الاقتصادي الذي يتعرض له التونسيون”، معتبرًا ذلك “إساءة للعلاقات التاريخية مع الجارة ليبيا”، ومؤكدًا “رفضه القاطع لهذه الممارسات”.

وأضاف أن الأزمة تمثل فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين البلدين على أسس تحفظ السيادة وتحمي الأخوة، مشددًا على أن الحل يكمن في “تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل، وإيفاد لجنة مشتركة تراقب وتحسم الانتهاكات، وتؤسس لعلاقات نديّة تُحترم فيها كرامة التونسيين، كما نحترم الليبيين”. كما دعا إلى “تفعيل دبلوماسية اقتصادية حقيقية تنهي سياسة الإذلال والتجويع، وتعيد للمعبر دوره الحيوي كجسر تواصل لا كحاجز إذلال”.

النائب علي زغدود هو أحد الوجوه البرلمانية البارزة في تونس. يشغل عضوية مجلس نواب الشعب، ويترأس الكتلة البرلمانية “لينتصر الشعب”، التي تُعد من الكتل الداعمة للمسار الوطني الجديد في البلاد. كما أنه عضو بلجنة المالية والموازنة، حيث يشارك في مناقشة الملفات الاقتصادية والتشريعية ذات الصلة بالسياسات المالية العامة.

إلى جانب عمله البرلماني، يُعرف زغدود بتوجهاته القومية والمساندة للقضايا العربية، ويدافع من خلال مواقفه عن قضايا السيادة الاقتصادية والاجتماعية، ويدعو باستمرار إلى حماية الفئات الشعبية ودعم الدور التنموي للدولة.

تشهد منطقة المزونة حالة من الاحتقان بسبب سقوط جدار المدرسة، لماذا تأخرت الحلول والبدائل التنموية في المناطق المهمشة إلى الآن وفق تقديرك؟

حالة الاحتقان في المزونة منتظرة بعد الفاجعة التي عاشتها المدينة، سقوط الجدار كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير في هذه المدينة المنسية، المزونة محتقنة لأن سقوط الجدار كان بمثابة نهاية الصبر الطويل على معاناة طالت أكثر من اللازم، مطالب الناس بسيطة، مطالبهم الماء ومطالبهم حماية مدنية وطبيب في المستشفى وعون في البريد وفتح معمل البلاستيك المغلق..، ومع ذلك عجزت السلطة على التواصل معهم وتلبية ولو جزء من هذه المطالب البسيطة، أهل المزونة دفنوا أولادهم وحدهم ويعيشوا حزنهم وحدهم في غياب الدولة، وهذا سبب الاحتقان لذلك ندعوا للاستجابة لمطالبهم ومطالب كل الجهات المحرومة في تونس، فقد آن لهذا الألم أن ينتهي.

هل حان الوقت لتشريك السلطة للقوى السياسية بمختلف أطيافها بهدف صياغة حلول مشتركة وإنقاذ البلاد مما تعاني منه من أزمات؟

النظام السياسي هو تكامل مؤسسات منتخبة من رئاسة وبرلمان ومجلس جهات وأقاليم ومجالس محلية وجهوية وبلدية وهو حكومة وأحزاب ومجتمع مدني وغيره، لذلك الحكم بالإدارة لوحدها خطر على الإدارة وعلى المشروع السياسي، فالمشروع السياسي تحمله حكومة سياسية مؤمنة بخيارات الرئيس الكبرى، وتحولها إلى رؤية سياسية شاملة والجهاز التنفيذي الإداري ينفذ، غير ذلك سنبقى نتخبط في حلول جزئية وتبقى الإدارة تحت الضغط العالي فلا هي قادرة أن تكون قيادة سياسية ولا قادرة تتفرغ للتنفيذ. الحلول موجودة وممكنة وتونس قادرة على الخروج من أزماتها بأسرع وقت ممكن شريطة وجود رؤية وطنية شاملة وجهاز تنفيذي كفؤ.

اقترحت كتلة “لينتصر الشعب” قانون أساسي لتنظيم المحكمة الدستورية، هل برأيك سيقع التفاعل مع هذه المبادرة التشريعية باعتبار أهمية استكمال تركيز المحكمة؟

نعم الآن مطلوب استكمال البناء السياسي بسرعة، يجب سد كل الفجوات في منظومة الحكم والمحكمة الدستورية ركن أساسي ولم توجد في الدستور عبثا، وإنما لدور هام في الحفاظ على النظام السياسي واستمرارية الدولة والمؤسسات، لذلك نطالب بسرعة عرض هذا المشروع، ونطالب الرئيس بتركيز المحكمة الدستورية ومجلس القضاء والمجلس الأعلى للتربية وتحديد موعد الانتخابات البلدية.

كيف تقيّم قرار الرئيس قيس سعيّد بإقالة رئيس الحكومة؟ هل كان متوقعًا أم نتيجة مباشرة لسوء إدارة ملف المهاجرين؟

قرار الرئيس قيس سعيّد بإقالة رئيس الحكومة لم يكن مفاجئًا لمن يتابع تدهور أداء الحكومة في عدة ملفات، وعلى رأسها ملف الهجرة الذي بلغ مرحلة كارثية. سوء الإدارة، الغموض في الخيارات، وغياب رؤية شاملة جعلت من هذا الملف عبئًا على صورة تونس الخارجية وسببًا في تصدع داخلي. هذه الإقالة هي تعبير عن استنفاد الثقة الشعبية والمؤسساتية في حكومة لم تكن في مستوى انتظارات الشعب ولا المرحلة التاريخية التي تمر بها البلاد.ولكن هذا لا يحجب فشل تركيز جهاز حكومي قادر على تحويل السياسات العامة التي يعلنها الرئيس إلى برنامج متكامل ينهض بالبلاد، وللأسف الاختيارات العشوائية نتيجتها الفشل والإقالة، ولكن في الأثناء هناك وقت ضائع من حياة التونسيين، وهذا ما لم يعد مقبولا في الفترة القادمة إذا أراد الرئيس النجاح وتحقيق وعوده للشعب التونسي.

هل هناك فعلاً إدارة فوضوية لملف الهجرة؟ وكيف تنظر إلى الانقسام حول المقاربة الأمنية والبعد الحقوقي؟

نعم، هناك ارتباك واضح وفوضى في إدارة هذا الملف. نحن لا نرفض المقاربة الأمنية حين تكون ضرورية لحماية السيادة الوطنية، ولكننا نرفض أن تتحول إلى غطاء لانتهاكات إنسانية أو وسيلة لإرضاء الخارج. تونس يجب أن تكون وفية لمبادئها: الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي الآن ذاته نرفض أن تكون أراضيها مركز احتجاز جماعي أو شرطيًّا للحدود الأوروبية. نحن نطالب بسياسة سيادية متوازنة، لا ترتكز على الضغط الأوروبي أو منطق الصفقة، بل على المصالح الوطنية العليا والكرامة الإنسانية. وأيضا تونس لا تتحرك أفريقيا أي باتجاه دول المصدر للمهاجرين، فنحن نلاحظ حجم الحضور الدبلوماسي الايطالي مثلا في الدول المصدر أو العبور وتمارس ضغط حقيقي، ولكن نحن فقط نتفاعل مع مقترحات الأوروبيين في الوقت الذي كان بإمكاننا فعل الكثير مع دول الساحل والصحراء.

في تصريحاتك وصفت معبر رأس الجدير بـ”بوابة الذل والمعاناة”، هل تتعرض تونس لابتزاز اقتصادي تونسي من الطرف الليبي؟

نعم، الواقع اليوم لا يمكن إنكاره. سوء المعاملة اليومية للتونسيين في معبر رأس الجدير ليست مجرّد تجاوزات فردية، بل مؤشرات على وجود منطق ابتزاز اقتصادي وسياسي ممنهج، يضغط على المواطن البسيط ويسيء إلى العلاقات التاريخية بين الشعبين. المعبر تحوّل من شريان حياة إلى مصدر إهانة ومعاناة، وهو ما نرفضه بشكل قاطع.

طالبت بالتحقيق في الانتهاكات والمعاملة بالمثل، كيف يمكن إيجاد حل لأزمة المعبر دون المساس بالعلاقات الليبية-التونسية؟

الحل يكمن في المعاملة بالمثل ولكن دون انفعال، بل بحزم وحكمة. يجب إيفاد لجنة مشتركة، تراقب وتحسم الانتهاكات، وتؤسس لعلاقات ندية تحترم فيها كرامة التونسي، كما نحترم نحن الليبيين. كما أدعو إلى تفعيل دبلوماسية اقتصادية حقيقية، تضع حدًا لسياسة الإذلال والتجويع، وتُعيد للمعبر دوره الحيوي كجسر تواصل لا كحاجز إذلال. هذه الأزمة فرصة لإعادة صياغة العلاقة بشكل يحمي السيادة ويحفظ الأخوة.

كنائب عن دائرة بن قردان، ما السبيل لتوفير فرص عمل لأبناء الجهة في ظل غياب تنمية عادلة؟

بن قردان ليست مجرّد نقطة حدودية، بل مدينة ذات طاقات بشرية هائلة وموقع استراتيجي. المطلوب اليوم هو تفعيل المنطقة الحرة التجارية واللوجستية فعليًا، لا مجرد إعلانات. يجب أيضًا تطوير قطاع السياحة البيئية والثقافية، وربط بن قردان بمسارات التنمية الوطنية الكبرى. توفير فرص العمل لن يتم إلا بتغيير المنوال التنموي جذريًا، نحو منوال إنتاجي، يقطع مع التهميش، ويجعل من أبناء الجهة صناع ثروة لا مجرد باحثين عن فتات المعبر.

كيف يمكن الحد من التهريب والتجارة غير الرسمية دون قطع أرزاق الناس؟

التهريب هو ابن الفقر وغياب الدولة. لا يمكن القضاء عليه بالقمع فقط، بل بتوفير البدائل. نحن نطالب بإدماج التجارة الحدودية في الدورة الاقتصادية الرسمية، عبر رخص، وأسواق منظمة، ومناطق تبادل حر خاضعة للرقابة والتأطير. المطلوب ليس الحرب على لقمة العيش، بل تقنينها وتحويلها إلى مورد رزق مشروع ومُنتِج.

ما هو تعليقك بخصوص تواصل نزيف هجرة الأطباء والمهندسين؟

نزيف الكفاءات جريمة ترتكبها منظومة العجز والتهميش. شبابنا يهاجر لأن الوطن لم يعد يضمن له كرامة العيش ولا أفق الأمل. الحل ليس فقط في تحسين الأجور، بل في بناء بيئة عمل تحترم الكفاءة، تكرّم الجدارة، وتفتح باب المبادرة. يجب دعم مشاريع الشباب، تحفيز الابتكار، وتحرير الإدارة من البيروقراطية والفساد. الكفاءات التونسية ليست عبئًا، بل كنز مهدور.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here