كتبه :توفيق الزعفوري
إبان الإنتخابات الماضية، مارس التونسيون حقهم في إختيار رئيسهم، مارسوا حقهم بحرية أو بشراء الذمم، لم يعد هذا مهمًا.. لكن نود التوقف عند نقطتين هامتين…
الاولى، و تتمثل في كون الرئيس المنتخب قيس سعيد حاز ثقة كبيرة و سندا شعبيا، منقطع النظير،. إذ لم يحصل أي رئيس عربي على هاته الثقة العالية، في انتخابات نزيهة، و لو أن المخلوع حاز على 99٪ تقريبا، لكنها كانت مزورة لا محالة..
ثانيا : نعلم أن الفئة التى ساندت قيس سعيد هي التي تنظّمت في شكل مجموعات تقود حالة الوعي المتصاعدة فجأة، و نعلم أن طيفا واسعا من الشباب و الكهول، و مناصري النفس الثوري كانوا وراء تتويجه بعرش قرطاج، لكن ما نلاحظه اليوم من رغبة في صنع الصنم و التأليه، و التمجيد الذي يصل حد صناعة الديكتاتورية، أمر لا يمكن السكوت عنه ، كما أن من يتعرضون للهرسلة و الانتقاد الشديد و التهديد العلني في شخصه و في عائلته، لمجرد أنه اِنتقد الرئيس، لهو أمر يستدعي الوقوف عنده و التريث لتبيان الخطأ من الصواب، فالتلويح بأستعمال العنف الجسدي و التهديد مرفوض تماما من أي جهة كانت، و إحقاقا للحق، فإنما أتته سيدة من صفاقس في صفحتها الملتحفة بالسواد، لا يليق أبدا، لا أخلاقيا و لا إنسانيا، في حق شخصية اِعتبارية تمثل التونسيين جميعا، و هي تدخل تحت طائلة القانون، كغيرها…
أما تهديدها بالعنف، فهو أيضا أمر يدخل تحت طائلة القانون، فالعنف لا يولد الا العنف، فالرئيس أو غيره يحتفظ بحقه في تتبعها عدليا إن أراد، باتباع الطرق القانونية التي يعرفها جيدا، أما مناصروه، فليس من حقهم تهديد غيرهم أبدا حتى و إن كانوا على حق، إحتراما لمن اِنتخبوه، على الاقل ، فعليهم إظهار إحترام الخصوم و من يختلفون معهم، و إن يتحلّوا بأخلاقه، إسوة برئيسهم..
نحن نتابع الفعل و ردود الفعل، من كلا الطرفين، و نلحظ منسوب التوتر و الحقد الأيديولوجي المتنامي كالمرض الخبيث، و هو مؤشر خطير على بروز النزعة الطائفية كما في بلدان أخرى، فتونس كانت دائما أرضا جاهزة لتقبل التأثيرات الثقافية و الفكرية بمختلف ألوانها، و قد أخذت منا بعضها مأخذا دراماتيكيا، مازلنا نعاني آثاره السلبية إلى الآن، و علينا أن نفهم جميعا، أنه في تونس لا يمكن أن نستمر بثقافة ” إما أنا و إمّا أنت” ، بل بثقافة ” أنا و أنت من أجل تونس”..حفظ الله تونس و أهلها الصالحين..