كمال بن يونس لـ”أفريقيا برس”: إنفراج سياسي شامل يخفف من أزمات تونس

55
كمال بن يونس: انفراج سياسي شامل يخفف من أزمات تونس
كمال بن يونس: انفراج سياسي شامل يخفف من أزمات تونس

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تجمع الأوساط السياسية في تونس على أن الذهاب إلى حوار وطني هو الحل الأمثل للخروج من حالة الانسداد بالمشهد، ومن بين الشخصيات الأكاديمية التي تؤيد وتدعم هذا الرأي، المحلل السياسي كمال بن يونس، الذي أكد في حواره مع “أفريقيا برس” بأن “الإعلان عن انفراج سياسي شامل من شأنه التخفيف من مدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى قدرته على تحسين مناخ الاستثمار”.

ورأى بن يونس أن “الخروج من الأزمات التي ترزح تحت وطأتها البلاد، يستوجب كذلك توسيع هامش الحريات العامة بدءا من وسائل الإعلام، حيث أن تحرير الإعلام مجددا من شأنه أن يوفر آليات جديدة للحوار الوطني”، وفق تقديره.

وكمال بن يونس هو أكاديمي وإعلامي خبير في السياسة الدولية، ومدير مؤسسة ابن رشد للدراسات الإستراتيجية والدولية‎.

في تقييم لسنة 2024 هناك بعض المحللين من وصفها بأنها السنة “الأسوأ” على تونس على صعيد السياسي والحقوقي خاصة في ظل استمرار الإقصاء والانغلاق السياسي، هل تؤيد ذلك؟

تعقدت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنقابية الداخلية والإقليمية عام 2024، لكن وجهة النظر التي تعتبر أنها كانت “الأسوأ” قد تعبر عن تيار داخل النخب والمجتمع، لكن إذا أردنا فهم تعقيدات المشهد السياسي عام 2024 لا يمكن أن نتناسى أنه حصيلة أزمات هيكلية وظرفية قديمة وجديدة ساهمت أطراف عديدة في صنعها وتوسيع دائرة المتضررين منها.

المأزق الحالي في البلاد حصيلة غلطات ساهمت فيها أطراف كثيرة كانت تتصدر المشهد قبل ثورة 2011 وبعدها، وبعضها تحمل مسؤوليات عليا على رأس الدولة والنقابات والأحزاب وكبرى المؤسسات المالية والاقتصادية والإعلامية، والمطلوب اليوم من كل هذه الأطراف القيام بنقد ذاتي علني لغلطاتها منذ جانفي/يناير 2011، وتقديم مقترحات للتجاوز عوض التمادي في إستراتيجية شيطنة “الآخر” وتحميله مسؤولية كل الأزمات.

هل تعتقد أنه في ظل العجز عن تطوير الحياة السياسية والفشل في القيام بحوار وطني شامل سيكون لذلك انعكاسات سلبية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي؟

صحيح أن فشل محاولات تنظيم حوارات سياسية واجتماعية واقتصادية وطنية جامعة يمكن أن يزيد من تعميق الأزمات التي تراكمت منذ أعوام لأسباب عديدة من بينها غياب الاستقرار السياسي في البلاد منذ 2003 وخاصة منذ جانفي/يناير 2011. وبعد إضعاف أغلب المؤسسات الاقتصادية والسياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب، يمكن أن تتعمق الهوة بين الطبقات الشعبية ومؤسسات الدولة في مرحلة لم يتبق فيها طرف نقابي أو حزبي مؤهل ليلعب دور “الهيئات الوسيطة” التي تمتص الغضب وتنظم احتجاجات الغاضبين.

ما هي أسباب فشل المعارضة التونسية في استرجاع ثقة الشارع خاصة أن هناك ركود واضح لنشاطها بعد الانتخابات وتراجع التحركات الاحتجاجية؟

المعارضة تضررت منذ عقود في تونس من الانقسامات والصراعات على المواقع والمناصب و الحسابات الشخصية والأيديولوجية. كما تشكو المعارضة التونسية منذ السبعينات من انحراف قطاع من “اليسار الاجتماعي” نحو لعب دور “اليسار الأيديولوجي” وخدمة أجندات مافيات مالية وأمنية وسياسية داخلية وخارجية.

وقد استفحلت هذه الأمراض بعد انتخابات 2011 و 2014 و2019، ورغم نقائص تجارب “الحوار الوطني والتوافق” منذ مرحلة حكومة الباجي قائد السبسي في 2011، ثم بعد تشكيل حكومات الحبيب الصيد ويوسف الشاهد وإلياس الفخفاخ وهشام المشيشي، فقد كان الابتعاد عن خيار الحوار والتوافق خطأ كبيرا، لذلك تعمقت التناقضات وأزمة الثقة وانسحبت أغلب النخب من الفعل السياسي ومن المشاركة في الشأن العام.

دعا مجلس حقوق الإنسان مؤخرا تونس بإطلاق سراح معتقلين سياسيين والتزام بشروط المحاكمة العادلة، برأيك هل ستستجيب السلطات لذلك بهدف الذهاب نحو التهدئة والالتفات أكثر للمشاغل الاقتصادية والاجتماعية؟

في كل مراحل تاريخ البلاد والمنطقة تعاقبت الدعوات الداخلية والدولية إلى الانفراج والعفو العام عن كل السياسيين والمتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية. ولا يختلف اثنان في كون إطلاق مثل هذه الدعوات يصدر خاصة عن الوسطيين والحكماء والحقوقيين النزهاء الذين يحرصون على أن تعطي النخب الحاكمة والمعارضة والمستقلة الأولوية لإعادة البناء والى احترام المواثيق والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان والشعوب.

وأعتقد أن الإعلان عن انفراج سياسي شامل اليوم يمكن أن يخفف من مدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وأن يساهم في تحسين مناخ الاستثمار والأعمال بما سيسهم في خلق الثروة والاستقرار وتخفيف معضلات البطالة والفقر.

ما تعليقكم بخصوص قرار السلطات بتمديد حالة الطوارئ بالبلاد خاصة أن بعض الأحزاب والمنظمات ترى أن هذا القرار غير دستوري وحجة لمزيد التضييق على الحريات؟

تمديد حالة الطوارئ إجراء روتيني في تونس منذ يوم 14 جانفي 2011 في عهد كلّ الرؤساء والحكومات، ويقع تبريره دوما بالاعتبارات الأمنية.

ما هي مقترحاتكم لتجاوز حالة الانسداد بالمشهد السياسي في تونس؟

الخروج من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية يستوجب توسيع هامش الحريات العامة في البلاد بدءا من وسائل الإعلام، تحرير الإعلام مجددا يمكن أن يوفر آليات جديدة للحوار الوطني دون إقصاء، تمهيدا لمصالحة وطنية حقيقية على أسس جديدة.

دعا الرئيس قيس سعيد مؤخرا إلى “ضرورة تطوير قدرات الجيش الوطني”، هل يعكس ذلك الوعي بالتهديدات الأمنية خاصة بعد التحولات الأخيرة في سوريا وما يعيشه العالم من تغيرات، وكيف يمكن لتونس التصدي للمخاطر الأمنية مع توقع عودة المقاتلين من بؤر القتال إلى البلاد؟

الدعوة إلى تطوير قدرات المؤسسات العسكرية والأمنية لا تعني بالضرورة وجود مخاطر تهدد البلاد حاليا، ولا أعتقد أن المتغيرات السياسية والأمنية العسكرية السريعة في سوريا وفي المشرق العربي منذ سقوط حكم بشار الأسد سوف تتسبب في تغييرات جوهرية وفورية في تونس، لكن تلك المتغيرات قد توثر في بعض الدول المغاربية والأفريقية التي لديها علاقات عسكرية وأمنية واقتصادية متطورة مع روسيا وتركيا،خاصة بعد المعلومات التي تحدثت عن إرسال معدات عسكرية عملاقة كانت في القواعد الروسية في سوريا إلى ليبيا ودول إفريقية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here