لطفي المرايحي لـ”أفريقيا برس”: دور الأحزاب انتهى وسعيد أجهض على الحلم الديمقراطي

109
لطفي المرايحي لـ
لطفي المرايحي لـ"أفريقيا برس": دور الأحزاب انتهى وسعيد أجهض على الحلم الديمقراطي

حوار آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر لطفي المرايحي الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري في تونس في حواره مع “أفريقيا برس” أن دور الأحزاب السياسية والأجسام الوسيطة انتهى في مرحلة ما بعد 25 جويلية حيث لم تُحسن الأحزاب والمنظمات اقتناص تلك اللحظة التاريخية لصالح الديمقراطية في البلد.

ورأى المرايحي أن المبادرات الحزبية التي بصدد التشكل متأخرة بعد أن فوتت المعارضة على نفسها فرصة توحيد المواقف لتنقسم فيما بينها وبذلك تخسر فرصتها في التموقع من جديد، مبينا أن الكلمة الفصل اليوم بيد الشعب وهو من سيحدد استمرارية الوضع السياسي من عدمه، لافتا أن السلطة في مأزق بسبب ما تعانيه من تخبط في مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية دون أن تجد حلولا لها.

ولطفي المرايحي هو سياسي وكاتب وطبيب تونسي يشعل منصب الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، وكان أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية سنة 2019.

منذ الثورة ماذا تحقق في تونس التي هي في خاطرك وكتبت عنها؟

الحقيقة لم يتحقق الكثير حتى لا نقول أنه يكاد لم يتحقق شيء، كان من المفترض الانتقال من زمن ما يعبر عنه بالتفرد بالرأي والاستبداد أو زمن بن علي وهو زمن يطول تقييمه.. وكانت فيه فترات مختلفة: وهي الفترة الأولى لحكم بن علي التي كانت فيها استنهاضا للهمم ولإقبال تونس على العمل وكانت فيها محاولة لتأليف القلوب أو على الأقل لاستقطاب أطراف من التيارات المعارضة في صلب السلطة ومنحها مسؤوليات ورأينا شخصيات مثل محمد الشرفي وغيرها التي عرف عنها معارضتها لنظام بورقيبة وبن علي في أول عهده، رأينا كيف شاركوا في السلطة وتقلدوا وزارات وقاموا بأعمال تذكر فتشكر، لكن سرعان ما اتخذ النظام منحى الاستفراد بالرأي وأكثر من ذلك دخل فيه جانب المصالح حيث فتح الباب أمام الاستيلاء على المال العام بأشكال مختلفة ونخره الفساد، وكانت النتيجة الانحراف عن الانتظارات الحقيقية وكانت خياراته مخالفة للمصلحة العامة والمصلحة الوطنية وأدى في النهاية إلى ثورة.

وكنا ننتظر من الثورة أنها تكون ثورة تصحيح مسار حقيقية وتؤلف بين قلوب التونسيين وأن تكون لديها نهجا اقتصاديا حتى تكون لها تداعيات اقتصادية وتنموية وهو للأسف ما لم يتحقق، واتسمت مرحلة ما بعد الثورة بمرحلة المناكفات السياسية ومحاولة الظفر بالسلطة، كما أن الأطراف التي ظفرت بالسلطة لم تكن لها مشاريع حقيقية لتونس بما فيها حركة النهضة التي كانت الحزب الأهم في تلك الفترة، وحتى حزب نداء تونس الذي قدم نفسه على أنه يضم كفاءات وطنية، لكن النتيجة كانت واحدة وهي الفشل الذريع.

ولما أتى مسار 25 جويلية كان ينتظر من هذا المسار أن يكون مسار تصحيحا لكن مع الأسف لم يتحقق ذلك، حيث كان من المفترض أن يكون مسارا للتأليف بين قلوب التونسيين ليس لتفرقتهم وإفراد فئة من المجتمع بصفة الطهارة والنزاهة ونعت آخرين بالفاسدين، كان من المفروض من الأدوار التي تلعبها حركة 25 جويلية هو لم الشمل وشحذ الهمم نحو تحقيق الانتظارات التي طال تأجيلها وهي الاستحقاقات المعروفة وعمودها الفقري هو المجال الاقتصادي، وحين نتحدث عن الجانب الاقتصادي نتحدث عن منوال ينصب أساسا حول المصلحة الوطنية، لأن المتتبع والمدقق في مختلف الخيارات السياسية التي وقع انتهاجها، نلاحظ أنها كانت خيارات سياسية اقتصادية تخدم مصالح أجنبية للأسف من حيث ندري ومن حيث لا ندري.

مع الأسف مرة أخرى من قام بـ 25 جويلية لم يكن له بعدا اقتصاديا ولا بعد نظر ولا فكر ولا خيال.. هذا واقعنا اليوم حيث نتخبط في واقع اقتصادي صعب جدا لعله غير مسبوق ولعل الناس لم يدركوا بعد أو لم يلمسوا بعد مدى خطورته وهي قادمة، ليس فقط ما نلاحظه اليوم من شح في المواد الاستهلاكية هذا يعد موضوعا ثانويا، إنما تبعاته هو تأجيل نمو، تأجيل تشغيل، تأجيل فرص وتأجيل أمل للشباب وتأجيل أمل لتونس بأن تخرج من هذا النفق المظلم التي دخلت فيه مع عهد بن علي وتواصل ما بعد الثورة والى ما بعد 25 جويلية.

ماهي حلولكم العملية لتنشيط الاقتصاد وكبح الأسعار وتشغيل العاطلين عن العمل؟

عملية بناء الاقتصاد الوطني كيفما تمت والخيارات التي بني عليها والخيارات التي انتهجتها هي خيارات في تقديرنا خاطئة، لأننا لم ندرك أن هناك أساسيات، وهذه الأساسيات هي أن الاقتصاد يقوم على عملتين ولا يقوم على عملة واحدة، وعادة عندما نستعمل مصطلحات ونتحدث عن الأزمات وسبل حلها وأدوات معالجتها نقتبس ماهو موجود في كتب الاقتصاد، وماهو موجود في كتب الاقتصاد هو عادة ينطبق على اقتصاديات غربية يعني اقتصاديات تكون فيها نفس العملة المتداولة بين الناس هي نفس العملة الصالحة للتوريد والتصدير، بينما نحن في حاجة إلى اقتصاد تتواجد فيه عملتان: عملة داخلية نتداو لها فيما بيننا، وعملة أجنبية أو العملة الصعبة القابلة للتحويل وهي عملة يصعب منالها ومع ذلك نتساهل في التفريط فيها. وأول خطوات الإصلاح هي فهم هذه النقطة الأساسية لذلك هناك تفريطا في العملة الصعبة يتم من خلال بوابات سواء بوابات عمل مستوردة وخدمات وغيرها التي يمكن الاستغناء عنها.

لذلك ينادي الاتحاد الشعبي الجمهوري منذ قرابة 11 سنة على ضرورة اعتماد منوال اقتصادي حمائي وكثيرا للأسف ما وقع محاربتنا أو التقليل من شأن هذا المقترح واعتباره خارج السياق وخارج الزمن ورجعي وغير ذلك..في حين أنه يتبين اليوم أن العالم في أغلبه يسير نحو سياسات حمائية وهذه السياسات الحمائية في الحقيقة هي دعوة للتعويل على الذات وعلى المنتجات الوطنية ومحاولة الحد، لأن القضاء على الاستيراد مستحيل والقضاء على المعاملات الدولية مستحيل لكن الحد من ما يمكن استيراده محليا، لأن كل شيء مستورد هو في النهاية استيراد للبطالة كذلك وإضعافا للنمو الوطني، فالاتحاد الشعبي الجمهوري اليوم أمام هذا الوضع الذي نشاهده، لطالما دعا إلى تفعيل دور الدينار التونسي، وخلال سنة 2016 حيث كانت هناك مداولات برلمانية تناقش مشروعا حول استقلالية البنك المركزي، يكاد يكون حزبنا هو الحزب الوحيد رغم أنه لم يكن داخل البرلمان حينها من تصدى لهذا المشروع واعتبره خطأ بل نعته حينها بالخيانة العظمى، ويتبين اليوم للجميع كيف أن دور الدينار محوريا لدفع الاقتصاد الوطني، لأن هناك العديد المجالات التي لا تحتاج إلى استيراد وهي قادرة بالدينار التونسي على خلق فرص تشغيل وفرص نمو وإحداث شيء من الانفراج في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس. لكن مرة أخرى للأسف أن القائمين اليوم على وضع البلاد هم أبعد ما يكون عن هذه التصورات.

هل أنتم مع أن تتجه تونس نحو الصين لتعزيز فرص الاستثمار؟

أنا ككل التونسيين ألاحظ هذه الدعوات وأرى أنها تنم عن عدم معرفة واستخفاف بجانب هام على الأقل وهو الجانب الجيو-استراتيجي والعلاقات الدولية، حيث أن تونس التي بنت هذه العلاقات الجيو-إستراتيجية بإرادتها وخارج إرادتها، ولديها علاقات تواصلت لعقود لا يمكنها اليوم التغاضي عنها بجرة قلم وتغيير وجهتنا نحو منطقة أخرى وذلك لأسباب مختلفة.

أولا: البعد الاقتصادي خاصة بالنسبة لبلد كتونس مرتبط ببعد الأمن القومي ومن يتحدث عن الاتجاه إلى الصين ينسى أو يتناسى ضعف المنظومة الدفاعية التونسية، ويمكن أن نذكرهم في هذا الصدد بأحداث قفصة الشهيرة حين كان هناك تهديدا للسلامة الترابية لتونس من العقيد القذافي وحينها تحرك الأسطول الفرنسي والآلة الحربية الفرنسية.. فهناك واقع جيو-استراتيجي هام قد لا نتفق عليه، قد لا نحبذه قد نكون معارضين له، لكنه معطى واقعي وحقيقي وموجود ومن يتغاضى عنه كأنه يتغاضى عن الواقع وأغمض عينيه حتى لا يشاهد مشهدا مزعجا ويتخيل أضغاث أحلام.

من ناحية أخرى الصين بلد لا يمنح الأموال هكذا ويجب العودة على سبيل المثال إلي طبيعة المعاهدات الصينية –الإيرانية ليلاحظ الشروط التي فرضتها على إيران في هذه المعاهدات، مثل بيع البترول بأقل من سعره الحقيقي، وتمكين الصين من إرساء قواعد حربية بجزر مقابلة لإيران وأن تحد من السيادة الإيرانية، هذا لعله أمر من معاهدات أخرى ومبادلات أخرى واتفاقات أخرى تقع مع دول أخرى.

وحتى نحوصل فإن السيادة الوطنية هي حلم ليس مستحيل المنال يمكن إدراكه لكن لا يتم إدراكه إلا ببناء الذات والجهد ومن خلال وحدة وطنية ومن خلال رؤية واضحة تجيش الشعب ولا تزرع فيه الفتنة والفرقة، وإنما تشحذه نحو أهداف معلومة ومحددة وحين يتم تحقيق هذه الأهداف حينها يمكن الحديث عن سيادة وطنية.

ما رأيكم في المبادرات الحزبية التي بصدد التشكل في الآونة الأخيرة، وهل سينضم حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري إلى واحدة من هذه المبادرات؟

لم يعد هناك مجال لأي مبادرات حيث لم تدرك المعارضة مجتمعة بأنه من المؤكد بالنسبة لها ومن الحتمي أن تجتمع جميعا على اختلاف مناهجها وأطروحاتها وعلى اختلاف الخلافات التي كانت تشقها والخلافات التي يمكن أن تأتي مستقبلا على كلمة واحدة وهي كلمة الديمقراطية وصيانة النظام الجمهوري من المنزلقات التي دفعها إليها انقلاب 25 جويلة، ولم تكن هذه المعارضة في اللحظة المحددة في المستوى الذي كان مطلوبا منها، ولسنا هنا لننبش في التاريخ القريب، ومن عاد إلى 25 جويلية سيلاحظ المواقف بين الأحزاب المختلفة الذي كان بعضها داعما للانقلاب لأنه أتى نكاية في حركة النهضة ولم يكن داعما للديمقراطية لأن حركة 25 جويلية منذ انبعاثها منافية لروح الديمقراطية بتعاطيها المنحرف مع الفصل 80 للدستور، لذلك الدعوات إلى مبادرات حزبية هي مبادرات متأخرة، وقد كنا من خلال مبادرتنا “ارحل” نريد تجميع جميع الفرقاء السياسيين على كلمة واحدة وهي ضرورة رحيل قيس سعيد لأننا نعتبر أن سعيد أجهض على الحلم الديمقراطي في تونس، لكن لم يكن الجميع في مستوى الانتظارت المطلوبة ولعلها الحسابات السياسية الضيقة طغت حينها على التقييم وبإهدار هذه الفرصة، لذلك أعتقد أن المجال لم يعد يسمح لأي مبادرة أو مبادرات أخرى خاصة أن أكثر من نصف المعنيين بهذه المبادرة الآن يقبعون داخل السجون بدون حجة ولا برهان.

هل تعتقد أن المبادرات الحزبية كافية لتخفيف التوتير السياسي، وماهي مقترحاتكم كحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري للخروج من الأزمة ؟

أعتقد اليوم أن الموضوع لم يعد في يد الأحزاب السياسية وقد خرج من يدها منذ 26 جويلية لأن الموقف مما حدث في 25 جويلية لم يكن موقفا موحدا بين الأحزاب السياسية التي من المفروض على اختلاف مشاربها أن تنتصر لشيء ما أساسي هو أعلى ما في السلم السياسي وهي الديمقراطية، فهي لم تنتصر للديمقراطية وإنما انتصرت لسياسات أو أهداف ضيقة، واليوم عادت الكرة إلى الشعب وأعتقد أن الأحزاب تخلت عن أدوراها، لذلك برأيي اليوم الكلمة لدى الشعب وإذا رضي الشعب بما هو عليه وما يصاغ له من سياسات فله ما أراد، وإن رفض الشعب هذا وانتفض عليه فله ما أراد.. الموضوع اليوم تجاوز الطبقة السياسية برمتها والأجسام الوسيطة برمتها واليوم هناك حاكما فعليا للبلاد يقف أمام شعبه، فإن رضي هذا الشعب بوضعه وما ألت إليه الأوضاع فله ذلك وإن رفض فله أيضا.

وفي تقديري فإن الأحزاب والأجسام الوسيطة لم يعد لها دور في ظل هذا الوضع.. لقد انتهى دورها، كان يمكن أن يكون لها دورا لو وقفت الأحزاب موحدة، حيث هناك لحظات تاريخية لا بد من اقتناصها وقد فرطت الأحزاب في هذه اللحظات التاريخية ولو تراجعون مواقفها يوم 26 جويلية كما ذكرت، فإن كثير من الأحزاب التي تقف في صف المعارضة اليوم كان تهلل لـ 25 جويلية.

هل ستلبي الرئاسة برأيك دعوة اتحاد الشغل لحوار وطني، وفي حال فشل ذلك كيف ستكون الخطوات التالية للاتحاد؟

اتحاد الشغل لم يقتنص الفرصة التاريخية.. في السياسة هناك مبدأ أساسيا “عندما لا تكون في الوقت فأنت تأتي متأخرا، وعندما تأتي متأخرا فأنه لم يعد لك جدوى ونفعا” وهذا ما حدث لاتحاد الشغل.

ولم يعد للاتحاد أمامه الكثير من الخيارات لأن الاتحاد كان مهللا لـ 25 جويلية، واعتبر أنه كان حبيس ما يشقه من عداء لحركة النهضة، ورأى في ذلك فرصة للثأر من تيار سياسي لا يستحسنه، ولكن اليوم يتبين له أن أكل الثور الأبيض وأن الدور أتى عليه، خاصة أن اتحاد الشغل اليوم محاصرا برفض شعبي متنامي يحمله مسؤولية هامة في ما آلت إليه الأوضاع بالبلاد عن حق أو عن غير حق، كما أن جامعاته يشقها اختلافات لاختلاف قياداتها وهي خلافات فكرية عن موجتهم نحو 25 جويلية.

هل تتوقع أن تتفاعل السلطة إيجابا مع دعوات المعارضة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وكيف تقيم وضع الحريات والحقوق في البلد؟

أعتقد أن السلطة لا تصغي لأحد وإنما إذا تراجعت اليوم فهي مجبرة على هذا التراجع، وأعتقد أن السلطة اليوم تتخبط في وضع لا يحسد عليه لأنها أمام واقع اقتصادي واجتماعي لا تجد له حلولا ولا تدري كيف تتعاطى معه فهي في مأزق، وإذا أحدثت انفراجا ما في الوضع الحقوقي فهي مرغمة على ذلك وليس خيارا منها، وإذا كان الخيار خيارها لزجت بأكثر من ذلك في السجون.

الواقع الحقوقي في تونس هو واقع بائس ولن أتحدث عما حدث لي من منع للسفر دون موجب لذلك، ووقع منعي من السفر ومراجعة النيابة العمومية.. فمن أين أتى هذا الأمر التسلطي حتى أمنع من السفر، فإذا كان جميع الموقوفين وجميع المستهدفين يعاملون بدون حجة أو برهان فهذا في الحقيقة يجعلنا نخاف كثيرا ونخشى كثيرا على واقع الحريات في البلاد.

كيف تقرأ مستقبل المعارضة التونسية وأنتم كحزب يتموقع بدوره في صف المعارضة؟

المشهد السياسي في تونس سيتشكل من جديد لكن لن يتشكل إلا بعد رحيل قيس سعيد وهو اليوم في خضم تجربة لم تعرفها تونس من قبل، وهي تجربة الشعبوية وهي نتاج مستوى من الوعي السياسي والعام في البلاد لم يأتي من عدم وساهمت معطيات عديدة في إفرازه أولها فشل من حكموا في سنوات ما بعد الثورة، ثانيا فشل المنظومة التربوية على بناء عقول قادرة على التحليل وفهم الأشياء وإعمال العقل فيها، فهذا كانت نتيجته أولا اللجوء إلى الاستنتاجات البسيطة والقبول بالشعارات الجوفاء دون القدرة على تحليل وفهم الخطاب السياسي، ما يجعل الناس تسوق وراء الترهات دون تبين آثارها ومخلفاتها. وهذا القوس لا بد أن يغلق يوما ما وبعد إغلاقها وككل تجربة مهما كانت سيئة فستخلف في النهاية الايجابية، لعلها الناس في المستقبل ستكون أكثر تدقيقا وأكثر حذرا وأكثر اهتماما بالخطاب السياسي وأكثر بحثا بمن يحمل طرحا جديا للبلاد.

هل حزب الاتحاد الجمهوري اليوم قادر على جذب الناخبين في ظل نفور الشارع من الأحزاب؟

الوضع الحالي نسف جميع العمل الحزبي وأضعف الأحزاب وفي الحقيقة هي ضعيفة بطبعها، لكن اليوم الأحزاب التي تجاهد في الاستمرار هي قليلة جدا، ولنا أن نتساءل هنا: لماذا هذه الديمقراطية التي أتت بعد الثورة لم تكن قادرة على السماح للأحزاب بالتواجد والاستمرار لأنه في خضم 240 حزبا الذي وقع الترخيص لها بالعمل كلها اندثرت ولم يبقى من الأحزاب الجديدة التي بعثت بعد الثورة إلا حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، كل الأحزاب التي ترونها اليوم هي أحزاب سابقة للثورة، فأي ثورة هذه التي لا تسمح للأحزاب بالوجود والاستمرار ولماذا لم تستمر وماهي المعوقات؟؟.. هذا هو السؤال الكبير.

واليوم في خضم الوضع الشعبوي الذي نعيش فيه وسط توجيه الاتهامات للأحزاب والسياسيين لكنها ترهات منافية للعقل وللمنطق، فعندما ينجلي هذا الوهم وهذا الاستخفاف وهذا الفهم السطحي لعلنا عندها سنبني حياة سياسية وحياة حزبية، لأنه لا حياة سياسية بدون أحزاب وإلا لتحول 12 مليون مواطن إلى 12 مليون حزبا كما هو الحال في النظام القاعدي لقيس سعيد.

هل ستفكرون في خوض تجربة المنافسة على السباق الرئاسي مرة أخرى؟

اعتقد أن الحديث عن ذلك سابق لأوانه، لأنه في الحياة السياسية اليوم بدهر وفي يوم واحد قد يحدث العديد من التغيرات والتقلبات، وعلى كل فقد أكد قيس سعيد ولجنة الانتخابات أن الانتخابات ستتم في موعدها المقرر، وقد تكون هذه بادرة طيبة على شرط أن لا يسمح سعيد لنفسه بأن يتلاعب بشروط الترشح كما وقع سنة 2009 في زمن بن علي لإقصاء منافسين بعينهم. ولو تمت هذه الشروط واجتمعت، وكان قرار الحزب أن نخوض هذه الانتخابات، ورأوا في شخصي الشخصية المثلى لتمثيل الحزب لعلي حينها مترشحا لهذه الانتخابات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here