متى ينتهي مخاض حكومة.. ”الكرونيكرات”؟

حياة بن يادم

المخاض هو مؤشر الولادة و هي الصعوبات التي ترافق تشكيل الحكومة. بدأ المخاض في الشهر الاول للمهلة الدستورية التي استنفدها الجملي دون وصول رأس الحكومة في وضعية مثالية للخروج من رحم المفاوضات.

تنطلق نوبة المخاض المؤلم من جديد في مطلع الشهر الثاني. حيث استنجد الجملي ب “كرونيكرات” الاعلام للقيام بمبادرة بين الاحزاب الاربعة النهضة والتيار وائتلاف الكرامة و حركة الشعب. قصد إيجاد حزام سياسي يمكّنها من العبور من باردو إلى القصبة.

و المتابعين لهذه المبادرة يرونها مستحيلة، مثلما دوّن الدكتور محمد ضيف الله في هذا الشأن قائلا “مبادرة جوهر بن مبارك والحبيب بوعجيلة للجمع بين الأحزاب الخمسة، النهضة، التيار، ائتلاف الكرامة، الشعب، تحيا تونس، هي مبادرة تعكس في اعتقادي حسن نية الرجلين، ولا أقول درجة من السذاجة. لأني أعتقد شخصيا، وأرجو أن أكون مخطئا، أن التصريحات بإمكانية تشكيل حكومة بين تلك الأطراف، يبدو أمرا مستحيلا.

نعم العداوات التاريخية أقوى من مصلحة الوطن. بمعنى أن الحواجز الإيديولوجية بين القوميين والإسلاميين هنا، لا يمكن تجاوزها، لما قد تكون لها من انعكاسات على الفكر وعلى الميدان إقليميا. وتونس من هذه الزاوية تابعة وليست قائدة. هل أمامكم من هو حر في التفكير أو التخطيط أو التصور؟”.

يتأكد كلام الدكتور، حيث فشلت عملية اقناع الاحزاب المذكورة، و أصبح غسيل جلستهم بتاريخ 16 ديسمبر 2019، منشورا على مختلف بلاتوهات التلفزات و الاذاعات. و تصبح المبادرة فرصة للمشاجرات و الاتهامات المتبادلة فيما بينهم. في حين يبقى رئيس الحكومة المكلف بتكليف “الكرونيكرات” بإدارة المبادرة المذكورة صامتا في دار الضيافة.

لكن حسب رأيي، هذه المبادرة ليست لايجاد حزام سياسي للجملي. لأن الحزام موجود في حدّه الأدنى بدون التيار و الشعب. بل هي فرصة لاتمام عملية الولادة دون تشوّهات و الخروج بحكومة سياسية قوية قادرة على الصمود اكثر ما يمكن الى حدود 2024.

هذه المبادرة من طرف اثنين من “كرونيكرات” الإعلام هي عبارة على الشهود أمام الرأي العام عند اتمام كتابة “صداق” حكومة الجملي. لكي لا تشكك الاطراف التي تنسحب من المبادرة في شرعية ميلادها.

على وقع الاسهال الحاصل في التعيينات في الوقت البدل الضائع لحكومة تصريف الاعمال. و وتيرة الاحتجاجات لطالبي الشغل، حيث ينفذ شباب القصرين اعتصاما أمام مجلس النواب منذ حوالي شهر و مهددين بالانتحار الجماعي. و شباب تطاوين المطالبين بتفعيل اتفاقيات الكامور و بإقالة الوالي. و رئيس لم يإن له بعد تحمّل مسؤولية رئيس دولة.

و رئيس مجلس نواب متهم بإغراق مكتب المجلس بالتعيينات. يمرّ مخاض الحكومة المرتقبة التي يعلق عليها التونسيين آمالهم في حلحلة الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، و تصحيح التعيينات المبنية على المصالح و الانتهازية، و ملئ الفراغ الرهيب الذي يعيشه الوطن، تمرّ بدورها بصعوبات و تقلصات و انقباضات في تشكيلها.

حيث نجد “الكرونيكر” الإعلامي جوهر بن مبارك يتقمص دور رئيس حكومة مكلف ليعلن حرفيا على قناة خاصة يوم 18 ديسمبر 2019، “نضع اللمسات الاخيرة على تشكيل الحكومة و كل الاصوات التي تدعي وجود مأزق غير دقيقة مشيرا بان الامور ايجابية حاليا”.

لتفنّده سامية عبو القيادية بالتيار اليوم 19 ديسمبر 2019، متهمة رئيس مجلس النواب و رئيس حزب حركة النهضة، و المفترض انهما متضامنين في إطار الحكومة المرتقبة، قائلة “ما اقترفته من تعيينات في المجلس يدخل في عالم الجريمة.. فمرحبا بك في عالم الجريمة.. الذي دخلته من الباب الكبير”.

لا ندري كيف سيكون الانسجام بين الحزبين المذكورين في الحكومة المرتقبة، الذي أعلن على بوادر انفراجها “الكرونيكر” المكلّف.

هل سنجد في الحكومة المرتقبة من يحمل همّ الوطن لا من يحمل الوطن همّهم؟. و متى ينتهي مخاض حكومة .. “الكرونيكرات” ؟.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here