محاولة جديدة لإسقاط حركة النهضة

51

بقلم : نصر الدين السويلمي

تحت إلحاح بعض الأمزجة سنغض النظر عن رحلة الــ خمسة عقود وسنتجاوز كل النجاحات منذ ولدت الفكرة قبل 50 سنة إلى أن صدر بيان التهنئة لسعيد والقروي وبذلك تصدت الحركة لخرق دستوري كان يمكن ان يعصف بالتجربة، دعونا من كل ذلك وهيّا نؤكد أن أخطاء كثيرة اقترفتها النهضة في مسيرتها، ثغرات وتقصير وخيارات مجانبة، كثيرا ما تحركت الحركة في الوقت الخطأ وتباطأت في وقت يحتاج إلى الحركة السريعة الحثيثة، كفاءات تأخرت واخرى تقدمت، ارتجالية في التعامل مع الشباب مع المرأة مع الجيل الوافد ومع الجيل السابق، مع جيل الثورة ومع جيل المحرقة، أخطاء بالجملة وربما بالتفصيل، كل هذا يطرح السؤال المهم أو الأهم، هل هي أخطاء من جنس العمل نتيجة لجسم يتحرك وينتج ويفعل ويغالب السلطة الغاشمة فيدفع الشهداء وينتزع السلطة من سلطة غاشمة سقط رأسها فتحولت الى عبوات اعلامية مالية سياسة ناسفة، هل نحن بصدد اخطاء ضمن المنسوب المسموح به، هل هي بعض مساوئ في سلة من المحاسن، أم ترانا أمام طغيان المساوئ على المحاسن..

هل يجب على الحركة أن تواصل المسيرة وفي الاثناء تقوم بإصلاحات داخلية، هل عليها أن تتوقف، تنسحب من الساحة لتنجز اصلاحاتها ثم تعاود الانطلاق، أم هي حركة استنفذت رصيدها وعليها أن تغادر الساحة! لا نحاكي هنا خصومها وإنما غلافها من أبناء ومتعاطفين والذين تميل قناعاتهم إلى أنها قد لا ترتقي الى المطلوب لكنها الأفضل ضمن الساحة الحزبية الجوفاء. وإذا كان الخيار مغادرة الساحة هل هي المغادرة الانتقامية؟ هل هو خيار املته الكراهية أم التأديب ام التشفي، أم الاشفاق على ساحة ارهقتها النهضة وستكون افضل ان هي اختفت؟!

ثم إذا طفح الكيل وغادرت النهضة، ستغادر لصالح من؟ لصالح النداء وتحيا وقلب والحر وعيش.. وقبل ذلك ، حين تستسلم وتحل نفسها وتختفي من الوجود، أي دهاليز ومطامير وحاويات ومخازن ستحمل ارشيفها، أين ستدفن ذكريات الشهداء والمساجين وقصص العذاب والتعذيب، أين سيدفن كل ذلك الصمود حين تحتم الصمود وكل تلك المرونة حين تحتمت المرونة وكل ذلك التنازل حين تحتم التنازل، لمن ستترك 1972 و 1981 و 1984 و1992 لمن ستترك 2 مارس 2011 و 23 أكتوبر 2011 و 6 ماي 2018 ثم لمن ستترك الثلاثاء العظيم، يوم 17 سبتمبر 2019..

لمـن؟ ثم كيف تموت النهضة عن سن 50 سنة بقنابل يدوية، بأيادي داخلية، كيف يختفي الحزب الذي تماسك لنصف قرن، وتبقى الأحزاب التي ولدت وانشقت وتناثرت في ظرف سنتين اثنتين!

إن المعارك الحاسمة السريعة لا تحتاج الى اللكلكة، تحتاج الى رؤية واضحة وشجاعة حتى وان كانت مجانبة او مصادمة، الكل يدرك عن بصيرة بأن الصراع التشريعي انحصر الان بين حركة النهضة وقلب تونس، واي عملية تخذيل من هنا أو هناك هي ستضعف النهضة او قلب، وعلينا ان نختار عن قناعة ويقين وبيّنة، لا يهم ان تكون قناعاتك تحولت تماما واصبحت تعمل على إسقاط النهضة، وتغذية خصمها، المهم ان تجاهر بذلك، وتعلن موقفك على الملء ان حزب قلب تونس او تحيا تونس اولى من النهضة بالقصبة، تلك قناعات تخلي ذمتك تماما من هذه الحركة، وتضعك في موقف صاحب الموقف، أما إغراق الزمن الانتخابي بالتذمر والتشاؤم والتخذيل والإحباط دون ان تكون لديك رؤية واضحة لتكاليف ذلك أو دون أن تتسلح بالجرأة للإفصاح عن ذلك، فتلك مهانة ومذلة وانهيار فضيع في منسوب المروءة..

والحل في كل ذلك، تكلم حتى نراك! أفصح عن حقيقة مرادك! قدم رؤية توازن بين غضبك وبين ايام على فتح متب الاقتراع، قدم بدائل لنسف كل هذا الموجود رئاسة مكتب تنفيذي مجلس شورى مكاتب جهوية لجان شخصيات حزام.. قدم رؤية شجاعة، تضمن النجاح في محطة 6 اكتوبر ثم امضي في إشفاء غليلك و تهدئة غضبك وتمرير قناعاتك.

السؤال الآن: هل تتضافر الجهود للحصول على نتائج مرضية خلال التشريعية التي تفصلنا عنها بعض أيام، أم ندفع نحو تسليم القصبة إلى نبيل القروي، هل ندفع باتجاه ليلة يسهر فيها اعلام العار على نخب نكبة جديدة يطل العماري وبوغلاب والقصوري ومددهم بوجوه مكفهرة كما اطلوا ليلة 16 سبتمبر، أم ندفع باتجاه موائد اعلامية شهية ينهشون فيها ما تبقى من لحم النهضة، ثم يذهب أبناء حركة عمرها 50 سنة يتسكعون على الأحزاب والعائلات الأخرى علهم يجدون مأوى للأيتام في بيت رعاية على ملك حُزيبات الأنابيب الاصطناعي.

تدوينة لفتت انتباهي لناشط في حملة المنجي الرحوي، بعد ان استفزه أحد أبناء النهضة بقوله “نحن فكّكنا السيسيتام وانتم ماذا فعلتم” رد عليه “انتم فككتم السيستام ونحن فككنا النهضة…!” لا تسبقوا الوطد الى ذلك، فتفكيك حركة بكل هذا الزخم وتلك التضحيات والانجازات، لا يمت للشرف بصلة، وقد يخجل منه الخجل، والذين يبددون الوقت في التجريح على امل انقاذ المركبة في اللحظات الاخيرة، كمن يأتي إلى الملعب للمشاركة في المقابلة بعد مغادرة اللاعبين وطقم التحكيم والجمهور، حين يستفيق البعض سيكون قيس سعيد قد كلف قيادي قلب تونس بتشكيل الحكومة، وسيكون السيستام قد نجح في التأليف بين مكوناته، واتفقت تحيا وقلب والحر والنداء وعيش على تأثيث القصبة، حينها سيموت الأحرار كمدا، وسيرسم السفهاء على جدرانهم علامة الشماتة “ههههههههه” يشمتون تماما كما بدرة قعلول كما محمد بن زايد كما علية العلاني…كما كل الذين السرُّ في مأساتهم صراخهم أضخمُ من أصواتهم وسيوفُهم أطولُ من قاماتهم.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here