محسن النابتي لـ”أفريقيا برس”: الضربات القاسية التي وجهتها إسرائيل إلى لبنان وغزة عجلت بانهيار النظام السوري

57
محسن النابتي: الضربات القاسية التي وجهتها إسرائيل إلى لبنان وغزة عجلت بانهيار النظام السوري
محسن النابتي: الضربات القاسية التي وجهتها إسرائيل إلى لبنان وغزة عجلت بانهيار النظام السوري

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. في معرض تعليقه على التطورات الأخيرة في سوريا، اعتبر محسن النابتي، الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي في تونس، في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الضربات القاسية التي وجهتها “إسرائيل” إلى لبنان وغزة عجلت بانهيار النظام السوري”، لافتا إلى أن “استشهاد السيد حسن نصر الله، كان نقطة التحول الاستراتيجي في المنطقة حيث أضعفت محور المقاومة سياسيا ومعنويا”.

ورأى أن “نظام الأسد تعرض إلى إعياء بعد صموده 13 عاما بسبب تداخل القوى الدولية والإقليمية والجماعات الإرهابية في الحرب السورية”، معتبرا أن “الهدف من إسقاط النظام هو تقسيم البلد إلى دويلات كردية وسنية وعلوية تحت هيمنة إسرائيل”، مشيرا في ذات السياق إلى أن “تونس يجب أن تتعاطى بحذر كبير في هذا الملف بالذات ويجب أن تأخذ كل الاحتياطات خاصة على الصعيد الأمني، وأن ينتبه الرئيس قيس سعيد أكثر لما يحدث في المنطقة”.

ما هو موقف التيار الشعبي من التطورات في سوريا بعد إطاحة المعارضة بنظام الأسد خاصة أنكم حزب قومي معروف عنكم دعمكم للنظام السوري؟

نتمنى أولا أن تبقى سوريا لأن القضية منذ اليوم الأول ليست قضية نظام وإنما قضية سوريا الدور والتاريخ والجغرافيا، نحن نتعاطى مع الأمور بمنظور مختلف فنحن ندرك أن الهدف هو إعادة تشكيل المنطقة وفق خرائط الدم وسوريا كانت أولوية للتقسيم، واليوم بعد سقوط النظام وتفتت الجيش على الأرض جماعات متعددة العقيدة والولاء على طول الجغرافيا السورية، سيكون بذلك الجيش والأجهزة الأمنية في مرمى استقطاب لهذه الجماعات من كل الأصناف.

العدو الصهيوني يتقدم على الأرض وفي الجو حيث أحال كل تحصينات ومعدات الجيش الإستراتيجية إلى ركام ويضرب من الفرات شرقا حتى الجولان، تركيا صاحبة اليد الطولى وروسيا ستحاول الإبقاء على حد ولو قليل من وجودها، إذن وضع سوريا صعب جدا وخطير، لذلك نتمنى أن تبقى سوريا كدولة وبعد ذلك الشعب السوري أدرى بوضعه الداخلي فهو صاحب تاريخ كبير ودور حضاري وهو مركز الثقل الحضاري للأمة العربية.

هل استغلت الجماعات المسلحة غضب الشارع من النظام للاستيلاء على الحكم؟

الحرب السورية لها 13 عاما تداخلت فيها كل قوى العالم من التنظيمات الإرهابية إلى الجماعات الأخرى المسلحة إلى قوى دولية وإقليمية، وتعرضت سوريا للحصار والتجويع كما تعرض النظام لحصار وضغط دام 13 سنة قبل احتلاله وانهياره، اليوم بعد 13 عاما وصل الجيش والدولة إلى الإعياء التام ولم يعد قادرا على الاستمرار فحصل الانهيار، وأمام انسداد الأفق السياسي والعسكري والضغط المستمر، انهارت الأوضاع، ويمكن الفشل في إيجاد تسوية سياسية طيلة السنوات الفارطة، جعل الأمور تنهار بهذا الشكل الدراماتيكي، كان يمكن أن يحدث التغيير بأقل كلفة وبسيناريو أفضل لكن ربما تسارع الأحداث إقليميا ودوليا وخاصة الضربات القاسية التي وجهتها إسرائيل لسوريا ولبنان وغزة وبدعم أمريكي وأطلسي بموازين قوى مختلة عجلت بالانهيار. طبعا دون أن ننسى الاحتقان الاجتماعي وانهيار الخدمات وخاصة بعد الحصار والحرب وانهيار الليرة وتآكل قوة الجيش وإرهاقه وخاصة عدم وجود أفق سياسي للأزمة والعجز وعدم الاستعداد لإحداث تغيير جذري في تركيبة الحكم ومشاركة قوى أخرى، جعل المعركة بلا أفق وأيضا ساهمت قوى دولية وخاصة تركيا وأمريكا وإسرائيل في مزيد من تعفين الوضع للحد الذي أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه.

كيف سقط بشار الأسد في عشرة أيام رغم صموده 13 عاما؟

ببساطة 10 أيام هي نتيجة لصراع دام 13 عاما، لا يمكن فصل الأمور عن بعضها، نفس السؤال لما سقط العراق قالوا كيف يسقط في أقل من ثلاثة أسابيع قلنا الثلاثة أسابيع تجلت فيهم نتيجة 13 سنة حصار وتقويض لقدرات الدولة والجيش وإنهاك للشعب، فحصل الانهيار وغيره من التجارب، الحقيقة أن دول عربية وضعت في مواجهات غير متكافئة وأي مواجهة غير متكافئة تنتهي بانهيار الطرف الأضعف خاصة إذا طال الصراع.

هل سقوط الأسد نتيجة ما تلقاه محور المقاومة من نكسات خاصة مع استشهاد السيد نصر الله؟

استشهاد السيد حسن نصر الله كان نقطة التحول الاستراتيجي التي شكلت الضربة القاسية لمحور المقاومة وأضعفته سياسيا ومعنويا وتشعر وكأن بغيابه فقد المحور زخمه وخاصة قوته السياسية وحضوره.

هناك مخاوف من تداعيات سلبية على استقرار وأمن المنطقة العربية خاصة شمال أفريقيا ومنها تونس بعودة المقاتلين في صفوف داعش إلى البلاد، ما رأيكم في ذلك؟

سقوط سوريا تداعي استراتيجي لا أحد يستطيع أن يتصور مآلاته على سوريا والمنطقة وعلى العالم، ولكن أكيد أن سوريا لن تبقى كما كانت، الهدف الإسرائيلي والأمريكي والتركي هو تقسيم سوريا إلى دويلات كردية وسنية وعلوية تحت هيمنة “إسرائيل”، كما يحاول العدو فرض ما يسمى ممر داوود لربط الجولان بالمنطقة الكردية لعزل سوريا عن العراق وربط كيان العدو بشرق الفرات والهدف هو إقامة إسرائيل الكبرى.

سوريا الآن بيئة مفتوحة لكن الجماعات المتطرفة التي تراجع حضورها بعد 2018 بانهيار داعش والإخوان المسلمين، اليوم سوريا دولة كبرى مفتوحة للجماعات الجهادية حتى التي تراجعت ترى فيها فرصة لإعادة بناء نفسها، والأكيد أن كثير من الجماعات ستعود لسوريا فهناك المقاتلين المدربين والسلاح خاصة بعد تفكك الجيش ومخازنه باتت تحت قصف العدو الصهيوني، سوريا ستكون بوابة عودة لكل الجماعات الأكثر تطرفا وبيئة رخوة للعدو الصهيوني لخلق كل ما يهدد استقرار المنطقة.

كيف ستتعامل الدبلوماسية التونسية مع التغيير السياسي في سوريا حسب تقديركم؟

تونس يجب أن تتعاطى بحذر كبير في هذا الملف بالذات ويجب أن تأخذ كل الاحتياطات، فتونس ارتبطت بالملف السوري في بدايته بمؤتمر أصدقاء سوريا وعمليات التسفير، ثم بعد 25 جويلية أعادت تونس العلاقات مع سوريا وفتحت باب المحاسبة في ملفات الإرهاب والتسفير واليوم انقلبت الأمور رأسا على عقب خاصة وأن المجموعات السورية مع رعاتها الأتراك تتواجد بكثافة في الغرب الليبي، وكثير من رموز حركة النهضة خاصة الفارين يقومون بحملة كبيرة ضد تونس في محاولة للاستفادة من الزخم الذي حصل لهذه الجماعات الصديقة لهم بعد استيلائها على سوريا، وبالتالي علينا الحذر أمنيا.

من جهة أخرى يلزم فعل سياسي شعبي في البلاد لأن الفراغ الحالي مخيف حقيقة، وعلى الرئيس أن ينتبه لما يحصل في المنطقة، كذلك تونس يجب أن تعد إستراتيجية لمواجهة فرض التطبيع على كل الدول بعد وقف الحرب على غزة وقدوم ترامب الذي سينفذ صفقة القرن، فكيف نحافظ على موقف مبدئي رافض للتطبيع والاعتراف بالعدو الصهيوني في بيئة عربية ستكون تحت سيطرة نتياهو بالكامل؟ يجب تحصين الأمر شعبيا ورسميا وتجنب وضعنا في وضع ابتزاز سواء بالوضع الاقتصادي أو الأمني، فكلما كانت البيئة الداخلية متماسكة ومتينة كلما كان هامش المناورة أوسع للنظام.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here