أفريقيا برس – تونس. أكد محمد التليلي المنصري الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، في حواره مع “أفريقيا برس” أن مواعيد الاستحقاقات الانتخابية ثابتة وواضحة وذلك على إثر التكهنات والمخاوف بشأن تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراءها العام القادم نتيجة تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلد.
وبين المنصري أن الأولوية بنسبة لعمل الهيئة في الوقت الحالي هو الاستعداد لانتخابات المجالس المحلية ثم المرور إلى إرساء الغرفة الثانية بالبرلمان وهو المجلس الوطني للأقاليم والجهات، لافتا إلى حرص الهيئة على العمل باستقلالية وحيادية وبعيدا عن التجاذبات السياسية.
ومحمد التليلي المنصري هو محامي تونسي ورئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ نوفمبر 2017 حتى استقالته في جويلية/يوليو 2018 وتخلى رسميا عن منصبه بعد انتخاب نبيل بفون رئيسا للهيئة خلفا له في 30 يناير2019، وفي مايو 2002 عيّنه الرئيس قيس سعيد عضوا بهيئة الانتخابات الجديدة ويتولى خطة الناطق الرسمي باسم الهيئة منذ 22 يوليو 2022.
حوار آمنة جبران
هناك مخاوف تصاعدت في الآونة الأخيرة بخصوص إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية، ما تعليقكم على ذلك؟
أولا أريد التأكيد على أن الانتخابات الرئاسية مازال لم يقترب موعدها وبالتالي من السابق لأوانه للحديث عنها باعتبار أن المسار الانتخابي يتم الحديث عنه وتنظيمه والمصادقة على رزنامته قبل 6 أشهر من موعد الاقتراع، وثانيا بالنسبة لهيئة الانتخابات فقد أصبحت الانتخابات الرئاسية من الانتخابات الدورية المعلومة بصفة مسبقة، ونعلم جميعا كهيئة الانتخابات أننا نعمل في ظل قانون انتخابي الساري المفعول وهو قانون 2014 والباب المتعلق بالانتخابات الرئاسية لم يقع تنقيحه أو إلغائه، ما يعني أنها ستحافظ على مواعيدها الدورية وأنها ستكون في خريف عام 2024 وحتى رئيس الجمهورية من خلال لقائه برئيس الهيئة أو حتى من خلال تصريحاته يؤكد على ضرورة المحافظة على المواعيد الانتخابية، هذا يعني أننا كهيئة انتخابات مواعدينا الانتخابية ثابتة وواضحة خاصة بالنسبة للمواعيد الدورية الثابتة والمعلومة بشكل مسبق.
ماذا عن استعدادات هيئة الانتخابات لانتخابات المجالس المحلية التي وصفتها بأولوية الاستحقاقات الانتخابية القادمة؟
في الواقع بدأت هيئة الانتخابات منذ صدور المرسوم عدد 10 والعدد 8 في تحضيراتها واستعداداتها خاصة بالنسبة لانتخابات المجالس المحلية لأن انتخابات المجالس المحلية هي خطوة نحو إرساء الغرفة الثانية للبرلمان وهو المجلس الوطني للأقاليم والجهات، وفي إطار استعداداتنا ووفقا للمرسوم فقد كان هناك تقسيم جديد للدوائر الانتخابية الضيقة على العمادات، نعلم جميعا أنه لدينا 2085 عمادة لكن توصلنا كهيئة انتخابات أنه ليس لدينا خارطة رسمية للعمادات وفي التحديد الترابي للولايات وللمعتمديات، لذلك انطلقنا في مشروع وطني لم تشرف عليه الهيئة لكن دورها كان تنسيقيا، حيث أن التحديد الترابي للعمادات من مهام السلطة التنفيذية خاصة وزارة الداخلية، لذلك كان عملنا الأول هو كيفية ضبط الحدود الترابية للعمادات حتى تصبح لها صبغة رسمية وتنشر في الرائد الرسمي وللمصادقة على قرارات التحديد الترابي وهو عمل فني قد قمنا به.
أما العمل الميداني فقد شاركت فيه جميع مؤسسات الدولة بما فيه المعهد الوطني للإحصاء ومركز الاستشعار عن بعد ورسم الخرائط، وقد انطلقنا في مرحلة صدور قرارات المصادقة على التحديد الترابي وكانت البداية مع ولاية توزر عن قرار إداري لوزير الداخلية، ثم الخطوة الثانية بعد التحديد الترابي هو المصادقة الرسمية على الخرائط، وستكون من مهام الهيئة هي تقسيم الدوائر الانتخابية خاصة بالنسبة للمعتمديات التي فيها أقل من خمسة عمادات، هذا العمل التحضيري مهم لأنه عند صدور أمر دعوة الناخبين نحن مطالبين بتنظيم الانتخابات في فترة لا تتجاوز 3 أشهر وحتى لا نكون مضغوطين بعامل الوقت انطلقنا في هذه الاستعدادات ونحن حاليا جاهزين لدخول مرحلة تحيين السجل الانتخابي من خلال ربط الناخب بدائرته الانتخابية وتقريبه لمركز الاقتراع، جاهزون لكل ذلك ومستعدون لهذه الأعمال، ننتظر فقط مخرجات هذا العمل والتنسيق مع رئاسة الجمهورية في خصوص تحديد الموعد النهائي لهذه الانتخابات.
هل برأيك ستنجح الاستحقاقات القادمة في كسر تحدي العزوف وحشد الشارع للتصويت، أم أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تلقي بضلالها سلبا على هذه الاستحقاقات؟
ليس أمامنا خيار آخر حيث يجب إرساء مؤسسات الدولة، لقد تم في البداية إرساء مجلس نواب الشعب، الخطوة الثانية حاليا هو إرساء مجلس الجهات والأقاليم لأن إرساءه أمر مهم وضروري باعتبار أنه لا يجب أن يكون هناك فارق زمني كبير بين بداية أشغال الغرفة الأولى وبداية أشغال الغرفة الثانية للبرلمان، ثانيا نعلم جميعا أن الغرفة الثانية لها مجالات تدخل في الدستور ما يتطلب ذلك مصادقة ثنائية على بعض القوانين مثل قانون الميزانية والمخططات الوطنية والتنموية، لذلك نحن مجبورين على أن يقع إرساء هذه المؤسسات، وطبعا بخصوص نجاعة الانتخابات وضمان مشاركة عدد أكبر من الناخبين هو أيضا من اهتمامات ومشمولات ومن واجبات الهيئة، لذلك تحديد الموعد مهم ولذلك تجنبنا إجراء الانتخابات في فصل الصيف وأن تكون في الخريف حيث عادة ما يكون في هذه الفترة استقرارا اجتماعيا للعائلات التونسية، كما تعودنا تاريخيا أن تكون الانتخابات في تلك الفترة من السنة، وبالإضافة إلى الجانب اللوجستي والبشري في هذه الاستعدادات نبحث عن النجاعة في تحديد مواعيد الاستحقاقات أيضا.
وبالنسبة لإشكالية المشاركة ونسب المشاركة في الانتخابات فذلك ليس من مسؤوليات هيئة الانتخابات فقط، هناك عدة عوامل يجب أن تكون متوفرة لضمان المشاركة لأن الجانب الاقتصادي له دوره والجانب الاجتماعي والأداء السياسي كذلك.. كلها عوامل تؤثر في المشاركة ونحن مطالبين بإرساء هيئات الدولة مع ضرورة القيام بواجبنا كهيئة للتحسيس بعمليات التحيين بكل دقة ولربط الناخب بمركز الاقتراع الخاص بجهته.
ونأمل على كل حال أن نساهم كواجبنا كهيئة انتخابات وبقية مؤسسات الدولة في تحسين الأداء ونأمل أن تتحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطن حتى نضمن حد أدنى من المشاركة في كل المواعيد الانتخابية القادمة، لكن لا ننسى أيضا أن هناك اختلافا في نسب المشاركة وذلك حسب نوعية الانتخابات فبينما يكون هناك عزوف في الانتخابات التشريعية يكون هناك إقبال على التصويت في الانتخابات الرئاسية، وهذه المسائل تتطلب دراسة علمية اجتماعية تكون في إطار تقييم موضوعي وليس ذاتي للمشاركة في كل المسارات.
تحدثت عن أهمية إرساء مجلس الأقاليم والجهات في حين هناك من يتحدث عن تداخل صلاحياته مع البرلمان، ما رأيكم؟
أوضح الدستور الجديد بعض القواعد ومجالات تدخل مجلس الأقاليم والجهات فهو يشارك فقط في صياغة قانون المالية ومخططات التنمية المحلية لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك قانونا واضحا وصريحا يحدد بكل دقة مجال تدخل المجلس النيابي وصلاحيات والحقوق والواجبات الخاصة بكل غرفة والعلاقة بينهما مع ضرورة وجود المحكمة الدستورية التي تنظر في دستورية القوانين في حال وجود أي إشكال، لذلك من الضروري أن تكون مؤسسات الدولة موجودة والقوانين المتعلقة بكل الاختصاصات بما فيها المجالس المحلية، يحب أن يكون هناك تدخل تشريعي واضح لتوضيح مهامها.
برأيك هل يكفي التفكير في اعتماد طريقة جديدة لعُضوية هيئة الانتخابات لتجاوز خلافات الهيئة التي تزايدت مؤخرا وهو حل اقترحته في السابق؟
في هيئة الانتخابات جربنا عدة حلول لتجنب الخلافات، في السابق كانت الانتخابات تتم عن طريق المجلس التشريعي وعبر توافقات تصل إلى حدود 145 صوتا ورأينا كيف كانت المسألة صعبة جدا حيث تتطلب توافقات كبيرة وكان هناك العديد من الإشكاليات، لكن عبر المرسوم الجديد وقع التفكير في طريقة أخرى عن طريق الترشيح من قبل المجالس وهي مجلس القضاء العدلي ومجلس القضاء الإداري والمؤسسات التي يعود إليها الأعضاء ثم في النهاية رئيس الجمهورية يقوم بعملية الاختيار والتعيين.
وهذه المسألة مطروحة حاليا داخل مجلس نواب الشعب لأنه مطالب بإصدار القانون الأساسي للهيئة الجديدة على ضوء الدستور الجديد ومن المؤكد سيقع التفكير في المسألة ومن خلال الاستماع إلى أهل الاختصاص وتطبيق المعايير الدولية لأنه مازلنا لا نعلم هل ستكون الهيئة منتخبة أم عن طريق التعيين وهل هي من اختصاص رئيس الجمهورية أم المجلس التشريعي وأي القطاعات المعنية بأعضائها، كل ذلك سيكون مطروحا أمام البرلمان في إطار النظر في القانون الخاص بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وحاليا هيئة الانتخابات تعمل في ظل مرسوم رئاسي وهي متكونة من سبع أعضاء وليس عن طريق التعيين بل عن طريق اختيار بين المترشحين، لذلك عملنا حاليا هو عمل قانوني إلى حين إصدار قانون جديد ينظم عملها وفق القواعد التي ذكرتها.
هل تعتقد أن التجاذبات السياسية تشوش على عمل هيئة الانتخابات، وما تعليقكم عن الدعوات التي طالبت مؤخرا بإنهاء مهام الهيئة؟
هيئة الانتخابات هي هيئة تابعة للدولة وقد تعودنا نحن بالهيئة على هذه التجاذبات، ونأمل أن نكون بمنأى عن التجاذبات السياسية وليست لنا علاقة بها، ونحن نؤكد مرة أخرى أن الهيئة تابعة الدولة، ويجب الحفاظ على هذه المؤسسة التي لها تاريخ وأرشيف منذ سنة 2011 حيث شاركت في 15 مسار انتخابي كما لديها إدارة تنفيذية بخبرات كبيرة قادرة على القيام بأي انتخابات بأي وقت هذه حقيقة، ولديها إدارة مركزية في جميع المجالات قانونية وجانب أرشيفي ممتاز وعلينا الحفاظ عليها.
ويؤكد عملنا على استقلاليتنا وحيادنا حيث نعمل تحت رقابة المحكمة الإدارية التي تراقبنا في كل المسارات بدأ من التسجيل ووصولا بالتصريح بالنتائج ونعمل تحت رقابة خبراء محاسبين وتقاريرنا نقدمها لرئاسة الجمهورية والبرلمان وكل أعمالنا منشورة بالرائد الرسمي بكل تفاصيلها هذا هو المهم، لكن ليس لنا إشكال مع النقد البناء بل نتفاعل معه لتطوير مؤسسات الدولة.
وبخصوص الدعوات التي تطالب بإنهاء مهامها فنحن نرد بالقول بأنه لا يوجد من يعوض الهيئة حاليا حتى نطالب بذلك، وأعتقد أن هذه الدعوات عبثية لأنه على الأقل يجب التفريق بين إنهاء مهام الأعضاء أو إنهاء مهام المؤسسة، لأن إنهاء مهام المؤسسة يعني إرجاع الأمر إلى وزارة الداخلية ولا أعتقد أن الشعب التونسي يقبل بذلك..لا نستطيع العودة إلى الوراء، وهذه الانتخابات هي ضمانة لكل التونسيين وأعمالنا تدل على شفافيتنا وقد رأيتم خلال النتائج الأخيرة للانتخابات التشريعية كيف كانت نسب إقرارها عبر القضاء الإداري.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس