منذر ثابت لـ”أفريقيا برس”: تونس بحاجة إلى توحيد جبهتها الداخلية في مواجهة التحولات الإقليمية والدولية

55
منذر ثابت لـ
منذر ثابت لـ"أفريقيا برس": تونس بحاجة إلى توحيد جبهتها الداخلية في مواجهة التحولات الإقليمية والدولية

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشار المحلل السياسي منذر ثابت في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أن “تونس بحاجة إلى توحيد جبهتها الداخلية في مواجهة التحولات الدولية والإقليمية حيث أن العودة إلى الحوار السياسي أمر ملحّ ومهم في عملية البناء وفي الحفاظ على الاستقرار”.

ورأى أن “الرئيس قيس سعيد وضع يده على جزء مريض من الاقتصاد التونسي وهو القطاع الزراعي حيث أن الحرب على الفساد محور أساسي في سياساته غير أن نتائجها لن تظهر في المستقبل القريب كما أن الدولة بحاجة إلى مزيد من الإصلاحات”، لافتا في سياق آخر إلى أن “القطيعة بين حركة النهضة ونظام 25 جويلية ستبقى مستمرة، متوقعا حل الحركة في آخر المسار القضائي”.

ومنذر ثابت هو ناقد وباحث تونسي في العلوم السياسية والفلسفة، كما له مسيرة سياسية وحقوقية نشطة حيث كان ضمن الحركة الطلابية أقصى اليسار ثم انتقل إلى الحزب الليبرالي، وهو مؤسس للشبكة الليبرالية العربية.

أي مستقبل لحركة النهضة التونسية بعد سجن نورالدين البحيري وأبرز قياداتها مؤخرا إضافة إلى غلق مقارها في المشهد التونسي؟

في تقديري فإن سجن رئيس الحركة راشد الغنوشي هو العنوان الأبرز في أزمة النهضة، فهي حركة لم يسعفها قدمها النسبي لتجنب المحن حيث عادت في ظرف زمني وجيز إلى الشتات والسجون في ظل سلطة عملت على دعمها في انتخابات الرئاسة سنة 2019.

ولادة الحركة الإسلامية في تونس كانت في سياق الحرب الباردة وتخطيط الولايات المتحدة لقطع الطريق أمام تمدد التيارات الشيوعية في المنطقة العربية، ولا يخرج الراهن عن نفس المصنع حيث كان الربيع العربي من حيث هو ثورة ملونة، الإطار العام الذي دفعت الإدارة الأمريكية من خلاله لحكم الإخوان في المنطقة ضمن تحالف هجين بين الإسلاميين واليسار تحت مسمى التحالفات العابرة للإيديولوجيات، ولم ينجح الإخوان في تجربة الحكم بل سرعان ما نفذ حسابهم الشعبي وتفاقم دينهم في صلة بقضايا التنمية والحكومة عموما.

وبرأيي اتجاه الأحداث يؤكد القطيعة بين حكم 25 جويلية والإسلام السياسي الذي صنفه نظام الحكم الجديد ضمن الطابور الخامس للاستعمار، غير أن القطيعة السياسية لا تعني ضرورة الحسم في صلة بالمرجعية الفكرية، فالمواقف الرسمية للسلطة تستهدف القيادة والتنظيم دون الجمهور والقواعد النصيرة للحركة، فـ 25 جويلية تنهل من التراث والهوية الإسلامية دون تحفظ، ومهما يكن من أمر فمستقبل النهضة تحت حكم الرئيس قيس سعيد محسوم حيث يتوقع حل التنظيم في آخر المسار القضائي.

كيف تقرأ مستقبل الإسلام السياسي في المنطقة بعد عودة دونالد ترامب للرئاسة؟

ملامح عودة ترامب للبيت الأبيض والفريق الذي سيرافقه خلال ولايته الجديدة غير مواتية للتيارات الدينية في المنطقة، حيث أن ترامب يجمع بين التشدد تجاه إيران ومناهضته لبرنامجها النووي ولسياساتها التوسعية في المنطقة وأيضا للربيع العربي والخراب الذي خلفته سياسات الإدارة الديمقراطية في المنطقة العربية، على كل سياسة تقليم الأظافر الإيرانية في المنطقة وإضعافها دون إنهائها ستكون مربحة لتسويق السلاح الأمريكي في الخليج، علما وأن السلاح الأمريكي مثل 40 بالمئة من مبيعات السلاح في العالم ويستحوذ الشرق الأوسط على 50 بالمئة من مبيعات السلاح الأمريكي علما وأن التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي مضمون في كل الحالات مهما بلغت مبيعات السلاح لبلدان الخليج، فالخط الأحمر الوحيد في السياسات الأمريكية في المنطقة هو أمن الكيان الإسرائيلي.

ما هي رسالة الرئيس سعيد من خلال زيارته المفاجئة للمدن أو إلى الزياتين الزراعية، هل أراد أن يطمئن الناس أن المعركة ضد الفساد جدية ولا ترتبط بحملة رئاسية أو بولاية رئاسية؟

الحرب على الفساد محور مركزي في خطاب الرئيس قيس سعيد وفي سياساته ومعلوم أن الفساد يضرب مباشرة التنمية ويمنع العدالة بين المواطنين في مستوى الحظوظ الشرعية في التعليم والصحة والخدمات على اختلافها لكن هذا المفهوم المركب يحتاج التفكيك لتعدد عناصره وتداخلها، فالحرب على الفساد تفترض البحث في أسبابه ودوافعه الاجتماعية والثقافية، إضافة إلى منظومة الحوكمة وعلاقتها بمعيار الشفافية والزبونية ومستوى التأطير ونظام الرقابة، وفي كل الحالات ضروري أن ننتبه إلى أن اللقاء بين الفقر والمجتمع الاستهلاكي لا يقود إلا إلى اكتساح الفساد لكل المجالات.

ويمكن بالفعل القول أن القطاع الفلاحي العمومي شهد بالفعل مرحلة إهمال وإتلاف ضمن نموذج اقتصادي يعتبر الفلاحة قطاعا ثانويا بمستوى ضعيف من التشغيلية، كما أن ارتفاع كلفة الإنتاج في أكثر من اختصاص مقارنة بالسعر في السوق الدولية كانت حجة للاهتمام بالقطاعات ذات القيمة المضافة العالية في حين أن الاستثمار في المجال الفلاحي والمراهنة على التصدير خاصة إلى السوق الأوروبية تمثل أفقا حقيقيا لتطوير القطاع مع اعتبار التحدي المركزي المتصل بالإصلاح الزراعي الشامل في مستوى منع تشتت الملكية وبعث المؤسسات الاستثمارية وإصلاح المؤسسات القائمة.

وبالفعل مستقبل الفلاحة من مستقبل العالم الجائع حيث أن 733 مليون جائع في العالم وفق إحصاءات الأمم المتحدة لسنة 2024، وقد وضع الرئيس سعيد يده على جزء مريض من الاقتصاد التونسي خاصة أن البلاد عاشت مرحلة ضمن العالم خلال أزمة الكوفيد معني الحاجة إلى الغذاء وعودة الدول إلى القرصنة من أجل ضمان الحياة، وعليه من الضروري بعث نظام الحوكمة داخل المؤسسات العمومية وتحديد شروط نجاح المؤسسات الاقتصادية بعيدا عن أي إيديولوجيا.

هل يمكن أن تؤدي تسوية هذا الملف إلى تحقيق نتائج هامة، وأن يدر على البلاد عائدات هامة يمكن استغلالها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية؟

النتائج الاقتصادية لا يمكن أن تظهر في المستقبل القريب، حيث أن الإصلاح الهيكلي للمؤسسات العمومية يحتاج الكثير من الوقت مع علو كلفته المالية لكن يمكنه أن يقلص العجز المالي لهذه المؤسسات وهذه خطوة هامة نحو حلحلة الملف، وبرأيي تعافي الاقتصاد سيكون أمرا ممكنا بعد الإصلاح فنحن في الواقع بصدد تقليص كتلة الأجور والحد من الدعم الموجه للمواد الأساسية وتفكيك منظومة الاقتصاد الريعي، وأعتقد أننا في خطوات متقدمة من الإصلاح الهيكلي، ومن الضروري ضمان التوازي بين الإصلاح والتحفيز حتى يستعيد الاقتصاد عافيته.

لماذا لا يقبل الرئيس بمشاركة المجتمع المدني والطيف السياسي على غرار الحكومة لأجل إيجاد حلول جماعية لتجاوز الصعوبات بالبلاد؟

الحوار السياسي أمر ضروري في عملية البناء والتعدد في المقاربات والأطروحات أمر صحي يدفع نحو تعديل المواقف ومراجعة الخطط، باعتقادي أن الحكومة مطالبة بهذا التمشي أكثر من أي وقت مضي خاصة وأن الأوضاع الإقليمية والدولية جد هشة، لذلك تونس بحاجة لتوحيد جبهتها الداخلية.

هل تعتقد أن الولاية الرئاسية الجديدة لسعيد تحتاج إلى خطاب جديد وأدوات جديدة تتجاوز الزيارات وتوصيف المشاكل والمرور إلى مرحلة التطبيق والانجاز؟

حسب تقديري ووفق ما أكدته في أكثر من مناسبة، فإن أبرز الأولويات في هذه المرحلة هو ضرورة صيانة أمننا القومي في ظل التحولات الإقليمية والدولية، وعلينا أن نعيد النظر في المساءلة الديمغرافية وفي سياستنا الدفاعية وهذا لا يحمل إلا على اقتصاد متين ولا يتحقق إلا بتنمية مستدامة لعموم مكونات المجتمع.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here