ناجي جلول لـ”أفريقيا برس”: آن الأوان لمصالحة وطنية في تونس بعيداً عن شيطنة السلطة والمعارضة

57
ناجي جلول: آن الأوان لمصالحة وطنية في تونس بعيداً عن شيطنة السلطة والمعارضة
ناجي جلول: آن الأوان لمصالحة وطنية في تونس بعيداً عن شيطنة السلطة والمعارضة

حوار آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أكد ناجي جلول رئيس حزب الائتلاف الوطني في تونس في حواره مع “أفريقيا برس” أنه “آن الأوان لتحقيق مصالحة وطنية في تونس باعتبارها الطريق إلى النجاة من كل الأزمات التي تعاني منها البلاد إضافة إلى الحاجة إليها في ظل المتغيرات الدولية”.

ورأى أنه “على المعارضة أن تقبل بشكل قطعي ونهائي كون الرئيس قيس سعيد هو رئيس منتخب، في المقابل فإن السلطة مطالبة بإطلاق سراح المساجين والمعتقلين السياسيين حيث أن المناخ المشحون لا يشجع على الاستثمار ولا يخدم مصلحة البلاد”، لافتا إلى “ضرورة توقف المعارضة عن الخطاب المتشنج والعودة إلى البرامج والصراع النزيه وسياسة الأفكار واحترام الصلاحيات، وإلى ضرورة تكوين جيل جديد من السياسيين وتشبيب الحركة السياسية بهدف تطوير أداء الأحزاب واستعادة وزنها وثقلها في المشهد”.

وناجي جلول هو رئيس حزب الائتلاف الوطني، وسبق أن شغل منصب وزيرا للتربية في حكومة الحبيب الصيد وحكومة يوسف الشاهد.

دعوت مؤخرا إلى حوار وطني ومصالحة وطنية وأن تكف المعارضة على نعت الرئيس قيس سعيد بـ “المنقلب”، وإلى ربط قنوات معه لدعم الاستقرار السياسي، هل يمكن أن تلاقي هذه الدعوات صدى؟

حسب تقديري فإن الوضع العالمي أصبح سيئا جدا مع التطور النوعي لحرب أوكرانيا، وتهديد بوتين بتغيير العقيدة النووية وعودة ترامب إلى سدة الرئاسة، العالم على شفا فترة صعبة للغاية، وهذه الفترة ستؤثر سلبا على تونس وستعمق جراح بلدنا ومنطقتنا ككل، كل هذا ستتحمل تبعاته تونس إلى جانب الأزمة الاقتصادية، وفي اعتقادي فإن الحل هو أن نتصالح وأن تقبل المعارضة بشكل قطعي ونهائي كون الرئيس قيس سعيد هو رئيس منتخب ورغم كل ما حدث في فترة التزكيات وما وقع من انتهاكات وأنا كنت من ضحاياها بصفتي مرشحا رئاسيا.

اليوم لنا رئيس منتخب أفرزته الصناديق يجب أن نقبل بذلك، في المقابل آن الأوان لكي تطلق السلطة سراح المساجين، وآن الأوان لكي نتصالح وأن نطرح على طاولة الحوار جميع مشاكل البلاد لمناقشتها، وبرأيي فإن أبرز المشاكل الكبرى التي يجب طرحها هي مسألة المديونية الكبيرة ومسألة التدهور الاقتصادي، ومسألة العلاقات الخارجية، يجب طرح هذه المسائل للحوار وأن تتشارك السلطة مع المعارضة والمجتمع المدني في مناقشتها وبحث حلول لها، لا توجد حلول أخرى غير ذلك، أما أن نواصل في السب والشتم والشيطنة من كل الجهات فهو لا يخدم أحدا ولا يخدم مصلحة البلد.

ما رأيك في تلميحات دوائر مقربة من السلطة بالحوار مع كل الأطياف السياسية بشرط الالتقاء على قاعدة 25 جويلية؟

لما لا، هو شرط معقول جدا أنا أؤيده، وقد ساندت لحظة 25 جويلية باعتبار أن البرلمان حينها قاد إلى نفور الناس من الشأن العام بسبب الصراعات الحزبية والشيطنة الوهمية وكانت تلك اللحظة ضرورية لتنقية الأجواء، نعم نؤيد الالتقاء على لحظة 25 جويلية، ولكن ليس على لحظة 26 جويلية بمعنى نرفض ما حصل بعد ذلك من دستور فردي ومحاكمات سياسية، كنت ضد ذلك وأصنف نفسي وحزبي في المعارضة إلى اليوم.

لماذا لا تستجيب السلطة للانتقادات التي تطالها فيما يخص تعاطيها مع الملف الحقوقي ومع استمرار حملة الإيقافات؟

بالفعل يبدو الأمر غريبا خاصة مع انتهاء الانتخابات، اليوم قيس سعيد هو رئيس شرعي ولنا سلطة جديدة وعلينا تحقيق مصالحة قبل كل شي حتى نحقق استقرارا سياسيا واقتصاديا، لكن أن نواصل في هذا الجو المشحون وفي هذا التوجس والرهبة وفي السيف المسلط علينا وهو الفصل 54، فلا يمكننا تحقيق الاستقرار المنشود، وأشير إلى أنه لا يمكننا تحقيق مصالحة دون إلغاء هذا الفصل الذي أضر بالحياة السياسية.

وأدعوا محيط الرئيس إلى المصالحة في مقابل أن تكون هناك محاكمات عادلة لكل المتهمين والمعتقلين، أنا لا أقبل التعامل مع الخارج ولا أقبل بالخيانة العظمى، لكن السلطة مطالبة كذلك بتقديم توضيحات ومبررات لكل ما حدث ولكل هذه القضايا.

مع ذلك، أجدد دعوتي إلى الذهاب نحو مصالحة في تونس، وبرأيي إما أن نتصالح وإما أن نواصل في هذا الجو المشحون الذي لا يشجع على الاستثمار الخارجي ولا على الاستثمار الداخلي.

ما هي الأولويات التي تعتقد أنه على الرئاسة والحكومة العمل عليها في هذه المرحلة؟

في تقديري من أبرز الأولويات التي يجب العمل عليها في هذه المرحلة هو دفع عملية الاستثمار حيث أن الاستثمار العمومي والخاص معطل وحتى الاستثمار الخارجي كذلك، ولا يمكننا تحقيق الاستثمار إلا بالعودة إلى مناخ الثقة، لا يوجد ثقة بين السلطة ورجال الأعمال اليوم، لا يوجد سوى خطاب الفساد والمفسدين، صحيح من الضروري محاربة الفساد لكن محاربة الفساد تبدأ أولا بتغيير القوانين والتشريعات برصانة وتفاوض وبالآليات الديمقراطية وليس بسجن من هب ودب.

التسرع في سجن الناس أصبح أمرا غريبا وعجيبا، فلنترك القضاء يقوم بدوره ولنجعل من السجن آخر مراحل التحقيق والمحاسبة لأنه لاحظنا تسرعا في سجن الناس وهو لا يخدم مصلحة البلاد.

وجهت رسالة إلى حمه الهمامي وقلت له “إذا أردت النجاح في الانتخابات القادمة علينا تغيير الخط”، هل تعتقد أنه حان الوقت لتقييم المعارضة لأدائها وقيامها بمراجعة؟

هذه الرسالة أوجهها إلى كل المعارضة وليس فقط إلى حمه الهمامي، حيث لا يوجد جدوى من شيطنة السلطة ومن شيطنة قيس سعيد، لا تجدي نفعا، لقد مارسنا خطاب الضدية طيلة عشرة سنوات ضد حركة النهضة وكنا في أوج الرفاه الديمقراطي، وقد رأينا خلال تلك الفترة جهابذة من السياسيين والمحللين وقد انقرض هؤلاء اليوم وذابوا كالملح بعد أن نجحوا في ترذيل الحياة السياسية وتشويهها وتنفير الناس منها.

لذلك أرى أن تغيير الخطاب المتشنج بات ضروريا إذا ما أردنا أن يعود الناس إلى الشأن العام، وأن يحترم الناس السياسيين وأن تعود سياسة البرامج والأفكار والصراع النزيه إلى الواجهة وبدون شيطنة فهي لا تجدي نفعا وهو كلام موجه إلى السلطة والى المعارضة.

آن الأوان اليوم أن ينتصر صوت العقل وأن تنتصر المصالحة الوطنية وأن ننتصر على أحقادنا، لأنه في النهاية من ينشر الأشواك في الطريق ستعود إليه يوما ما، ومن أهم المشاكل الكبرى في تونس هو هذا الحقد المستشري بين الناس، وأكرر أن السياسيين ساهموا بشكل كبير في خلق هذا الجو المشحون في البلاد.

لماذا فشلت المعارضة في السباق الرئاسي، هل تدفع ثمن أخطاءها في الحكم في العشرية السابقة؟

فشلت المعارضة لأنها غالبيتها ممن حكموا طيلة العشرية الماضية وكانوا من السلطة، عشر سنوات من الشيطنة والمشاحنات والصراع والعراك ثم جاء قيس سعيد ليدعوا التونسيين إلى ما يسميه بالثأر الرمزي مما حدث في تلك العشرية، وكما ذكرت إن أرادت المعارضة أن تستعيد ثقة الشارع وأن تعيد ثقة الناس في الحياة السياسية فعليها العودة إلى البرامج وإلى صراع الأفكار واحترام الصلاحيات، حيث أن عدم الإقرار اليوم بشرعية قيس سعيد غير مجد ويؤثر سلبا على أوضاع البلاد.

كيف يمكن مواجهة ما وصفته بالتصحر السياسي في ظل تراجع دور الأحزاب والأجسام الوسطية في مرحلة ما بعد 25 جويلية؟

حسب تقديري لم تكن لنا أحزاب حقيقية في تونس، لقد غاب التكوين السياسي طيلة العشرية السابقة لدى غالبية الأحزاب الموجودة في الساحة، علينا السعي نحو تكون جيل جديد من السياسيين حيث مازالت الجماعة التي تصارعت في الحركة الطلابية في الواجهة اليوم بذات التوجه والعقلية، وأرى أنه على الأحزاب أن تتحول إلى مؤسسات وأن تستقطب الشباب وتمنحهم فرص القيادة، إلى اليوم لم نرى وزراء شباب على رأس الحكومات، لذلك علينا تشبيب الحركة السياسية، كما أعيد التذكير بأنه عليها الذهاب إلى مصالحة اليوم وهي طريقنا إلى النجاة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here