نبيل الرابحي: الهجرة ورقة ضغط تونسية ضد المانحين الدوليين

102
نبيل الرابحي: الهجرة ورقة ضغط تونسية ضد المانحين الدوليين
نبيل الرابحي: الهجرة ورقة ضغط تونسية ضد المانحين الدوليين

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشار المحلل السياسي نبيل الرابحي في حواره مع “أفريقيا برس” انه أمام رفض الرئيس قيس سعيد شروط صندوق النقد الدولي المجحفة مقابل الحصول على دعم مالي منه، أن هناك بدائل أخرى وورقات تفاوض أخرى مثل ملف الهجرة الذي برأيه ورقة ضغط بيد البلد تسمح له يتعزيز موقفه ضد المانحين الدوليين.

وعلق الرابحي على الجدل الذي أثاره مؤخرا غياب الرئيس سعيد عن الساحة السياسية ووصف استثمار المعارضة هذا الغياب” بالغباء سياسي” حيث عزز من شعبية الرئيس مقابل خسارتها مصداقيتها أمام الرأي العام، لافتا أن المعارضة تحتاج إلى تجديد أفكارها وخطابها بعد أن لفظها الشارع.

ما تعليقكم بخصوص التجمع السياسي لجبهة الخلاص المعارضة في ذكري 9 افريل؟

فرقاء الأمس أصبحوا رفقاء اليوم.. لكن مع الأسف كما لاحظنا فإن المعارضة فقدت كل عمق شعبي وتخطت الظاهرة الصوتية وأصبحت ظاهرة إعلامية فقط، بعض العشرات اجتمعوا للتنديد، وبعض الشعارات كانت مخجلة، هم يتظاهرون ويتشدقون أن مظاهراتهم سلمية في حين من بين شعاراتهم اليوم يا “فلان لا تهتم الحريات تفدى بالدم” والدم يوحي بالعنف، هذا مع الأسف إفلات سياسي تام، كما يجب أن نشير إلى ما تعانيه المعارضة من تصدع، ليس لها كلمة واحدة والعديد انسحبوا مما يسمى جبهة الخلاص، والعديد من الأحزاب والشخصيات أعربت صراحة عن تميزها عن هذه الجبهة وعدم الانخراط فيها.

ما رأيك في الجدل الذي أثاره مؤخرا غياب رئيس الجمهورية، وهل تعتقد أن الدستور الجديد ينقصه توضيح حالة الشغور في حالة غياب طارئة للرئيس؟

الرئيس لم يغب عن الساحة السياسية وكان آخر نشاط له حين أقال مؤخرا والي قابس لكن كانت هناك نزلة برد خفيفة ألمت به وقد تجاوزها لكن للأسف الشديد ومن غباء المعارضة التي أرادت أن تستثمر في هذا الغياب على أساس الشغور، صحيح ليس لدينا إلى الآن محكمة دستورية ورئيس محكمة دستورية وبتنا هنا نناقش في فرضيات ونستحضر حالة وفاة الرئيس السابق الباجي قائد السبسي حيث لم تكن هناك محكمة دستورية لإعلان الشغور الدائم للدستور، لكن مع ذلك مررنا مباشرة إلى محمد الناصر الذي عين رئيسا للجمهورية، كما كان هناك مجلسا مؤقتا للقوانين الدستورية.

أما اليوم فأعتقد أننا بصدد مناقشة فرضيات غير واقعية ونحن على وقع انتظار اجتماع مجلس النواب الشعب والنظام الأساسي للمحكمة الدستورية التي باتت بالصفات وليس بالأشخاص، يعني أننا بصدد المصادقة على القانون الداخلي للبرلمان ثم مباشرة على القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، وأتوقع أن تكون هناك محكمة دستورية في القريب العاجل.

هل تعتقد أن المعارضة استثمرت سياسيا في غياب الرئيس، وأنها ماضية في حشد الشارع رغم موجة الاعتقالات التي طالتها؟

هو من الغباء السياسي أن تستثمر في غياب الرئيس وتلمح لوفاته بما أن الرئيس ظهر وخسرت بذلك المعارضة، وأقول وهو لا يخفى على أحد وليس سرا أن الرئيس هو الأول في استطلاعات الرأي في حال وقعت انتخابات رئاسية وخلافا لما له انتباه شعبي أو قاعدة شعبية فهو أيضا يتغذى من غباء المعارضة، يعني كل خطوات وخطابات المعارضة تزيد من شعبية قيس سعيد وليس العكس، لقد أرادوا أن يستثمروا في وفاة الرئيس لكنه ظهر لهم وهو بكامل مداركه، وكل هذا لا يزيد إلا شعبية للرئيس سعيد، وبالتالي خسارة المعارضة التي فقدت كما ذكرت كل عمق شعبي.

مع مضي قيس سعيد قدما في تكميل نظامه السياسي، تبدو خيارات المعارضة محدودة لإيجاد تحول سياسي حقيقي في المرحلة المقبلة؟

الشعب قال كلمته الفصل في دستور 25 جويلية 2022، اليوم لنا نظام رئاسي و مؤسسات ومجلس نواب الشعب وليس مجلس الأحزاب حيث سيكون الولاء فقط للوطن وليس للحزب كما كان في السابق، وهذا أمر جيد، وبرأيي على الأحزاب أن تشتغل على الانتخابات الرئاسية وعلى تقديم أحسن ما لديها للانتخابات التشريعية وأن تشتغل على أحسن ما لديها فيما يخص المجلس الوطني للأقاليم والجهات، لكن مع ذلك أعتقد أن كل هذه الأجسام الوسيطة ومن بينها حتى الأفراد المتحزبين فقدت كل ديناميكية في الحياة السياسية المعاصرة.

هل رفض بعض الأحزاب التحالف مع النهضة السبب الرئيسي لعجز المعارضة على التوحد؟

برأيي المعارضة انتهت وغير قادرة على التوحد وحتى السفير الأميركي السابق قال ذلك صراحة أن اليوم ليس هناك خيار وليس هناك بديل في تونس غير خيار الشعب يريد وخيار البناء القاعدي وخيار رئيس الجمهورية، في المقابل على المعارضة أن تجدد خطابها وأفكارها وتموقعها لأن الشعب لفظها وليس الرئيس، ربما الرئيس هو من أنقذ حركة النهضة حين هب الشعب يوم 25 جويلية لحرق مقراتها. أعتقد أن الرئيس أنقذ حركة النهضة من براثن الشعب الغاضب من كل منظومة الحكم بمعارضتها وبحكامها.

هل بالإمكان بلورة حوار وطني بين الرئاسة واتحاد الشغل؟

الحوار الوطني كلمة فضفاضة، لكن بالإمكان ذلك إذا كان حوارا اقتصاديا واجتماعيا، لكن حوار سياسي كما يريد أن يلعبه اليوم اتحاد الشغل على شاكلة ما قام به سنة 2013 غير ممكن، حينها كانت اغتيالات سياسية ومجلس تأسيسي انتخب لسنة لكن ظل ثلاث سنوات، لكن اليوم لدينا مؤسسات منتخبة وهناك رئيس منتخب بالإجماع من الصندوق ومجلس نواب تم تركيزه وقريبا سيكون لنا مجلس وطني للأقاليم والجهات، لذلك أعتقد أن الحوار الوطني انتهى، وإذا سنتحدث عن حوار فسيكون اقتصادي واجتماعي وسيكون من بين الفاعلين فيه الاتحاد العام التونسي للشغل وباقي الفاعلين الاقتصاديين كمنظمة الأعراف، لكن فيما يخص البرنامج السياسي فأعتقد أن هذا الملف قد طوي إلى الأبد.

ماهي وجهة نظر المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي حسب تقديرك؟

أنا امتنع عن الإجابة فيما يخص المؤسسة العسكرية والقضائية.

لماذا تدعم فرنسا والولايات المتحدة مسار 25 جويلية رغم الملاحظات التي لديهم حول قرارات الرئيس قيس سعيد؟

هي لا تدعم المسار، نحن نعلم أن الغرب يتعامل مع دول مثل تونس من منطق براغماتي، ولنا في تعاملها مع مصر سنة 2013 مثال على ذلك فالخارجية الأميركية لم تعطي موقفا صريحا من الجيش المصري حين أخذ بزمام الأمور، لكن بعد أسبوع اعترفت بالسيسي والمعادلة تغيرت.

يعني الغرب يتعامل معنا على أساس مصلحته فقط، هناك لوبيات وضغط على صندوق النقد الدولي ضدنا، لكن لنا أيضا سياستنا وخيارات أخرى مثل التوجه نحو الجانب الصيني والروسي كل هذا في إطار معادلة دولية إقليمية، لذلك لا يمكننا أن نتحدث عن مساندة مطلقة أو تفريط مطلق.

بالنسبة للانتقادات الغربية التي تطال الملف الحقوقي، على العكس من ذلك أعتقد أن القضاء بدأ يتعافى وبدأ يسترد استقلاليته وهذا المطلوب هناك ملف الاغتيالات وملف التسفير ومتحف باردو وغيرها، وهي ملفات حقيقية لا يمكن التغاضي عنها.

الرئيس قيس سعيد أبدى مؤخرا رفضه لاملاءات صندوق النقد الدولي، أي تداعيات لهذا الموقف؟ وكيف ترى آليات الخروج من الأزمة الاقتصادية؟

بالنسبة لموقف الرئيس هو موقف واضح وهو لا يمكن القبول بشروط صندوق النقد الدولي، ووصفة الصندوق الدولي واضحة وهي التفريط في المؤسسات العمومية والتقليص في كتلة الأجور ورفع الدعم، لكن الدعم بالنسبة إلينا رمز للسلم الاجتماعي ورفعه سينجر عنه انفجار اجتماعي مثلما وقع في 3 جانفي 1984 وهو غير مقبول وإن لم يكن لنا خيار آخر فسوف نعتمد على أنفسنا.

بالنسبة لآليات الخروج من الأزمة الاقتصادية هناك أمثلة على ذلك: مثلا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لعب ورقة ضغط في السنوات الأخيرة على أوروبا من خلال ملف الحدود والمهاجرين السوريين وتحصل على 6 مليار دولار في السنة، لدينا نحن أيضا اليوم مثل هذا الملف، لا يمكن أن نكون شرطي حدود أوروبا الجنوبي، بالتالي لنا ورقات تفاوض التي تسمح ربما للخروج من الأزمة مثل ملف الصلح الجزائي وملف الهجرة حيت تريد أوروبا أن تلعب تونس دور معين، ثم التوجه نحو تحالفات أخرى مثل الصين روسيا أو الجزائر العمق الاستراتيجي.. في السياسة كل شيء ممكن.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here