بقلم: خالصة حمروني
أفريقيا برس – تونس. “إن كان مريضًا نفسيًا، فليضرب زوجته لا أمنيًا في الداخلية” هذا ما قاله الاعلامي نوفل الورتاني في تعليقه على حادثة محاولة اعتداء شخص على أمنيين أمام مبنى وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة. تعليق أثار سخطا واسعا في صفوف رواد شبكات التواصل الاجتماعي في تونس إذ اعتبروا هذا التعليق شكلًا من أشكال التحريض على العنف ضد المرأة.
وفي الإبان انطلقت موجة استنكار واسعة لتصريح المذيع على موقع التواصل الاجتماعي ونخص بالذكر “الفيسبوك” وصل الأمر إلى إطلاق حملة لتقديم شكايات للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري “الهايكا” ضد المذيع والإذاعة وتسليط عقوبات عليهما وطلب تقديمه اعتذارًا علنيًا على ما بدر منه.
تعليق الورتاني لقي اهتماما واسعا عند رواد شبكات التواصل الاجتماعي ليس لأنه حدث مهم جدا على الساحة السياسية بل لأنه موضوع أخلاقي مس مكانة المرأة التي منحها القانون التونسي رزمة من القوانين لحمايتها من جهة وحرض على العنف الذي ينبضه عدد كبير من التونسيين من جهة أخرى.
والمتابع لأخبار تونس هذا الشهر – نوفمبر- يدرك أن رواد شبكات التواصل الاجتماعي ونخص “الفيسبوك” لأنه أكثر المنصات استعمالا في تونس والذي سنثبته لاحقا بالأرقام – يدرك أن كل الأخبار المتعلقة بمظاهر العنف والعنصرية والظلم والفساد تلقى رواجا واسعا في هذا العالم الافتراضي و يوليها رواد هذه المنصة اهتمامها خاص ربما لأنها مواضيع تخصهم كمواطنين تونسيين وتمس قيمهم الإنسانية.
أحداث نوفمبر… والفيسبوك
في شهر نوفمبر تعرض الأستاذ الصحبي بن سلامة بمعهد ابن رشيق بالزهراء “الضاحية الجنوبية لتونس” إلى اعتداء وحشي نفذه تلميذ “17 عاما” مستخدما “ساطور” كان يخفيه في حقيبته، وهو ما تسبب بجروح خطيرة للمعلم في أنحاء متفرقة من جسده: حادثة لم تمر مرور الكرام على التونسيين وبالتحديد رواد الفايسبوك الذين جعلوا من هذا الموضوع مادة لتعليقاتهم وتدويناتهم مستنكرين فيها استفحال ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية ومناديين السلط المعنية بضرورة التدخل لحماية التلاميذ و الإطار التربوي على حد سواء.
غير بعيد جغرافيا عن تونس العاصمة وبالتحديد في محافظة صفاقس “عاصمة الجنوب” تحدث رواد فيسبوك كثيرا عن وصول قوات من الجيش التونسي إلى مدينة عقارب لتأمين مؤسسات حكومية عقب انسحاب الأمن منها، إثر مواجهات مع المحتجّين في محيط مصبّ “القنة” للنفايات بالمدينة بعد تحوّل الأهالي إلى هناك بهدف إغلاقه.
أخبار الاعتصامات والاحتجاجات وخاصة المواجهات مع قوات الأمن الذين استعملو الغاز المسيل للدموع انتشرت بسرعة في الفيسبوك وتفاعل معها الكثير من المواطنين خاصة عند نشر خبر وفاة مواطن بسبب الاستعمال المفرط للغاز المسيل للدموع وبدأت بذلك معركة افتراضية ضد قوات الأمن وشتمهم ليكشف فيما بعد التقرير الطبي أنه مات بسبب أزمة قلبية ولا علاقة للقوات الأمنية بموته.
ظهور سلالة جديدة للمتحور كوفيد-19 وعودة الحديث عن أزمة صحية جديدة تتطلب ضرورة تشديد الرقابة على مستوى الحدود ومزيد احترام إجراءات الوقاية الفردية والجماعية في الفضاءات العامة وجعل عملية التلقيح إجبارية هي الأخرى مواضيع لاقت صدا في عالم الفايسبوك ونشر الكثير منهم اخبار فيروس كورونا في تونس في حين عبر البعض عن سخطه لما تتطلبه الفترة القادمة من تضيق لحرياتهم ان انتشر هذا الفيروس الخطير في تونس وطالب كل رواد هذه المنصات السلط بضرورة مراقبة الحدود وتشديد الإجراءات على الوافدين.
ولأن شهر نوفمبر هو شهر الثقافة في تونس انتظمت خلاله الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية التي انطلقت من 30 أكتوبر إلى غاية 6 نوفمبر تحت شعار “نحلم فنحيا”، فقد توافد ضيوف المهرجان من نجوم و فنانين و اعلاميين على السجاد الأحمر وكانت ازياء النجوم وخاصة النجمات موضوع اهتمام بالنسبة إلى رواد الفايسبوك: تحدث البعض ونشر صور ازياء نجمات بدت لهم غير لائقة او غير محتشمة وفي المقابل أثنى الكثير منهم مثلا عن مظهر الفنانة هند صبري.
صور وتصريحات
على الساحة السياسية مثل احتفال تونس يوم 11 نوفمبر بالعيد الوطني للشجرة والذي أشرف على فعالياته رئيس الجمهورية قيس سعيد بمعهد ابن رشيق بالزهراء موضوعا آخر لرواد الفيسبوك الذين انتقدوا وسخروا من وجود ذلك المرش الأخضر الذي يسقي به الشجر والذي تتصدر صورته اخبار عيد الشجرة منذ سنوات بن علي وتداول عليه كل الرؤساء حتى أن البعض منهم كتب “كل شيء في تونس تغير الا ذلك المرش الأخضر لا يزال موجود”.
صورة أخرى انتشرت بسرعة في مواقع التواصل الاجتماعي وهي تلك المتعلقة بمصافحة رئيسة الحكومة نجلاء بودن عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائري وقد رأى فيها نشطاء الفايسبوك علاقة متينة تربط البلدين عموما وسماحة أخلاق بودن.
ولأن الأخبار المتعلقة براشد الغنوشي رئيس مجلس النواب المجمد لا تزال تثير الجدل فقد أثار تصريحه الأخير “إن مجلس نواب الشعب “البرلمان” المجمدة أعماله عائد أحب من أحب وكره من كره” موجة من الانتقادات وسط عالم الفيسبوك بين مؤيد ورافض له ولتصريحاته الاستفزازية.
ظاهرة اجتماعية
حسب الإحصائيات الرسمية، بلغ عدد حسابات فيسبوك في تونس سنة 2012 أكثر من 2.9 مليون حساب بنسبة تدفق تصل إلى 28.18 في المائة وفي سنة 2017 أصبحت تونس تحتلّ المركز الثاني إفريقيًا من حيث عدد حسابات الفيسبوك بنسبة تعادل 55 في المائة من عدد السكان، إذ بلغ عدد الحسابات حسب تقرير ميديا نات 6.100.000 حساب على فيسبوك 66 في المائة منهم تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و34 سنة بمعنى أن تونس سجلت ارتفاعا بأكثر 52 في المائة في عدد حسابات الفيسبوك في أقل من 5 سنوات يبرز إلى حد كبير كيف أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا من الثقافة التي اكتسبها الشباب التونسي بعد الثورة.
سفيان جاب الله “أستاذ جامعي مختص في علم الاجتماع” يرى أن الأشخاص يهربون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لإثبات ذواتهم والتعبير عن آرائهم في هذا العالم الافتراضي – الذي يوجد به أكثر من 6 ملايين تونسي من فئات مختلفة وأعمار مختلفة وثقافات مختلفة.
ويرى أن رواد شبكات التواصل الاجتماعي في تونس يهتمون خاصة بالمواضيع التي تمسهم مباشرة كمواطنين على غرار مظاهر العنف والفساد وهذا لا يمنع من وجود رواد آخرين يهتمون بمواضيع أخرى على غرار السياسة والثقافة وعالم الأزياء واخبار المشاهير.وأوضح أن رواد شبكات التواصل الاجتماعي في تونس يتابعون أحداث بلدهم ويتفاعلون مع ما يرونه مهم طبعا كل حسب ميولاته وهواياته.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس