أبو مازن
رئيس الجمهورية.. لقد انتصرت للثورة وألهبت نارا كادت أن تخمد في نفوس من تاقوا الى التغيير. لقد نلت ثقة الشعب بأريحية كبيرة ودون حملة انتخابية ذات قيمة اذ انحصرت في بضع لقاءات إعلامية مقتضبة ولكنّها كانت مفعمة بالثورة ومنتصرة لمبادئها فعجّلت بتقزيم المنظومة القديمة وقياداتها ومرشحيها وبرزت كوريث شرعي للحكم لتُستأمن على ثورة الحرية الكرامة ثم نرى أن صيّرت وعودك الى حقائق طيلة فترة حكمك أو جعلتها معلّقة كمن سبق.
الأمر لا ينتظر أكثر من هذا وقائمة شهداء الثورة وجرحاها باتت نهائية وتنتظر النشر في الرائد الرسمي فمتى ستنشر؟ شهداء قُتل بعضهم وهم كرّار ضد الظلم والاستبداد وعدد منهم قتلوا عبثا: أطفال، حوامل، رضّع… ذهبوا الى جنان الخلد دون أي جرم اقترفوه في حق الأهل والأحباب وفي حق الوطن والدين.
هل يتطلّب نشر هذه القائمات وقتا أطول مما مضى وقد جاوز الثماني سنوات فحرمت عائلاتهم من السند المادي والمعنوي وحتى من الاعتراف بشرف التضحية في سبيل الوطن.
بقينا لا نعرفهم أو لعل كل ربع من ربوع تونس يعرف من افتقده فأقام له ساحة أو نهجا يحمل اسمه. أمّا الجرحى فقد عبثت بهم المواعيد الطبية وقاعات العمليات ليستقروا على حال لا يحسدون عليه.
لا نريد أن ننسى شهداء ثورتنا الثانية بعد أنسانا الماضي شهداء الثورة الأولى فاختصرها في اسمين و حمل الزعيم بمفرده رمز الثورة والمقاومة و النصر والاستقلال والدولة الحديثة والتغيير و الامتياز و.. و .. لا نريد أن يكون مآل أسماء شهدائنا وجرحانا كمآل رموز المقاومة أيام الاستعمار، الذين جاهدوا بالسلاح والفكر والساعد.
تونس لا تعرفهم ولا تذكرهم، تونس تنكرت الى أبطال أسهموا في صناعة استقلالها. أضحوا مجرّد أرقام يذكرها المؤرخون كأن يقال ساحة المقاومة الذي تحتوي على ثمانمائة شهيد أو جبل المقاومة الذي يحتوي خمسمائة شهيد أو الفلاقة بالجمع دون تفصيل.
قيسون.. هكذا نناديك احتراما كما كنّا ندعو من قبل بجبوج، نحن ننتظر قائمة الشهداء الرسمية للثورة التونسية الثانية كما ننتظر تكريمهم الوطني وتكريم أهاليهم.
ننتظر قائمة الجرحى ومراعاة حالاتهم الصحية والنفسية فهؤلاء احياء وأمواتا سبب نعيم الحرية والديمقراطية الذي يسري في ربوعنا وينتصر للحرية في كل موعد وطني. ها نحن ننتظر.
