هل تمهد استقالة وزير الداخلية لتغيير شامل لحكومة بودن

22
هل تمهد استقالة وزير الداخلية لتغيير شامل لحكومة بودن
هل تمهد استقالة وزير الداخلية لتغيير شامل لحكومة بودن

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تطرح استقالة وزير الداخلية في تونس توفيق شرف الدين وهو رابع وزير من الوزارات السيادية بعد المالية والعدل والخارجية الذي يقع تغييره في الآونة الأخيرة، تساؤلات بشأن مستقبل حكومة نجلاء بودن وما إذا سيعمل الرئيس قيس سعيد على تغييرها بشكل شامل تخفيفا من حدة الانتقادات التي تطال أداءها أو سيكتفي بتعديلات مرحلية.

وتتعرض حكومة بودن إلى انتقادات حادة بسبب سوء إداراتها للأزمة الاقتصادية، وسط اتهامات بخضوعها لاملاءات المانحين الدوليين دون مراعاة لتكلفة الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي على أوضاع التونسيين المعيشية، حيث يشكو الشارع غلاء الأسعار ونقص في المواد الأساسية.

وزادت الضغوط على حكومة بودن منذ شن الرئاسة حملة اعتقالات واسعة استهدفت شخصيات سياسية معارضة ورجال أعمال وصحافيين، حيث اتهمت الحكومة بالتضييق على الحريات وتوظيف القضاء لاستبعاد خصوم الرئيس.

وبسبب ضعف أدائها، توقع متابعون أن يقع تغيير شامل للحكومة وتعويضها بأخرى في خطوة يريد منها الرئيس سعيد التنصل من مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة الاقتصادية من جهة، فيما يأتي استبعاد شرف الدين لإسكات منتقديه على خلفية تشدده في ملف الحريات وانتهاجه أسلوبا إقصائيا في تفاعله مع المعارضة من جهة أخرى.

ولا يستبعد المتابعون أن يمهد التغيير الجزئي إلى تغيير حكومي شامل، حيث ستكون حكومة بودن الشماعة التي تعلق عليها الرئاسة أخطاءها وبمثابة كبش فداء نتيجة العجز عن إيجاد حلول حقيقية لإخراج البلد من براثن أزمة سياسية واقتصادية حادة.

وسبق أن طالبت الأحزاب والمنظمات الوطنية بتغيير حكومة بودن، وقد رأى الاتحاد التونسي للشغل، المنظمة النقابية ذات الثقل في البلاد، أنه” من الحكمة تغيير حكومة بودن لعدم تفاعلها مع التونسيين”.

ولم تشمل الدعوات لتغيير الحكومة من الصف المعارض للرئاسة، بل كانت مطلبا كذلك لمؤيدي مسار 25 جويلية، حيث دعت حركة الشعب إلى “تعديل وزاري وتشكيل حكومة سياسية”، كما وصفت هذه الحكومة بالعاجزة والفاشلة”.

كبش فداء

بدأت إقالات الرئيس سعيد، في 7 جانفي/ يناير الماضي، وذلك بإعفاء وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي من مهامها. وفي 30 من الشهر نفسه، أجرى سعيد، تعديلا آخر على الحكومة بإقالة وزيري التعليم فتحي السلاوتي، والزراعة محمود إلياس حمزة.

وتمت إقالة وزير الخارجية عثمان الجرندي، الذي كان يحتفظ بمنصبه منذ تعيينه في حكومة هشام المشيشي عام 2020، في فيفري 2023. وفي الشهر نفسه، وقع إقالة وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، الذي كان يشغل أيضا منصب الناطق باسم حكومة بودن. وكان سعيد قد قَبِل في 8 مارس/ آذار 2022، أول استقالة بحكومة بودن، وهي “عائدة حمدي” كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة.

وتتساءل أوساط سياسية ما إذا كان الرئيس سعيد سيقوم بتغيير شامل للحكومة أو سيكتفي بتعديلات جزئية، خاصة أن انطلاق أشغال البرلمان الجديد مؤخرا تنتهي معه الحالة الاستثنائية التي فرضت منذ تدابير 25 جويلية، ما قد يمهد ذلك إلى انتهاء مهمة حكومة بودن وهي حكومة تصريف أعمال بالأساس.

مع ذلك، فان تعديل جزئي أو شامل للحكومة لن يقدم اضافة حقيقية للمشهد السياسي في ظل نظام سياسي جديد يمنح الصلاحيات الواسعة للرئيس، فيما وقع الحد من دور الحكومة والبرلمان وبات دورهم شكليا ومجرد أداة بيد الرئاسة التي باتت تمسك بكل السلطات.

ويضمن الدستور الجديد الذي وقع سنه في جويلية الماضي إثر استفتاء شعبي، صلاحيات محدودة للبرلمان مقابل منح الرئيس غالبية السلطات التنفيذية ومنها تعيين الحكومة ورئيسها.

حاتم المليكي: أتمنى أن تكون لرئيس الجمهورية إثباتات على محاولة الإنقلاب
حاتم المليكي، ناشط سياسي ورئيس كتلة حركة قلب تونس في برلمان 2019

ويلفت حاتم المليكي الناشط السياسي والنائب السابق في حديثه لـ”أفريقيا برس” أنه في النظام السياسي الجديد الموجودين فيه حاليا في تونس فأن الحكومة هي عبارة عن مجموعة من مساعدي رئيس الجمهورية بما نصه مرسوم 117 ، لسنا في منطق رئيس حكومة في نظام برلماني يتمتع بصلاحيات واسعة للحكم يعني يجب أن ننظر للبرلمان والحكومة ضمن نظام رئاسي جديد فيه هامش تحرك الحكومة ضعيف وصلاحياتها ضعيفة.

وبرأي المليكي فإن “تعويض مجموعة من الوزراء لن يغير شيئا داخل الحكم ولا في سياساتها، كما أن إقالة وزير الخارجية ووزير الشؤون الدينية ووزير الفلاحة بما فيهم وزير الداخلية وحتى تغيير رئيس الحكومة ليس له معنى كبير في ظل هذا النظام الرئاسي خاصة أن الصلاحيات التي يمنحها الرئيس لنفسه لم تترك للحكومة صلاحيات فهي فقط مجموعة من المساعدين ليست حكومة بالمعني التقليدي”.

وحسب تقديره، “ستكون حكومة بودن كبش فداء كحال الأنظمة الرئاسية التي تحول الوزراء إلى مساعدين ومع وجود مشاكل يقع تحميلهم المسوؤلية واستبعادهم”. واستنتج بالقول “الفريق الحكومي الحالي هم مساعدين للرئيس لا يمثلون أحزاب سياسية وغالبا ما يقع استعمالهم في مثل هذه الأنظمة ككبش فداء”.

ورقة صندوق النقد

على الرغم من التوقعات والتخمينات بالاستغناء عن حكومة بودن، إلا أن آراء أخرى تذهب بالتأكيد على استمراريتها بالرغم ما تتعرض له من ضغوط وانتقادات، وذلك بسبب إشراف بودن على ملف صندوق النقد الدولية، وبالتي يصعب استبعادها.

ويتكون فريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي من رئيسة الحكومة، ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي. ومع انتظار الحسم مع صندوق النقد، يصعب تغيير فريق المفاوضات، وبالتالي مازلت بودن تملك حظوظا قوية للبقاء على رأس الحكومة.

وتسعى تونس منذ فترة إلى الحصول على قرض من صندوق النقد في ظل أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022، فيما يشترط الصندوق ضمانات حقيقية لتطبيق إصلاحات تعهدت بها الحكومة التونسية تشمل أساسا، نظام الدعم وكتلة الأجور والمؤسسات العمومية المتعثرة.

ويبين محللون أن ملف صندوق النقد يفرض بقاء حكومة بودن، حيث مازال الرئيس في الحاجة إليها.

فريد العليبي، محلل سياسي

ويشرح المحلل السياسي فريد العليبي في حديثه ل”أفريقيا برس” أنه “بعد 25 جويلية 2021 حصل تغيير كبير على صعيد العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة فقد أضحت الحقائب الوزارية تحت تصرف رئيس الدولة بالتشاور مع رئيسة الحكومة هذا من جهة ومن جهة ثانية وضع رئيس الجمهورية نصب عينه جملة من الأهداف متعهدا بتنفيذها وكلما وجد خللا في أداء هذه الوزارة أو تلك إلا وعمد إلى تغيير الوزير وهذا أمر مفهوم. ”

وفي تقديره، “لا يزال الرئيس في حاجة إلى رئيسة الحكومة الحالية باعتبارها على إلمام بملف العلاقة مع المقرضين الدوليين وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي لذلك فانه يغير الوزراء ولا يغير رئيسة الحكومة.”

وخلص بالقول “ومن هذه الزاوية لا أثر لاستقالة أو إقالة وزير الداخلية على السيدة بودن فدورها داخليا محدود جدا وعندما يغلق ملف القرض مع صندوق الدولي قد تجد السيدة بدون مهمتها قد انتهت وبالتالي ولادة حكومة جديدة برئيس جديد”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here