بقلم : بولبابه سالم
بعد الايقافات الأخيرة و إطلاق يد الحكومة في محاربة الفساد و إقالة وزيري الخارجية و الدفاع يبدو ان تونس مقبلة على تطورات مثيرة خلال الفترة القادمة .
ردود الفعل بعد اقالة وزيري الدفاع و الخارجية كانت أساسا من أتباع النظام القديم و خصوصا ماكينة السيستام و اذرعه الإعلامية حيث تواصلت مأدبة البكاء و العويل الى ساعة متأخرة من الليل مع استعادة الاسطوانة المشروخة حول الثوابت و استمرارية الدولة ، و من المهم التذكير أن كل رئيس جديد له فريقه و طاقمه و يستغني عن القديم الذي جاء به الرئيس السابق ، و يجب التاكيد أيضا أن ما راج في الفترة الأخيرة حول الوفد الشبابي الذي زار الكيان الصهيوني رغم عدم صدقيته وراءه رسالة و استفزاز لساكن قرطاج الجديد مما جعله يرد الفعل و يقطع الشك باليقين فيقيل خميس الجهيناوي الذي يعتبر محسوبا على المطبّعين و الذي لم يتعامل مع الحدث بصرامة فكان ابعاده صفعة لهم .
الرئيس الجديد له رؤية مختلفة للسياسة الخارجية و يدرك انه كسب جزءا من شعبيتة من موقفه من مسالة التطبيع التي تتبناها بعض النخب ممن باعوا أنفسهم مقابل الفتات.
اما اقالة وزير الدفاع فكانت على خلفية خلافه مع رئيس الحكومة و غيابه المتكرر عن مجالس الوزراء ، و أحدثت اقالته ردود فعل من انصار السيستام الذين يرون فيه عينهم على القادم الغامض و البعيد عن مصالحهم ..
بعضهم تعلل بضرورة انتظار تشكيل الحكومة الجديدة لكنهم بلعوا ألسنتهم لما طالب الزبيدي من يوسف الشاهد الاستقالة قبل أسابيع رغم أنه رئيسه في العمل .إقالة الجهيناوي اراحت قيس سعيد و اقالة الزبيدي كانت هدف الشاهد الذي تخلص من وزير اراد التمرد عليه .
اما عن قرار القطب القضائي تحجير السفر عن سامي الفهري و زوجته و المتصرفة القضائية لشركة كاكتوس فكانت بعد طلب وزارة المالية مزيد التحري و تقدم التحقيقات في قضايا فساد مالي .
و شملت الايقافات رجل اعمال له علاقة بالوسيط الاسرائيلي الذي التقى نبيل القروي ، كما تحدثت الاخبار عن ايقاف آخرين بسبب الفساد المالي و يبدو أن الأمور تتجه نحو فتح ملفات ثقيلة و صادمة .
لقاء رئيس الدولة مع رئيس الحكومة قبل يومين كان حاسما ووجد الشاهد في قيس سعيد رجل القانون الصارم الذي لا يتهاون في تطبيقه على الفاسدين خاصة ان حملته الانتخابية بناها على الشفافية و تطهير الدولة من الفاسدين و علوية القانون .
و هذا المعطى لم يجده الشاهد في المرحوم الباجي قايد السبسي و بطانته التي وفرت الحماية للكثير من المشبوهين (مثلا حديث الشاهد عن تدخل الباجي لفائدة القروي في قضية التهرب الضريبي) و ايضا بسبب خلافه مع ابن الرئيس حافظ قايد السبسي .
كثيرون اتهموا الشاهد بالحرب الانتقائية ضد الفساد و استخدامها لأغراض شخصية وهذا صحيح ، و قد تعلل وقتها أنه لم يجد سندا من الرئيس رغم ان صلاحيات رئيس الحكومة اكبر من رئيس الدولة …
امس فقط ، بدأت تتضح سياسة قيس سعيد القادمة ، لا مكان لمراكز النفوذ داخل اجهزة الدولة ، و لا مجال لشخصيات تساند التطبيع و لا حصانة لأحد في الحرب على الفساد .هذه اللاءات الثلاث سترسم ملامح المرحلة القادمة .
اما عن الشفافية فبدات بطلب تدقيق مالي للمصالح الإدارية لرئاسة الجمهورية ،، يحدث هذا و تشكيل الحكومة يسير بسرعة السلحفاة .