هل يجاري سعيّد الضغوطات الخارجية أم بدأ يخضع لها؟

123

بقلم: خالصة حمروني

أفريقيا برس – تونس. “سيقع اختصار التدابير الاستثنائية -التي تم اتخاذها لإنقاذ الدولة والشعب -وسيتمّ النظر في النص المتعلق بالحوار الذي تم اقتراحه والذي سينتظم بطريقة مستجدّة مع التونسيين والتونسيات في الداخل وفي الخارج” هذا ما صرح به قال رئيس الجمهورية، قيس سعيّد لدى افتتاحه مؤخرا أشغال مجلس الوزراء بقصر قرطاج.

وجدّد رئيس الدولة بهذه المناسبة، حرصه على “ضمان الحقوق والحريات الواردة في نصّ الدستور” مؤكدا “أن الديمقراطية يجب أن تكون حقيقية لا أن تكون في ظاهرها حرية وفي باطنها شقاق ونفاق”.

من جهة أخرى أعرب رئيس الجمهورية، قيس سعيد في افتتاح أشغال هذا المجلس الوزاري، عن ثقته في قدرة تونس على تجاوز الأزمة التي تمرّ بها وإيجاد التوازنات المالية المنشودة بفضل العمل الدؤوب وتشريك كل المواطنين والمواطنات في داخل تونس وخارجها.

تصريحات جديدة لرئيس الجمهورية مثلت شبه رسائل طمأنة وجهها للداخل والخارج مفادها أنه فعلا ينوي وضع سقف للحالة الاستثناء التي تعيشها تونس منذ يوم 25 يوليو الماضي والتي لم يعلن عن تاريخ انتهاءها وتنظيم حوار لم يفصح أيضا لا عن ملامحه ولا هيكلته ولا أسماء الأطراف المشاركة فيه لتأطير الحياة السياسية من جديد. الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الساحة السياسية، وانشقت حوله القراءات بين من فهم هذه التصريحات على انه توجه جديد في سياسته لا علاقة لها بالضغوطات التي تمارس عليه وهي خطوات مبرمجة من قبل في برنامج الرئيس التونسي بصفته لا يتأثر بما يقال له أو يهدد به في حين يرى البعض الآخر ان تغير خطابات سعيد هي لعبة ذكية الهدف منها مجاراة الوضع وكسب ثقة الحلفاء من الداخل والخارج.

الرئيس التونسي “لا يخضع”

عبد الحميد بن مصباح – محلل سياسي

“من يعرف طبيعة قيس سعيد يعرف انه لا يخضع لأي ضغوطات تمارس عليه سواء المتأتية من الشارع التونسي او من الحكومات الأجنبية” هذا ما صرح به المحلل السياسي عبد الحميد بن مصباح.

وفي قراءاته لهذه التصريحات يرى بن مصباح ان الرئيس التونسي يواجه منذ تاريخ 25 يوليو جملة من الضغوطات ومع ذلك لم يخضع لها ولم يستجب لمطالب اصحابها ويؤكد ان اعلان سعيد عن وضع سقف للتدابير الاستثنائية او الموافقة على حوار وطني لا يمثل تراجع في مواقفه او خضوع لهذه الضغوطات بل هي “خطوات بطيئة مبرمجة من قبل ضمن سياسته الخارجية ومكشوفة في برنامجه”.

وقول بن مصباح إن الرئيس التونسي يتبنى سياسة المراحل او ما يسمى سياسة التأني والتي يرى فيها البعض شئي من التذبذب وغير الوضوح و”إعلانه الان عن هذه الخطوات الجديدة هي نقاط مرسومة في ذهن الرئيس لأنه منذ البداية اتخذ التدابير الاستثنائية وهو يعرف انه سيتخلى عنها يوما ما بحكم طبيعة سياسته الديمقراطية ورفضه المساس بحقوق الغير او احتكار السلط”.

خالد عبيد – محلل سياسي

التحليل ذاته تبناه المحلل السياسي والجامعي خالد عبيد الذي صرح لموقع “أفريقيا برس” قائلا “شخصيا لا اعتقد أن الرئيس التونسي غير في محتوى خطاباته وأعلن عن إجراءات جديدة فقط لأنه يتعرض للكثير من الضغوطات سواء كانت من الداخل او الخارج بل ما أعلنه كان عن اقتناع”.

وفسر قوله بأن الرئيس التونسي اتخذ قرارات 25 يوليو قناعة منه ودون ضغوطات واتخذ أيضا قرارات ما بعد هذا التاريخ بصفة فردية دون الرجوع لاحد او استشارة لا الأطراف الداخلية ولا الخارجية فقط لان شخص الوضع في تلك الفترة بالخطر الداهم وانه من الضروري التدخل لحماية البلاد والان مع تشكيل حكومة جديدة تعمل مع رئاسة الجمهورية في كنف المسؤولية والتنسيق المتبادل ومع بداية موجة جديدة من مقاومة الفساد ومحاسبة الفاسدين وأيضا استجابة السلطة القضائية لتطهير البلاد رأى سعيد ان الوضع عموما يتجه نحو الاستقرار. الامر الذي شجعه على اخذ قرارات جديدة من شانها ان تطمئن الشعب التونسي والشركاء الأجانب والتي لها علاقة بوضع حد للتدابير الاستثنائية والحوار الوطني والاهتمام بالموازنات المالية ضمانا للحد من خطورة الازمة الاقتصادية دون ان ننسى التركيز على موضوع الحريات الذي بات يشغل بال المنظمات الحقوقية والنقابية.

سعيد يجاري متطلبات المرحلة

المحلل السياسي والمتابع للشأن الوطني محمد بريك أكد لموقع “افريقيا برس” ان الرئيس التونسي قيس سعيد يعيش منذ 25 يوليو ضغوطات سياسية داخلية وخارجية: الداخلية تمارسها المنظمات الوطنية (خاصة اتحاد الشغل) والمعارضة والشارع التونسي أيضا اما الضغوطات الخارجية فهي عموما تقوم بها الدول الأوروبية والمؤسسات المالية التي تفرض على تونس جملة من الشروط لمساعدتها اقتصاديا وماليا.

وفي حقيقة الامر فان الشروط المعلنة من الدول الأجنبية تكاد تكون نفسها هي مطالب المنظمات الوطنية والتي تتمثل في ضرورة وضع حد للتدابير الاستثنائية واعداد حوار وطني يضم الجميع دون اقصاء يناقش فيه الخطوات القادمة ورسم خارطة سياسية واضحة المعالم.

وحسب بريك فقد استجاب سعيد لهذين المطلبين دون الخضوع لأي ضغوطات لأنه لم يضع تاريخا محددا لا لنهاية التدابير الاستثنائية ولا موعد للحوار الوطني: هو فقط وافق على المبدأ لان حسب تحليله فان الرئيس سيمضي قدما في التدابير الاستثنائية حتى موفي سنة 2022.

محدثنا يرى ان الرئيس التونسي يجاري الوضع كي يكسب ثقة الدول الأجنبية التي تطالب بإرساء نظام شفاف وديمقراطي وممارسة حياة سياسية تشارك فيها جميع الاطياف وذلك لا يعني الخضوع بل قناعة منه بضرورة الاستجابة لمتطلبات المرحلة والتي تتطلب في هذه المرحلة العمل مع كل الأطراف سواء الداخلية منها او الخارجية للخروج من أزمة اقتصادية خانقة واسترجاع مناخ الديمقراطية.

وقال بريك: ” تشهد المنطقة لعبة إقليمية وتونس ليس بمعزل عن هذه اللعبة وسعيد فهم الامر جيدا وهو الان يتصرف وفق اللعبة: الرئيس التونسي لا يريد خسارة ثقة الدول الصديقة والشقيقة وأيضا هذه الدول لا يساعدها تعامل تونس مع شركاء جدد لذلك سيتم في نهاية الامر الاتفاق على برنامج موحد يرضي الطرفين”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here