بقلم : أبو مازن
لا يعنيني من انتخبت بقدر ما يعنيني أنّ تونس باقية في بالها فهي تستجيب في كل موعد انتخابي الى ارادتها وتنتقل على الكريطة مسافات طويلة للادلاء بصوتها. المهم أنّها أضحت قادرة على ممارسة حقّها الانتخابي فلا ينتخب عوضا عنها رئيس الشعبة أو قواد دار الحزب. لا يعنيني المشهد الكاريكاتيري الذي أصرّ بوغلاب على إخراجه للعامة والذي بني على استخفاف الريف بلهجته ووسائل عيشه والحال أنّ دولة الاستقلال هي التي أجرمت في حقّه قبل غيرها فغيّبته لعشرات السنين وشرّعت بقوانينها لتركه يلهث وراء سراب التنمية الى حدّ الساعة.
تونس المخفية المظلومة منذ عهود الاستعمار والمتروكة للاعلام يزورها متى شاء ليبرز نمطا قد رسم في أذهان الأغبياء. تونس الأعماق تنتخب وتدلي بصوتها مشيا على الأقدام و على كل ضامر سيأتون للصندوق من كل فجّ عميق. لقد آمنوا بالتغيير وهم على عهد قريب منه اذ آمن الأجداد بالتغيير ومقارعة المستعمر بالسلاح من قبل ففعلوا الأفاعيل و حاربوه و نصبوا له الكمائن و رسموا له الخطط واستعان بهم الساسة في خطاباتهم الجهورية و زايدوا عليهم ليلة امضاء وثيقة الاستقلال ان كانت هناك فعلا وثيقة.
هي بنت أو حفيدة للمقاومة و للفلاقة ولا ترضى أن تتيه تونس المروية بدماء أجدادها وأعمامها و أخوالها في دروب الفوضى أو التبعية المقيتة لمن خرج بالأمس مدحورا مهزوما. هي حملت وسام النضال والمقاومة لتبيّن عزة نفس بادراك وشرف لا يملكه من تهكم عليها. فوسام الاستقلال والمقاومة لا تضاهيه أوسمة أخرى ولو كانت من أعتى دول العالم أو حتى من الحاكم بأمره الناتو. لقد هزمته بالوسام فهل ينقطع هذا “الجلطام” عن مثل الكلام؟
لله درّها أن ذكرتنا بنعيم قائم على دماء شهداء الأمس واليوم، بذلوا دماءهم في سبيل عيش كريم وأمن مستتب لوطن حماه الله وتعهده بالحفظ فسخّر له رجالا ونساء يذودون عنه فيقارعون الأعداء ومن والاهم في السلم والحرب. هكذا سيبنى المستقبل في الأمد القريب فتُصنع أجيال حرّة تعتز بأرضها وتسهم في حمايتها من الاستعمار والتبعية ولا تؤمن بسخافات القول التي تقود النفوس الى الضعف والانقياد والخنوع.