أحمد قعلول لـ”أفريقيا برس”: حركة النهضة في أحسن أحوالها وقد زاد عدد منخرطيها

135
أحمد قعلول لـ
أحمد قعلول لـ"أفريقيا برس": حركة النهضة ماضية في إنجاح مؤتمرها القادم

أفريقيا برس – تونس. اعتبر القيادي بحركة النهضة التونسية والوزير السابق أحمد قعلول في حواره مع “أفريقيا برس” أن جبهة الخلاص الوطني المعارضة نجحت في تعزيز موقفها أكثر شعبيا وهو ما أثبته نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة مقابل عزلة واضحة للرئيس قيس سعيد.

وبرأي قعلول يبقى الحوار هو الخيار الأمثل للتونسيين لتجاوز الأزمات التي ترزح تحت وطأتها البلاد، ثم القيام بتغيير جذري يتجاوز “المسار الاستبدادي” المنتهج من قبل الرئاسة، حسب وصفه، لافتا أن حركة النهضة استخلصت دروس تجربتها في الحكم، وأنها اليوم في أحسن أحوالها وزاد عدد منخرطيها خلال السنة الأخيرة وهي ماضية في إنجاح مؤتمرها المرتقب في جوان/ يونيو القادم.

آمنة جبران

كيف تقيم أداء جبهة الخلاص الوطني التي تشارك فيها حركة النهضة، هل برأيك المعارضة التونسية دون أفق؟

إن الحكم بغياب الأفق ينطبق في الواقع على قيس سعيد، فلا أحد يعلم له برنامجا ولا خطة إلا دفع البلاد نحو المجهول وهذه هي القناعة الغالبة على التونسيين اليوم بعد أكثر من سنة من انقلابه.

وفي المقابل فإن أفق الطيف الأوسع من معارضي قيس واضحة وهو إسقاط الانقلاب وليس من سبيل لفعل ذلك إلا بمواصلة النضال السلمي والصبر على النضال وعدم التسرع.

تمثل جبهة الخلاص أهم طرف معارض لانقلاب قيس سعيد وأقدر أنها نجحت في أن تكون في الموقع الذي يتوقعه منها الشعب التونسي، وليس أدل على ذلك أن موقفها من محطات خارطة طريق سعيد هو الموقف الأكثر شعبية مقابل عزلة سعيد عن الشعب التونسي.

المعارضة دعت الرئيس قيس سعد بالتنحي أعقاب نتائج الانتخابات، لكن في ظل غياب البديل أليست دعوات غير موضوعية؟

وماذا يمثل قيس سعيد؟ هل يمثل حلا على أي من المستويات للواقع كي يبحث عن بديل عنه. وهل مثل هو بديلا عن الواقع الذي سبقه كي يبحث اليوم عن بديل له. إذا ما قارنا بين قيس سعيد وما سبقه، على سلبياته، فأيهما أسوأ، قيس سعيد أسوأ بكل المعايير. رحيل قيس سعيد سيعيدنا في أسوأ السيناريوهات، لما قبله أليس كذلك، وهذا يعني أن المواطن سيجد الخبز والحليب والنقل والقضاء الحر، سيجد راتبا شهريا مستقرا يأتيه في الوقت، وتعليما لأبنائه. البديل عن قيس سعيد هو تونس وكل التونسيين، البديل عن قيس هو البديل الذي ينتج عن حوار بين الفرقاء لا من خلال الحلول المسقطة والمستبدة فلا أحد في تونس يتنزل عليه الوحي، وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مسدد بالوحي، كان مأمورا من رب العالمين بالتشاور والأخذ بالمشورة.

هل تعتقد أن تونس تدفع ثمن المواجهة الحامية بين الرئاسة وخصومها على حساب الوضع الاقتصادي والاجتماعي؟

تونس تدفع ثمنا باهظا لانقلاب جاء متلحفا بالشعبوية ومدعوما بأجندات لا علاقة لها بالشعب التونسي معبرة عن انتقال أجندات الصراع من سوريا ومنها إلى ليبيا ثم إلى تونس، ونتيجة لحملة قوية لتزييف الوعي كان الشعب التونسي ضحية لها قامت عليها صفحات خارجية ممولة. تونس تدفع ثمن ثورتها على الاستبداد وصمودها لعشر سنوات أمام الثورة المضادة وعدم سقوطها كما سقط غيرها. تونس تدفع ثمن تشبثها بالديمقراطية والتوافق عوض السقوط في الحرب الأهلية والتناحر.

ليس هناك ما يبرر كل هذه الصراعات لا المعارك التي كانت تمسرح داخل البرلمان، ولا سعي قيس ليكون الحاكم بأمره على حساب الدستور الذي في إطاره قدم نفسه للشعب وأقسم على القرآن كي يصبح به رئيسا للبلاد.

هل تتوقع أن يمضي الرئيس سعيد في مشروعه السياسي رغم نتائج الانتخابات؟

ليس لقيس سعيد أي مشروع يمكن أن يمضي إليه إلا الخراب في الحقيقة، وعلى كل لا يتوقع منه أن يستمع لأحد. وبالنسبة لي فإن هذه الانتخابات لم تخيب آمالي بل ربما بالعكس هي رفعت عاليا الأمل في التحرر من عبث قيس سعيد. الآمال الوحيدة التي خيبتها هذه الانتخابات هي لتلك الأقلية التي لم تتجاوز العشر بالمائة هذا إن صدقنا النتائج المعلنة عن نسبة الذين شاركوا في هذه المهزلة أما الأغلبية المطلقة من الشعب التونسي فهذه الانتخابات لم تخيب آمالهم لأنه لا أحد علق عليها آمالا كي تخيب.

دعوتم أكثر من مرة قيس سعيد للحوار، أليس العودة للحوار بنفس النمط الذي ساد الحوارات السابقة هو استنساخ نفس التجربة القديمة بوجوه جديدة؟

وما العيب في التجارب الحوارية الماضية كي نعتبر تكراره أمرا سلبيا. ماذا يبقى لنا كتونسيين إن تخلينا عن الحوار. فلنلتفت للعالم حولنا، ماذا يقع لإخواننا في ليبيا، وماذا يقع في سوريا، وماذا يقع في اليمن، أعطيني انقلابا واحدا نجح. كل الدول التي وقعت فيها انقلابات إما دخلت في حروب أهلية أو وصلت بأهلها لمآسي اجتماعية واقتصادية حتى أصبح بعض سكانها يتغزلون بـ”سيقان الدجاج”.

وكي نكون واقعيين ليس هناك أمر يتم تكراره فالشعوب تتعلم من أخطائها وتبني على مكاسبها فإن كانت أنماط الحوار السابقة غير مناسبة فللشعب التونسي ما يكفي من الذكاء كي يبتكر من الآليات ما يضمن مخرجات أنجع لهذه الحوارات، ولكن ليس هناك طريق آخر إلا الحوار. وأقدر أن المرحلة التي وصلت إليها البلاد لم يعد فيها قيس سعيد مطالبا بالحوار بل هو مطالب بالرحيل.

أنتم تطالبون خصومكم بالإنصاف في تقييم دور حركة النهضة في العشرية الأولى للحكم في تونس، ألا يجب أن تنصفوا الرئيس في تقييمكم لعام ونصف من حكمه وهو الذي ورث اقتصاد داخلي متهالك زادت عليه تراجع مؤشرات الاقتصاد العالمي بسبب كورونا والحرب في أوكرانيا؟

أولا نحن أعلنا معارضتنا لقيس سعيد في لحظة انقلابه وذلك بغض النظر عن نجاحه أو فشله في إدارة الشأن الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. فقد جرب الشعب التونسي الاستبداد لأكثر من نصف قرن، وأدت كل تجربة من التجربتين لحالة فشل للدولة وكان الفشل أكبر كلما كان الاستبداد أشد ولذلك فأنت لا تحتاج لإعطاء فرصة لمستبد كي تختبر مدى نجاحه أو فشله ثم تحكم عليه.

ونحن عندما نطالب بالإنصاف في الحكم علينا فإن مآلات هذا الحكم تعود للشعب التونسي وقد جاء قيس سعيد لينهب هذه الإرادة من الشعب، فالشعب غير قادر على الحكم اليوم لا علينا ولا على غيرنا ولا حتى على قيس سعيد إلا ربما بالثورة عليه.

هذا أولا ثم إن المقارنة تكون بين المتشابهات، فقد حكمنا في إطار الديمقراطية والتداول السلمي على الحكم، فمثلا يمكن مقارنة السنة والنصف التي حكمت خلالها النهضة بالسنوات الخمس التي حكمها نداء تونس بعد انتخابات 2014 أو حتى بسنة حكم الباجي قايد السبسي قبل انتخابات 2012 أو سنة حكم مهدي جمعة في 2013 ولا يمكن مقارنة فترة حكمنا نحن أو إي من الفترات المذكورة بحكم سعيد، إلا من باب المقارنة بين الديمقراطية والإستبداد.

وعلى مستوى النتائج صحيح القول أن سعيد لم يتجاوز حكمه المنفرد سنة ونصف، والحقيقة أنه يحكم منذ سنة 2019 إذ تعتبر حكومة بودن حكومته الثالثة. والواقع أن وضع البلاد ازداد سوءا على جميع الأصعدة ووصلنا مرحلة ما عادت تحتمل تقدما ولا تأخرا إلا بتغيير جذري للواقع من أجل الخروج من الأزمة وهذا لا يكون من خلال مسار استبدادي لا محالة.

أثبتت تجربة النظام البرلماني عجزها على حل المشاكل في تونس رغم نجاحها في دول أخرى، هل أنتم مع من يدعو إلى نظام رئاسي مع سحب بعض الصلاحيات من الرئيس.

أولا نحن لا يحكمنا نظام برلماني في تونس، بل بنظام شبه برلماني شبه رئاسي. ثانيا على أي أساس نحكم بفشل التجربة هل كان ذلك بقرار شعبي، لا شك لم يكن ذلك ما حدث فالذي حدث هو انقلاب وأنا أتحدى أن يأتيني أحد بصور وفيديوهات الجماهير الصاخبة التي خرجت لدعم هذا الانقلاب الفاشل ويقدم لنا اليوم أعدادهم ويخبرنا أين ذهبوا.

كي نحكم على شيء يجب عرضه على من له سلطة الحكم وهذا يكون من خلال عرضه على الشعب وقد عرض قيس سعيد دستورا رئاسويا على الشعب وقال له الشعب لا. ومن حيث المبدأ ليس هناك إشكال، إذا كان الخيار للشعب وفي إطار ديمقراطي، أن تكون أنظمة الحكم برلمانية أو رئاسية، المهم هو الحفاظ على مبدأ توازن السلط، وتوزيعها، والتفريق بينها وعدم تمركزها بيد طرف واحد شخصا كان أم حزبا أم فئة اجتماعية.

أي مستقبل تتوقعه لحركة النهضة في ظل الانقسامات الداخلية وبعد تراجع حضورها منذ 25 جويلية؟

حركة النهضة في أحسن أحوالها اليوم وليس هناك خوف عليها، فقد سمحت لها هذه الأزمة بفرصة النظر في واقعها الداخلي والعودة للاقتراب أكثر من هموم الناس وتقييم ومراجعة الكثير من سياساتها وأدائها خلال المرحلة الماضية. الحركة ماضية لإنجاز مؤتمرها في سقف شهر جوان القادم إن شاء الله تعالى، ولا أكتمك سرا إذا أخبرتك بأن عدد منخرطي حركة النهضة قد زاد عددهم خلال السنة الأخيرة وخاصة في فئات الشباب.

حركة النهضة حزب ديمقراطي من يدخله يدخله بحرية ومن يخرج منه يخرج منه بحرية والمعايير بالنسبة لنا هي الخيارات السياسية وليس الأشخاص. ولذلك فإن ما سيحكم في مستقبل الحركة هو الحكم على خياراتها السياسية فالخيار الصحيح هو الذي يجمع الناس والخيار الخاطئ يفرق الناس مهما كان عددهم، والحمد لله لا أحد يقول اليوم إن النهضة في حالة عزلة فالعكس هو الصحيح.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here