أسعار زيت الزيتون في تونس.. تخفيض حكومي تحبطه لوبيات السوق

38

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. يرى الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني أن الجدل الذي يثار هذه الأيام حول زيت الزيتون وأسعاره مردّه “حملة خارجية ممنهجة تتعرض لها تونس من قبل لوبيات كبار المنتجين الأسبان والإيطاليين لتبخيس أسعار زيت الزيتون”.

وقال الزياني في تصريحات لـ”أفريقيا برس” إن “تونس حلّت المرتبة الثانية على مستوى العالم في إنتاج زيت الزيتون”، داعيا السلطات إلى “بعث إستراتيجية ناجعة ومتكاملة تقودها الدولة عبر وزارة الخارجية والدبلوماسية الاقتصادية من أجل الحفاظ على هذه المرتبة المتقدمة”.

ويطرح موضوع زيت الزيتون في تونس هذه الأيام بشكل لافت على مختلف الموائد، الاقتصادية والفلاحية والسياسية، وفي الشارع. ولا ينفكّ الجدل يثار حول سعره المرتفع الذي جعله عملة نادرة في المطبخ التونسي رغم أنه مكون رئيسي لغذائه وأطباقه.

ويوضّح الزياني أن “ما راج عن سعر زيت الزيتون تقوده جهات خارجية، مدعومة بقنوات في الداخل، من أجل تبخيس سعر زيت الزيتون لتقوم بشراءه لاحقا بأسعار زهيدة وتعيد ترويجه في الأسواق العالمية”.

وحسب آخر تقرير قدّمه ديوان الزيت عن إنتاج موسم 2023-2024، تم تصدير ما يعادل 5200 طن وهو رقم قياسي بمعدل الأسعار كان 26 دينار. وفي الموسم الحالي يقدر المحصول بـ324 ألف طن، سيتم تصدير 300 ألف طن، ما يعني ارتفاعا بمعدل 50 بالمئة.

لكن ذلك قد لا ينعكس على مستوى الإيرادات بالعملة الصعبة، حيث تدهورت الأسعار “بشكل مفاجئ وسيء جدا”، وفق الزياني.

وأضاف الخبير في السياسات الفلاحية لـ”أفريقيا برس” أن الحملة الخارجية رافقتها حملات داخلية عن طريق مقاطع فيديو تروج لأسعار بخسة لزيت الزيتون من قبل متحيلين عادة ما يقدمون على خلط زيت الزيتون بمواد عديدة”، داعيا في هذا الإطار كل من يروج زيت زيتون بأسعار بخسة إلى الاستظهار بتحليل صادر عن الديوان الوطني للزيت”.

ويبدو أن ما تردّد بخصوص انخفاض الأسعار، لقي صدى بين الفلاحين ومزارعي الزيتون في تونس.

ويفسر الزياني ذلك لافتا إلى أن انخفاض الأسعار دفع الفلاحين إلى تأجيل جني الصابة، على أمل أن تتغير الأسعار وترتفع. لكن، هذا يحتاج تدخّلا من السلطات لأن التأخير سيضر بجودة الزيتون من جهة، وذلك سيؤثر بدوره على إيرادات العملة الصعبة من جهة أخرى، في وقت تحتاج فيه تونس إلى عائدات بالعملة الصعبة.

وكان الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، أصدر بيانا أكّد فيه على ضرورة “التعامل مع صابة الزيتون في إطار الالتزام التام بالمصلحة الوطنية”، لافتا إلى ما أسماه “الجدل الحاصل حول أسعار الزيتون ومحاولة بعض الوسطاء التأثير على السوق بهدف ضرب مصالح المنتجين وخدمة مصالح أخرى تتعلق بالتصدير”، خاصة وأن تونس تصدر إلى السوق الأميركية دون ضرائب.

من جهتها، صرّحت مديرة المديرية العامة للإنتاج الفلاحي بوزارة الفلاحة درصاف بن أحمد أن أسعار زيت الزيتون للموسم الحالي لا تزال قيد المراجعة. وأضافت خلال ندوة صحفية بمقر وزارة الفلاحة، أن الموسم في بدايته ولم تتجاوز نسبة الحصاد 5 بالمئة”، مشيرة إلى أن أسعار زيت الزيتون بين 18 و22 دينارا للتر.

ولا تملك وزارة الفلاحة أي سيطرة على سعر زيت الزيتون الذي يخضع للعرض والطلب في الأسواق العالمية.

يأتي كل هذا الجدل، بعد أيام من تحرّكات قادها رئيس الدولة بنفسه الحكومة في إطار ما يعتبره “حملة لمحاربة الفساد”، وطالت هنشير الشعال، أكبر قرية لزراعة أشجار الزيتون في تونس. وقد صاحب تلك الحملة جدل كبير خاصة بعد أن صدرت بطاقة إيداع بالسجن في حق وزير الفلاحة الأسبق سمير بالطيب، ورجل الأعمال المعروف في قطاع تصدير زيت الزيتون، عبد العزيز المخلوفي، والذي يرأس أيضا النادي الرياضي الصفاقسي، بالإضافة إلى “متهمين” آخرين بشبهات فساد مالي وإداري.

في خضم كل هذا الجدل، أعلنت الحكومة عن تدابير جذرية لإعادة هيكلة قطاع زيت الزيتون الاستراتجي الذي تعرض لضغوط بسبب سنوات من الخلل. وقد يمثل فرض أسعار ثابتة واعتقال كبار اللاعبين في القطاع وارساء خطة تحديث طموحة بداية عصر جديد لزراعة الزيتون التونسية، لكن كل ذلك لا يعني المواطن التونسي طالما لا يترجم على أرض الواقع أسعارا تجعله قادرا على شراء مخزون سنة كاملة، وهو اليوم لم يعد يلحق حتى على لتر واحدة.

وتلخّص هذا الجدل تدوينة ساخرة لأحد التونسيين تقول: “زيت الزيتون بـ12 دينار (3.7 دولار)، يوجد فقط في الأخبار الوطنية أما في المعصرة فهو بـ20 دينار(6.27 دولار)”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here