جمال مسلم لـ”أفريقيا برس”: تعديل المرسوم 88 يهدد المشهد الحقوقي في تونس

56
جمال مسلم ل
جمال مسلم ل"أفريقيا برس": تعديل المرسوم 88 خطر يهدد المشهد الحقوقي في تونس

حوار آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. حذر الناشط الحقوقي جمال مسلم في حواره مع “أفريقيا برس” من “توجه السلطة نحو تعديل المرسوم 88 الخاص بالجمعيات، حيث تعد هذه الخطوة بمثابة الخطر الذي يهدد المشهد الحقوقي بالبلد، وذلك لمحاصرته عمل الجمعيات والمنظمات والتضييق على أنشطتها وبالتالي خنق الحريات أكثر واستهدافها”.

ورأى أن “السلطة تريد إشاعة مناخ الخوف وإسكات أفواه المعارضين بهدف التغطية على فشلها في إدارة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”، مستبعدا “نجاح الرئيس قيس سعيد في ولايته الثانية في تحقيق مطالب الشارع أو تركيز دولة اجتماعية في ظل رفضه للتشاور مع بقية الأطراف والمكونات السياسية والمدنية واستمراره في سياسة الإقصاء”.

وجمال مسلم هو ناشط حقوقي ومدني، وهو الرئيس السابق للرابطة التونسية لحقوق الإنسان.

ما هي قراءتك للمشهد الحقوقي في تونس خلال الولاية الثانية للرئيس سعيد، هل تعتقد أن الحريات ستواجه انتكاسة كما تتوجس من ذلك المعارضة؟

نحن نلاحظ انتكاسة للحريات منذ الولاية الأولى للرئيس قيس سعيد وتحديدا منذ إعلانه مسار 25 جويلية، وأتوقع أن تتواصل هذه الانتكاسة خلال الولاية الثانية للرئيس، هناك توجه لإيقاف الناس والذهاب نحو محاكمات دون سبب وتوضيح للتهم الموجهة إليهم خاصة مع تفعيل المرسوم 54 سيء الذكر، لذلك أرى أن هذه الانتكاسة مستمرة في ظل تواصل سياسة التضييق والإيقافات.

هل تعتقد أن البرلمان سينجح في تعديل المرسوم 54 المثير للجدل؟

هناك مجموعة من النواب تطالب بتعديل المرسوم 54 وقد اقترحوا مبادرة في هذا الصدد، وأتوقع تعديل فصل أو فصلين من هذا المرسوم ربما الفصل 24 منه، لكن مع ذلك يبدو المضي نحو هذا التعديل صعبا، لأن السلطة تريد إشاعة الخوف بين الناس والصمت على ممارساتها تريد إسكات الصحفيين والمدونين، وقد رأينا في الفترة الأخيرة محاكمات لمدونين ونقابيين ونشطاء سياسيين على خلفية مشاركتهم في تحركات احتجاجية سنة، 2022 ونلاحظ بذلك أن سياسة التخويف مستمرة لإسكات الناس والمعارضين بالخصوص، ربما يقع تعديل الفصل 24 وربما لا، باعتبار أن السلطة تريد إشاعة مناخ الخوف وتستفيد منه للتغطية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية.

فيما يخص ملف المعتقلين السياسيين، هل تتوقع أن تستجيب السلطة للدعوات المطالبة بإطلاق سراحهم بهدف تحقيق تهدئة وإنجاح الولاية الثانية للرئيس؟

في الحملة الانتخابية الرئاسية سمعنا مدير حملة قيس سعيد يتحدث عن تهدئة بين مختلف المكونات السياسية في البلاد بعد فوز سعيد بولاية ثانية، وفهمنا حينها أنه سيقع إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمعتقلين المدنيين لكن لا يوجد حاليا أي بوادر على ذلك، وعلى المجتمع المدني والسياسي ولكل من ينادي بالحريات التحرك والتفاعل أكثر للمطالبة بإطلاق سراح من ثبتت براءته ومحاكمة من تورط وتوضيح التهم الموجهة إليه، أما أن نتركهم هكذا تحت الإيقاف دون مبرر فهو غير منطقي وغير مقبول.

مع تأسيس الشبكة التونسية للدفاع عن الحقوق والحريات (تضم 10 منظمات و8 أحزاب)، هل ستنجح في مهامها، وهل ستنجح في استقطاب الشارع بهدف تحركات ميدانية دفاعا على هذا المكسب؟

نأمل أن تنجح الشبكة التونسية للدفاع عن الحقوق والحريات في مهامها، وللإشارة فقد سعينا إلى تأسيسها منذ أن كنت رئيسا للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وقد قامت بتحركات ميدانية ناجحة إلى حد الآن ونأمل أن تواصل في ذلك وتواصل في الضغط لأجل احترام الحقوق والحريات، كما نرى أن عليها العمل أكثر على توسيع أنشطتها أكثر على مستوى الجهات والمدن الداخلية وعدم الاكتفاء بالتحركات داخل العاصمة فقط.

كيف يمكن حماية دور المجتمع المدني في تونس وكل الأجسام الوسيطة في ظل نفور الشارع من الشأن العام؟

نلاحظ أنه وقع نفور عن الشأن العام بعد انطلاق مسار 25 جويلية2021، وقد أفرز هذا المسار مشاكل وخلافات داخل الأجسام الوسيطة نفسها، لكن على منظمات المجتمع والأحزاب العودة اليوم إلى الساحة شيئا فشيئا وضرورة التوحد والنضال لإعادة الوعي وحماية الحريات الفردية والعامة على الأقل الحد الأدنى منها، وكذلك يجب عليها التوحد في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، لكن في نفس الوقت هناك تخوفا وتوجسا داخل هذه الأوساط من تعديل وتغيير المرسوم عدد 88 وهو مرسوم ينظم عمل ونشاط المجتمع ويوضح كل آليات الرقابة الخاصة به، لكن بتعديله سيكون هناك محاصرة أكثر لعمل الجمعيات والمنظمات، ربما يقع تعديله بعد الانتهاء من مناقشة قانون الميزانية ونعتبر تعديله بمثابة خطر يهدد المشهد الحقوقي والمدني، ونحن لا نرى أن هناك مبررا وداعيا لتعديل هذا المرسوم لأنه يحتوي على كل آليات الرقابة إلا إذا كان الهدف من التعديل مزيد من التضييق ومزيد من خنق الحريات في البلد.

هل ستنجح الولاية الجديدة للرئيس قيس سعيد في تحقيق مطالب الشارع الاقتصادية وتركيز دولة اجتماعية وفق تقديرك أم يصعب ذلك؟

بالنسبة للخطاب الرسمي فهو يطمح إلى تركيز الدولة الاجتماعية، لكن على مستوى الواقع لا أعتقد أنه بإمكانه تحقيق ذلك، ونحن نلمس ذلك من خلال ما نعيشه من أزمة اقتصادية واجتماعية وأوضاع معيشية متردية، لذلك أستبعد قدرة السلطة على تحقيق مطالب الشارع وتركيز دولة اجتماعية، صحيح هناك بعض الإجراءات التي قامت بها الدولة في هذا الاتجاه لكنها غير كافية لتحقيق دولة اجتماعية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى خاصة في ظل غياب الحوار والتشاور مع بقية الأطراف الموجودة في الساحة من أحزاب وجمعيات وإقصاء واضح لدور الاتحاد العام التونسي للشغل، لذلك يبدو من الصعب تركيز دولة اجتماعية في ظل استفراد السلطة برأيها واستمرارها في سياسة الإقصاء.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here