حاتم المليكي لـ”أفريقيا برس”: السلطة والمعارضة يشتركان في الفشل

55
حاتم مليكي لـ
حاتم مليكي لـ"أفريقيا برس": السلطة والمعارضة يشتركان في الفشل

أفريقيا برس – تونس. قيم السياسي والنائب السابق بالبرلمان المنحل حاتم المليكي في حواره مع “أفريقيا برس” المشهد السياسي في تونس أعقاب النتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث اعتبر أن السلطة والمعارضة كلاهما يشتركان في الفشل والأزمة الخانقة التي تعصف بها البلاد.

وبرأي المليكي فإن الحل يأتي في تشكيل حكومة جديدة دون مرسوم 117 تعمل على أولويات اقتصادية واجتماعية مهمة وعاجلة، مشيرا أن تمشي الرئيس قيس سعيد الانفرادي ورط البلاد في مسار مجهول، كما يجبر الأطراف التونسية على اختيار سيناريوهات غير مقبولة بالنسبة لتونس، وهي المواجهة في ظل إصراره على رفض الحوار، حسب تعبيره.

آمنة جبران

ذكرت في تصريحات سابقة أن المصلحة الوطنية تقتضي تكوين حكومة جديدة، ما الذي ستقدمه حكومة جديدة هل ستكون بنفس حسابات الحكومة السابقة؟

كنت أعني حكومة جديدة مع إلغاء المرسوم 117، واتفاق مع المنظمات الوطنية على حكومة تنفذ ثلاث مطالب رئيسية: المهمة الأولى هي إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي مع مراجعة المقترح التونسي مع الصندوق الذي ينقصه كيفية عودة تونس إلى نسق نموها الطبيعي حيث تستطيع أن تواصل الاقتراض مع الصندوق وغيره لكن دون أن تعيد نسبة النمو ما يعني استمرار الاقتراض والمديونية، والمهمة الثانية بالنسبة للحكومة هي العمل على استرجاع الترقيم السيادي باعتبار أن الترقيم الحالي لا يسمح لنا بالقيام بمبادلات تجارية طبيعية، حيث لدينا مشكل كبير في مخزون العملة الصعبة وإذا سنواصل بهذا النسق سيكون صعبا على تونس توفير الموارد الأساسية، وتوفير الواردات حتى تستطيع الشركات العمل، لذلك علينا إخراج البلد من هذه الوضعية الموجودة فيها.

أما المهمة الثالثة هي تكوين فريق عمل يقوم بالاتصال بالشركاء الاقتصاديين خاصة للدول الشقيقة والصديقة للاتفاق على عودة الاستثمار الخارجي في تونس لأنه لا يمكن لاستثمارنا الداخلي والخاص إعادة نسبة النمو أو خلق وظائف وسيكون لذلك تداعيات اجتماعية واقتصادية.

إذا لدينا ثلاثة واجهات: واجهة مالية تتعلق بالمالية العمومية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والواجهة الاقتصادية والواردات التي لديها مشكل الرقم السيادي الحالي، كما لدينا مشكل الاستثمار الخارجي وهو الوحيد الذي يستطيع تقديم دفع للاقتصاد وتحقيق نسب نمو معقولة والخروج من وضعية التداين المستمر.

وإذا وقع الاتفاق على الحكومة مع إزالة المرسوم 117 وتثبيت فريق حكومي مدعوم من قبل المنظمات حينها تستطيع تونس أن تسترجع تدريجيا الثقة مع المتعاملين الاقتصاديين الدوليين وبالنسبة للمسألة السياسية يقع ترحيلها إلى نهاية عام 2024 موعد الانتخابات الرئاسية.

أعلنت من فترة قصيرة عن نواياك تأسيس حزب جديد، هل مازلت هذه الفكرة قائمة بعد نتائج الانتخابات الأخيرة؟

الفكرة دائما قائمة لكن الأولويات هي من تحكم اليوم، اليوم ليس لدي رغبة أن أدخل الحياة السياسية بالمنطق الحزبي، لأن الأحزاب في نهاية الأمر هي مؤسسات تنافس على السلطة، لكن الوضع الحالي في البلاد سيء جدا ويتطلب حتى على مستوى شخصي أو على مستوى المجموعات الدفع نحو الخروج من الأزمة وهي حاليا أزمة خانقة جدا، لا تسمح بعمل سياسي طبيعي، فالمواطنين اليوم ليس لديهم رغبة في الانخراط في الحياة السياسية لأنهم متخوفين على مستقبلهم، لكن إذا تحسنت الأوضاع في تونس سنفكر في حركة أو جبهة سياسية أو تنظيم حزبي سنختار له حينها الشكل، لكن حاليا من الصعب ذلك.

الرئيس سعيد تجاهل انتقادات المعارضة للانتخابات بإعلانه جولة إعادة، هل هو إصرار منه في مواصلة مشروعه، وهل سيصمد هذا المشروع أكثر؟

في تقديري بحكم أن قيس سعيد لا يملك الخبرة والكفاءة لإدارة شؤون البلاد ولديه قناعة بفكرة شخصية غير واضحة ومجهولة المعالم بإصراره الذهاب إلى الأمام، تفسيري ذلك هو عدم درايته وكفاءته في إدارة شؤون البلاد، وماذا يعني دولة واقتصاد وعلاقات خارجية الخ..

لقد حظي سعيد بدعم المواطنين حين كانت صلاحيات الرئاسة محدودة في العلاقات الخارجية وفي الإشراف على الأجهزة الأمنية والعسكرية لكن منذ أن سعى لتسلم السلطة ، ورط البلاد في مسار مجهول ومسار شخصي، وليس لدي انتظارات منه لأنه لم يتحرك في الوقت الحرج المطالب به التحرك حين كنا مهددين بنقص المواد الغذائية والبترول، وفي جميع الحالات ليس بوسع المسار الذي ينتهجه أن ينجح، موضوعيا ليس لديه أي سبب من أسباب النجاح، لكن نأمل أن لا يكون سببا في تدمير قدرات تونس على أن تسترجع أنفاسها.

كنت نائبا سابقا في البرلمان المنحل، برأيك كيف سيمارس البرلمان المرتقب دوره التشريعي وسط صلاحيات محدودة؟

هذا مسار شخصي من الرئيس لا يوجد برلمان وقع النقاش بشأنه أو الاتفاق عليه أو تشريك جميع الأطراف فيه، الدستور كتبه سعيد في الليل في غرفة مظلمة، وهو من قرر الانتخابات ووضع قانون انتخابي ونصب هيئة انتخابية، كل ذلك يعتبر امتداد لفكره الشخصي وهو نراه فكر عقيم لا يؤسس لا لدولة ولا لديمقراطية، ولمسنا ذلك من خلال سلوك هيئة الانتخابات، وإذا ما قرر المُضي في البرلمان الجديد فسيكون شبيها للهيئة يفتقد لصلاحيات شأنه شأن كل المؤسسات التي وضعها في الدستور، للأسف بهذا النهج يأخذ سعيد البلاد كرهينة لديه، يجبر بهذا التمشي الأطراف التونسية على اختيار سيناريوهات غير مقبولة بالنسبة لتونس، فحين يلغي الحوار يعني أنه يدفع للمواجهة، وللأسف هو يدفع إلى المواجهة.

ما رأيكم في تحركات اتحاد الشغل الذي بدأ التشاور مع منظمات وقوى من المجتمع المدني بهدف إطلاق حوار لإخراج البلد من الأزمة، هل هي رسالة للرئيس بضرورة التنازل ومراجعة توجهه الاقصائي؟

في تقديري لست من الناس التي تميل في المبالغة باعتبار أن قيس سعيد هو الشخصية الرئيسية في الأزمة أو في المنظومة الموجودة حاليا ممكن بحكم المنصب كرئيس الجمهورية، لكن تحرك اتحاد الشغل أقرأه كتحرك لحماية منظوريه من الشغالين بغض النظر وهو تحرك سبق أن قام به مع جميع الحكومات السابقة، ومن الطبيعي في ظل الأزمة التي نعيشها أن تتكاثر مثل هذه الرغبة لحماية مصالح المنظمات والأفراد، ومن المؤكد أن يكون الدفاع أو الاحتجاج متوجه للسلطة وستزيد بتقديري مثل هذه التحركات والاحتجاجات وسيزيد معها السلوكيات الفردية مثل الهجرة غير الشرعية، وأرى ذلك محاولات للدفاع عن المواطنين وعن مصالحهم.

ذكرت أيضا أن الرئاسة والمعارضة كلاهما مصدر الأزمة، متى يقع الالتفات والإنصات لمشاغل التونسيين؟

عمليات سبر الآراء الأخيرة فيما تخص المشهد السياسي تشير بأن غالبية المواطنين يجيبون ب لا ورفضهم لهذه الطبقة، بمعنى أن السلطة والمعارضة يشتركان في الفشل، يشتركان في عجزهم على نقل تونس إلى صفوف الدول المتقدمة حيث نفس العقلية ونفس طريقة التسيير كلها مبينة على الولاءات وغياب الشفافية، واستعمال أجهزة الدولة لأغراض سياسية، جميعها دون أفق سياسي لا يسمح لتونس بالدخول في مستوى تصرف جديد أو تحقيق نجاعة نمو وفي نفس الوقت يحافظ على المكتسبات الديمقراطية.. جميعهم في نفس الخانة، الصراع ليس على تونس كيف تنتقل إلى مصاف الدول المتقدمة بل هو صراع على السلطة لا أكثر.

كيف تقرأ الموقف الغربي من الانتخابات التشريعية وخاصة الموقف الأميركي؟

تونس دولة جيواستراتيجية لديها موقع ممتاز ومهمة جدا في منطقة شمال أفريقيا، لكن في المقابل هناك انشغالات أخرى للدول المتقدمة ومنها الصراع بين الصين والولايات المتحدة والحرب بين روسيا وأوكرانيا وتغييرات في الأسواق العالمية الكبرى، هذه أولويات هذه القوى.

في تقديري التعامل مع الوضع التونسي فيه كثير من البراغماتية، بمعنى نترك للتونسيين الفرصة للبحث عن حل داخل الأطر التونسية، لكن الموقف الأميركي والأوروبي واضح إذ ما ترغب تونس في الحلف الغربي وتبقى ضمن التزاماتها الدولية السابقة. لكن المشكل هو تونسي بالأساس حيث أن السياسة الخارجية غير واضحة ومواقف رئيس الجمهورية متغيرة جدا، لذلك التعامل الدولي يأتي حسب المواقف وخطوات الرئاسة، وفي تقديري سيحين الوقت الذي تجبر فيه هذه القوى على أن تحسم موقفها، مع من ستكون، في أي اتجاه ستكون هل ستنتمي إلى العالم الديمقراطي، أو تتراجع عن هذا العالم وتغادره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here