زيارة المغزاوي للصين.. حركة الشعب تراهن على تنويع الشركاء الدوليين

51
زيارة المغزاوي للصين.. حركة الشعب تراهن على تنويع الشركاء الدوليين
زيارة المغزاوي للصين.. حركة الشعب تراهن على تنويع الشركاء الدوليين

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. عكست الزيارة التي يؤديها الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي حاليا إلى الصين، بدعوة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، رهان الحركة على تنويع الشركاء الدوليين لإنقاذ الاقتصاد التونسي.

وذكرت حركة الشعب في بيان تحصل موقع “أفريقيا برس” على نسخة منه أن” الزيارة التي تمتد على مدار الأسبوع الجاري وتنتهي الاثنين القادم، تأتي في إطار تبادل الزيارات والعمل المشترك بين الحزب الشيوعي الصيني والحركة”.

أسامة عويدات قيادي في حركة الشعب

وأوضح أسامة عويدات القيادي بحزب حركة الشعب في حديثه لـ”أفريقيا برس” أنه “بعد زيارة وفد الحزب الشيوعي الصيني إلى تونس مؤخرا بدعوة من حركة الشعب وبعد اللقاءات التي تمت بين الطرفين والتي أثمرت على الموافقة على منح تونس هبة لبناء مستشفى يعنى بالأمراض السرطانية في مدينة قابس، فان الزيارة تأتي تتويجا لهذا التعاون وذلك في إطار لقاءات رفيعة المستوى”.

وتابع عويدات بالقول ” لقد ذهب أمين عام الحزب للصين على اثر تلقيه الدعوة لتدارس جملة من النقاط التي سنعلن عنها تباعا حين نبدأ العمل.. ومن المؤكد أنها زيارة لتبادل الخبرات وتطوير العلاقات بين الحزبين والبلدين. ”

وعلق “هدفنا إيجاد حلول للبلاد.. هذا هو الإطار العام الزيارة”.

وفي معرض رده على سؤال ما إذا كانت الزيارة تنقل رسائل سياسية من السلطة إلى الحزب الحاكم الصيني، نفى عويدات علمه بذلك، في المقابل أكد أن “الزيارة ستدافع من خلالها الحركة على الصالح التونسي وعلى الميزان التجاري المختل وعلى عديد من المسائل المهمة الأخرى”.

وكانت حركة الشعب قد استقبلت نهاية شهر مايو الماضي، وفدا عن الحزب الشيوعي الصيني بدعوة منها يترأسه رئيس تاريخ وأدبيات الحزب الشيوعي تشيوي تشينغ شان، وقد فتحت الزيارة دائرة الجدل حول الدبلوماسية الاقتصادية التي يجب أن تنتهجها تونس للخروج من أزمتها، وما إذا كان الانفتاح مع الصين مثمرا بالفعل أم انه يتوجب عليها المحافظة على شركاءها التقليدين حيث يصعب المقامرة بتخفيف العلاقات معهم.

شركاء صاعدين جدد

تبدى حركة الشعب على غرار غالبية المؤيدين لمسار 25 جويلية دعمها على تنويع العلاقات الاقتصادية والدولية بالتوجه نحو الصين وروسيا ردا على ما يسمونه بالابتزاز الغربي في علاقة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وتعد الحركة من أبرز القوى السياسية بالبرلمان التونسي، حيث تحصلت على 31 مقعدا في الانتخابات التشريعية الأخيرة ثم قامت بتأسيس كتلة الخط الوطني السيادي التي تضم حزب الوطد ونواب مستقلين.

وعلى عكس أوساط سياسية واقتصادية التي تتوجس من كسر تونس لخارطة علاقاتها الدولية التقليدية وتكلفة ذلك على اقتصادها، إلا أن الحركة تعتقد أن الوقت قد حان لتجديد العلاقات في الوقت الذي تتغير في الخارطة الدولية والتي أفرزت موازين قوى جديدة، وعلى تونس استثمار هذه المتغيرات إلى صالحها وتنويع العلاقات مع شركاء صاعدين جدد.

وسبق أن أشار زهير المغزاوي في حواره مع أفريقيا برس إلى أن ” العلاقة مع الصين هي فرصة لتونس، وعلى عكس تيار كامل موجود في تونس يثير مخاوف التونسيين من الذهاب إلى الصين، كما أننا لم ندعو على الإطلاق إلى قطع العلاقات القديمة في تونس سواء مع الاتحاد الأوروبي أو غيرها، بل طالبنا أن تكون العلاقات ندية ونفعية بشكل متساو ولا تكون قائمة على الإملاءات أمام مساعي هذه القوى فرض شروطها وإملاءاتها علينا، وقلنا أنه لا بد من تنويع علاقتنا لذلك نقدر اليوم أننا أمام فرصة للدفاع عن السيادة الوطنية بكلفة أقل بكثير من الدفاع عنها في السنوات السابقة لأن العالم يتحول من مرحلة القطب الواحد إلى مرحلة تعدد الأقطاب”.

وأبرز المغزاوي “هذا ما يتيح الفرصة لدول مثل تونس أن تدافع على سيادتها الوطنية وأن تحول موازين القوى الجديدة إلى فرص حقيقية للتنمية، وبالتالي نعتقد أن الذهاب إلى الصين وإقامة علاقات شراكة معها مهم جدا.. ونقول للرئاسة التونسية وللدولة وللحكومة أمضوا في سبيل تنويع علاقاتكم ولا تخافوا من شيء، لأن العالم يتحول ويتغير لصالح الشعوب ذات الإمكانيات الضعيفة مثل شعبنا”.

ويدعم عويدات رأي المغزاوي الذي يؤكد “رهان حركة الشعب على تنويع العلاقات في كل ماهو اقتصادي وسياسي وفي استغلال الظرفية التي يمر بها العالم اليوم” .

وبرأي عويدات فإنه “على تونس تنويع علاقاتها حيث لا يجب أن تبقى قيد الارتهان المتكرر والمتراكم لشركائها التقليدين، وبالتالي نؤيد الذهاب إلى قوى اقتصادية صاعدة للاستفادة من تجاربهم والتعامل معهم ولنضمن مزيد من الإنتاجية ولبناء اقتصاد وطني سليم يخفف من المديونية التي نعاني منها”.

ويعاني الاقتصاد التونسي أحلك فترة في تاريخه حيث تسببت جائحة كوفيد في عام 2020 في انكماش الاقتصاد 8.8 بالمئة. كما دمر الجفاف الزراعة مما أدى إلى تفاقم العجز التجاري.

ويؤيد خبراء اقتصاد الانفتاح على الصين للخروج من الأزمة المالية التي تعاني منها البلد خاصة أن الصين تعد رابع شريك تجاري لتونس وأوّل شريك آسيوي، وقد احتلّت، خلال سنة 2022، مرتبة ثاني مزوّد لتونس ورابع حريف في آسيا.

وقد أظهرت إمكانيات التبادل وآفاق الشراكة بين تونس والصين، أنه بإمكان تونس توجيه صادرات إضافية إلى السوق الصينية بقيمة 200 مليون دولار (حوالي 600 مليون دينار)، ما يعادل أربع مرّات أكثر من قيمة مبيعات تونس الحالية للصين، حسب ما ذكره المدير المساعد بإدارة النهوض بالصادرات بمركز النهوض بالصادرات، رياض عطيّة لوسائل إعلام محلية.

وبين عطيّة أن هناك عديد المنتجات، التّي تشكل فرصا للتصدير نحو الصين على غرار منتجات البحر والنواقل الكهربائية. ولاحظ المسؤول بمركز النهوض بالصادرات، في هذا الخصوص، بأن تونس لا تستغل سوى 3 بالمائة، فقط، من فرص تصدير زيت الزيتون، التّي تتيحها السوق الصينية بالنسبة لهذا المنتج الهام لتونس.

ولتطوير الشراكة والتكامل بين تونس والصين، أكد عطية على ضرورة مضاعفة الجهود لمزيد دفع الاستثمار والاستثمار المشترك في تونس وتشجيع الإنتاج المشترك والمناولة الصناعية ونفاذ المؤسسات الصينية إلى الأسواق، التّي ترتبط بها تونس بموجب إتفاقات للتبادل الحر على غرار بلدان السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا.

مع ذلك وعلى الرغم الدعوات للانفتاح على الصين اقتصاديا، إلا أن استثمارات الصين مازالت محدود مقارنة بدول أخرى، بينما تحافظ فرنسا على مركزها الأول في قائمة المستثمرين الأجانب في تونس.

حل ولكن

يشكك المعارضون لتوجه تونس إلى الصين على قدرة الانفتاح الاقتصادي معها على تخفف من حدة الأزمة خاصة أن هناك عقبات تطال مشاريع توسيع الاستثمار الصيني والبنية التحتية في البلد مقارنة بشركاء تونس من الغرب.

وفي تقرير سلط فيه الضوء على حدود العلاقات التونسية-الصينية، رأى تقرير لمعهد واشنطن للدراسات أن هناك عوائق تحول دون تحويل المشاريع الصينية إلى واقع ملموس بالبلد حيث مازال الفساد يمثل مشكلة بارزة، كما تفتقر تونس إلى إطار قانوني للشراكات بين القطاعين العام والخاص وهو ما شكل عقبة مباشرة أمام التنفيذ الكامل لمذكرة “مبادرة الحزام والطريق” بين تونس وبكين.

ونتيجة لذلك لم تتحقق بعد الصين في تونس مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تشتهر بها في بلدان أخرى، باستثناء عدد متواضع من المبادرات البارزة، واقتصر الوجود العملي لبكين في تونس إلى حد كبير على المشاريع الرمزية إلى حد الآن، حسب استنتاجات التقرير.

وفي ظل هيمنة السوق الأوروبية على صعيد تجاري، ومصالح البلد على صعيد استراتيجي التي تقتضي الانضواء تحت الحلف الغربي يبدو من الصعب الرهان كثيرا على التوجه نحو الصين والقوى الصاعدة الأخرى.

رضا الشكندالي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية

ولفت رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية خلال حديثه لـ”أفريقيا برس” أن “العجز مع الصين وروسيا والجزائر يشكل 90 بالمئة من العجز التجاري لتونس، ما يعني أن توجه إلى الصين يشكل مشكلا وليسا حلا”.

واستدرك قائلا “حتى لو قدمت لنا مساعدة، فالصين لا تستطيع أن تمنحنا مساعدة مالية بالدولار في حين أن الديون التي نعاني منها بالدولار كما علينا أن نسد العجز التجاري معها، لذلك هي مشكل بالفعل لنا”.

وكان الميزان التجاري لتونس مع الصين قد سجل عجزا بقيمة 8532، مليون دينار في 2022، حسب تقارير محلية.

وأردف الشكندالي “الصين لا تريد أن تقوي الدولار على حساب عملتها وهدف إحداث بريكس بالأساس هو كسر هيمنته العالمية”.

وخلص بالقول” الصين ليست حلا لتعوض صندوق النقد الدولي فهي ستكتفي بتمويل الدول المنضوية تحت مبادرة الحزام والطريق من خلال تمويل البنى التحتية والموانئ التي ستستفيد منها، لذلك هي مشكل في الوقت الحالي لتونس وليست حلا ناجعا لإنقاذ الاقتصاد”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here