سفيان الكامل لـ”أفريقيا برس”: على تونس التكيف مع المتغيرات وتنويع العلاقات

62
سفيان الكامل: على تونس التكيف مع المتغيرات وتنويع العلاقات
سفيان الكامل: على تونس التكيف مع المتغيرات وتنويع العلاقات

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أكد القيادي في التيار الشعبي سفيان الكامل في حوار مع “أفريقيا برس”، أن “الدبلوماسية التونسية في حاجة إلى التكيف مع المتغيرات السريعة التي تعيشها المنطقة والعالم، وأنه من الضروري التنويع في العلاقات والتوجه نحو القوى الصاعدة”، موضحا أن “التيار الشعبي يدعم ويدعو إلى تطوير العلاقة مع تركيا وإيران والهند للاستفادة من فرص التنمية والنهوض بالاقتصاد دون السقوط في سياسة المحاور”.

وفيما يخص الشأن الداخلي، لفت إلى أن “تعزيز الجبهة الداخلية يتطلب الخروج من حالة الانغلاق السياسي ومد جسور التواصل مع كل الأحزاب والمنظمات”، وأن “الأوضاع الاقتصادية تتطلب رؤية جديدة وتغيير جذري لإعادة ربط الاقتصاد بحياة الناس والعدول نهائيّا عن السياسات الاقتصادية التقشّفيّة”، مؤكدا في ذات السياق أن “إنصاف الفئات الاجتماعية الهشة من أولويات المرحلة”.

وحول الموقف التونسي من التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية قال سفيان الكامل، إن “ترامب مع إسرائيل بدون حدود وتونس مع فلسطين بدون سقف”، بهذه العبارة لخص القيادي بالتيار الشعبي الموقف التونسي من المستجدات في الملف الفلسطيني وسط مقترح الإدارة الأميركية الأخير والقاضي بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مبديا تأييده القوي لـ”رفض تونس دعوات التهجير وعدم اعترافها بالكيان الصهيوني رغم الضغوط الغربية وسياسة التضييق والابتزاز”.

وسفيان الكامل هو عضو باللجنة المركزية لحزب التيار الشعبي، ومندوب تربية بولاية المهدية من سنة 2022 إلى سنة 2024، ومندوب تربية سابق بالمندوبية للجهوية للتربية بولاية سيدي بوزيد من سنة 2021 إلى سنة 2022، وهو متحصل على الأستاذية في علم الاجتماع.

ما هي قراءتكم للموقف التونسي في التعامل مع المستجدات في غزة ومع إعلانها مؤخرا رفضها لدعوات تهجير الفلسطينيين من القطاع؟

الموقف التونسي موقف مبدئي منذ بداية طوفان الأقصى، والحقيقة منذ وصول الرئيس قيس سعيد إلى السلطة تغير الموقف التونسي جذريا وبشكل حاسم ومبدئي، حيث لم تعد تونس تعترف بوجود الكيان الصهيوني نهائيا وموقفها واضح دستوريا وسياسيا ودبلوماسيا وهو حق الشعب الفلسطيني في تحرير فلسطين كل فلسطين التاريخية، وهذا صلب العقيدة السياسية للتيار الشعبي، وبالتالي نحن ندعم بقوة موقف بلادنا بخصوص القضية الفلسطينية، وكان الموقف من دعوات التهجير التي أطلقها الفاشي ترامب موقف مهم حيث رفضت تونس هذا الأمر وهذا كان منتظر بالنسبة إلينا.

والتيار الشعبي يعتبر الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجودي، ولن يحل إلا بإزالة ما يسمى “إسرائيل” من الوطن العربي، وما يجري اليوم يؤكد صوابية رؤيتنا، فالعدو لم يراعي حتى الدول العربية التي طبعت معه واعترفت به، واليوم بعد أن دمر العراق وليبيا وسوريا الذين رفضوا الاعتراف به، جاء الدور على الأردن ومصر والسعودية، إذن لا مفر من مقاومة العدو على قاعدة إزالته نهائيا، لا على قاعدة الاعتراف والتعامل معه، لأن عقيدة العدو قائمة على إبادة العرب كل العرب، وليس الفلسطينيين إلا بداية.

أمام ما تعيشه المنطقة العربية من تحولات وتغييرات، هل برأيك الدبلوماسية التونسية بحاجة إلى مقاربة جديدة، وكيف بوسعها القيام بدور مؤثر في الملف الفلسطيني؟

الدبلوماسية التونسية بالتأكيد في حاجة إلى التكيف مع المتغيرات السريعة التي تعيشها المنطقة والعالم وهي تحاول، ولكن نحتاج إلى رؤية شاملة تقوم على المضي في التمهيد الاستراتيجي من خلال تعزيز العلاقات مع القوى الدولية الصاعدة، مع تجنب التوتر العالي مع شركائها التقليديين، مع تثبيت موقفها في عدم الاعتراف والتعامل مع كيان العدو الصهيوني، ومن ثمة إدارة حالة من التوازن بما يضمن نجاح العلاقة مع الأطراف الدولية المتنافسة، مع العمل الاستراتيجي لبناء قوة ذاتية، ويجب العمل على محاور متعددة مغاربيا وعربيا وأفريقيا، وكذلك يجب أن يعتني قسم بأمريكا اللاتينية وآسيا، وكذلك وضع خطة إستراتيجية للتعامل مع القوى العظمى للاستفادة من التناقضات، وعدم السقوط في أي عملية تمحور قد تضر بمصالحنا.

برأيك هل ستواصل الإدارة الأميركية الجديدة انتهاج نفس سياسة بايدن مع تونس، أم ستكون هناك سياسة جديدة؟

اهتمامات ترامب غير اهتمامات سلفه الديمقراطي بايدن، فترامب أولوياته الصراع الاقتصادي مع الصين كقوة عظمى تهدد عرش أمريكا، واهتماماته منصبة حيث الطفرة المالية فنحن أمام تاجر وقح يريد أن يخضع الجميع لإرادته، وعليه تونس ليست ضمن اهتمامات ترامب، فتونس ليس لها معاملات اقتصادية كبيرة مع أمريكا، ولا تتلقى مساعدات ضخمة منها مثل بعض الدول، الملف الخطير والخلافي بين تونس وأمريكا هو الموقف من القضية الفلسطينية، ترامب مع إسرائيل بدون حدود وتونس مع فلسطين بدون سقف، وهنا سيحاول اللوبي الصهيوني والعملاء من الإخوان المسلمين خاصة الذين يملكون تقاليد في العلاقات مع جماعات الضغط في أمريكا، ابتزاز تونس من هذا المحور من خلال تضييقات اقتصادية.

كيف تقرأ إعلان تونس وإيران مؤخرا عن سعيهما لتشكيل لجنة اقتصادية مشتركة، وهل برأيك تقارب تونس مع إيران والصين والتنويع في علاقاتها من شأنه إثارة قلق حلفاء تونس التقليديين؟

تونس إلى حد الآن تدير علاقاتها بشكل سيادي دون أن تسقط في سياسة المحاور وهذا أمر مهم جدا، تونس دولة ذات سيادة تقيم علاقاتها على قاعدة رابح – رابح، وأكيد أن دول الهيمنة الغربية تحاول منع تونس وغير تونس من الخروج من دائرة الهيمنة، ولكن القرار الوطني حاسم هنا بخصوص إيران، وفي رؤية التيار الشعبي للسياسة الخارجية تأتي ضمن محور القوى الإقليمية الصاعدة في العالم الإسلامي والشرق وأمريكا اللاتينية ونحن ندعو إلى:

– تطوير العلاقة مع تركيا وإيران والهند والاستفادة من فرص التنمية، مع ضرورة مراجعة بنود اتفاق الشراكة مع تركيا.

– العمل على الاستفادة مما تتيحه إمكانيات الدول الإسلامية الكبرى كإيران وباكستان وإندونيسيا وماليزيا من فرص اقتصادية.

– تطوير العلاقات مع دول أمريكا الجنوبية، والعمل على إحداث شراكة تونسية برازيلية في علاقة بالصناعة والفلاحة، وكذلك شراكة مع فنزويلا وبوليفيا في علاقة بالطاقة.

وبخصوص الصين وروسيا رؤيتنا تقوم على:

– تطوير العلاقات مع المنظومة الأوراسية وخاصة الصين وروسيا، باعتبارها أهم القوى في البريكس ومنظمة شنغهاي، وهو ما يتطلب العمل على تطوير العلاقات التونسية معهما، وذلك بمبادرة دبلوماسية تطلب تونس بمقتضاها اتفاق استراتيجي مع الصين يشمل آلية لتنفيذ مشاريع طريق الحرير بتونس وخاصة مشاريع البنية التحتية.

– إنشاء مركز تخطيط استراتيجي خاص بطريق الحرير بهدف حل معضلة التمويل من خلال الانفتاح على مصادر تمويل طريق الحرير الصيني، وهي صندوق طريق الحرير والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وتكنولوجيا الاتصال، وتحديث البنية التحتية وإنجاز مشاريع كبرى في مجال الطرقات السيارة، تحديث وتأهيل الموانئ وإنجاز ميناء مياه عميقة ومطار عالمي وقطار سريع.

– كذلك تطوير وتأسيس صناعة مبتكرة حيث فاقت استثمارات الشركات الصينية على طول الحزام والطريق 90 مليار دولار. وتطوير الزراعة بتقنيات “تصنيع 4.0”. وإدماج تونس في الاقتصاد الإيكولوجي والاقتصاد الرقمي بالاستفادة من تقنيات وآليات صناديق التمويل الخاصة بمبادرة مشروع الحزام والطريق.

– تخفيض عجز الميزان التجاري بالانفتاح على أسواق الدول الأعضاء بمبادرة مشروع الطريق والحزام، بتركيز مناطق تجارة حرة مشتركة. والعمل على إنجاز اتفاق شراكة إستراتيجية مع روسيا، على غرار الجزائر لتطوير الفلاحة والصناعة والصناعات العسكرية والتبادل بالعملات المحلية.

– عقد اتفاق استراتيجي مع روسيا والعمل على تطوير التعاون خاصة في مجالات الزراعة والطاقة والسياحة.

ماهو موقف التيار الشعبي من الدعوات التي وقع إطلاقها مؤخرا في تونس والتي تنادي بحوار وطني شامل للخروج من الأزمات ولتعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التغيرات الإقليمية والدولية؟

تعزيز الجبهة الداخلية هو أمر مطلوب في كل وقت، وهو من المفروض جزء أساسي من السياسات العامة لأي دولة، فكلما كانت البيئة الداخلية متينة ومنسجمة، كلما كان وضع الدولة أفضل في مجابهة كل التحديات، لذلك تعزيز الجبهة الداخلية أمر ملح الآن في ظل التحديات الكبيرة المفروضة على بلادنا، وهذا موكول أساسا لرئيس الجهورية، المطلوب منه إيجاد الآليات المثلى لتعزيز الجبهة الداخلية وإحداث نوع من التعبئة الوطنية الشاملة حول مشروع وطني لبناء تونس وتطويرها.

ماهي مقترحات التيار الشعبي للخروج من حالة الانسداد السياسي، وماهي أهم الإصلاحات التي تعتقد أنه يجب تنفيذها لإنقاذ الاقتصاد؟

رؤيتنا واضحة وقد استخلصنا أهم الدروس المستفادة من كل التجارب الوطنية العربية بانتصاراتها وانكساراتها، وهي أن الشعب الحر والمنظم هو صمام الأمان أمام كل المخاطر، فالدولة ومؤسساتها وقواها العسكرية والأمنية غير قادرة لوحدها على مجابهة المخاطر والتحديات.

إن الحفاظ على وطننا وعلى استقراره ووحدة شعبه وجغرافيته من أولوياتنا القصوى، وهو ما يستوجب تمتين البناء السياسي الديمقراطي وتكريس أكبر قدر ممكن من المشاركة الشعبية والتنمية الاقتصادية والإجتماعية الوطنية، بما يضمن الحياة الكريمة للشعب، وهو ما يتطلب في هذه المرحلة الدقيقة:

– استكمال تركيز المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المحكمة الدستورية والمجالس القضائية وفقا لأحكام الدستور.

– تركيز المجلس الأعلى للتربية والشروع الفوري في عملية الإصلاح التربوي.

– الشروع في إصلاح قطاع الإعلام وتركيز المؤسسات الضرورية للغرض.

إحداث مجلس أعلى للثقافة بما يسهم في إحداث ثورة ثقافية وطنية تقطع مع ثقافة الرداءة والتخلف التي سادت لعقود طويلة..

– تعديل المرسوم 54 بما يضمن حماية مكتسبات شعبنا في مجال الحقوق والحريات، ومنع كل محاولة ارتداد للخلف، وتجنيب البلاد كل ما من شأنه الإساءة إليها داخليا وخارجيا.

– تسريع البت في القضايا الكبرى العالقة منذ سنوات، وأهمها قضايا الاغتيالات التي طالت الشهيدين محمد براهمي وشكري بلعيد وقضايا الإرهاب والتسفير واختراق جهاز الدولة وقضايا الفساد السياسي والمالي والتآمر على أمن الدولة وفقا لمبادئ المحاكمة العادلة.

– تعزيزا للجبهة الداخلية وتمتينا للوحدة الوطنية ضرورة الخروج من حالة الإنغلاق السياسي، ومد جسور التواصل مع جميع الأحزاب والهيئات المهنية والمنظمات والفعاليات الشعبية والنخب الثقافية والإعلامية والأكاديمية الوطنية المناهضة للرجعية والهيمنة والمؤمنة بالديمقراطية والسيادة.

اقتصاديا: نثمن الإجراءات الاجتماعية لفائدة المعلمين والأساتذة النواب، ونطالب بضرورة تعميم هذه الإجراءات على بقية القطاعات لإنهاء كل مظاهر العمل الهش، ولكن في نظرنا تونس تحتاج إلى إحداث تغيير جذري في الرؤية الاقتصادية لإعادة ربط الاقتصاد بحياة الناس والعدول نهائيّا عن السياسات الاقتصادية التقشّفيّة، ووضع احتياجات الشعب في الغذاء والصحة والتعليم والنقل أولوية وطنية، وما يستوجبه من سياسات وإجراءات، لدفع محركات النمو الإقتصادي وخلق الثروة، ولنا رؤية متكاملة في هذا الغرض.

هل تعتقد أن الرئيس قيس سعيد في مهمة صعبة لإنقاذ تونس، وماهي تقييمكم لأدائه مع بداية توليه الولاية الرئاسية الثانية؟

لا توجد مهمة سهلة في إدارة الدول ناهيك وتونس عانت كثيرا طيلة عقود من الفساد والفوضى، وإعادة البناء تحتاج جهد مضاعف وتحتاج أن يستفيد الرئيس من كل نقاط القوة الموجودة في البلاد وهذا ما نطالب به، تونس أهم نقطة قوة لديها هو ذكاء شعبها ونخبها الوطنية المؤمنة بمشروع التحرر الوطني، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي وهي نقاط قوة مادية ومعنوية، إذا تم تفعيلها بشكل جيد تكون مهمته أسهل.

ماهي توقعاتكم للوضع الاجتماعي في تونس، وكيف يمكن التعامل مع الاضطرابات المحتملة مع عودة الاحتجاجات إلى الشارع بشكل لافت في الآونة الأخيرة؟

الشعب التونسي شعب حي وشعب له تقاليد راسخة سياسية ونقابية وحقوقية، والحركة الاجتماعية في تونس إذا عرفت السلطة كيف تتعامل معها هي نقطة قوة وليست نقطة ضعف، فأن يتحرك الدكاترة المعطلون على العمل للمطالبة بالإدماج هذه ليست خطورة بالعكس هذا ملف يجب أن يكون أولوية للاستفادة من الذكاء التونسي، وأن تنخرط قطاعات وفئات في النضال من أجل إنهاء كل مظاهر العمل الهش، هذا دعم لتوجه الدولة ذاتها وبالتالي لماذا الخوف..، أن تتحرك فئات اجتماعية صغار فلاحين وصناعيين ومعطلين للمطالبة بالإنصاف هذا صلب توجهات المرحلة التي تعتبر أن أولوياتها إنصاف الفئات الشعبية من عمال وموظفين وصغار فلاحين وصناعيين وتجار وطنيين وحتى رأس المال الوطني، إذن الحركة الاجتماعية في دولة سياساتها العامة تقوم على السيادة الوطنية والدولة الاجتماعية يعني أن قاعدة الحكم الشعبية هي الفئات الشعبية بشكل عام، وبالتالي لا يجب أن يكون هناك تصادم بل يجب أن يكون هناك تكامل وإلا هناك خلل ما.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here