فيصل الشريف لـ”أفريقيا برس”: التعاون العسكري بين تونس وواشنطن بمنأى عن الضغوط السياسية

45
فيصل الشريف: التعاون العسكري بين تونس وواشنطن بمنأى عن الضغوط السياسية
فيصل الشريف: التعاون العسكري بين تونس وواشنطن بمنأى عن الضغوط السياسية

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشار الخبير الأمني والعسكري فيصل الشريف في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أن “التعاون العسكري المستمر بين تونس وواشنطن بمنأى عن أي ضغوط سياسية نظرا لحساسية البعد الأمني والعسكري لدى تونس وكذلك للعلاقات المتحدة الأمريكية، وهدفه بالأساس هو تعزيز القدرات العسكرية والأمنية لتونس”.

ورغم المتغيرات الدولية، استبعد الشريف أن “تنشق تونس عن تحالفها التاريخي مع حلف الناتو والولايات المتحدة باعتباره خيارا استراتيجيا لا يمكنه أن يتغير إلا إذا كان هناك تهديدا لأمنها القومي”، ورغم صعود الدور الصيني والروسي إلا أنه “من الصعب على البلد أن تغير توجهها الإستراتيجي خاصة وأنها تتقاسم البحر المتوسط مع غالبية دول الناتو”، وفق تقديره.

وفيصل الشريف هو أستاذ التاريخ العسكري والجغرافيا السياسية بالجامعة التونسية، ولديه عديد الإصدارات الخاصة بالتاريخ العسكري ومن أبرزها كتابه الصادر باللغة الفرنسية سنة 2017 تحت عنوان: Histoire de l armée tunisienne de l indépendance: la genèse 1956-1960” ”

ما هي قراءتكم للمناورات العسكرية التونسية-الأميركية والمتعددة الأطراف التي تستضيفها تونس حاليا؟

تونس ومنذ الاستقلال وتأسيس جيشها في 30 جوان/يونيو من سنة 1956، اختارت أن تكون حليفة للعالم الليبرالي، وكانت من ضمن الدول الحليفة غير العضو في حلف الناتو الذي تأسس سنة 1949. وكان لهذا الخيار أن انعكس على جانب التسليح والتدريب وفي وقت لاحق من خلال المناورات المشتركة، ونعلم جيدا أنه تقريبا من يقود حلف الناتو هي الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك نرى أن المناورات العسكرية الجارية اليوم هي تتمة لهذا المسار الذي اختارته تونس منذ استقلالها.

وبالعودة إلى التاريخ فقد أرسلت تونس أول دفعاتها إلى فرنسا وتحديدا إلى مدرسة “سان سير”، وبعد أحداث ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958, قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم دعم عسكري وإعانات غير مسبوقة لتونس وفتحت أبوابها أمام الطلبة التونسيين للدراسات العليا، إذا فالعلاقات العسكرية التونسية- الأمريكية عريقة وقوية تاريخيا ولم تتجه تونس إلى المعسكر الشرقي آنذاك باستثناء يوغسلافيا إبان حكم جوزيف تيتو الذي كانت تربطه بالحبيب بورقيبة علاقات صداقة قوية وقد اشترت تونس أسلحة من يوغسلافيا آنذاك.

أي تأثير للبرنامج الأميركي في تونس لتدريب أجهزة الأمن والدفاع؟

يجب الإشارة إلى أن المناورات التونسية- الأمريكية دورية وقد أرسلت تونس ضباطها إلى أعرق الأكاديميات العسكرية الأميركية ولعل أهمها “West Point”، وقد ازداد الدعم الأمريكية لتونس بعد 14 جانفي/يناير 2011 خصوصا بعد الهجمات والتهديدات الإرهابية التي طالت تونس في تلك الفترة حتى أنها قد فاقمت من مساعدتها العسكرية والانتهاء في إقامة الستار الترابي العازل على الحدود التونسية- الليبية، لذلك دافع هذه المناورات هو التعاون الأمني بالأساس.

هل تسعى واشنطن لإحداث تقارب ناعم مع تونس في مواجهة الطموح الروسي والصيني المتمدد في أفريقيا؟

رغم صعود الصين وروسيا على المستوى الاقتصادي والعسكري إلا أن عمق العلاقات بين تونس والولايات المتحدة وحلف الناتو الذي لديه عديد القواعد في البحر المتوسط لا يمكن أن يغير التوجه الاستراتيجي لتونس، باعتبار أن تونس تتقاسم البحر المتوسط مع أغلب بلدان حلف الناتو.

ما هو تقييمك للعلاقات التونسية-الأميركية منذ تولي الرئيس قيس سعيد الرئاسية، هل سيتعزز التحالف التقليدي بينهما أم أن التحفظات الأميركية حيال سياسة سعيد خاصة في ملف الحريات سيعيق ذلك؟

بغض النظر عن المتغيرات السياسية الحاصلة فإن المناورات العسكرية التي تستقبلها تونس بصفة دورية اعتبارا لموقعها الاستراتيجي في قلب البحر الأبيض المتوسط تعتبر روتينية وعادية وطبيعية وتهدف لتعزيز القدرات الدفاعية للجيش التونسي وكذلك تعزيز الشراكة بين تونس والولايات الأمريكية، ويبقى ملف التعاون والشراكة العسكرية التونسية-الأمريكية بعيد عن أي ضغوطات أو توجيهات سياسية نظرا لحساسية البعد الأمني والعسكري لدى تونس وكذلك للعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.

هل يمكن أن يكون لتونس في ظل المتغيرات الدولية والجيو سياسية أي تغيير في مستوى علاقتها وتحالفها مع حلف الناتو والولايات المتحدة؟

هناك تغييرات جوهرية في الأفق في التحالفات الجيوسياسية فدول البريكس تطمح اليوم أن تلعب دورا رياديا على مستوى العلاقات الدولية، كذلك هناك توجه نحو الخروج من الدولار والتداول بعملة موحدة جديدة كما هناك سباق نحو التسلح وتنافس شديد بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي عموما، كما هناك احتدام للتنافس الدولي حول التجارة العالمية وصداع حول مناطق النفوذ.

وما يهم تونس اليوم، وهي من ثوابت سياستها الخارجية والدفاعية كذلك هي أن تكون بأمان في منطقة البحر المتوسط ولا يمكنها أن تنشق عن تحالفاتها التاريخية مع حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية باعتباره خيارا استراتيجيا لا يمكنه أن يتغير إلا إذا كان هناك تهديد لأمنها القومي، كذلك لن تنجر إلى صراع إقليمي باعتبار سياسة الحياد التي كانت ولا تزال تلتزم بها، إلا طبعا في القضايا العربية وعلى رأسهم القضية الفلسطينية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here