مراد كواشي: يجب تعزيز العلاقات التجارية بين تونس والجزائر لتفادي رسوم ترامب

22
مراد كواشي: يجب تعزيز العلاقات التجارية بين تونس والجزائر لتفادي رسوم ترامب
مراد كواشي: يجب تعزيز العلاقات التجارية بين تونس والجزائر لتفادي رسوم ترامب

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أصاب الذعر الأسواق العالمية في الآونة الأخيرة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضه رسوم جمركية على عشرات الدول، الأمر الذي يهدد بزعزعة استقرار النظام التجاري العالمي القائم منذ عقود، وفق تحذيرات الخبراء.

واعتبر مراد كواشي الخبير الاقتصادي الجزائري في حواره مع “أفريقيا برس” أن “ترامب ضرب عرض الحائط كل مبادئ العالم الحر والتجارة العالمية والعولمة مع فرضه هذه الرسوم، وهو ما من شأنه أن يشعل فتيل حرب تجارية عالمية بين أقوى اقتصادات العالم.”

ورأى أن “تعزيز العلاقات التجارية بين تونس والجزائر الحل الأمثل والوحيد لتفادي صدمة رسوم ترامب، كما أن “تركيز منطقة حرة خاصة بين البلدين بات أمرا حتميا وضروريا لأجل تسهيل المبادلات التجارية وحماية اقتصاد البلدين من الركود”، لافتا أن “هناك إرادة سياسية حقيقية لتطوير المشاريع المشتركة بين البلدين، وسنجني ثمار هذا التعاون على مدى قريب.” وفق تعبيره.

وأشار إلى أن “الحروب وما ينجم عنها من حالة عدم استقرار سياسي أثرت على مشاريع التنمية بأفريقيا”، وفي تقديره فإن “التوجه نحو الاستثمارات الصينية خطوة إيجابية، حيث أن الشراكة مع الصين رغم سلبياتها هي أفضل من الشراكات مع دول أخرى مثل أوروبا والولايات المتحدة التي أغرقت دول القارة في تبعية اقتصادية، كما استنزفت ثرواتها الطبيعية والبشرية.”

مراد كواشي هو خبير اقتصادي جزائري وأستاذ جامعي، يتمتع بخبرة أكاديمية ومهنية واسعة في مجالات الاقتصاد الكلي والتنمية الاقتصادية. يشغل عضوية المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في الجزائر، وهو هيئة استشارية بارزة تُعنى بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ساهم مراد كواشي من خلال أبحاثه ومشاركاته في دعم السياسات الاقتصادية الوطنية، مع التركيز على قضايا التكامل الإقليمي، خاصة بين الجزائر ودول الجوار مثل تونس. كما يتميز بخطاب نقدي بنّاء تجاه التحديات الاقتصادية العالمية، ويطرح حلولاً عملية لدعم الاقتصاد الجزائري والأفريقي في مواجهة الأزمات الدولية.

ماهي تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على اقتصاد دول شمال أفريقيا مثل الجزائر وتونس، وسط حالة ذعر في الأسواق العالمية بعد بدأ سريان الرسوم الأميركية مؤخرا ؟

بالنسبة لتداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على دول شمال أفريقيا، فأعتقد أن هناك تأثيرات مباشرة وتأثيرات غير مباشرة: فيما يتعلق بالتأثيرات المباشرة والمتعلقة بالصادرات، فإن صادرات دول شمال أفريقيا محدودة للولايات المتحدة الأميركية وبالتالي تأثير هذه الرسوم على قيمة الصادرات سيكون محدود وضعيف، يبقى التأثير غير المباشر وهو يخص فقط الدول المصدرة للنفط، فالخوف كل الخوف أن تأثر قرارات ترامب وتقود إلى تراجع أسعار النفط، وهو ما حدث فعلا حيث نشهد تراجعا حادا لأسعار النفط، وقد بلغت مؤخرا مستويات قياسية لم تصلها منذ أشهر، وبالتالي سيكون هناك تأثير كبير على ميزانية دول مثل الجزائر وليبيا باعتبارهما دولتان مصدرتان للنفط والغاز، وهو ما سيضع هاتين الدولتين في مأزق حقيقي لاعتمادهما على صادرات النفط بشكل كبير، أما ما يتعلق بصادراتهما من المواد غير النفطية، فإن التأثير سيكون محدود ويمكن لها أن تجد أسواق أخرى بسهولة.

هل من شأن هذه الرسوم أن تثير فتيل حرب تجارية عالمية، وكيف يمكن الحد من تداعيات هذه الرسوم على اقتصادات أفريقيا التي تهددها بمزيد الركود؟

من المؤكد أن هذه الرسوم من شأنها أن تشعل فتيل حرب تجارية عالمية لأن ترامب بقراره ضرب عرض الحائط كل المبادئ المتعلقة بالتجارة العالمية الحرة والعولمة التجارية والمالية، كل هذه المبادئ التي تغني بها العالم الرأس مالي والعالم الحر ضربها ترامب عرض الحائط، وهو يعتمد حاليا فلسفة “أنا ومن بعدي الطوفان”، حيث أنه يضع مصلحة الولايات المتحدة الأميركية فوق كل اعتبار، وربما يبحث من خلال هذه السياسات عن تقليص العجز التجاري في بلاده، وعن تقليص للديون الأميركية، لكن بقراره هذا فقد أشعل حرب تجارية عالمية، وقد لاحظنا ردود الفعل من أصدقائه وأعدائه فالصين وعدت برسوم مماثلة، ودول أوروبا توعدت كذلك برد الفعل على مستوى عالي، وبالتالي الحرب التجارية لن تستثني أي دولة.

وحسب مراكز الدراسات الإستراتجية فإن هذه الرسوم ستؤدي لا محالة إلى ارتفاع الأسعار في العالم، وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم سواء على مستوى الاقتصاد الأميركي أو الاقتصاد العالمي مما سيقود إلى تباطؤ معدلات النمو، وهو ما يهدد بعودة الانكماش الاقتصادي من جديد.

في ظل العلاقات القوية بين تونس والجزائر، كيف يمكن تعزيز العلاقات الاقتصادية وتذليل التحديات، وهل يمكن أن ترى منطقة التبادل الحر بين البلدين النور قريبا؟

في تقديري فإن العلاقات التجارية البينية بين تونس والجزائر هي الحل الوحيد لتفادي الصدمة الاقتصادية التي نجمت عن قرارات ترامب، حاليا، الكثير من دول العالم تبحث عن توطيد العلاقات الاقتصادية فيما بينها لتفادي المرور للأسواق الأميركية وتجنب الرسوم الإضافية، ومن هنا تأتي حتمية مباشرة منطقة حرة خاصة بين تونس والجزائر من أجل تعزيز التبادل التجاري، لتسهيل انتقال الأشخاص والمشاريع ورؤوس الأموال وتفادي الرسوم الأميركية، لذلك الحل هو في تعزيز العلاقات البينية بين الدولتين.

هل تعتقد أن دعم الجزائر المستمر لتونس وتقديمها المساعدات الاقتصادية خاصة في الطاقة أثر على القرارات السياسية، ووراء توجه تونس نحو المعسكر الشرقي؟

اعتقد أن الجزائر لا تنظر إلى دعمها إلى تونس بمنظار أيديولوجي شرقية أو غربي، الجزائر تعتبر دعم تونس واجب وطني، فالعلاقات بين البلدين تتعدى العلاقات الاقتصادية والسياسية بل هي علاقات تاريخية، فقد اختلط دم الشعبين في ساقية سيدي يوسف، نحن شعب متأصل وشعب واحد، والجزائر مستمرة في دعم الشعب التونسي الشقيق بغض النظر عن التوجهات السياسية للبلدين.

لماذا تتأخر مشاريع تنمية المناطق الحدودية بين تونس والجزائر وفق تقديرك؟

نحن نلاحظ أن المشاريع المشتركة بين تونس والجزائر قد بدأت فعليا مع الرئيسين عبد المجيد تبون وقيس سعيد، أي في السنوات الأخيرة، لكن ما يحول تطوير وتفعيل هذه المشاريع هي الأزمات الاقتصادية المتتالية منذ أزمة كورونا، إضافة إلى تبعات الحرب الروسية-الأوكرانية، كل ذلك أثر على اقتصاد البلدين، وبرأيي هناك نية مشتركة، وإرادة كبيرة من قيادة البلدين لتجسيد المشاريع المشتركة على أرض الواقع، هناك برنامج عمل مسطر على صعيد اقتصادي واجتماعي، واعتقد أن هناك إرادة حقيقية لتطوير هذه المشاريع، وسنرى في المستقبل القريب ثمار هذا التعاون المشترك.

كيف تعيق الحروب في أفريقيا مبادرة الحزام والطريق الصينية وفق ما ذكرته في تصريح سابق؟

نعم أعتقد أن الحروب في أفريقيا كانت عائق كبير أمام تطبيق مبادرة الحزام والطريق الصينية، وحتى المبادرات الأفريقية والاستثمارات البينية في أفريقيا، لأن الحروب وما ينجم عنها من حالة عدم استقرار سياسي في منطقة الساحل أثر كثيرا على مشاريع التنمية وعطل مبادرات عالمية مثل مبادرة الحزام والطريق، لأن أي تنمية اجتماعية واقتصادية لكن يمكن تحقيقها دون استقرار سياسي وأمني وهذا ما تفتقده حاليا عديد الدول الأفريقية.

لكن رغم ذلك نعتقد أنه لا يمكن إحداث تنمية من خلال شراكات فقط، بل من خلال إرادة حقيقية داخل الدول والشعوب، حيث يجب أن تعتمد الشعوب على نفسها، وهو ما يتم نيله إلا عن طريق العمل والاجتهاد.

كيف تنظر إلى الاستثمارات الصينية في أفريقيا وسط مخاوف من دبلوماسية فخ الديون الصينية الأمر الذي يضع الدول في مأزق على مدى سنوات طويلة؟

أعتقد أن الاستثمارات الصينية في أفريقيا تعاظمت وتضاعفت بشكل كبير، لعدة أسباب أبرزها أن الاقتصاد الصيني هو اقتصاد قوي وهو يحتل المرتبة الثانية عالميا، ولولا جائحة كورونا لكان الاقتصاد الصيني هو الاقتصاد رقم واحد في العالم، فالصين هي أكبر مصدر للسلع في العالم، وبالتالي وجود الصين في أفريقيا هو شيء منطقي ويجب أن ننظر إليه بنظرة ايجابية طالما أن الأفارقة لم يجنوا شيئا من شراكاتهم مع الدول الأوروبية غير التبعية الاقتصادية والاستنزاف لثرواتهم الطبيعية والبشرية، وأرى أن الشراكة مع الصين بسلبياتها هي أفضل من الشراكات مع دول أخرى مثل أوروبا والولايات المتحدة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here