أفريقيا برس – تونس. أكدت هالة بن يوسف نائب رئيس حزب التكتل في تونس في حوارها مع “أفريقيا برس” أن “المسيرة النضالية التي نظمتها القوى الديمقراطية والمدنية بمناسبة الاحتفاء بعيد المرأة التونسية يوم 13 أوت/أغسطس، فرصة لتجديد الدعوة والمطالبة بإطلاق سراح السجينات وكافة سجناء الرأي في تونس”.
ورأت بن يوسف أن “هذه المناسبة فرصة للتذكير بحقوقنا الديمقراطية والمدنية في ظل ما تعيشه البلاد من مناخ سياسي انتخابي يتّسم بنسق متصاعد لانتهاكات الحقوق السياسية والمدنية، والتضييق على الحرّيات العامة والفردية بشتى الأشكال القمعية وباستعمال المرسوم 54″، لافتة أن “حزب التكتل اختار مقاطعة الانتخابات الرئاسية للدفاع عن الديمقراطية وكل المظلومين، ولأن السلطة القائمة لا تؤمن بالعيش المشترك”، وفق تقديرها.
وهالة بن يوسف هي نائب رئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات، ونائبة رئيسة المنظمة الاشتراكية الدولية للنساء عن منطقة البحر الأبيض المتوسط.
حوار آمنة جبران
لماذا اختار حزب التكتل مقاطعة الانتخابات الرئاسية والاكتفاء بالدفاع عن ملف الحريات؟
اخترنا ذلك منذ إعلان حالة الاستثناء وصدور الأمر 117 وحل كل المجالس المنتخبة ديمقراطيا والهيئات الدستورية والتعديلية مع مركزة السلطة بيد شخص واحد، حيث نعتبر هذا الإجراء إنحرافا خطيرا في المسار الديمقراطي، أضف إلى ذلك استعمال رئيس الجمهورية لسردية التخوين والاتهام بالعمالة للخارج لكل معارضيه مهما كانت انتماءاتهم. اليوم مجموعة كبيرة من القادة السياسيين في السجن بتهم تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، سياسيون وصحافيون ومدونيون وحقوقيون في السجن على معنى المرسوم 54 سيء الذكر، اليوم ناشطات في المجتمع المدني أمهات في السجون بتهم واهية ومفبركة. الوضع السياسي في تونس مُتعفن، لذلك اختار حزب التكتل الوقوف إلى جانب كل المظلومين والدفاع على الديمقراطية لأن السلطة القائمة لا تؤمن بالعيش المشترك.
ذكرتِ في تصريحات أخيرة لكِ أن النظام الحالي زج بالسلطة القضائية في معركة سياسية مع مترشحين مفترضين، هل يشكك ذلك في شفافية ومصداقية الانتخابات الرئاسية؟
كما قلت في السابق؛ وقع افتعال قضايا في “الدقيقة 90” في حق مترشحين جديين للرئيس قيس سعيد الذي هو في نفس الوقت مترشح والأحكام في حد ذاتها مثيرة للاستغراب، مثل منع من الترشح مدى الحياة، سنتان سجن في حق السيدة عبير موسي على معنى المرسوم 54 والتي هي في نفس الوقت مترشحة للانتخابات الرئاسية، والقائم بالحق الشخصي في هذه القضية هي هيئة الانتخابات التي عينها السيد قيس سعيد المترشح للانتخابات بمرسوم رئاسي دون أن ننسى رفض وزارة الداخلية مد مجموعة من المترشحين بالبطاقة عدد 3.
هل ستستجيب السلطات إلى دعوات المعارضة بإطلاق سراح الموقوفين السياسيين مع اقتراب موعد الانتخابات؟
السلطة القائمة مسحت فشلها في إدارة المرحلة على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية في معارضيها باستعمالها خطابات التخوين واتهامهم بالتآمر على أمن الدولة، لكن الواضح أن السلطة تعيش تخبطا لا مثيل له وهو واضح من خلال التعيينات والإعفاءات، ولايات بدون ولاة وزارات بدون وزراء، واضح أن قيس سعيد يخاف من صندوق الانتخابات وقد طرح عليه أحد الصحافيين سؤالا يوم ذهب لتقديم ترشحه للانتخابات أن هناك صحافيين في السجن بسبب المرسوم 54 وطلب منه إصدار عفو خاص فتهرب من الإجابة، لأن الرئيس لا يريد تنقية الحياة السياسية.
كيف يمكن حماية حرية الرأي والتعبير والمسار الديمقراطي، حسب وجهة نظركم؟
من خلال التنظم والنضال بكل الطرق الديمقراطية السلمية والقانونية.
ماهي مقترحاتكم كحزب تكتل للخروج من الأزمة الحالية، وهل بوسع الأحزاب القيام بدورها واسترجاع ثقلها في مرحلة ما بعد 25 جويلية؟
نحن كحزب التكتل، ندعو جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الحية والتي تؤمن بالديمقراطية إلى عقد سياسي واجتماعي يحافظ على الحد الأدنى من الديمقراطية في شكل نقاط وهي:
– إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والعودة إلى دستور 2014 مع إدخال بعض التقيحات في أجل 3 أشهر.
– تركيز محكمة دستورية في أجل 6 أشهر منتخبة.
– تركيز المجلس الأعلى للقضاء منتخب من هياكل المهنة.
– تركيز هيئة تعديلية للقطاع السمعي البصري منتخبة ديمقراطيا.
– الدعوة إلى حوار وطني.
كنائبة رئيس حزب التكتل ونائبة رئيس المنظمة الدولية للمنظمة الاشتراكية، لماذا يتواصل غياب النساء عن السباق الرئاسي؟
التضييقات والملاحقات القضائية التي طالت مجموعة من القياديات والمناضلات على معنى المرسوم 54 أدت إلى عزوف عن الترشح، أضف إلى ذلك إلغاء كل مكتسبات المرأة التي ناضلنا من أجلها بعد الثورة وهو مبدأ التناصف بجرة قلم.
إن تراجع نسبة مشاركة النساء في الهيئات المنتخبة وفي إدارة الشأن العام، هو نتيجة حتمية لإلغاء التناصف الأفقي والعمودي، وسبب مباشر للعنف السياسي الذي تتعرّض له الناشطات في الحقلين المدني والسياسي، لذلك نجدد المطالبة بإطلاق سراح السجينات وكافة سجناء الرأي والنشاط السياسي والمدني والجمعياتي والنقابي والكف عن الملاحقات والتضييق على الحريات العامة. ونعتبر أن سجن وملاحقة الناشطات والنشطاء، هو ليس فقط ضرب لحرية النشاط وللتعددية، فهو منهج سياسي يزيح النساء من المشاركة الفعلية في الحياة العامة والسياسية ويقضي على الفعل والنشاط المعارض بهدف إرساء حكم شعبوي-كلياني ومحافظ لا سلطة فيه إلاّ للفرد الواحد الأحد.
ويعد هذا عودة إلى ما “وراء الوراء”، أي إلى عهود الاستبداد والقمع والظلم والتجريم المجاني وسلب الحريات وتكميم الأفواه، وتدعو الديناميكية النسوية وكافة شركائها من مختلف القوى الحية في المجتمع والقوى السياسية والمدنية والنسوية والحقوقية والنقابية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية، التقدمية والديمقراطية إلى التكاتف والتضامن ورص الصفوف من أجل تجاوز حالة التشرذم وتنسيق النشاط الميداني والتفكير في بديل ديمقراطي اجتماعي على المدى العاجل والمتوسط يقطع مع استحكام الاستبداد، ومع أخطاء عشرية الانتقال الديمقراطي، ويبني على مكتسباتها ويعول على الطاقات الكثيرة التي ضخت دماءها الثورة في سبيل بناء تونس المدنية الديمقراطية، تونس الحرية والعدالة والمساواة والكرامة.
ما هي الرسالة التي ستوجهونها للرأي العام خلال مشاركتكم في المسيرة النضالية بمناسبة الاحتفاء بعيد المرأة التونسية؟
نوجه نداء للتونسيات في 13 أوت بمناسبة اليوم الوطني للمرأة التونسية للتذكير بحقوقنا السياسية المدنية والمواطنة الفعلية، لا تهديد ولا ملاحقة ولا سجن ولا أحكام جائرة حيث تعيش تونس هذه الفترة على وقع مناخ انتخابي يتّسم بنسق متصاعد لانتهاكات الحقوق السياسية والمدنية والتضييق على الحرّيات العامة والفردية بشتى الأشكال القمعية وباستعمال المرسوم 54، فمكسب الحريات الذي أتت به نضالات وتضحيات أجيال، يتعرّض اليوم إلى التصفية، إذ اتّسعت دائرة القمع وشملت النشطاء والناشطات من مختلف المجالات والقطاعات والعائلات السياسية والمدنية. فلا أخبار اليوم إلا عن منعٍ من الترشح مدى الحياة لبعض المترشحين، وسلبٍ لممارسة حق الانتخاب مدة عشرة سنوات لنساء ناشطات ولنشطاء، وأحكام جائرة على خلفية النشاط السياسي أو المدني أو الصحفي، وسجن ظالم وملاحقات مريبة، وتدجين للإعلام (ضرب الهايكا)، وتركيع للقضاء (المرسوم 35) وتوظيف للإدارة واحتكار للفضاء العام، وضرب لحق المعارضة والفعل السياسي والمدني والنقابي، ونسف للتعددّية وإلغاء تام لكل الهيئات الدستورية والتعديلية المستقلة. ويرافق هذا المناخ السياسي العام أزمة اقتصادية عمّقت تدهور المقدرة الشرائية وتفاقم الفقر وارتفاع نسبة البطالة خاصة في صفوف النساء. إضافة إلى الارتفاع المتواصل في منسوب العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله، بما في ذلك تقتيلهن واستمرار التمييز واللامساواة في الأجر وحوادث موت العاملات في القطاع الفلاحي، وغيرها من الظواهر الاجتماعية الأخرى التي تفتقر إلى سياسات عمومية ناجعة.
وفي خضم هذا المناخ العام الذي لا عنوان له غير: “أزمة متعدّدة الأبعاد ومتنوّعة المظاهر”، تقبع اليوم ثمانية نساء في السجن تمّ اعتقالهن على خلفية آرائهن ومواقفهن ونشاطهن المدني أو السياسي أو الصحفي، إضافة إلى أخريات، إمّا قد صدر في حقهن أحكامٌ بالسجن أو ملاحقات أو مُهجرات قسرا. وأمام هذا الوضع المتأزم؛ أطلقت الديناميكية النسوية يوم 25 جويلية بمناسبة عيد الجمهورية، حملة دفاع ومناصرة تحت شعار: “الحرية لكل السجينات دون استثناء”، لتعلن من خلالها مع شركائها من جمعيات ومنظمات وطنية وحقوقية وناشطات ونشطاء في الحقلين السياسي والمدني والحزبي، على أن الذكرى 68 لصدور مجلة الأحوال الشخصية، هو يوم نضالي لا احتفالي، تحتج فيه النساء وكل القوى الحية في المجتمع على الأوضاع السياسية العامة وعلى أوضاع النساء بصفتهن يمثلن الفئة الأكثر هشاشة وتفقيرا واستهدافا خاصة في الأزمات.
وفي هذا السياق وفي هذا اليوم 13 أوت/أغسطس 2024 اخترنا أن نكون في الشارع لا للاحتفاء و إنما للنضال من أجل حقوق المرأة التونسية المواطنة السياسية والعاملة وكل النساء دون استثناء هذه السنة سنكون في مسيرة نضالية بحتة بقلب دامي وبصوت كل النساء المضبوطات وراء قضبان السجون.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس