هل تحسم الانتخابات التشريعية مستقبل قيس سعيد السياسي؟

56
هل تحسم الانتخابات التشريعية مستقبل قيس سعيد السياسي؟

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تتوقع أوساط سياسية تونسية أن تحسم الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 من ديسمبر القادم، مستقبل الرئيس قيس سعيد السياسي، حيث ستعكس نسبة الإقبال والمشاركة مدى تواصل رهان الشارع على مشروعه كبديل عن الأحزاب التقليدية، من عدمه.

وبينما تندلع الاحتجاجات الاجتماعية المنددة بتردي الأوضاع الاقتصادية على غرار توسع تحركات المعارضة الرافضة لإجراءات 25 جويلية- يوليو، تتزايد التساؤلات عن قدرة الرئاسة على الصمود في وجهها خاصة في ظل فشل حكومي في تطويق أزمات البلاد أو حلحلتها.

ولا يستبعد متابعون أن تمهد الانتخابات المرتقبة لمشهد سياسي جديد قد يصحبه تغيير في الحكم في حال زادت ضغوط الشارع مع تواصل وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية المتفرقة، أو من خلال تنصل الخارج من تقديم يد المساعدة لحكومة نجلاء بودن العاجزة عن تطويق أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ البلاد.

مأزق الرئاسة

تعيش تونس منذ بدأ الرئيس فرض إجراءات 25 استثنائية في 25 جويلية العام الماضي، حالة من عدم الاستقرار السياسي إضافة إلى مزيد من التأزم الاقتصادي وما رافقه من حالة سخط واستياء شعبي شديدين.

وتربك الأزمة الاقتصادية في ظل استمرار غلاء الأسعار ونقص في المواد الأساسية الرئاسة التي ترد عليها بالصمت في حين تتراجع يوما بعد يوم ثقة الشارع في قدرة الدولة على تحسين الأوضاع المعيشية، وهو ما عكسه تراجع شعبية الرئيس بموازاة تراجع الثقة في حكومة بودن.

وترى أوساط سياسية أن إصرار الرئيس على التفرد بالحكم متجاهلا أصوات المعارضة والدعوات لمد يده للحوار مع جميع الأطراف السياسية دون إقصاء، من شأنه أن تزيد الضغوط حوله أكثر.

منجي الحرباوي، قيادي في حركة نداء تونس

ويشير منجي الحرباوي القيادي بحركة نداء تونس في حديثه لـ”أفريقيا برس” أنه” في خضم هذه الأمواج العالمية والداخلية المتلاطمة والأزمات المركبة والمعقدة وفي ضل هذا التفرد والانفراد بالسلطة المفرط فيه من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد وفي إطار مظاهر الفشل الواضحة للعيان في حلحلة الإشكاليات الرئيسية التي تهم المعيش اليومي للمواطن التونسي وخاصة غلاء المواد الأساسية وفقدانها وزد على ذلك كورة الثلج التي بدأت تكبر شيئا فشيئا من حي التضامن إلى جرجيس إلى صفاقس إلى عدة مناطق وقطاعات أخرى، و عدم قدرة حكومة بودن عن حلها وتأخر الدعم المالي الخارجي … نرى أن رئيس الجمهورية يبدو وأنه في وضع لا يحسد عليه خاصة بعد تزايد أعداد المعارضة من حوله وارتفاع صوتها وانحصار مناصريه خوفا من تحمل مسؤوليات الفشل في ضل حملات سياسية وانتخابية متشنجة وحماسية”.

ويتابع الحرباوي “زد على ذلك غياب المشورة والحوار مع القادرين على صنع الحلول وتأطير الرأي العام القادم على تغيرات عميقة على جميع المستويات و خاصة المستوى الاجتماعي بعد الاتفاق الحاصل مع صندوق النقد الدولي”. وفي تقديره فإن “وضع الرئيس سعيد يبدو محرجا وصعب وهش إن لم يكن أكثر انفتاح وتواصل مع مكونات المجتمع السياسي والمدني الوطني الداخلي من خلال التخلي عن الخطاب المتشنج وخطاب التخوين المتواصل والتنازل والعودة على الحوار”. ويستنتج الحرباوي أنه “على سعيد كذلك البحث عن حلول أفضل وأنجع من الحلول الكلاسيكية القديمة للوضع الاقتصادي والمالي من خلال تشريك الكفاءات الوطنية المشهود لها وهم قادرون على صنع الحلول التونسية التونسية، حيث لا مناص ولا هروب لسعيد من العودة إلى القاعدة التاريخية التونسية، وهي قاعدة الحوار والتعايش المشترك في ضل تحمل المسؤوليات القانونية والسياسية لكل من أخطاء و أجرم في حق الوطن في إطار القانون”، حسب تعبيره.

غياب البديل

على الرغم الضغوط التي تحاصر الرئيس سعيد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تجعل كثيرون يرجعون فشل مشروعه السياسي حيث يصعب كثيرا الصمود أمامها، إلا أن أراء أخرى ترجح بقائه على الحكم وانه مازال له مستقبلا سياسيا خاصة في ظل غياب البدائل.

وفيما توسعت جبهة المعارضة لمشروع الرئيس، إلا أنها تفتقد الحاضنة الشعبية ما يصعب الحصول على تغيير حقيقي، حيث يعتقد طيف واسع من التونسيين أن الأحزاب التي ترفض إجراءات الرئيس المسؤولة عما آلت إليه أوضاع البلاد، وهو ما يخدم فرص سعيد أكثر في الحكم.

ويلفت محللون أن الانتخابات التشريعية المرتقبة ستختبر شعبية سعيد وستكون نسبة المشاركة بمثابة تأييد مشروعه أو رفضه، خاصة أنها تعقد وسط حالة فتور شعبي وأمام مقاطعة أغلب القوى السياسية الوازنة مثل حركة النهضة، والحزب الدستوري الحر، والتيار الديمقراطي وغيرهم من الأحزاب.

بسام حمدي، صحفي ومحلل السياسي

ويبين بسام حمدي الصحفي والمحلل السياسي في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن” المشهد السياسي يفتقد لبديل سياسي للرئيس سعيد رغم عدم نجاحه في تحقيق الوعود التي تقدم بها يوم 25 جويلية”.ويضيف حمدي: ” إلى حد اليوم مازال الشارع يفقد الثقة في مكونات المشهد السياسي خاصة قيادات الأحزاب السياسية، لذلك نستطيع القول أنه مازال لسعيد مستقبل سياسي في ظل منافسته للشخصيات الموجودة في المشهد الحالي”. وحسب تقديره، فإن” نسبة الإقبال على الانتخابات التشريعية المرتقبة ستعبر عن مدى تواصل ثقة الشارع في الرئيس كشخصية بديلة عن الأحزاب، كما أن المشاركة في التشريعية ستنعكس على الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها سنة 2024″. ويستنج حمدي بالقول: “في المجمل يمكن القول أن سعيد تقلص خزانه الشعبي والانتخابي منذ بدأ تطبيقه لإجراءات الصندوق النقد، حيث تآكلت شعبيته والشرعية التي ارتكز عليها يوم 25 جويلية على غرار وعوده التي عجز عن تنفيذها بتخفيض الأسعار ومكافحة الفساد، لكن من الناحية السياسية لا توجد منافسة له من أي بديل آخر من خارج الأحزاب”.

ومن في 17 ديسمبر القادم ستشهد تونس انتخابات تشريعية المبكرة المقبلة، وهي إحدى إجراءات الرئيس الاستثنائية، وسبقها حلّ البرلمان، ومجلس القضاء، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد للبلاد عبر استفتاء أُجري في 25 جويلية الماضي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here