تونس تراهن على “الحزام الأخضر” لمكافحة التصحر

تونس تراهن على
تونس تراهن على "الحزام الأخضر" لمكافحة التصحر

أفريقيا برس – تونس. أعلنت وزارة البيئة في تونس أخيراً بدء تنفيذ خطة “الحزام الأخضر” لكبح التصحر، وهي عبارة عن شريط غابات يمتد من جنوب محافظة صفاقس في اتجاه محافظات قابس وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة، وصولاً إلى الحدود مع الجزائر. وتتوقع الوزارة أن يستغرق تنفيذ المشرع خمس سنوات تشهد بناء شريط غابات جديد يساعد في تثبيت كثبان الرمال، ويطوّر سلاسل المنتجات الفلاحية التي ستوفرها غرسات جديدة تساهم في خلق فرص عمل إضافية في المناطق المتضررة من زحف الرمال.

ويعتبر التصحر من الإشكاليات الكبيرة في تونس، ويؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي. ويتزامن تعمّق مشاكل التصحر في جنوب تونس ووسطها مع تدهور مساحات الغابات في الشمال بسبب موجات الحرائق السنوية التي تؤدي إلى خسارة آلاف الهكتارات من الغطاء النباتي.

وتكشف دراسات لتقييم وضع التصحر في تونس أن نحو 18% من مساحة الأراضي فقط في منأى عن عوامل التدهور، بينما تُصنّف 74% من الأراضي بأنها هشّة من جراء عوامل منها الانجراف المائي والتملح والرعي الجائر والجفاف، كما تظهر دراسات أجرتها وزارة البيئة أن 52% من المساحة الإجمالية للبلاد معرّضة للانجراف المائي، في حين تُصنّف 4% من الأراضي المزروعة بأنها ذات ملوحة عالية، بينما تتعرض 45% من الأراضي لانجراف هوائي شديد وزحف الرمال.

ويقول الخبير البيئي مهدي العبدلي: “مشروع الحزام الأخضر خطوة طموحة في مجال السياسات الفلاحية والتنموية ستساعد في مقاومة زحف الرمال والتصحر، وتعزيز قدرة النظم البيئية التونسية على التكيّف مع التغيرات المناخية من خلال شريط تشجير يمتد من الجنوب والوسط إلى غرب البلاد نحو الحدود مع الجزائر. سيعمل المشروع على استصلاح الأراضي المتدهورة، واستثمار المناطق الزراعية المتأثرة بالتصحر، وسيُرمم جزءاً من الخسائر البيئية التي خلفها التراجع المقلق للغطاء النباتي في تونس، ويعد بالتالي فرصة لإطلاق مقاربة وطنية شاملة للتكيّف مع التغير المناخي”.

ويعتقد العبدلي أن المشروع الطموح لبناء حزام نباتي جديد في تونس قد يواجه عقبات ناجمة عن غياب استراتيجية واضحة لتنفيذه، وتقاسم الأدوار المتدخلة في وزاراتي البيئة الزراعة. إنجاح مشاريع التشجير يحتاج إلى حوكمة تشاركية وتمويل مستدام وضبط مؤشرات كمية دقيقة تحدد الأهداف والمساحات المستهدفة وأنواع النباتات وآليات التنفيذ”.

ويشير إلى أن” المشروع قد يواجه أيضاً مخاطر بيئية بسبب إمكانية استعمال أصناف نباتية غير ملائمة للظروف المناخية، أو الاعتماد على موارد مائية نادرة في مناطق تعاني أصلاً من الجفاف، وعدم وضع دراسة مسبقة للآثار البيئية أو خطط للمراقبة العلمية”. لكنه يستدرك بأن “مقارنة تجارب مماثلة في العديد من الدول المغاربية والأفريقية والآسيوية أثبتت نجاح مشاريع بناء جدران الغابات للحدّ من التصحر، وخلق أحزمة تنموية خضراء في المناطق المتضررة من زحف كثبان الرمال”.

وتحدث أيضاً عن تجربة السد الأخضر في الجزائر الذي أطلق في سبعينيات القرن العشرين على طول 1500 كيلومتر، وأيضاً التجربة الصينية في بناء حاجز أخضر صُنّف أكبرَ مشروع تشجير في العالم عبر غرس أكثر من 66 مليار شجرة قلّصت العواصف الرملية بنسبة 30%.

وللغابات في تونس أهمية اقتصادية كبيرة، حيث يعيش نحو نصف مليون مواطن منها، ويعمل جزء كبير منهم في مهن موسمية أو دائمة في الغابات التي تساهم بنسبة 1.33% من الناتج المحلي الخام في تونس، ونسبة 14% من الناتج المحلي الخام الزراعي.

وتتعاون جمعية “سولي قرين” مع وزارة الفلاحة في تنفيذ أكبر مشاريع التشجير شمالي البلاد، ويؤكد منسق برامج التشجير في الجمعية طه الزمالي، أن “المبادرات المدنية نجحت خلال السنوات الماضية في إعادة إحياء مساحات كبيرة من الغابات التي تضررت من الحرائق، وتحوّلت إلى كتل رماد. ويشير إلى أن المنظمات المدنية تعمل سنوياً لحصر المساحات التي تعرضت لحرائق ولم تظهر فيها أي بوادر حياة من أجل إعادة تشجيرها بشكل كامل وغرس آلاف الشتلات من أشجار الغابات التي تتأقلم مع طبيعة المنطقة، ويمكن أن تكون مصدر كسب في المستقبل لأسر تعيش في محيط الجبل”.

ويعتبر الزمالي أن “التشجير أداة مهمة للتمكين الاقتصادي للنساء اللواتي سيجنين ثمار جهدهن بفضل العائدات التي ستوفرها محاصيل أشجار البندق والخروب والفرنان”، ويشيد بإيجابية السكان المحليين في المشاركة في غرس الأشجار، وإعادة إعمار الجبال المتضررة من الحرائق، “فهم يقفون في الصف الأمامي في جبهة الصمود والمقاومة ضد الحرائق والتغيرات المناخية”.

وتوفر الغابات نحو 6 ملايين و7 مليون يوم عمل في السنة، بحسب أرقام دراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وذلك عبر إدماج السكان في المشاريع التنموية والفلاحية الخاصة بالغابات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here