آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار ماهر قعيدة الخبير المحاسب في حواره مع “أفريقيا برس” أن” تحويلات المغتربين ساهمت في سداد ديون تونس بالعملة الصعبة باعتبار أن 30 بالمئة من مخزون النقد الأجنبي متأت من هذه التحويلات وفق ما رصدته تقارير رسمية، كما أنها تمثل” أكثر من 6.5 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، وهو دخل هام للدولة التونسية”، وفق تقديره.
وأوضح أن”ما يروج في الآونة الأخيرة بخصوص فرض أداء موظف على تحويلات المغتربين غير صحيح”، وانه”هناك مساع لمراجعة قانون الصرف، وهو قانون قديم، وأحد أسباب حالة التذبذب والمشاكل المالية في البلاد.”
وبرأيه”يجب أن يكون الهدف من الاستقراض الخارجي هو النهوض بالاستثمار، وليس لسد الحاجيات اليومية للمواطن أو خلاص ديون الدولة القديمة”، كما أن”سياسة التعويل على الذات تتطلب خارطة طريق واضحة المعالم، وخطة محكمة لتقليص الاستهلاك في عدة مجالات.”
وماهر قعيدة هو خبير محاسب، وأستاذ جامعي متخصص في المحاسبة والرقابة والتدقيق.
هناك جدل في الآونة الأخيرة بخصوص التوجه نحو فرض أداءات على تحويلات التونسيين بالخارج، هل ممكن توضيح تفاصيل هذا الإجراء، هل هم ملزمون بذلك؟
حاليا لا يوجد أي أداء موظف على تحويلات المواطنين بالخارج نحو بلدهم، هذه مجرد إشاعات، نلاحظ أن هناك جهل بقانون الصرف بتونس، وجهل بقوانين الجباية، لذلك علينا إيقاف هذا التيار حتى لا نخلق البلبلة لدى التونسيين، كما علينا توضيح المفاهيم المتعلقة بقوانين الجباية والصرف بالبلاد، ويجب الإشارة أن هناك مشروع قانون بصدد الانجاز متعلق بمراجعة قانون الصرف، خاصة أن قانون الصرف الحالي هو قانون قديم جدا، وهو سبب المشاكل الحالية وحالة التذبذب في الأوساط المالية.
حاليا لا يوجد أي توظيف لأي أداء على تحويلات التونسيين بالخارج نحو عائلاتهم وبلدهم، وما يروج مجرد إشاعات. ثم يجب التذكير أنه هناك جباية عالمية تفرض على جميع الدول وليس فقط على تونس، وتأتي في إطار تفعيل القوانين الدولية في هذا المجال، والتي تخص الالتزام بمبدأ التصريح على المداخيل حسب دولة إقامة الفرد وبمبدأ خلاص الأداءات.
ماهي أهمية التحويلات المالية للمغتربين بالنسبة للاقتصاد التونسي؟
هذه التحويلات هامة جدا باعتبار أنها تمثل أكثر من 6.5 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، كما أن 30 بالمئة من العملة الصعبة في تونس متأتية من تحويلات المغتربين، وهو دخل هام للدولة التونسية، وقد ساهمت هذه التحويلات في مساعدة البلاد على سداد ديونها بالعملة الصعبة، كما تتجاوز وتتفوق أحيانا مداخيل هذه التحويلات على مداخيل قطاع السياحة، وهي تساهم بصفة فعالة في زيادة المخزون الاستراتيجي للعملة الصعبة، لذلك لدينا هامش مهم من التحويلات الذي بالوسع الاشتغال عليه وتطويره من خلال تسهيل القوانين والإجراءات أمام المغتربين لتحفيزهم أكثر على الاستثمار ببلدهم.
أي تداعيات لركود الاقتصاد الأوروبي على تحويلات التونسيين بالخارج؟
من الطبيعي أن تؤثر حالة الركود الاقتصادي حسب دولة الإقامة على أوضاع المغتربين المالية وعلى مداخليهم، وسيكون لذلك انعكاس سلبي على عملية التحويل، أيضا لا ننسى أن هناك عائق كبير آخر يواجه المغتربين وهي الارتفاع المشط لأسعار التنقل إلى تونس، وهو ما يزيد الضغوط عليهم، أيضا الرسوم المفروضة على الصرف عالية جدا، وهو ما يجب إعادة النظر فيه.
هل سيواجه الاقتصاد التونسي ضغوطا جديدة، أم أن المؤشرات الأخيرة تكشف عن بداية تعافي اقتصادي بالبلاد؟
التضخم هي ظاهرة هيكلية وعالمية، وهناك نوعان من التضخم: تضخم داخلي، وآخر خارجي، حيث تساهم الضغوطات والأزمات العالمية بشكل وبآخر في زيادة نسبة التضخم، مثل ارتفاع إيرادات الجمارك، والذي يزيد من سعر التوريد، ما ينجر عنه تداعيات على نسبة التضخم، أيضا في حال ارتفاع أسعار النفط والحبوب سيكون لذلك تداعيات سلبية على نسبة التضخم وعلى ارتفاع الأسعار، كذلك ندرة المواد في الأسواق تساهم في ارتفاع الأسعار.
لكن مع ذلك فإن البنك المركزي في تونس واع بكل ذلك، ويتحكم في الكتلة النقدية خاصة النسبة المديرية للحد من نسبة التضخم. الدولة متحكمة شيئا ما في نسبة التضخم في تونس وهي بصدد التراجع، حيث قدرت مؤخرا بنسبة 6,7 بالمئة وهي نسبة ليست كبيرة مقارنة بدول أخرى.
هل برأيك مصادقة البرلمان التونسي مؤخرا اتفاقية قرض من البنك الأفريقي للتنمية يناقض سياسة التعويل على الذات التي تنادي بها الرئاسة؟
أعتقد أنه يجب التحكم في قدرتنا على الاستقراض وعلى قدرتنا في الاستهلاك، هناك كماليات ليس من الضرورة استيرادها، ليست إستراتيجية لحاجيات المواطن التونسي وبالتالي يمكن الاستغناء عنها، التحكم في التوريد والتحكم في الأسعار يجعلنا نتحكم بالضرورة في الاستقراض، أيضا الدولة يجب أن تتحكم في ميزانياتها، مثلا كتلة الأجور عالية ولا توازي الإنتاج.
وفي تقديري يجب أن يوجه الاستقراض تحديدا للاستثمار، وليس لسد حاجيات يومية للمواطن أو ديون قديمة للدولة، صحيح أن سياسة التعويل على الذات مهمة وضرورية، لكن تتطلب في المقابل خارطة طريق واضحة وخطة محكمة لتقليص الاستهلاك في الطاقة وغيرها من المجالات.
ذكرت في تصريح أن قانون الشيكات الجديد قانون إجرائي لا يخدم المؤسسة ولا يخدم المواطن، كيف ذلك؟
قانون الشيكات الجديد يحتوى على نقاط إيجابية وأخرى سلبية، وقد ساهم في تراجع الاعتماد على الشيكات في تونس بشكل مهول وكبير بعد أن كان أهم وسيلة يلتجأ إليها المواطن في معاملاته المالية، وقد أدى ذلك إلى تراجع في الكتلة النقدية، وبرأيي فهو إجراء معقد نوعا وغير واضح بالنسبة للتونسيين، وقد بات هناك نفور واضح من هذه الوسيلة للدفع بسبب احتواء القانون الجديد على جملة من التعقيدات، وهو ما سينتج عنه بالضرورة حالة من الركود.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس