أفريقيا برس – تونس. لئن اشتهرت محافظة نابل شمال شرقي تونس بإنتاجها نسبة هامة من الفراولة على مستوى البلاد، فإن ما تعرف باسم “فاكهة الربيع والصيف”، أصبحت تحظى بأهمية كبيرة في محافظة باجة غربا، في مناطق تيبار ونفزة ووشتاتة وما يزال قطفها مستمرا.
ووفق أرقام للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (اتحاد المزارعين) تستأثر ولاية نابل بـ90 بالمئة من مساحات زراعة الفراولة في تونس بنحو 350 هكتارا في حين تبلغ المساحة في ولاية باجة نحو 40 هكتارا.
وبعد نابل، ظهرت فكرة تجربة زراعة الفراولة في باجة، فوسط بساتين التين واللوز في منطقة جبة بمعتمدية تيبار، يمتد حقل فراولة على مساحة 5 هكتارات بمساحة خضراء يانعة وأوراق عريضة تخفي تحتها الحبات الحمراء.
مراسل الأناضول زار المنطقة وشاهد عشرات النساء والرجال في حقل، منهمكين في جني الفاكهة بكل جد ونشاط، يسابقون الزمن من أجل قطف الثمرات الناضجة قبل اشتداد حر يوم من أيام حزيران (يونيو) تجاوزت حرارته 38 درجة.
تكلفة باهظة
صاحب الحقل، المنجي الدجبي، يشرف على العمل وينظم خروج الشاحنات الصغيرة وقد رصفت فوقها صناديق الثمار التي تم جنيها لتنتقل إلى الأسواق.
وقال الدجبي: “ضيعتنا تمسح 5 هكتارات، نبدأ العمل من سبتمبر (أيلول) بزرع الشتلات وفي أبريل (نيسان) تجنى الثمار”.
وأضاف الدجبي “تحتاج نبتة الفراولة إلى العناية والري، حيث نجلب الماء من آبار إرتوازية في المنطقة بعد جفاف البحيرة القريبة منا طيلة العام”.
وتابع الدجبي: “كانت الأمطار دائمة هذا العام ولم نضطر للري كثيرا”.
أما عن كلفة انتاج الهكتار الواحد فقال الدجي “يتكلف إنتاجه 80 ألف دينار (26.6 ألف دولار)”.
ويواجه الدجبي صعوبة في توفير اليد بعد عزوف الناس عن العمل الفلاحي، ورغم أن منطقة دجبة معروفة بإنتاج التين فقد بدأت مغامرة زراعة الفراولة منذ 5 سنوات، وفق حديث صاحب الحقل.
وتابع الدجبي: “الهكتار الواحد يعطي في السنة الجيدة من حيث الأمطار، 20 طنا من الفراولة وفي الأعوام العادية ينتج ما بين 10 إلى 15 طنا”.
ولفت إلى أنه “في السنة الأولى من غراسة الفراولة لا يمكن تغطية تكاليف الإنتاج لقلة المحصول الذي يتضاعف في العام الثاني والثالث المواليين”.
وحول الفراولة التي ينتجها قال الدجبي: “نغرس نوعين من الفراولة الكاماروز لأنها تتحمل الحرارة و كذلك صنف الفرتونة أما الشتلات فهي كلها مستوردة من ولاية كاليفورنيا بأمريكا”.
وأضاف: “الشتلة الواحدة تتكلف بـ1.2 دينار (0.4 دولار) والهكتار الواحد يتسع لـ40 ألف شتلة”.
ويتم التسويق للمنتوج داخليا “بطريقة سهلة”، نظرا لاستهلاك الفراولة في التقاليد الغذائية للعائلات التونسية، وفق المزارع، الذي يدير الضيعة الوحيدة في منطقة دجبة التي تنتج الفراولة.
انتشار زراعة الفراولة
من ناحيته، قال شكري الرزقي نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري المكلف بالإنتاج الفلاحي: “كانت جهة الوطن القبلي (نابل) تختص بإنتاج الفراولة وأساسا منطقة قربة ولكن بحكم التطور العلمي، اكتسح المنتوج عديد الجهات”.
و”مثل كثير من المزروعات التي كانت حكرا على جهات بعينها اليوم نجدها في كامل التراب التونسي، بحكم التطور العلمي الذي أعطى نفسا لهذه الزراعات بأن توجد في مناطق أخرى وتتغلب على صعوبات المناخ وتوفر الماء ونوعية التربة”، وفق الرزقي.
وأضاف الرزقي: “البحث العلمي أفضى إلى إعطائنا نوعيات من الزراعات التي تتحدى صعوبات المناخ والتربة”.
وتابع أن “الفكرة السائدة أن الفراولة وغيرها على غرار القوارص والتفاح لا يُنتج الا في جهة معينة سمح البحث العلمي بتجاوزها وأتاح فرصا جديدة للفلاح بإنتاج عديدة المغروسات فقط عليه أن يبحث عن الصنف الذي يلائم خاصيات تلك الجهة”.
تزايد الاستهلاك
وحول ارتفاع استهلاك الفراولة وتوسعه جغرافيا قال الرزقي: “بحكم توسع المنتوج في عدة جهات أصبح قريبا من المواطن الذي أقبل عليه بكثافة”.
وأضاف: “في ولاية باجة كان انتاجه حكرا على نفزة ووشتاتة ( شمال ولاية باجة) اليوم إنتاج الفراولة أصبح في منطقة سيدي إسماعيل وفي جهة مجاز الباب (جنوب الولاية) وكلما اقترب المنتوج من المواطن أتيحت فرصة استهلاكه أكثر”.
الطقس والتقنيات
وتابع الرزقي: “إنتاج الفراولة يتطلب كثيرا من التقنية والاعتمادات، فتكلفة هكتار واحد من الفراولة هي ما بين 80 ألف (26.6 ألف دولار) و100 ألف دينار (333.3 ألف دولار) وهذا ليس بإمكان أي كان”.
وأوضح أنه “من الناحية التقنية والمتابعة يتطلب إنتاج الفراولة دقة وبحكم توفر المعلومة العلمية والإرشاد من الشركات، والمزارع أصبح متضلعا في غراسة الفراولة”.
وزاد أن “الانتاج الوطني كله موجه للسوق المحلية وفيه صناعات تحويلية وهذا ما يجعله يتطور لأن أي ثورة فلاحية لا تصاحبها ثورة تحويلية صناعية يصعب أن تنجح”.
وقال الرزقي: “هذه الغراسة لها آفاق وتكون مربحة إذا كان الطقس ملائما لأنه من العوائق الكبرة أمام نجاحها هو انتشار الأمراض في الحقول الأمر الذي يجعل مداوتها مكلفة جدا ماليا”.
تسويق سهل
من ناحية أخرى، أفاد الرزقي أن “الفراولة تنضج في تقاطع فصول (الربيع والصيف) مما يجعل تسويقها سهلا ومربحا ويقبل عليه المواطنون”.
أما عن الصعوبات التي تواجه إنتاج الفراولة في تونس، فقال الرزقي: “الصعوبات هي تشمل كل القطاعات مثل الأمراض واليد العاملة وارتفاع تكلفة الإنتاج”.
إلا أنه أعرب عن تفاؤله بمستقبل هذه الزراعة في تونس بالقول: “كلما كانت الإنتاجية صاعدة تنخفض التكلفة ويكون الربح بالنسبة للفلاح مُجزيا”.
المصدر: وكالة الأناضول
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس