أفريقيا برس – تونس. في منطقة وسطى بين مقاطع الرخام بمحافظة القيروان ومحافظتي سيدي بوزيد والقصرين تم تحويل معمل قديم للصوف إلى مصنع للورق الحجري هو الأول من نوعه في شمال إفريقيا، يحافظ على البيئة ويساهم في محاربة أزمة البطالة الخانقة بالبلاد.
المصنع يقع بمدينة حاجب العيون بالقيروان واختار له صاحبه مكانا وسط تونس لمواجهة أزمة البطالة لدى الشباب التي تؤرق البلاد وتسببت في ثورة 14 ينار/كانون الثاني 2011.
وبينما كان الفنيون يثبتون الآلات ويطلقون الدفعات الأولى للمنتج الجديد في تونس، كان صاحب المشروع رجل الأعمال هشام بوقيلة يرتدي بدلة عمل يتابع صيانة آلات المعمل وسلسلة الإنتاج.
وعلى بعد 220 كلم عن العاصمة تونس يحاول المهندس بوقيلة إحياء أحلام الصناعة التونسية داخل البلاد.
مواجهة الصعوبات
يعرف بوقيلة نفسه بأنه مهندس متخرج في كليات الهندسة التونسية وله 30 سنة خبرة في الصناعة.
يقول إن “المشروع هو اكتشاف عالمي من تايلاند منذ 20 سنة، قمنا بأقلمته تونسيا بمعادلة فيها تركيبة مواد خام تونسية بنسبة إدماج 80 بالمئة”.
ويضيف: “بدأت فكرة المشروع في 2019 بهدف إيجاد حلول لتوفير الورق، لدينا مصانع أخرى للورق ولكن ما زال هناك نقص (..) فقلنا لم لا نجد حلا في بلدنا”.
ويتابع بوقيلة: “عام 2021 كوّنا شركة بعد التوصل لتركيبة المنتوج وبعد المرور بصعوبات إدارية وتشريعية وعراقيل الإدارية وغيرها، انطلقنا الآن”.
ويوضح قائلا: “الآن المصنع ينتج الورق الحجري، ليس من أشجار ونباتات بل هو من أحجار وخلطة ريزين (الراتنج)”.
اختيار منطقة الحاجب
وحول اختيار إقامة المصنع في مدينة حاجب العيون، يقول المهندس: “أولا الاختيار كان في إطار سياسة عامة للدولة التي تشجع على فتح المصانع في المناطق الداخلية”.
ويتابع: “كانت هناك عدة اختيارات، لكن اخترنا الحاجب لأنها قريبة من سيدي بوزيد والقصرين التي يتوفر بها كربونات الكالسيوم وبقايا الرخام المادة الاولية لإنتاج الورق الحجري”.
ويكمل: “ثانيا لنا مصانع في مناطق أخرى تواجه مشكلة في اليد العاملة والإطارات، عندما جئنا إلى هنا وجدنا يد عاملة متوفرة وأناس متعطشون للعمل”.
و”ثالثا في مصانع أخرى للحصول على رخصة بناء نبقى 3 سنوات، لكن هنا وجدنا مصنعا قديما متهاو للسقوط، جددناه لربح الوقت، والدولة لها استراتيجية كاملة للتشجيع على الاستثمار في مناطق معينة”، وفق المتحدث.
ووفق بوقيلة: “تكلفة المشروع كانت في حدود 15 مليون دينار (نحو 5 ملايين دولار)، يشغل 60 عاملا، وستبلغ طاقته التشغيلية في 3 سنوات 200 عامل”.
توفير العملة الصعبة
وحول أهمية المشروع للاقتصاد التونسي يوضح: “تونس دفعت عام 2024 حسب أرقام معهد الإحصاء 1.3 مليار دينار (406 ملايين دولار) لتوريد الورق، وهو مبلغ ضخم من عملة صعبة تخرج خارج البلاد”.
وأضاف: “بالنسبة لأي صناعة، حتى تتطور يلزمها مواد خام قد يتعطل وصولها لعدة أسباب، وهذا حصل خلال أزمة الكوفيد (جائحة كورونا)”.
أما بالنسبة لهذا الورق فإن 80 بالمئة من مادته الخام تونسية ومتوفرة لمئات السنين، حسب الوكالة الوطنية للمناجم (حكومية)، وفق المتحدث.
وأوضح أن الفرق بين الورق الحجري والعادي هو أن الأخير منتج من الأشجار التي تطحن وتخرج منها مادة تستعمل لصنع الورق، في حين هذا المنتوج يستعمل الحجارة.
من ناحية أخرى، فإن إنتاج الورق العادي يستهلك ماء كثيرا ويساهم في التصحر واندثار الغابات ويؤثر على التنوع البيئة من حيوانات وطيور.
ويشرح المهندس: “لإنتاج طن واحد من الورق نستعمل حوالي 60 ألف لتر ماء مع قطع 20 شجرة، في حين نستعمل لإنتاج طن من الورق الحجري 2 لتر ماء وصفر ورق شجر”.
صديق البيئة
وبيّن المهندس التونسي أن كاربونات الكالسيوم مادة صديقة للبيئة وتمتص ثاني أُكسيد الكربون.
وبعد صعوبات التزود بكهرباء صناعية من الشركة التونسية للكهرباء والغاز يقول بوقيلة: “ذهبنا إلى توليد طاقة كهربائية عن طريق الطاقة الشمسية للحصول على طاقة نظيفة”.
وتوقع بوقيلة أن يكون الإنتاج في نهاية هذا العام في حدود 20 ألف طن من الورق الحجري.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس