انسحاب شركات النسيج الأجنبية يهدد وظائف تونس

32
انسحاب شركات النسيج الأجنبية يهدد وظائف تونس
انسحاب شركات النسيج الأجنبية يهدد وظائف تونس

إيمان الحامدي

أفريقيا برس – تونس. يسجل قطاع النسيج في تونس انسحابات مفاجئة لشركات أجنبية بعد سنوات طويلة من الشراكة مع متعاملين محليين وسط قلق من تراجع الطاقة التشغيلية للقطاع الصناعي الحيوي الذي يوفر آلاف فرص العمل. ومؤخرا، أعلنت شركة النسيج “بينيتون” التي تعمل في إطار شراكة مع مؤسسات محلية عن مغادرة تونس دون سابق إنذار الأمر الذي دفع جامعة النسيج والملابس إلى طلب الدعم الحكومي من أجل إنقاذ المؤسسة الشريكة لها والحفاظ على حقوق العمال.

ودعت الجامعة التونسية للنسيج والملابس في بلاغ نشرته على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، الحكومة والشركاء إلى التضامن ودعم 24 شركة توظف ألفي عامل بمحافظتي قفصة والقصرين، وتواجه صعوبات بعد خروج “بينتون” من السوق. وقالت الجامعة إن “بينتون” تخلى عن الشركات، التي خدمته لأكثر من 15 عاماً دون سابق إنذار، ما تسبب في خسارة ألفي موطن شغل.

وأكدت الجامعة وجود موظفين أكفياء يمكنهم ضمان الإنتاج بتكلفة تنافسية وبدرجة جودة جيدة مما يشجع المقاولين المحتملين أو المنصات المحتملة التي تسعى للحصول على القدرات، على النظر في هذه الفرصة والتضامن. ودعت إلى مساعدة شركات الخياطة عبر تجميد ديونها ومنحها تمويلات مما يتيح الحفاظ على الوظائف.

ويؤكد الكاتب العام للجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية الحبيب الحزامي، أن النقابات تسعى لتحصين حقوق العمال عند مغادرة المؤسسات الأجنبية وضمان تعويضات مجزية لفائدتهم، بينما تطرح صعوبات كثيرة في المؤسسات الصغرى التي تعمل في إطار المناولة مع المستثمرين الأجانب. وقال الحزامي، إنه من المهم جدا العمل على الحفاظ على حقوق العمال واستقرار النسيج الصناعي في قطاع النسيج والملابس رغم المنافسة الدولية الشرسة التي تواجهها المؤسسات التونسية الناشطة في هذا الميدان.

ويعتمد الاقتصاد التونسي على الصناعة كأحد القطاعات الاستراتيجية التي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق مالياً، كما أنها تساعد على امتصاص جزء من البطالة التي بلغت مستويات عالية في تونس لتصل إلى 16%، وفق أحدث بيانات نشرها معهد الإحصاء الحكومي في الربع الثالث من العام الماضي. ويرى رئيس جامعة النسيج والملابس، أنه بات من الضروري إعادة النظر في التشريعات التي يعتمد عليها قطاع النسيج ومنح المستثمرين الأجانب امتيازات جديدة إلى جانب العمل على استقرار الأسواق.

وعلى مدى أكثر من 4 عقود استفاد قطاع النسيج التونسي من امتيازات ضريبية واستثمارية منحها قانون عام 1972 للمؤسسات الأجنبية ما ساعد على تحويل تونس إلى مصدر رئيس للنسيج لمنطقة اليورو. وتعد تونس رابع مزود للاتحاد الأوروبي من حيث إنتاج سراويل الجينز على سبيل المثال، بعد كل من بنغلادش وتركيا وباكستان، بحصة في السوق تبلغ حوالي 9% من حيث القيمة والكمية.

وينتج نحو 80% من مصانع النسيج والملابس في تونس حصريا لأوروبا، ما يجعلها عرضة للصدمات وشديدة التأثر بما يحدث في دول المنشأ وتعمل هذه الشركات في الكثير من التخصّصات وأهمّها الملابس الجاهزة والملابس المنسوجة، ويختلف أصل رأسمال هذه المؤسسات من واحدة إلى أخرى، بين رأسمال تونسي ورأسمال أجنبي.

وبحسب الحبيب الحزامي يعمل في السوق التونسية أكثر من ألف مؤسسة نسيج مصدرة غير أنها لا تتمتع بذات الامتيازات الاستثمارية، وهو ما يتطلب مراجعة التعامل مع الإعفاءات الضريبية والجمركية لهذه المؤسسات ولا سيما منها التي تعمل في المحافظات الداخلية وتوفر فرص عمل في مناطق تعاني من ضعف التنمية. وشدد المتحدث على ضرورة مساعدة القطاع على التأقلم السريع مع متطلبات المستثمرين وقواعد السوق العالمية الجديدة لضمان حصة في خريطة النسيج العالمي الذي تسيطر عليه دول شرق آسيا وضمان فرص عمل قارة في القطاع والحد من هشاشته التشغيلية.

وتبرز دراسة أجراها المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لقطاع النسيج، الذي يوفر ثلث المؤسسات الصناعية في البلاد أن التساهل وغض النظر الذي تمارسه الإدارات المعنية بتطبيق القانون في هذا القطاع كان له انعكاسات كبيرة على ضياع حقوق الآلاف من العمال خاصة عند غلق المؤسسات أو إعادة توطينها خارج حدود البلاد دون إمكانية المتابعة القضائية. ويشغل القطاع حوالي 185 ألف عامل أي ما يعادل 35.7% من إجمالي اليد العاملة في قطاع الصناعة، وتؤكد الدراسة التي قام بها المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول قطاع النسيج أن عقلية التهميش والاستغلال تتعرض لها المرأة التونسية العاملة والتي تمثل أكثر من 86% من جملة المشتغلين في القطاع خاصة في مؤسسات النسيج.

وتذكر نفس الدراسة أن قطاع النسيج يتميز عموماً بعلاقات إنتاج هشة رسخها في الاصل إطار قانوني يخدم أساسا مصالح المستثمرين على حساب اليد العاملة في إطار منوال تنمية غير عادل، حيث يتعامل أرباب العمل مع قوة العمل باعتبارها بضاعة تخضع لآليات اقتصاد السوق دون مراعاة الحاجيات الأساسيات والضرورية التي تضمنها كل العهود الدولية وخاصة العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here