تونس أمام قرارين مصرفيين لاستعادة السيولة في القنوات الرسمية

29

يعتزم البنك المركزي التونسي القيام بتعديلات على سوق النقد، بهدف جعله أكثر مرونة وشفافية، حسب ما أعلن مؤخرا محافظ البنك المركزي، أمام جلسة عامة بالبرلمان التونسي.

وقال مروان العباسي، محافظ المركزي التونسي، إن البنك يسعى إلى إقرار عفو على جرائم النقد، بهدف الرفع من مستوى الادخار بالعملة الأجنبية، ومن مصادر تمويل التجارة الخارجية.

كما يسعى البنك إلى سحب ورقة نقدية من فئة 50 دينارا من الأسواق، “كل ورقة نقدية من فئة 50 دينارا (17.6 دولارا) تعود إلى البنك، لا يقع إعادة ضخها في السوق من جديد للتداول”.

ولم يفصح العباسي عن موعد إلغاء التداول بالورقة النقدية رسميا، مشيرا أنه سيتم الإعلان عن ذلك بالوقت المناسب.. “سحب الورقة النقدية يقتضي طباعة أوراق نقدية جديدة لتعويض الفارق.. تلك العملية تتطلب عاما على الأقل”.

ويشار إلى أن احتياطيات تونس من العملة الأجنبية تبلغ 19.8 مليار دينار (6.95 مليارات دولار) أي ما يعادل 114 يوم توريد.

** إجراء متأخر
وبخصوص انعكاسات هذه الإجراءات على الوضع الاقتصادي، اعتبر رضا الشكندالي، الخبير الاقتصادي أن هذا القرار جاء متأخرا؛ “إقرار العفو عن جرائم النقد كان من المفروض أن يتم اتخاذه قبل مدة طويلة”.

وأكد الشكندالي في تصريح للأناضول، أن “السيولة موجودة في السوق الموازية، والمطلوب اليوم هو إعادتها إلى المنظومة القانونية.. الوضع الاقتصادي يتسم بالتراجع بينما هناك توجه نحو المديونية، والحاجة إلى العملة الصعبة متزايدة”.

وتابع: “في ظل هذه الأوضاع، فإن البلاد أمام خيارين، أولهما الخروج إلى السوق العالمية (الاقتراض)، وهذا غير ممكن في الفترة الحالية مع تأخر تشكيل الحكومة، والثاني القبول بشروط صندوق النقد الدولي وما فيه من إجراءات مكلفة خاصة على المستوى الاجتماعي”.

وبخصوص سحب الورقة النقدية من فئة 50 دينارا، اعتبر الشكندالي أن هذا الإجراء سيجعل كل الأموال التي في السوق الموازية تعود إلى الأطر المنظمة.

وبين في هذا الصدد، أن “كل المتعاملين في السوق الموازية يخبئون أموالهم في شكل أوراق مالية من فئة الخمسين دينارا، وبسحب هذه الورقة سيضطرون إلى تبديلها وبالتالي عودة هذه الأموال إلى المنظومة العادية”.وأضاف: “ذلك من شأنه أن يرفع في نسبة الادخار الذي يمول الاستثمار، وبالتالي ستكون نسبة الفائدة أقل”.

ووفق خبراء، يتجاوز حجم السوق السوداء 4 مليارات دينار (1.4 مليار دولار)، ويمكن أن يصل إلى 6 مليار دينار (2.1 مليار دولار)”، مؤكدا أنه “مهما كان الرقم، فمن شأنه أن يخلق إشكالا”.

** إجراءات جزئية
في المقابل، اعتبر محمد الصادق جبنون، الاستشاري في الاستثمار، أن “هذه الإجراءات جزئية ودائما ما يقع ترك أصل المعضلة دون علاج”.

وأضاف للأناضول، أن “عملية العفو في جرائم النقد يجب أن تكون مرفقة بإصلاح شامل لمجلة الصرف، وهو ما من شأنه الترفيع في السيولة وتجلب المودعين الأجانب إلى تونس”.

وقال: “نحن اليوم في حاجة إلى منظومة نقدية تتماشى مع حاجيات المؤسسة، كما أنه لا يمكن أن يبقى الحال على ما هو عليه الآن، لأن ذلك يغذي القطاع الموازي.. المطلوب اليوم القيام بإصلاح جذري لمنظومة الصرف “.

كما اعتبر جبنون أن “سحب الورقة النقدية هو أيضا إجراء جزئي ومنقوص ما لم يقع تعميم التغطية البنكية والبريدية.. أعتقد أن السوق الموازية تسبق دائما بخطوة السوق المنظمة، وبالتالي يجب العمل بسرعة لرفع القيود على منظومة الصرف”.

وأوضح محافظ المركزي التونسي، الجمعة الماضية أمام البرلمان، أن مراجعة قانون الصرف مرتبط بالأساس بسياسة الدولة التونسية في هذا المجال والتي تنتهجها الحكومة.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here