هل تجاوزت تونس الأزمة المائية بعد الأمطار الأخيرة؟

7
هل تجاوزت تونس الأزمة المائية بعد الأمطار الأخيرة؟
هل تجاوزت تونس الأزمة المائية بعد الأمطار الأخيرة؟

أفريقيا برس – تونس. عاشت تونس خلال السنوات الأخيرة على وقع أزمة مائية حادة، ما دفع الحكومة العام الماضي الى إقرار جملة من الإجراءات لتخفيف من وطأة هذه الأزمة على غرار اعتماد نظام الحصص في توزيع مياه الشرب وتحجير بعض الأنشطة.

ومع نهاية العام الماضي شهدت تونس تساقطا للأمطار أنعش الآمال بقرب انفراج الأزمة المائية، فهل تجاوزت تونس هذه الأزمة المائية بشكل فعلي؟ أم أنها مجرد استراحة قصيرة في مسار طويل من المعاناة مع الشحّ المائي؟

سنوات الجفاف وعمق الأزمة

أرجع الخبير في علم المناخ والأستاذ المبرز في الجغرافيا عامر بحبة، أسباب الأزمة التي شهدتها تونس خلال السنوات الأخيرة إلى توالي فترات الجفاف وندرة الأمطار، مما أثر بشكل كبير على مخزون السدود وأثّر على الإنتاج الفلاحي بشكل عام.

ونوه المتحدث بأن مخزون السدود بالبلاد تراجع الى مستويات متدنية خلال سنوات 2020 و2021 و2022، لتشتد وطأة الأزمة سنة 2023، حيث سجلنا أرقاما مخيفة فيما يتعلق بمخزون السدود في تلك الفترة خاصة في الشمال الغربي، وهي المنطقة التي تضمّ غالبية المنشآت المائية الكبرى بتونس.

وأوضح الخبير، بأن هذا الوضع دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية العام الماضي، شملت فرض نظام الحصص في توزيع مياه الشرب وحظر ري المساحات الخضراء وغسل السيارات، وقطع المياه ليلاً في بعض المناطق الكبرى.

الأمطار تنعش مخزون السدود

وبين الخبير في التنمية والموارد المائية حسين الرحيلي، بأن الأمطار التي شهدتها تونس خلال العام الجاري 2025، ساهمت في إنعاش مخزون السدود، حيث ارتفعت نسبة امتلاء السدود بالبلاد، إلى قرابة 43 في المائة بعد أن كانت في حدود 19.6 في المائة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

وأضاف الرحيلي بأن هذه النسبة ليست كبيرة ولكنها مطمئنة مقارنة بالعام الماضي، وبين بأن مخزون السدود الحالي سيمكن البلاد، من الدخول إلى مرحلة الصيف بأقل ضغوط مائية مقارنة بالسنوات الماضية.

في المقابل أفاد الرحيلي، بانه على الرغم من تحسن الوضعية المائية لتونس إلا أنها لم تخرج بعد من مرحلة الشح المائي بحسب تقديره.

تجاوز الشح المائي يتطلب حلولا جذرية

ويرى الخبير في الموارد المائية، أنه بات من الضروري على الحكومة التونسية، التفكير أكثر في ترشيد استغلال الموارد المائية والتحكم الجيد فيها.

واعتبر المتحدث، أن تجاوز الشح المائي الذي تعانيه تونس يتطلب حلولا جذرية من بينها إعادة الاعتبار لثقافة التكيف مع ندرة المياه والعودة إلى اعتماد الأساليب التقليدية في تخزين المياه على غرار الفسقيات والمواجل (أساليب تخزين تقليدية للماء).

كما اقترح المتحدث، فتح حوار مجتمعي شامل حول الوضع المائي بتونس وتغيير جذري للسياسات الحكومية المعتمدة في علاقة بالموارد المائية، فضلا عن إعادة النظر في خطط تعبئة الموارد المائية السطحية التقليدية.

وأكد حسين الرحيلي، على ضرورة الاستثمار في تهيئة المناطق السقوية الفلاحية لتلافي الهدر المائي الكبير لا سيما وأن المناطق السقوية بتونس تستغل 77 بالمائة من الموارد المائية للبلاد.

كما دعا أجهزة الدولة إلى إعادة النظر في منوال التنمية القائم وإعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي برمتها بشكل يجعلها مطابقة للتحديات المائية الجديدة من ناحية، ومرتبطة بالخصوصيات المحلية والجهوية من ناحية أخرى، فضلا عن منع غراسة أي نباتات هجينة تتطلب كمية مياه كبيرة مهما كانت مردوديتها.

بدوره اعتبر الخبير في علم المناخ عامر بحبة، أن الأزمة المائية في تونس ليست فقط مناخية، بل ترتبط أيضًا بسوء إدارة الموارد.

وشدد المتحدث، على ضرورة صياغة استراتيجية وطنية متكاملة لمجابهة ندرة المياه وتشريك جميع الهياكل المختصة، وإعادة صيانة شبكة توزيع مياه الشرب لا سيما وأن 40 في المائة من هذه الشبكة تعاني من التسربات والاهتراء، ما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من المياه دون الاستفادة منها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here