تقدمت كتلة نداء تونس بجملة من التعديلات خصت الفصل الثاني من النسخة الاصلية من مشروع القانون في توجه يسعى الى تمتيع الموظفين وأشباههم من الذين طبقوا التعليمات دون تحقيق منفعة شخصية الى عفو يمنع عنهم تطبيق الفصلين 82 و86 من المجلة الجزائية علاوة على تطبيق أحكام هذا القانون على الأفعال المبينة إلى حدود 24 ديسمبر 2014.
رئاسة الجمهورية تسحب جرائم الصرف من القانون
هذه التعديلات الجديدة شرعت لجنة التشريع العام أمس في النظر فيها في إطار مواصلة مناقشة الفصول فصلا فصلا، فتم في البدء إرجاء النظر في الفصل الأول الملخص لفلسفة المشروع إلى ما بعد الانتهاء من تعديل بقية الفصول، وأعلنت ممثلة رئاسة الجمهورية سعيدة قرّاش سحب جهة المبادرة للجزء المتعلق بجرائم الصرف في مشروع القانون والذي انتقده سابقا نواب المعارضة وقد أرجعت ذلك إلى اتفاق مع رئاسة الحكومة التي تعهدت بتقديم مبادرة تشريعية في إطار إصلاح منظومة التمويل المتعلقة بالوضعيات الناجمة عن مخالفات الصرف داخل البلاد وخارجها.
النقاش العام بخصوص مقترحات التعديل التي قدمتها كتلة نداء تونس تم المصادقة على الفصلين الثاني والثالث منها المتعلقين بالمؤاخذة الجزائية للموظفين العموميين وأشباههم والانتفاع بالعفو العام بينما قادت الى انسحابات عديدة من جلستها ومواصلة خلاف قديم في المضمون وجديد في الشكل.
اختلاف اجرائي
فمن ناحية الشكل اعترض نواب التيار الديمقراطي بمعية النائب نذير بن عمو من حركة النهضة على الاجراءات الشكلية في تناول التعديل المقدم وانبنت رؤيتهم على أن التعديل الوارد أخرج مضمون المبادرة من فلسفته المقدمة في نصه الاصلي كما لو أن جهة المبادرة لا تريد احترام اجراء سحب المشروع وايداع اخر مختلف، اذ وصف نعمان العش طريقة عرض التعديلات بالتلاعب الاجرائي في تقديم مبادرة تشريعية جديدة، بينما انتقد نذير بن عمو قبل انسحابه من الجلسة واعلان تعليق نشاطه فيها تخصيص 3 دقائق فقط للتدخل واعتبر أن ما يقع تناوله بمثابة مقترح جديد لا صلة له بالقانون الاول بما يطرح اشكالا اجرائيا ودستوريا في مناقشة القوانين يضاف اليها احراجات قانونية اذ ان الفصل 42 من المجلة الجزائية يغني عن احداث تشريع جديد بخصوص الموظفين.
انقسام ومصادقة على فصلين
ومن الناحية المضمونية تمسك نواب المعارضة باتهام مشروع القانون بتبييض الفساد وشددوا على وجود تناقض و اصرار على تمرير هذا القانون بينما الشعار الذي ترفعه الحكومة هومحاربة الفساد مع المطالبة بتوفير قائمة أسماء للموظفين المنتفعين بهذا العفو للتأكد من وجود موظفين مكبلين جراء التعليمات فيما سجلت هاجر بالشيخ أحمد عن كتلة افاق تونس موقفا مغايرا لكتلتها واعلنت انسحابها هي الاخرى على اعتبار انها لا ترى فائدة في العودة الى قانون «تبييض الفساد» على حد قولها في تناقض مع مسعى مكافحة الفساد المعلن من الحكومة.
ومن جهته أشار المنجي الرحوي من الجبهة الشعبية الى وجوب التفريق بين الاداريين الذين كانوا تحت وطأة التعليمات وغيرهم من الفاسدين وفق قاعدة أن تفكيك منظومة الفساد لا يمكن التعاطي معها بأي مستوى من الصلح مضيفا بأن مقترح تمديد تطبيق احكام القانون الى 24 ديسمبر 2013 يكشف اتفاق خفي بين النهضة والنداء معلنا بذلك أن الجبهة الشعبية منسحبة سياسيا من مناقشة هذا المشروع.
في المقابل رأى نواب النداء الحاضرون أن التعديلات المقدمة هي توسيع لاحكام الفصل الثاني حتى تشمل الموظفين بينما رأى حسونة الناصفي من كتلة المشروع ان الحديث بشأن الغاء المصالحة يتناقض مع مسار العدالة الانتقالية الذي وقع الاجماع عليه سابقا واعتبر كريم الهلالي من افاق تونس ان نقاش المصالحة عاد الى الاصل بعد سنتين من السجال وذلك بالاهتمام رأسا بفئة الموظفيين الذين تلقوا تعليمات جلها كتابية حققت منفعة للغير دون منفعة شخصية، كما عبر طارق الفتيتي من الوطني الحر عن ارتياحه لوجود ارضية تفاهم بين ماوقع اقراره لصالح الموظفين وبين ماتضمنته مبادرتهم التشريعية السابقة في ذات الغرض ليتم في نهاية المطاف المصادقة على الفصلين الثاني والثالث ورفع اثرهما رئيس اللجنة للجلسة ـ نظرا لعقد جلسة طارئة مع الامنيين- والتعهد بالاعلام بموعد لاحق لاستئناف الاشغال.
جريدة الشروق التونسية