الجهيناوي يحاضر من الأرجنتين عن الثورة

25

في إطار زيارة العمل التي يؤديها إلى الأرجنتين ألقى وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي محاضرة في “المعهد الوطني للخدمة الخارجية” التابع لوزارة الخارجية الأرجنتينية، تطرق فيها إلى “تجربة الإنتقال الديمقراطي وتوجهات السياسة الخارجية لتونس”.

وأبرز وزير الشؤون الخارجية أن تجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس هي نتاج إلتقاء جملة من العوامل الداخلية التي جعلت منها تجربة ناجحة أمكن لها أن تكرس نموذجا فريدا للتغيير السياسي، مشيرا إلى أن الشباب التونسي الذي قاد بدايات الإحتجاجات ضد الديكتاتورية لم تحركه أحزاب سياسية أو دوافع إيديولوجية بقدر ما هو تحرك تلقائي للمطالبة بالكرامة والحرية والتشغيل.

وذكر خميس الجهيناوي أن تونس إتبعت منهجا توافقيا ما بعد الثورة جنب المسار الديمقراطي الإنزلاق نحو الفشل وجلب في المقابل لتونس إشادة دولية على أعلى مستوى، من تجلياتها حصول الرباعي الراعي للحوار الوطني على جائزة نوبل للسلام سنة 2015، مضيفا أن تجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس قد أعطت مثالا قويًا على أن الإسلام والديمقراطية يمكن أن يتعايشا جنبا إلى جنب.

ولدى تطرقه إلى المكاسب العديدة التي حققتها تجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس، أشار وزير الشؤون الخارجية إلى سن دستور 2014 الذي قال إن فصوله جاءت لتقوّض العديد من المحرمات وتكرس القيم العالمية للديمقراطية، من خلال التنصيص على حرية الضمير والمعتقد والعبادة وإقرارالمساواة بين الجنسين وحسم النقاش حول جدلية الدين والسياسة من خلال التمسك بأن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وسيادة القانون.

وذكّر الوزير أيضا بتنظيم تونس لإنتخابات تشريعية ورئاسية حرة ونزيهة سنة 2014 وتنظيم أول انتخابات بلدية شفافة في تاريخها في شهر ماي 2018.

من جهة أخرى، تطرق الوزير إلى جملة التحديات التي عرفتها تونس ما بعد الثورة وفي مقدمتها تحدي مواجهة خطر الإرهاب، مثمنا في هذا الصدد النجاحات التي حققتها القوات الأمنية التونسية في الحد من خطورة المجموعات الإرهابية، لجاهزيتها ولوجود إجماع لدى عموم التونسيين برفض التطرف بمختلف أشكاله، مؤكدا أن الوضع الأمني في تونس عرف تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة وإستعادة تونس صورتها التقليدية كبلد سياحي آمن.

وبخصوص المقاربة التونسية لمقاومة الإرهاب، أشار وزير الشؤون الخارجية أن التعامل مع هذه الظاهرة العابرة للحدود الوطنية يتجاوز قدرات كل دولة على حدا ويتطلب تعاونا إقليميا ودوليا واسعا، مضيفا أن الإستثمار في التنمية الاقتصادية الشاملة وفي التعليم تبقى من أهم وسائل التوقي ضد التطرف.

ولفت وزير الشؤون الخارجية إلى أن النجاحات التي حققتها تونس على أكثر من صعيد لم تكن وليدة الصدفة بل هي نتاج لمد إصلاحي طويل يمتد على أكثر من 3000 سنة حضارة ووجود مجتمع مدني نابض بالحيوية وطبقة وسطى متعلمة وإقتصاد متنوع يتوفر على إمكانات هامة. في المقابل أكد خميس الجهيناوي على أن تحديات عدة ما تزال تواجه تونس وفي مقدمتها الإستجابة لإنتظارات الشباب التونسي في مجال التشغيل وتحقيق الإنتقال الإقتصادي وخلق التنمية لمجابهة المطلبية الإجتماعية.

وبخصوص التحديات الخارجية، أشار الوزير بالخصوص إلى دقة الوضع الأمني الذي تمر به ليبيا وتأثيراته المباشرة على تونس، مجددا التأكيد على ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى إستئناف المسار السياسي في هذا البلد برعاية الأمم المتحدة حتى يستعيد إستقراره ويتجه نحو بناء مؤسساته.

وأكد وزير الشؤون الخارجية على أن الدبلوماسية التونسية تقوم على قيم ومبادئ ثابتة تحدد توجهاتها وطبيعة المواقف التي تتخذها على صعيد السياسة الخارجية، مضيفا أن تونس تعمل على تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع العالم العربي وإفريقيا وأوروبا، وهي تتطلع لتقوية روابط الصداقة والتعاون التقليدية التي تجمعها مع دول أمريكا وآسيا.

وذكر الوزير أن ديمقراطية تونس الناشئة تبقى ملتزمة التزاما راسخا باحترام القانون الدولي والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مشيرا إلى استعداد تونس للانضمام إلى مجلس الأمن كعضو غير دائم للفترة 2020-2021 ، حيث ستركز الدبلوماسية التونسية على بعض الأولويات المتعلقة خاصة بتعزيز السلام في العالم والتسوية السلمية للنزاعات بما في ذلك النزاعات في إفريقيا والشرق الأوسط إلى جانب تعزيز مشاركة المرأة والشباب في عمليات حفظ السلام ومواجهة التحديات الناجمة عن خطر الإرهاب وتغير المناخ والتهديدات السيبرانية للأمن والتنمية الدوليين.

وفي ختام المحاضرة التي حضرها عدد من سامي المسؤولين الأرجنتينيين وثلة من الأكاديمين والباحثين وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بالأرجنتين، أثى وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي على العلاقات الممتازة التي تجمع تونس بعدد من دول أمريكا اللاتينية، وفي مقدمتها الأرجنتين، قائلا إن الأرجنتين بلد يحظى بتقدير كبير لالتزامه بالقيم الديمقراطية ومساهماته في حفظ السلام في المنطقة وإبداعاته العديدة لاسيما في المجال الرياضي، وهو بلد تجمعه مع تونس علاقات عريقة تعود إلى سنة 1961 تاريخ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، معربا عن التطلع لأن تكون هذه الزيارة الأولى من نوعها لوزير خارجية تونسي منذ سنة 1995، إنطلاقة جديدة للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here